Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

نساء يشتبه بولائهن لداعش يجمعن أموالا من تبرعات عبر الإنترنت

جاءت الحملة مع مخاوف من التطرف في مخيم الهول

اكتسب "مخيم الهول" صيتاً مرعباً بسبب الظروف الكارثية التي يعانيها المحتجزين فيه. ومع ذلك، أطلقت نساء فيه حملة جمع تبرعات عبر الـ"ويب"! (وكالة الصحافة الفرنسية)

جمعت نساء محتجزات في مخيم لعائلات من "داعش" في سوريا، الآلاف من الجنيهات الاسترلينية عبر حملة لحشد التمويل عبر الإنترنت.

في الشهر الماضي، انطلقت جهود البحث عن التمويل تحت شعار "العدالة للأخوات"، بمساعدة وسيط في ألمانيا، ويبدو أنها تهدف إلى استجداء تبرعات من المتعاطفين مع أولئك النسوة في أوروبا.

وتأتي تلك الحملة وسط تزايد المخاوف من التطرف في "مخيم الهول" الذي يحتجز آلاف النساء المشتبه في عضويتهن في "داعش" مع أطفالهن، وما يزال عديد منهن موالياً لتلك الجماعة الإرهابية.

في ذلك الصدد، ثمة قلق لدى الأجهزة الأمنية في المملكة المتحدة ودول اخرى من أن مواطنين محتجَزين في سوريا وما زالوا يحملون آراء متطرفة، سيجدون في نهاية المطاف طريقة للعودة إلى ديارهم. وتعتقد الحكومة البريطانية أن النساء قد  يشكلن خطراً كبيراً على الأمن القومي بنفس قدر خطورة المقاتلين الذكور العائدين إلى البلاد.

وفي التفاصيل تبيّن أن "العدالة للأخوات" كانت إحدى حملتين معروفتين هدفتا إلى جمع تبرعات لصالح النساء في الهول، أما الأخرى فهي حملة تهدف علناً إلى جمع الأموال لدفعها إلى المهربين لمساعدتهن على الفرار.

وحذّر المحللون من أن تدهور الأوضاع في المخيم يمكن أن يؤدي إلى زيادة عدد النساء اللواتي يسعين إلى تهريب أنفسهن إلى الخارج، ومزيد من حملات جمع التبرعات لمساعدتهن.

وقد بدأت المساعي الأخيرة في الشهر الماضي، عندما نُشِرَ على قناة تابعة إلى "داعش" في تطبيق "تليغرام للمراسلة" مقاطع فيديو ورسائل مكتوبة بالألمانية والعربية والإنكليزية من نساء يدّعين أنهن محتجزات في المخيم.

اشتكت النساء اللواتي يبدو أن بعضهن على الأقل مواطنات أوروبيات، من الظروف السيئة في المخيم. وورد في إحدى الرسائل المكتوبة باللغة الإنكليزية، "إن الحياة بين أيدي الكفار ليست سهلة".

ووفق كلمات رسالة اخرى، "في المقام الأول، نحن بحاجة إلى الماء والكهرباء والمساعدة المالية. يعاني كثير من الأطفال والنساء سوء التغذية ويحتاجون إلى الفواكه والخضروات والحليب... كل الأمور متوفرة هنا، لكن ليس باستطاعة عديد من الأخوات تحمّل تكاليفها".

وعملت المجموعة على مشاركة رسائل مكتوبة بخط اليد وصور فوتوغرافية يُزعم أنها التقطت داخل المخيم، عبر الانترنت. في إحدى الصور، تحمل أربع نساء لافتات مصنوعة من الورق المقوى لإظهار مصداقية الحملة. وظهر في إحدى اللافتات عبارة "حرروا السجينات. أخواتكن في مخيم الهول". وكُتب على لوحة أخرى "ألمانيا".

وتشارك المساهمون في الحملة روابط إلكترونية آتية من حسابات عدة لتجميع الأموال على "باي بال"، ما مكّن بالمجمل من جمع أكثر من 3 آلاف يورو ( ما يعادل 2600 جنيه استرليني). على كل حال، قد لا تكون تلك الحسابات الوحيدة المرتبطة بالحملة، ويحتمل أن المبلغ الإجمالي الذي جرى تحصيله أكبر من ذلك.

في محاولة واضحة لتجنب إزالة "باي بال" تلك الحسابات، استُخدِمَتْ رسائل مشفرة لتمويه الهدف من جمع الأموال. وقد أُشير إلى أحدها باسم "شهر عسل في فيينا"، بينما ادّعى حساب آخر أن الأموال ستستخدم في فعالية للملاكمة.

في رسالة نُشرت على قناة "تليغرام" المشفرة، وجه أحد أعضاء المجموعة تذكيراً إلى متبرعين محتملين، وكتب "يرجى عدم استخدام المصطلحات الإسلامية عند التبرع، فهناك خطر بإغلاق الحساب من قبل باي بال".

