Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ملك على جيل الـ "تك توك"... كيف سيحدث تشارلز الملكية؟

بحسب خبير في الشؤون الملكية سيكون على تشارلز التركيز على الجيل الأحدث أو ما يسمى الجيل "z" إن أراد تقريب الملكية من مختلف الأجيال

عندما يتحدث الملك فإن الناس يستمعون (أ ب)

ملخص

أعطى التتويج لمحة مسبقة عما يمكن توقعه من عهد تشارلز الثالث، فلقد ضم هذا الاحتفال مزيجاً من التقليد والحداثة، وكان مناسبة شاملة بعيدة من كونه مجرد استعراض شبه إمبراطوري

لقد منحنا احتفال التتويج لمحة مسبقة عما يمكن توقعه من عهد تشارلز الثالث، فلقد ضم هذا الاحتفال مزيجاً من التقليد والحداثة، وكان مناسبة شاملة بعيدة من كونه مجرد استعراض شبه إمبراطوري.

وبحضور ما لا يزيد على 40 ممثلاً برلمانياً و40 عضواً في مجلس اللوردات، بلغ العدد 20 في تتويج والدته، يمكن القول إن زمن "العظماء والخيرين" ولّى (أو في الأقل بمعظمه)، وقد ولّى أيضاً زمن الأقارب البعيدين كأولاد وأحفاد أبناء عمومة الملك في "كنت" و "غلاوشيستر" والليدي باميلا هيكس، ابنة إيرل ماونتباتن، مرشد الملك الذي يطلق عليه لقب "الجد المبجل".

لقد جرى استبدال جميع هؤلاء بـ 450 فرداً من حاملي ميدالية الإمبراطورية البريطانية وبأشخاص عاديين قاموا بأعمال استثنائية في سبيل بلدهم، متطوعين وممثلين عن جمعيات خيرية وأصحاب مبادرات مهمة في مجتمعاتهم، إضافة إلى 400 من الشبان والشابات الذين يمثلون منظمات خيرية قام بترشيحها كل من الملك والملكة والحكومة البريطانية، إذ حظي هؤلاء بفرصة مشاهدة مراسم التتويج وخروج الموكب الملكي من كنيسة سانت مارغريت في ويستمنستر آبي.

ويمكن القول إنها المرة الأولى خلال 1000 عام من التتويجات يكون التركيز فيها على عامل الجدارة (بالنسبة إلى المدعوين) لا على الانتماء الأرستقراطي، وهذا يختلف كثيراً عن حفل تتويج جد تشارلز، جورج السادس، عام 1937 حين دعى الملك شخصياً إلى الحفل أربعة فقط من "أهل العمل" (كما كانوا يسمون)، نساج وعامل حدادة وعامل منجم شاب وشاب موظف في ورشة كهرباء.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كذلك تجنب التتويج أية نفقات غير ضرورية في وقت يعاني ملايين الناس ضائقة اقتصادية خانقة، أما موكب التتويج فسار مسافة 1.3 ميل فقط، في وقت سار فيه مسافة خمسة أميال عند تتويج إليزابيث الثانية وجورج السادس، مما استلزم كلفاً هائلة من ناحية التدابير الأمنية وإغلاق مناطق تجارية مثل شارع أوكسفورد.

كذلك لم يكن هناك في حفل التتويج منصات مكلفة في ويستمنستر آبي كتلك التي أتاحت لـ 8250 شخصاً مشاهدة احتفال تتويج الملكة إليزابيث الثانية، ففي تتويج تشارلز لم تضم الكنيسة أكثر مما قد تحويه قاعتها التي تتسع لـ 2000 شخص.

