Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السوبرانو أميرة سليم: أحلم بغناء أوبرا باللغة المصرية القديمة

قالت إن "أنشودة إيزيس" في موكب المومياوات الملكية المحطة الأهم في مشوارها كونها رسالة فنية ووطنية وتاريخية

شاركت سليم في النسخ العربية لبعض أفلام "ديزني" مثل "سندريلا" و"بامبي" (اندبندنت عربية)

ملخص

على مدار السنوات تم تقديم عدد من الأوبرات العالمية مستوحاة من الحضارة المصرية تعد من الأشهر في العالم مثل "عايدة" و"كليوباترا" وتوالى عرضها على المسارح العالمية بأصوات أشهر فناني الأوبرا، فماذا تقول السوبرانو المصرية في هذا الشأن؟

تجربة غنائية فريدة تقدمها السوبرانو أميرة سليم، كواحدة من أشهر فناني الأوبرا المصريين على المستوى العالمي، فبعد انتهائها من الدراسة في معهد الكونسرفاتوار بالقاهرة استكملت دراستها في فرنسا لتتوالى أعمالها على مدار السنوات، محلياً ودولياً.

أميرة سليم تنحدر من أسرة كان الفن دائماً عنواناً لها، إذ إنها ابنة التشكيلي الراحل أحمد فؤاد سليم وعازفة البيانو مارسيل متى، وهي أول عربية تفوز بالجائزة الأولى في مسابقة الأوبرا الدولية في أورفيتو بإيطاليا عام 2002.

وعلى مدار تاريخها الفني، قدمت عشرات العروض في الأوبرا، سواء في مصر أو خارجها، ومن أشهر الأعمال التي شاركت فيها (حلاق إشبيلية وإكسير الحب والناي السحري وليزيلية دامور ودون باسكوالى وباربيير دي سيفيليا ولاكمي وهاملت) وغيرها الكثير من عروض الأوبرا الشهيرة.

كما شاركت في النسخ العربية لبعض أفلام "ديزني" مثل "سندريلا" و"بامبي". ويعد من أشهر أعمالها في الفترة الأخيرة "أنشودة إيزيس" الذي قدمته خلال موكب المومياوات الملكية في مصر، وحقق نجاحاً باهراً.


أوبرا عربية

على رغم أن الأوبرا هي واحدة من الفنون العالمية الرفيعة إلا أنها لا تعد من الفنون التي تحظى بجمهور عريض في العالم العربي، وعلى رغم أن كثيراً من حفلات الأوبرا تكون كاملة العدد إلا أن عدداً كبيراً من المصريين والعرب عموماً يعتبرون أن هذا الفن بعيد من ثقافتهم، وقد يرونه غير مألوف أو موجهاً للنخبة وللفئة المثقفة من المجتمع.

تتوقف أميرة أمام الانطباع السابق فتقول، "الغناء الأوبرالي هو نوع من أنواع الغناء الكلاسيكي الغربي، بدأ في إيطاليا التي تعد أم هذا الفن والأكثر تميزاً فيه، وحتى يتمكن المغني من هذا القالب فإن صوته يحتاج إلى سنوات طويلة من التدريب والتمرين حتى يصل لشكل يمكنه من الغناء الأوبرالي، إضافة لذلك فإن الموسيقى والشكل الغنائي عموماً يختلف تماماً عن الغناء الشرقي الذي يعتاده جمهورنا العربي".

وتضيف، "الجمهور العربي بشكل عام لديه فضول للتعرف على أنواع الفنون المختلفة، وخصوصاً غير المتداولة بشكل كبير، ومن هنا يكون لديه أسئلة كثيرة تهدف للتعرف على طبيعة هذا النوع من الغناء، وكيف يتم وما هي الموسيقى الكلاسيكية المصاحبة، وما أشهر الأعمال؟ أواجه كثيراً هذه التساؤلات من الجمهور العربي مما يعني أن لدية الرغبة في المعرفة والاقتراب من أنواع مختلفة من الفنون".


وتمضي في حديثها "بشكل عام يمكننا القول إن فن الأوبرا بعيد نسبياً من الثقافة العربية والشرقية فهو فن غربي بالأساس، ولكن في النهاية هذا النوع من الغناء هو صوت للإنسان ومصاحبته للموسيقى ولكافة تفاصيل العرض الأوبرالي يجعل الجمهور يشعر به ويستقبله بشكل جيد مهما اختلفت لغته أو ثقافته أو جنسيته فالفن لغة عالمية تصل للناس في كل مكان إذا كانت حقيقية وصادقة".

