Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

زحام الكبار من جديد على مسرح الشرق الأوسط

ضمان الصين للاتفاق السعودي - الإيراني كان إشارة إلى أهمية المنطقة ومن هنا تأتي هرولة مسؤولي إدارة بايدن إلى الرياض

ضمان الصين للاتفاق السعودي - الإيراني يعد إشارة إلى أهمية الشرق الأوسط (أ ف ب)

ملخص

الصين وروسيا اعتبرتا أن المواجهة مع أميركا في الشرق الأقصى تتطلب تحسين المواقع وتكبير الأدوار في الشرق الأوسط، فلماذا؟

أميركا أدركت أخيراً الخطأ الإستراتيجي الذي ارتكبته بكامل قواها العقلية أيام الرئيس باراك أوباما وهو تخفيف الالتزامات في الشرق الأوسط والاطمئنان إلى الاستقرار في أوروبا، والتركيز على الشرق الأقصى للمواجهة مع الصين وروسيا.

حين وصل جو بايدن إلى البيت الأبيض وكان نائباً لأوباما، فإن إدارته أرادت السير عكس السياسات "الفانتازية" التي مارسها الرئيس دونالد ترمب، وبدت كأنها فصل إضافي في إدارة أوباما مع قليل من التمايز، وما اصطدمت به هو أن الصين وروسيا اعتبرتا أن المواجهة مع أميركا في الشرق الأقصى تتطلب تحسين المواقع وتكبير الأدوار في الشرق الأوسط، فلماذا؟

لأن اللعبة في المحيطين الهندي والهادئ لا تكتمل من دون اللعب على ملعب الخليج والبحر المتوسط، الخليج حيث النفط والثروة والمستقبل، والمتوسط حيث الدم والصراع العربي - الإسرائيلي إلى جانب البعدين الإيراني والتركي.

هذا ما اعترف به مدير الاستخبارات المركزية وليم بيرنز في خطاب بجامعة جورجتاون - واشنطن، وأبسط ما قاله هو أن "الدرس الأكبر الذي تعلمته من سنواتي الدبلوماسية في الشرق الأوسط هو التواضع، فقد كنا نعتقد أن بإمكاننا الانفصال عن المنطقة لكنها لها صفة سيئة وهي النجاح كل مرة في إبقائنا ضالعين فيها".

ذلك أن الرئيس فلاديمير بوتين استفاد من شبه الفراغ الأميركي واستعاد الدور العسكري الروسي في الشرق الأوسط من خلال الانخراط المباشر في حرب سوريا دفاعاً عن النظام، ثم أشعل أوروبا وشغل أميركا والعالم عبر حرب أوكرانيا التي بدأها من أجل أهداف عدة بينها إبعاد الـ "ناتو" عن حدود بلاده.

وعلى رغم انشغاله بالمعارك في أوكرانيا فإنه رسم ما سمي "المفهوم الجديد للسياسة الخارجية الروسية" وأساسه "التركيز على الشرق الأوسط والشراكة مع دول الحضارة الإسلامية"، فضلاً عن "تشكيل بنية شاملة مستدامة للأمن الإقليمي والتعاون ومكافحة الإرهاب وحماية المسيحيين في الشرق الأوسط".

والرئيس شي جينبينغ رسم خطين متكاملين للدور الصيني في الشرق الأوسط، الأول خط "القوة الناعمة" عبر مشروع "الحزام والطريق" لتحسين البنية التحتية والتركيز على "الثقة الثقافية والأمن الثقافي ومعاهد كونفوشيوس في 162 بلداً، في حين تراهن أميركا في القوة الناعمة على الأيديولوجيا، بحسب الأستاذة الجامعية ومؤلفة كتاب "القوة الناعمة الصينية" ماريا ريبينكوفا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

والثاني خط الدور السياسي الذي جاء رمزه الكبير بوساطة الصين بين السعودية وإيران ورعاية "اتفاق بكين" وضمانه، وما كانت زيارة شي للرياض والقمم السعودية والخليجية والعربية التي شارك فيها مسألة عادية، ولا كان ضمان الاتفاق السعودي - الإيراني سوى إشارة إلى أهمية الشرق الأوسط، لا فقط الشرق الأوسط كما هو على خرائط الجامعات، بل "الشرق الأوسط الذي تشمل خريطته أفغانستان وجيبوتي وإريتريا وإثيوبيا وكينيا وباكستان والصومال"، كما كتب أستاذ العلوم السياسية والقضايا الدولية في جامعة جورج واشنطن مارك لينش. وليس سراً أن الصين أقامت قاعدة عسكرية في جيبوتي إلى جانب قواعد لدول غربية عدة، كما تعمل في مرفأ حيفا، ومن هنا تأتي هرولة المسؤولين في إدارة بايدن إلى السعودية بموازاة الدور المشترك مع الرياض في السودان، والدور المواكب لدور الأمم المتحدة في اليمن والعودة بعد طول تمنع للوعد بدعوة بنيامين نتنياهو إلى زيارة البيت الأبيض.

وإذا كان مستشار الأمن القومي جايك سوليفان الزائر الأخير للسعودية والذي سيأتي بعده وزير الخارجية أنتوني بلينكن، فإن محادثات سوليفان كانت سياسية وأمنية، سياسية مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان حول القضايا الثنائية والمسائل الإقليمية والدولية، وأمنية مع نظرائه في السعودية والإمارات والهند، وهذه إشارة معبرة إلى الربط بين اللعبة في المحيط الهندي واللعبة في الخليج والمتوسط.

والتحولات لافتة، تكريس الزعامة السعودية للعالم العربي والإسلامي، وانتقال قيادة العمل العربي المشترك من المتوسط إلى الخليج، وزحام الروس والصينيين والأميركيين والأوروبيين في الشرق الأوسط.

المزيد من تحلیل