لذا نطرح السؤال، هل يمثل هذا الانتباه من قبل الملك ومستشاريه إلى المسائل الاقتصادية والاجتماعية لفتة عابرة أم أنه تدبير جذري يعيد تعريف معنى الملكية في القرن الـ 21؟

ما يساعد في تناول المسألة وفق هذا المنحى أن تشارلز كان حظي، بحسب توصيف ديفيد كاميرون، بـ "التمرين الأطول في التاريخ"، فعلى عكس والدته التي توجت بعمر بريء نسبياً لم يتخط الـ 25، وكانت تعتمد اعتماداً كبيراً على شخصيات تقليدية مولودة في العصر الفيكتوري أمثال رئيس وزرائها ونستون تشيرشل وسكرتيرها الخاص آلان لاسيليس، يتوج تشارلز اليوم في سن أكبر بنصف قرن، كما يتمتع بخبرة تفوق كثيراً خبرة والدته حين توجت.

لقد ورث تشارلز عن والديه طريقة المقاربة البراغماتية للملكية، وهو قدم نفسه سلفاً كصاحب مبادرات ومتفوقاً في هذا المجال على والدته التي كانت ميالة للاستجابة إلى الأزمات المؤثرة التي عصفت بعائلة ويندسور.

تشارلز أيضاً قد عبر عن دعمه للأبحاث التي تتناول وتكشف علاقة الملكية بتجارة العبيد، كما ذكر حتى قبل أن يصبح ملكاً، عن أنه يريد ملكية مخففة تركز على ورثة العرش المباشرين فقط، وهذا الأمر يقودنا إلى مسائل أكثر صعوبة، ما الذي يمكن فعله إزاء الأميرين هاري وأندرو، مُفسدَي بهجة اليوم، إذ سيكون من الجنون أن يقوم تشارلز من أجل الشراكة العائلية بإتاحة الفرصة لكل منهما للعودة إلى المهمات الملكية.

على أن الملك في المقابل وعلى نحو خاص يقوم بإعادة تأهيل شقيقه لضمه من جديد إلى حياة العائلة، كما سمح له بالسير خلفه مباشرة بموكب العائلة إلى الكنيسة في إيستر، أما بالنسبة لهاري الذي أغضب والده عبر انتقاده زوجته كاميلا جهاراً فإن قضيته أكثر تعقيداً، إذ على رغم أن الملك لن يقوم أبداً بقطع جميع العلاقات مع ابنه الثاني، يبقى الأمر مختلفاً مع الأمير ويليام ذو الشخصية الأقل تسامحاً في هذه المسائل.

كذلك سيكون على الملك المتوج حديثاً التركيز على الجيل الأحدث الذي يعرف بـ "الجيل زد" Generation Z [الجيل المولود بين منتصف التسعينيات وبدايات العقد الثاني من الألفية الثالثة] أو جيل الـ "تيك توك"، إن أراد تقريب الملكية من مختلف الأجيال، فتشارلز الذي سيبلغ الـ 75 من العمر في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وكاميلا التي ستبلغ الـ 76 في يوليو (تموز) المقبل، لا يقدمان صورة مثالية لملك وقرينته، بل سيكون عليهما التفكير بما قد يجعلهما محببين بالنسبة إلى مواطني المستقبل.

لقد قام الملك بالتأكيد بمساعدة أكثر من مليون شاب وشابة على مدى عقود من خلال "صندوق الأمير للدعم" (Prince’s Trust) وعبر جمعياته الخيرية الأخرى، وهذه ناحية سيحتاج الملك فيها إلى ويليام وكايت وأولاد كامبريدج الثلاثة في ما بعد لمتابعة الإسهام في تلك الجهود، إذ إن استمالة الأجيال الشابة، خصوصاً من أوساط الفئات المهمشة، وتقريبهم من عائلة ملكية غنية ذات امتيازات سيكون إحدى التحديات المباشرة أمام العهد الملكي الجديد.

وثمة مسألة أخرى تتمثل في مواجهة الزعم القائل إن العائلة الملكية والقصر مارسا تمييزاً ممنهجاً بحق أصحاب البشرة الملونة، فهذا الزعم برز في مقابلة ميغان ماركل مع أوبرا وينفري حين ادعت ماركل أن أحد أفراد الأسرة، من دون ذكر الاسم، أبدى قلقه من البشرة الملونة لمولودها المنتظر.

