Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الصين تبدأ مشاورات وساطة أوكرانية - روسية بالغة الصعوبة

موسكو تتمسك بضرورة مراعاة الواقع الراهن وكييف تطالب بالعودة إلى حدود 1991

لي هوي في موسكو عام 2016 عندما كان سفير الصين لدى روسيا (أ ب)

ملخص

المبعوث الصيني الخاص للشؤون الأوروآسيوية يبدأ جولة تشمل أوكرانيا وبولندا وفرنسا وألمانيا وروسيا وتستهدف مشاورات للوساطة لإنهاء حرب موسكو – كييف لكنها تصطدم بكثير من العراقيل

وسط توقعات بكثير من الصعوبات والتشدد من جانب كييف، يبدأ المبعوث الصيني الخاص للشؤون الأوروآسيوية لي هوي، جولة يزور خلالها أوكرانيا وبولندا وفرنسا وألمانيا وروسيا، في مهمة تبدو أقرب إلى "المشاورات على طريق الوساطة"، بعد أسابيع من مكالمة هاتفية جرت بين الرئيسين الصيني شي جينبينغ ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، 28 أبريل (نيسان) الماضي.

ولا تخرج مهمة هوي عن ما أعلنته وزارة الخارجية الصينية سابقاً من نقاط بلغت 12 نقطة، قالت إنها يمكن أن تكون أساساً للتسوية السلمية المقترحة لحل النزاع القائم بين روسيا وأوكرانيا. وفي الوقت الذي بادرت فيه موسكو بالترحيب بهذه المبادرة، اتخذت كل من واشنطن وكييف موقفاً يتسم بالتشدد القريب من الرفض، في توقيت مواكب لانتقادات الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة للكثير من نقاطها.

تحركات صينية

لكن ذلك لم يقف حائلاً دون كثير من الاتصالات واللقاءات والمكالمات الهاتفية التي جرت لمناقشة الأوضاع الراهنة على صعيد الصراع الروسي - الأوكراني، على خلفية ما تقدمت به بكين من نقاط جرت مناقشتها خلال قمة موسكو بين الرئيسين فلاديمير بوتين وضيفه الصيني شي جينبينغ، إلى جانب ما جرى من لقاءات في بكين مع مفوضة الشؤون الأوروبية أورسولا فون دير لاين، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وقبلهما المستشار الألماني أولاف شولتز وغيرهم من القيادات الأوروبية.

كان ذلك مقدمة لبيان وزير الخارجية الصينية وانغ وينبين، في 12 مايو (أيار) الجاري، قال فيه "إن زيارة ممثلي بكين إلى البلدان المعنية هي مظهر آخر من مظاهر استعداد الصين لإقناع وتسهيل المفاوضات، مما يدل بشكل كامل على أننا نقف بقوة إلى جانب العالم".

ومن هذا المنطلق يبدأ المبعوث الصيني الخاص ما سمته بكين رسمياً "مشاورات متعمقة مع جميع الأطراف بشأن التسوية السياسية للأزمة الأوكرانية"، انطلاقاً من النقاط الـ12 التي سبق وطرحتها الخارجية الصينية في أكثر من مناسبة منذ فبراير (شباط) الماضي. وفي الوقت الذي تعرب فيه كل من بكين وموسكو عما يوحي بقدر من التفاؤل والمرونة، تقف الإدارة الأميركية وحلف الناتو من هذه "المبادرة" موقفاً يتسم بالرفض، حيث سارع الرئيس جو بايدن إلى "رفض أية تسوية سلمية تحت رعاية صينية"، في الوقت الذي أعلن فيه الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ، أن بكين "تتمتع بقدر ضئيل من المصداقية نظراً لأنها لم تستطع إدانة الغزو غير المشروع لأوكرانيا"، على حد تعبيره.