روّج لتلك الحملة رجل يُعتقد أنه مسؤول عن عدد من قنوات "داعش" على "تليغرام"، ونشر أيضاً تغريدات على "تويتر" ورد فيها إن جهود جمع التبرعات كانت حقيقية. وفي نهاية المطاف، أُغلِقَتْ تلك القناة على "تليغرام". وكذلك لا يُعرف إذا كانت الحملة مستمرة.

عمل مركز "روجافا للمعلومات" الذي يضم مجموعة من الناشطين الإعلاميين الدوليين ومقره شمال سوريا، على الكشف عن الحملة. واطّلَعَتْ "الاندبندنت" على سجلات الدردشة وصور للشاشات مأخوذة من قنوات على "تليغرام"، وكذلك أربع حملات على "باي بال" تشاركتها تلك المجموعة.

وعلى الرغم من أن مؤسسي المجموعة أوضحوا للمتبرعين إن الأموال مخصّصة لشراء الطعام للنساء والأطفال في المخيم، إلا أن المبلغ الذي جُمِعَ قد يستخدم لدفع أموال للمهربين لمساعدتهم على الفرار.

وتذكيراً، زعمت حملات مماثلة لجمع التبرعات أنها حققت نجاحاً في تحرير النساء من "مخيم الهول" في الأشهر الأخيرة. انطلق أحد تلك المساعي الهادفة بوضوح إلى تحرير النساء، على يد أنصار تنظيم "القاعدة" المتمركزين في إدلب، شمال سوريا، في يناير (كانون الثاني) المنصرم.

كذلك أفادت حملة "أطلقوا سراح السجينات" هذا الأسبوع إنها نجحت في تحرير رابع امرأة من المخيم.

وفي ذلك السياق، نشرت الحملة على "تليغرام" نصاً ورد فيه إنّ  "هناك أخبار سعيدة! لقد تمكن إخوانكم في تلك الحملة، بعون الله وبالتعاون مع جهات مختلفة وبأموال المحسنين، من إطلاق سراح أخت مهاجرة من "مخيم الهول" للاجئين والتأكّد من وصولها إلى المناطق المحررة"، في إشارة إلى المناطق التي يسيطر عليها المتمرّدون في شمال سوريا.

وكذلك أصدرت في وقت سابق ملصقاً يوضح بالتفصيل كيفية إنفاق أموال المانحين. "إن مبلغ 8000 دولار يؤمّن الإفراج الكامل عن أخت، وتغطي حصة غولدن البالغة 4000 دولار نصف النفقات"، وفق كلمات الحملة.

وفي حين أنه ليس من الواضح بالضبط عدد النساء اللواتي تمكّنن من الفرار من المخيم، فقد سمع باحثون ميدانيون في سوريا أدلة قاطعة على حدوث ذلك.

إذ بيّنت إليزابيث تسوركوف، باحثة زميلة في "منتدى التفكير الإقليمي" زارت المخيم مؤخراً، "إنه باهظ بشكل لا يصدق ويكلف آلاف الدولارات، وبالتالي لا يستطيع سوى عدد قليل للغاية مغادرته.... لكن بعض النساء تمكّن من تهريب أنفسهن خارج المخيم ... إنهن مستميتات في الخروج. الظروف في المخيم مفزعة... بالنسبة للنساء الأجنبيات، إنها وسيلة للهروب من العدالة أيضاً إذ قد يحاكَمن في بلدانهن الأصلية".

وفي ذلك السياق، يذكر أن تلك الحملات تأتي وسط تقارير عن تدهور الأوضاع في "مخيم الهول"، وتحذيرات سلطات المخيم من أنهم يتعرضون لخطر الانهيار. ويضم المخيم حالياً حوالي 70 ألف امرأة وطفل احتُجِزوا أثناء مغادرتهم آخر معاقل "داعش" في سوريا في وقت سابق من هذا العام.

وآنذاك، حوصر سكان محليون داخل مناطق "داعش" بسبب تلك المعركة، لكن غالبية المحتجزين في المخيم تتكون من زوجات المقاتلين وأفراد أسرهم الذين لم يظهروا علامات تذكر على التخلي عن تلك الجماعة.

من ناحية اخرى، تسيطر "قوات سوريا الديمقراطية" على "مخيم الهول" وعدد من المنشآت الأصغر، وهي ميليشيا كردية وعربية تدعمها الولايات المتحدة. يعتبر "الهول" أكبر تلك المعسكرات، وتشكل النساء والأطفال من سوريا والعراق غالبه، إلى جانب حوالى 11 ألف مواطن أجنبي.

وفي حديث إلى "الاندبندنت"، صرح نائب قائد التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة من أجل هزيمة "داعش" بأن إمكانية التطرف في المخيمات يشكّل "أكبر خطر استراتيجي على المدى الطويل" ويهدد ضمان هزيمة التنظيم بصورة كاملة.

