كيسنجر مستعد للسفر إلى موسكو لو طلب الرئيس الأميركي منه ذلك

مع اقترابه من عتبة 100 عام أواخر هذا الشهر، قد يكون مفاجئاً لبعض منا أن هنري كيسنجر لا يزال على قيد الحياة. نعم إنه يعاني ضعفاً في السمع، وفقد بصره في إحدى عينيه، ومع ذلك، يقول إنه يعمل حوالى 15 ساعة في اليوم. وبشكل لا يصدق - لا يزال رأيه مسموعاً على نطاق عالمي.

وفي لقاء أجراه، تيد كوبيل، كبير المراسلين في قناة "سي بي أس" الأميركية، مع وزير الخارجية الأميركي السابق هنري كيسنجر قال الأخير جواباً على سؤال حول احتمال أن يرد الزعيم الصيني شي عليه في حال اتصاله به، "هناك فرصة كبيرة أن يستجيب لمكالمتي، نعم".

ومهد كيسنجر، عام 1971، في مهمة سرية، المشهد لزيارة الرئيس ريتشارد نيكسون التاريخية للصين في العام التالي. وعلى مدى السنوات الـ50 الماضية، ارتقت الصين لتصبح قوة عالمية. يسأله كوبيل، "عندما تنظر إلى الوراء الآن، هل العالم أفضل حالاً بسبب هذا الانفتاح؟ أم أنه مكان أكثر خطورة؟".

لكن الدبلوماسي العتيق يعتقد أن عودة الصين إلى النظام الدولي كانت ستحدث في الأحوال كافة، قائلاُ "لا يمكن استبعادها من النظام الدولي".

وحول التطورات الحالية التي توحي باستعداد الصين للاستيلاء على تايوان بالقوة العسكرية، وجهوزية الولايات المتحدة للدفاع عن تايوان، بحسب ما قال الرئيس جو بايدن، يقول كيسنجر "إذاً، لدينا مشكلة، ويمكن أن تتطور إلى حرب عامة بين دولتين تتمتعان بتقنيات عالية. وهذا أمر يتطلب معالجة عاجلة"، مضيفاً "إنها مرحلة خطرة جداً".

ويقول الوزير السابق إنه سيوافق في حال طلب منه رئيس الولايات المتحدة السفر إلى موسكو للقاء الرئيس بوتين، موضحاً "بصفة مستشار طبعاً".

ويعتقد كيسنجر أن الأزمة الحالية في أوكرانيا ربما تقترب من نقطة تحول، ويوضح "الآن بعد أن دخلت الصين في المفاوضات، أعتقد أنها ستصل إلى ذروتها بحلول نهاية العام"، موضحاً "سنتحدث عن المفاوضات الفعلية".

ويتساءل تيد كوبيل عن حكم التاريخ على إرث كيسنجر. فقد كانت مسيرته المهنية مزيجاً من الإنجازات غير العادية والجدل الذي لا هوادة فيه. قصف كمبوديا. الحرب في فيتنام. الأرجنتين. تشيلي.

ويقول كوبيل لكيسنجر، "هناك أشخاص في قناتنا يطرحون تساؤلات حول شرعية إجراء مقابلة معك. إن لديهم شعوراً قوياً حيال ما يعتبرونه، سأقوله المصطلح الذي يستخدمونه، إجرامك".

يرد الدبلوماسي السابق من دون تردد "هذا يعكس جهلهم. فالأمور لم يعد لها على هذا المنوال ولم تجر على هذا المنوال [كما يقولون]"، مضيفاً "لطالما قصفنا بالمسيرات وجميع أنواع الأسلحة كل الميليشيات التي كنا نعارضها. لقد كان هذا واقع الأمر في كل إدارة كنت جزءاً منها".

وعند إصرار كوبيل على أن قصف كمبوديا تحديداً أدى إلى عواقب، رد كيسنجر قائلاً "هذا برنامج تحضره لأنني سأبلغ 100 عام. وتختار موضوعاً لشيء حدث قبل 60 عاماً. عليك أن تعرف أنها كانت خطوة ضرورية. الآن، يشعر جيل الشباب أنه إذا كان في وسعهم التعبير عن مشاعرهم، فلا داعي لبذل عناء التفكير. لأنهم لو بذلوا وقتاً للتفكير لما كانوا طرحوا هذا السؤال".

قد يكون بعضنا في سن كيسنجر غير راغب أو قادر على التعامل مع التكنولوجية الحديثة لكن الأخير أصبح مهووساً بموضوع الذكاء الاصطناعي. وتعاون مع مؤلفين اثنين لإصدار كتاب مشترك عام 2021 بعنوان "عصر الذكاء الاصطناعي ومستقبل الإنسان".

ويسأل كوبيل، "من الناحية النظرية، أعلنت الولايات المتحدة أنها ستحافظ دائماً وتؤكد على التحكم البشري في الذكاء الاصطناعي. لكن من وجهة نظر عملية، هذا مستحيل".

وفي هذا الصدد يرى كيسنجر أن إمساك الإنسان بمقاليد الآلة [وترويضها] واجب، لكنه ينبه إلى أن السرعة التي يعمل بها الذكاء الاصطناعي ستجعل التوسل به إشكالياً وقت الأزمات.

في زمن الحرب مثلاً، قد يوصي الذكاء الاصطناعي بخطة عمل يعتبرها الرئيس ومستشاروه غير حكيمة بشكل مخيف. ويقول كيسنجر، "لا يمكننا التحقق من الإجابة [التي يقدمها الذكاء الاصطناعي]، لأننا لا نستطيع مراجعة وتدقيق كل المعرفة التي اكتسبتها الآلة. نحن نعطيه تلك المعرفة. وهذا الأمر سيكون موضوعاً لنقاشات كبيرة. أنا أحاول الآن أن أفعل ما فعلته في ما يتعلق بالأسلحة النووية، أي لفت الانتباه إلى أهمية تأثير هذا التطور".

ويوافق كيسنجر على أن العالم سيشهد سباق تسلح بالذكاء الاصطناعي، "لكنه سيكون مختلفاً. لأنه في سباقات التسلح السابقة، يمكنك تطوير نظريات معقولة حول سبل انتصارك. أما اليوم فهي مشكلة جديدة تماماً على المستوى الفكري".