وذلك ما يستعيد معه مراقبون في روسيا وخارجها، الكثير مما سبق واصطدمت به القضية الكورية من صعوبات وعراقيل على طريق التوصل إلى تسوية سلمية منذ اندلاع "الحرب الكورية" في 25 يونيو (حزيران) 1950، عندما عبرت قوات الشمال خط العرض 38، وهاجمت مواقع جارتها الجنوبية. ويتذكر هؤلاء المراقبون "الانقسام الدولي" وما أقدمت عليه الولايات المتحدة من دعم غير مشروط لكوريا الجنوبية، في الوقت الذي وقف فيه الاتحاد السوفياتي والصين إلى جانب كوريا الشماليةـ ما ساهم في استمرار المعارك الضارية لما يزيد على ثلاث سنوات، راح خلالها وفقاً لتقديرات مختلفة، ما يقرب من ثلاثة ملايين ضحية من الجانبين، ولم يتيسر الاتفاق بين الأطراف المتحاربة، سوى حول وقف إطلاق النار منذ ذلك الحين.

مهمة بالغة الصعوبة

ومع بدء المبعوث الصيني ورفاقه مهمتهم "بالغة الصعوبة"، ثمة من يقول إنها سوف تستند في الكثير من جوانبها لما تراكم من خبرات لدى لي هوي، الذي شغل منصب سفير جمهورية الصين الشعبية لدى روسيا لما يقرب من عشر سنوات امتدت من 2009 إلى 2019.

ومن اللافت في هذه المناسبة أن المبعوث الصيني يبدأ جولته في وقت مواكب لختام جولة واسعة النطاق أجراها الرئيس الأوكراني زيلينسكي لعدد من كبريات دول الاتحاد الأوروبي حظي خلالها بدعم واضح، مادي وعسكري ومعنوي يستجيب للكثير من طموحاته في الحصول على ما يريد من أسلحة يرى البعض أنها قد تسهم في تحقيق طموحاته نحو الوصول إلى عمق الأراضي الروسية، وتدعم ما يساوره من "أحلام" بإعادة حدود بلاده إلى خطوط عام 1991، بحسب تقديرات موسكو.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكانت أوكرانيا حصلت خلال الأسابيع القليلة الماضية على منظومات الدفاع الجوي الصاروخية الأميركية من طراز "باتريوت" إلى جانب مثيلاتها الألمانية مع دبابات "ليوبارد" و"أبرامز" وصواريخ"Storm shadow البريطانية التي يبلغ مداها ما يقرب من 300 كلم، بما يكفل ضمنياً ليس فقط الوصول إلى شبه جزيرة القرم ومختلف المواقع في جنوب شرقي أوكرانيا التي تعتبرها موسكو اليوم جزءاً لا يتجزأ من أراضيها، بل وأيضاً في مواقع متفرقة في جنوب روسيا.

ويتوقف المراقبون كذلك أمام ما أعلنه المستشار الألماني أولاف شولتز، خلال استقباله زيلينسكي أخيراً حول تزويد أوكرانيا بأسلحة ومعدات عسكرية تقدر بـ2.7 مليار يورو. وبحسب مجلة "شبيغل" الألمانية فإنه من المرتقب أن تتسلم كييف هذه الأسلحة والمعدات، خلال الأسابيع والأشهر القريبة المقبلة.

وكان مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل عاد إلى سابق سياساته التي كان استهل بها مواقفه منذ اندلاع المعارك القتالية بين روسيا وأوكرانيا، فبراير (شباط) 2022، حين تمسك برفضه أية جهود سياسية أو دبلوماسية تستهدف وقف إطلاق النار بين الطرفين، معرباً عن انحيازه لضرورة "حسم المعركة في ساحة القتال".

وها هو بوريل يعود ليستبق مهمة المبعوث الصيني للسلام وزيارته لكييف بسلسلة من التصريحات التي يقول فيها "إن ما يدور من حديث حول السلام، لا يناسب الغرب". وإذ يتندر بالقول "إنه من الممكن وقف النزاع في أوكرانيا على الفور، إذا توقف الغرب عن تقديم الدعم العسكري إلى كييف"، يعود ليقول "إنه يمكن التوقف عن تقديم المساعدة العسكرية، بما يجب معه أن تستسلم كييف خلال أيام قليلة. هذا كل شيء، وبذلك ستنتهي الحرب".