تشير السوبرانو المصرية إلى أن بداية فن الأوبرا في العالم العربي كانت من مصر، خلال فترة أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، ومن بعدها على مدار السنوات سافر كثير من المغنين المصريين إلى الخارج لتعلم هذا الفن وعادوا إلى البلاد ليقوموا بإحياء كثير من الحفلات مما جعل لها ريادة فيه وجعل هناك استمراراً لأجيال من مغني الأوبرا الذين تتلمذوا على يد من سبقوهم ليحققوا نجاحات في مصر وخارجها، وبالفعل حالياً هناك كثير من الأصوات تشارك في الأوبرات العالمية، ويتميزون بأصوات رائعة ومواهب كبيرة.

أنشودة إيزيس

تجربة غير مسبوقة قدمتها السوبرانو المصرية العالمية لاقت نجاحاً باهراً، وهي الغناء باللغة المصرية القديمة، فأنشودة إيزيس التي قدمت خلال موكب المومياوات الملكية الذي شهدته مصر في أبريل (نيسان) 2021 حققت نجاحاً طاغياً باعتبار أن كثيراً من الجماهير، سواء في مصر أو خارجها، يستمع للمرة الأولى إلى اللغة المصرية القديمة التي يعرفها الناس غالباً فقط من خلال رموزها الشهيرة كأشكال وليس كأصوات.

وعن هذه التجربة تقول، "اهتمامي بالغناء باللغة المصرية القديمة يسبق موكب المومياوات بسنوات، فمنذ عام 2016 كان لدي هذا الحلم وكنت أسعى إليه وبحثت بالفعل في كيفية تنفيذه ليخرج للنور وكيف يمكن اختيار نصوص من الحضارة المصرية القديمة تصلح لتقديمها كأغنيات، ولكن توقف المشروع وقتها لأسباب متعددة إلى أن جاءت فرصة الغناء في موكب المومياوات وتحقق هذا الحلم وخرجت "أنشودة إيزيس"، التي تمثل رسالة فنية ووطنية وتاريخية إلى جانب كونها قالباً غنائياً مختلفاً وجديداً على الجمهور".

وتضيف، "قدمت بعدها أغنية أخرى باللغة المصرية القديمة بعنوان (مروك أت) بمعنى (حبك) وهي أغنية رومانسية وتم تصويرها كفيديو كليب، وأتمنى الاستمرار على هذا الطريق بتقديم أغنية باللغة المصرية القديمة كل فترة من دون الارتباط بمناسبة معينة، فاللغات القديمة عموماً تجذب مغني الأوبرا لأنه معتاد على الغناء بلغات مثل اللاتينية وغيرها".

أوبرا بنكهة شرقية

على مدار السنوات تم تقديم عدد من الأوبرات العالمية مستوحاة من الحضارة المصرية تعد من الأشهر في العالم مثل "عايدة" و"كليوباترا" وتوالى عرضها على المسارح العالمية بأصوات أشهر فناني الأوبرا، ودائماً ما كان يقبل عليهم الجمهور، إلا أنها بالنهاية تعد أعمالاً محدودة للغاية على رغم وجود عشرات ومئات من الحكايات المستوحاة من التراث المصري بكل مراحله، التي يمكن تقديمها لتخرج في أعمال رائعة تعكس ثقافتنا وتجعلنا ننافس بقوة في هذا المجال.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

عن هذا الأمر تقول سليم، "أتمنى أن ينشط المؤلفون الموسيقيون بدرجة أكبر في مجال تأليف الموسيقى الكلاسيكية والعمل على مزجها مع قصصنا المستوحاة من التراث لخلق قالب أوبرالي جديد يمكن أن يكون قريباً من الجمهور العربي، ولدينا بالفعل كفاءات ومواهب كثيرة ومتنوعة قادرة على القيام بذلك، وبالفعل كان هناك بعض الاجتهادات والتجارب لتقديم أوبرا مستوحاة من التراث المصري وهذا جيد، ولكنها لا تزال على المستوى المحلي ولم تنطلق إلى الخارج".

وتحكي "كل بلد عربي لديه تراث متنوع يمكن أن يستلهم منه عشرات القصص التي تصلح لتقديمها كأوبرا، وأتمنى تقديم عمل أوبرالي متكامل باللغة المصرية القديمة أو باللغة العربية أو حتى باللهجة العامية، فهذا سيعمل على تقريب فن الأوبرا للجمهور العربي، بخاصة إذا دمجت الآلات الموسيقية الشرقية مثل الربابة والناي مع الآلات الغربية المستخدمة عادة مع الأوركسترا".

