Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عندما حسمت "نوبل الطب" هوية مكتشف الإيدز

البحوث المتعلقة بالمرض المناعي قبل 40 عاماً كانت تنطوي على كثير من الألغاز وأول مقالة كانت لفريق فرنسي

مصطلح الإيدز مؤلف من الأحرف الأولى لعبارة "متلازمة نقص المناعة المكتسب" (مواقع التواصل)

ملخص

وقع جدل كبير في شأن تحديد هوية المكتشف الحقيقي للفيروس انتهى بحل دبلوماسي موقت عام 1987 مع توقيع الولايات المتحدة وفرنسا تسوية وصف فيها غالو ومونتانييه رسمياً بأنهما "شريكان في الاكتشاف"

شكل اكتشاف فريق من معهد باستور الفرنسي فيروس الإيدز قبل 40 عاماً الخطوة الأولى في معركة شرسة مع هذا الوباء الذي أدى إلى وفاة 40 مليون شخص.

وأكدت مقالة نشرتها مجلة "ساينس" العلمية في الـ20 من مايو (أيار) 1983 "عزل" الفيروس الجديد، لكن أصحاب الاكتشاف، وهم العلماء فرنسواز باري سينوسي وجان كلود شيرمان ولوك مونتانييه، آثروا اعتماد نبرة حذرة في المقالة، إذ كتبوا أن هذا الفيروس "يمكن أن يكون له دور في عدد من المتلازمات المرضية ومنها الإيدز".

وكانت البحوث المتعلقة بالإيدز يومها في بداية طريقها، إذ إن المرض الجديد كان ينطوي على كثير من الألغاز.

كانت التنبيهات الأولى صدرت قبل ذلك بعامين في الولايات المتحدة، حيث سجلت في صيف عام 1981 إصابات بأمراض نادرة كتكيسات الرئة وساركوما كابوزي في صفوف الشبان الأميركيين المثليين جنسياً.

وتساءل الأطباء عن سبب تفشي هذه الالتهابات "الانتهازية" التي تطاول عادة الأشخاص ذوي الصحة الضعيفة جداً، في صفوف الشبان المثليين الذين لا يزالون يتمتعون بصحة جيدة.

وأشار الخبراء الأميركيون إلى أن "وباء ينتشر لدى الرجال المثليين ومدمني المخدرات"، ولم يكن بعد لهذا المرض أي اسم، لكنه كان يتفشى.

ولوحظ أن سكان هايتي تأثروا أيضاً. وبدأ الحديث عن "مرض أحرف  H الثلاثة"، وهو الحرف الأول الذي يعني بالإنجليزية المثليين  (Homosexuals)  ومدمني الهيروين (Heroin) والهايتيين  (Haitians).

وسرعان ما أضيف حرف H رابع يشير إلى المصابين بالهيموفيليا (Hemophilia)  الذين تبين أنهم أيضاً من الفئات المعرضة لهذا المرض، فبات يقال عنه "مرض أحرف H الأربعة".

أما مصطلح الإيدز المؤلف من الأحرف الأولى لعبارة "متلازمة نقص المناعة المكتسب"، فبدأ يستخدم اعتباراً من سبتمبر (أيلول) 1982.

لم يكن سبب الإيدز معروفاً بعد وبدأ بعضهم يتحدث عن كونه من "الفيروسات القهقرية"، ومنهم المتخصص الأميركي الكبير في هذا النوع من الفيروسات المسببة للسرطان روبرت غالو.

على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي في باريس، بدأ مختبر الأورام الفيروسية الذي يديره لوك مونتانييه في "معهد باستور" بالعمل أيضاً.

في بداية عام 1983 أخذ متخصص الأمراض المعدية الباريسي ويلي روزنباوم في مستشفى بيتييه سالبيتريار خزعة من الغدد الليمفاوية لمريض في مرحلة مبكرة من الإيدز.

وفي الثالث من يناير (كانون الثاني) بدأ مختبر "معهد باستور" العمل على فحصها. وروى مونتانييه الذي توفي عام 2022 في كتابه "عن الفيروسات والبشر"، "عند حلول الليل (...)، بدأت العمل".

مع فرنسواز باري سينوسي وجان كلود شيرمان، اكتشف فيروساً قهقرياً جديداً سماه موقتاً LAV) Lymphadenopathy Associated Virus) أي الفيروس المصاحب لاعتلال العقد اللمفية.

وقالت سينوسي لوكالة الصحافة الفرنسية "لقد عزلنا الفيروس وأثبتنا أنه فيروس قهقري لكننا لم نكن متأكدين بعد من أنه سبب الإيدز".

قوبل نشر الاكتشاف في مايو بمجلة "ساينس" بتشكيك من بعضهم، خصوصاً روبرت غالو.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما فريق "معهد باستور"، فتعزز اقتناعه بأنLAV  مسؤول عن الإيدز. قدم مونتانييه بيانات بهذا المعنى في سبتمبر 1983 إلى مجموعة من الخبراء من بينهم غالو، لكن التفاعل كان محدوداً.

وقال مونتانييه "كنا نعلم طوال عام أننا اكتشفنا الفيروس الصحيح (...) لكن لم يكن أحد يصدقنا ورفضت منشوراتنا".

وأحدث إعلان لغالو في ربيع 1984 دوياً كبيراً، إذ نشر سلسلة مقالات أفاد فيها بأنه اكتشف فيروساً قهقرياً جديداً هو HTLV-3 اعتبر أنه "السبب المحتمل" للإيدز.

في الـ 23 من أبريل (نيسان)، أعلنت وزيرة الصحة الأميركية مارغريت هيكلر رسمياً أن روبرت غالو وجد السبب "المرجح" للإيدز.

وفي اليوم نفسه قدم غالو طلب براءة اختراع في الولايات المتحدة لإجراء اختبار فحص الإيدز بناء على اكتشافه، فحصل عليه فوراً. ورفض طلب مماثل قدمه "معهد باستور" في وقت سابق بعد اكتشافه LAV.

ولكن ما لبث غالو ومونتانييه أن اتفقا على أن HTLV-3  هو نفسه LAV.

وبعد إعطاء الدليل على أنهما فيروس واحد في يناير 1985 أطلقت على الفيروس الجديد عام 1986 تسمية "فيروس العوز المناعي البشري".

ووقع جدل كبير في شأن تحديد هوية المكتشف الحقيقي للفيروس، انتهى بحل دبلوماسي موقت عام 1987 مع توقيع الولايات المتحدة وفرنسا تسوية وصف فيها غالو ومونتانييه رسمياً بأنهما "شريكان في الاكتشاف".

وهذا الخلاف لم يكن مجرد مسألة افتخار معنوي بالإنجاز الطبي، بل هي مسألة ذات أهمية كبيرة في تحديد الجهة المخولة الحصول على العائدات المرتبطة بفحوص الكشف عن الفيروس.

لكن الخاتمة الفعلية حصلت بعد عقدين مع منح جائزة نوبل للطب عام 2008 ليس لغالو بل للفرنسيين مونتانييه وباري سينوسي وحدهما "لاكتشافهما" فيروس العوز المناعي البشري.

اقرأ المزيد

المزيد من علوم