ولم يكتف مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، بتأكيد تمسكه بالجنوح نحو السبل العسكرية لحسم الصراع القائم في المنطقة، بل عاد ليعلن خلال مشاركته في مؤتمر الخبراء حول حالة الاتحاد الأوروبي بفلورنسا، يوم الجمعة الماضي، إنه "ليس هناك إلا خطة سلام واحدة لأوكرانيا. إنها خطة زيلينسكي. أما الخطة الصينية فهي مجرد مجموعة من التمنيات الطيبة، ولا يمكن أخذها على محمل الجد".

وكان الرئيس الأوكراني أعلن موقفه من "خطة الصين"، التي وصفها بأنها ليست "أكثر من بيان للأفكار"، مشيراً إلى أن ما تطرحه بكين من أفكار لا يتضمن بنداً ينص على انسحاب القوات الروسية من أراضي أوكرانيا، وبالتالي فإنها غير قابلة للتنفيذ، على حد تعبيره.

خطة زيلينسكي

وفي هذا الصدد، عادت المصادر الأوكرانية مع مستهل زيارة المبعوث الصيني الخاص للشؤون الأوروآسيوية إلى العاصمة كييف لتشير إلى تمسكها بما سُميت "خطة زيلينسكي" التي كان طرحها منتصف نوفمبر (تشرين الثاني من العام الماضي، خلال قمة مجموعة العشرين، وتتلخص في عشرة بنود شملت "ضمان الأمن الإشعاعي والنووي والغذائي والطاقة، والإفراج عن جميع الأسرى، والمعتقلين والأطفال (المختطفين) من المناطق المحتلة من دون استثناء، واستعادة وحدة أراضي أوكرانيا، بما يشمل شبه جزيرة القرم وكامل إقليم دونباس مع تأكيد أن هذا البند غير خاضع للنقاش، وذلك فضلاً عن وقف القتال، وانسحاب روسيا واستعادة السيطرة على كامل الحدود الأوكرانية معها، إلى جانب محاكمة مجرمي الحرب، وإنشاء محكمة خاصة لمحاكمة جرائم الحرب الروسية، وحماية البيئة بالتركيز على إزالة الألغام، واستعادة مرافق المياه، ومنع تجدد الحرب من خلال هيكل أمني أوروبي أطلسي يقدم ضمانات لأوكرانيا".

وكان الرئيس الأوكراني رفض خلال زيارته للفاتيكان عرض البابا فرانسيس بالمساعدة في التفاوض على إنهاء الصراع في بلاده. وقال للبرنامج الحواري الإيطالي "برونو فيسبا"، السبت الماضي، بعد اجتماع مع البابا في الفاتيكان "مع احترامي لقداسته، لسنا بحاجة إلى وسطاء، نحن بحاجة إلى سلام عادل".

ويذكر المراقبون أن زيلينسكي سبق وتراجع عما بدأه من مباحثات أجراها وفده الخاص في بيلاروس، ثم في إسطنبول تحت رعاية مباشرة من الرئيس التركي المنتهية ولايته رجب طيب أردوغان في مارس (آذار) من العام الماضي.

وعن ما تطرحه القيادة الأوكرانية من شروط فقد رفضتها موسكو، بما طرحته مصادر الكرملين ووزارة الخارجية الروسية من بيانات اتفقت في مجملها ومفرداتها حول "ضرورة قبول كييف بالواقع الراهن وبوضع جيوسياسي محايد يكفل التخلي عن حلم الانضمام إلى الناتو، وتعديل الدستور ليتضمن رفضها لنشر الأسلحة الاستراتيجية في الأراضي الأوكرانية. وذلك إلى جانب الاعتراف بشبه جزيرة القرم ودونيتسك ولوغانسك وخيرسون وزاباروجيه بوصفها جزءاً لا يتجزأ من الأراضي الروسية، واجتثاث النزعات "النازية والقومية والشوفينية" فيها.

ولا يفوتنا هنا أيضاً التوقف عند ما سارع جوزيب بوريل إلى الاعتراف به بقوله "إن النزاع الأوكراني، أعاد توحيد التحالف عبر الأطلسي"، فضلاً عن تأكيده ضرورة "التحلي بالواقعية والعمل من أجل المزيد من دعم جهود أوكرانيا العسكرية"، على حد تعبيره.

المزيد من متابعات