الفنان ليس ناشطا

كثير من الفنانين، بخاصة المقيمين بين مصر والخارج، يهتمون بتبني قضايا متنوعة قد تكون بيئية أو سياسية أو ذات علاقة بأي توجه آخر لترتبط به إلى جانب الفن الذي يقدمه أياً كان نوعه، لكن أميرة سليم تتحدث عن هذا الأمر من منظور مختلف في ظل إقامتها بين مصر وفرنسا.

تشير إلى أن "الفنان لغته الفن وأي رسالة يقدمها مهما كان نوعها تكون من طريق فنه وبأدواته المتمكن منها، والفنان لا يجب أن يتحيز لأيديولوجيات أو قضايا سياسية لأنه سيخرج عن دوره، فالفنان ليس ناشطاً وليس هذا هدفه على الإطلاق، ولكنه في النهاية إنسان يتبنى القضايا الإنسانية بشكل عام من دون تحيز لفئة على حساب الأخرى إلا في الحالات التي تكون إنسانية لا تقبل الخلاف، فالموقف الإنساني أو الوطني للفنان لابد أن يكون موجوداً، ولكن من خلال أدواته وهي الفن".


وتؤكد كذلك "التكنولوجيا بشكل عام لها جانب إيجابي على اعتبار أنها تتيح التواصل والتعلم والتعرف على ثقافات الشعوب الأخرى وفنونها، والسوشيال ميديا بالطبع أصبح لها تأثير كبير في الفنان وغيره، إلا أنها تفتقد شيئاً ما من طبيعة التواصل الإنساني الحقيقي والمباشر بين الناس فتنتج من هذا خلافات كثيرة وسوء فهم وأحياناً عداءات، وأحياناً أبتعد تماماً من السوشيال ميديا لفترة، فهي وسيلة من وسائل التواصل، ولكنها ليست الوسيلة الأساسية".

الفنان المصري في الخارج

فنانون ومبدعون مصريون وعرب لهم تجارب متميزة في الخارج حققوا من خلالها نجاحات كبيرة، وعلى رغم ذلك تواجههم تحديات كثيرة ليتمكنوا من الصمود، وهو ما ترى فيه أميرة أن "المغترب يكون دائماً في تحديات مستمرة، بخاصة الفنان الذي يعيش وحده ويدرس ويتعامل مع مجتمع له لغة وعادات وقيم مختلفة عن حياته، ولكننا من خلال عملنا واجتهادنا نثبت للغرب أن لدينا الموهبة والقدرة على النجاح والمنافسة والتأقلم مع كافة الظروف".

وتذكر، "نحن لدينا القدرة على التواصل بشكل أكبر من الغرب باعتبار أننا في العالم العربي نتعلم لغاتهم ونتعرف على ثقافتهم أكثر مما يحدث من جانبهم بكثير، وهذا له أهمية كبيرة للفنان لأن الفن لغة عالمية وواحد من أدوات التواصل بين البشر".

وتضيف، "بين كل الأعمال التي قدمتها والأوبرات العالمية في مصر وخارجها أعتبر أن موكب المومياوات الملكية هو اللحظة الأهم في تاريخي لأنها حققت لي التواصل بيني وبين أبناء بلدي، وفي الوقت ذاته شاهدها الجمهور في العالم كله، فهي كانت لحظة فريدة من نوعها لا تتكرر للفنان وسأظل أعتز بها طوال حياتي، إضافة إلى تحقيقها واحداً من أحلامي وهو الغناء باللغة المصرية القديمة".

تشير السوبرانو المصرية إلى أن تجربة الغناء باللغة المصرية القديمة أحدثت حالة من الصحوة عند قطاع كبير من المصريين ولمست شيئاً ما في اللاوعي يدفعهم للاعتزاز بحضارتهم التي يجب أن نقترب منها ونتفاعل معها بشكل أكبر وهذه مسؤولية تقع على عاتق كثيرين من بينهم الفنانون وغيرهم.

وتحاول أميرة حالياً الاستمرار في الغناء باللغة المصرية القديمة، وإضافة لذلك تسعى لتقديم مجموعة من الأغنيات لتقريب أسلوبها الغنائي للناس بشكل جديد باعتبار أنه أصبح هناك تفاعلاً نسبياً من الجمهور في هذا المجال.

المزيد من ثقافة