قضية العنصرية تصدرت العناوين أيضاً حين قامت الليدي سوزان هوساي، وصيفة الملكة الراحلة وعرابة الأمير ويليام، بسؤال نغوزي فولاني الضيفة خلال إحدى مناسبات القصر، "من أين أنتِ؟"

أقاويل أخرى صدرت من أصدقاء قدامى للملك، منهم نيكولاس سواميس، ذكرت أن "ليس في عروقه (تشارلز) أي نقطة دم عنصرية".

وفي المقابل يقول منتقدون إن العنصرية تمثل داء مزمناً عند عائلة ويندسور، ومن هنا فإن تشارلز الذي ساعد عبر صندوقه المعروف بـ "برينس ترست" أجيالاً جديدة من كل الخلفيات والأعراق، سيحتاج مرة أخرى إلى ممارسة عمل فعال واستئصال العناصر الرجعية من مؤسساته واستبدالهم بأشخاص أكثر تمثيلاً للمجتمع، وسيحتاج تشارلز وعائلته إلى أن يكونوا أكثر انخراطاً في المنظمات الساعية إلى القضاء على التمييز العنصري في المجتمع والإدلاء بمزيد من البيانات العامة في هذا الخصوص.

في عام 2018 ذكر تشارلز أنه "من غير المنطقي أبداً" القيام بحملات لمصلحة مسائل ناصرها حين يصبح ملكاً، مدركاً آنذاك حاجته إلى الحفاظ على حياده السياسي وتجنب القضايا الخلافية، وفي سياق هذا اعترف قائلاً "عما قريب لن يكون ممكناً بالنسبة إليّ أن أعطي كثيراً من الوقت والطاقة للعمل الخيري والقضايا التي أهتم بها اهتماماً شديداً".

لكن على رغم ذلك فعندما يتحدث الملك فإن الناس يستمعون فعلاً، ومن شبه المؤكد أنه سيحث رئيس الوزراء في عهده لتكثيف الجهود لمواجهة أزمة المناخ، وكذلك سيمكنه استخدام موقعه وقدراته الأكيدة من اعتماد القوة الناعمة بغية توحيد الجهود وتذكير القادة بأن الأخطار المحدقة بالكوكب تحتاج إلى إجراءات عاجلة، إذ كما حذر في خطابه خلال قمة "كوب-26" المناخية في غلاسكو السنة الفائتة، فإن الوقت "نفد حرفياً".

مسألة أساس أخرى على الملك الجديد معالجتها وتتمثل في علاقته مع رابطة دول الـ "كومنولث"، فلقد كان السخط واضحاً قبل وفاة الملكة إليزابيث، خصوصاً في أوساط الأمم الكاريبية، تجاه الماضي الاستعماري للملكية البريطانية.

إسهام الملكة في الرابطة المذكورة بدا مذهلاً طوال عهدها الذي دام سبعة عقود، بيد أن عمر ابنها اليوم يقلل من احتمال تمكنه من زيارة الأمم الـ 14 المنتشرة في العالم والذي هو ملكها إلى جانب بريطانيا.

تلك الأمم منضوية في رابطة الـ "كومنولث" المؤلفة من 56 أمة، والملك البريطاني يترأس أيضاً هذه الرابطة، وهنا تكمن واحدة من النواحي الكثيرة التي يحتاج كل من أمير وأميرة ويلز إلى الانخراط فيها والقيام برحلات وزيارات منتظمة عبر البحار إلى أمم هذه الرابطة إن أرادت الملكية البريطانية صون علاقتها بها وإدامتها.

 

 إيان لويد كاتب ومصور فوتوغرافي متخصص في شؤون الأسرة الملكية ومؤلف كتاب "العرش: 1000 عام من مراسم التتويج" The Throne: 1,000 Years of British Coronations, the History Press.

© The Independent

المزيد من تقارير