في الأسابيع الأخيرة، وقع عدد من الحوادث في المخيم التي أثارت المخاوف. وفي شريط فيديو يُزعم أنه نشر من قِبَل سكانه، رُفِعَ علم "داعش" الأسود في المخيم، فيما أمكن رؤية النساء والأطفال أثناء ترديدهم شعارات التنظيم. وكثيراً ما يتعرض الحراس للهجوم من قبل المتطرفين داخل المكان.

من ناحية اخرى، تعرّضت الظروف في "الهول" لانتقادات شديدة في تقرير صدر من "هيومن رايتس ووتش" في 23 يوليو (تموز) الجاري. وفي ثلاث زيارات للمنطقة المخصصة للنساء والأطفال الأجانب خلال الشهر الماضي، "عثرت المجموعة على مراحيض طافحة، ومياه صرف صحي تتدفق صوب الخيام الممزقة، وسكان يشربون مياه صالحة للغسيل من صفائح تحتوي على ديدان".

وأضاف التقرير، "توزّع أطفال صغار يعانون طفحاً جلديّاً، بأطراف هزيلة وبطون منتفخة، بين أكوام القمامة النتنة تحت أشعة الشمس الحارقة أو رقدوا على أرضيات الخيام، وأجسادهم مغطاة بالأوساخ والذباب. ويموت الأطفال بسبب الإسهال الحاد والأمراض الشبيهة بالإنفلونزا".

في المقابل، أبدت الحكومات الأجنبية، بما في ذلك المملكة المتحدة، استعداداً ضعيفاً لاسترداد مواطنيها من المخيمات بسبب المخاوف من أنهم سيشكلون مخاطرة أمنية كبيرة. يُعتقد أن هناك 19 امرأة بريطانية على الأقل حالياً في "الهول" ومعسكرات اخرى في المنطقة، مع أطفالهن الذين لا يقل عددهم عن 30 طفلاً.

كذلك احتلت محنة الأطفال البريطانيين العالقين في سوريا عناوين الصحف في وقت سابق من العام الجاري عندما توفي طفل شميما بيغوم الرضيع، المسمّى جرّاح، في "مخيم الهول". وهربت الفتاة البريطانية من منزلها في "بيثنال غرين" في لندن، للانضمام إلى "داعش" في سوريا في 2015.

في سياق متصل، وفي حين أن الوصول للمخيم يخضع لقيود شديدة، تمثّل قدرة سكانه على تلقي الأموال المرسلة من الخارج تحدياً جديداً لسلطاته. إذ توجد مرافق تحويل الأموال في الجزء الرئيسي من المكان، ونظرياً، يستطيع المحتجزون الأجانب استلام الأموال بمساعدة شخص سوري يعيش داخل المخيم.

في السنوات الأخيرة، استُخدِمَتْ تطبيقات المراسلة المجهولة ومنصّات رقمية متخصصة في تحويل الأموال عبر الإنترنت، من قِبَلِ الجماعات المتطرفة بهدف تجنب اكتشافها. كذلك شهدت الأعوام القليلة الماضية محاولات من تلك المنصات لإيجاد وإزالة عمليات جمع تبرعات من قبل المتطرفين.

"من الواضح أن المنصّات الرقمية متنبهة للمخاطر، وقد جلب موقع "باي بال" المتخصص في تحويل الأموال إلكترونياً، بعض الأشخاص الضليعين في عالم الأمن خلال العام الماضي أو نحو ذلك"، بحسب توم كيتنج، مدير "مركز دراسات الجريمة والأمن المالي" في "المعهد الملكي للخدمات الموحّدة" الذي يمثّل مركزاً للدراسات يركز على الدفاع والأمن الدوليين.

وأضاف كيتنج، "تمنع مواقع حشد التمويل وصول الفاعلين المتطرفين إليها، لكنها مهمة صعبة للغاية. إذ يعرف الفاعلون السيئون أن تلك المواقع تتصيدهم، ويفعلون ما بوسعهم لإخفاء آثارهم".

وفي سياق متّصل، أدلى متحدث باسم الحكومة البريطانية بتصريح إلى "الاندبندنت"، جاء فيه "إن تقديم المساعدة المالية لشخص يُعرف أو يُشتبه في إمكانية استخدامه لأغراض إرهابية يشّكل جريمة، ونحن نعمل عن كثب مع القطاع المالي الذي يتعيّن عليه الكشف عن الشكوك المتكوّنة لديه فيما يتعلق بالتمويل الإرهابي... ستحقق الشرطة مع كل شخص عائد من المشاركة في النزاع في سوريا والعراق لتحديد إذا كان قد ارتكب جرائم أو أنه يشكل تهديداً لأمننا القومي".

في ذلك السياق نفسه، بيّن متحدث باسم "باي بال" إن الموقع غير قادر على التعليق على حالات محددة، لكنه أضاف، "نحن في "باي بال"، نأخذ مسؤوليتنا على محمل الجد لضمان أن المال يتحرّك في جميع أنحاء العالم وفقاً للقوانين والتشريعات. إذا وجدنا أدلة على انتهاك لسياساتنا أو قوانيننا الوطنية، فسنتخذ الإجراء المناسب".

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي