ملخص
تراجعت الهند 11 مركزاً على المؤشر العالمي لحرية الصحافة السنوي الذي نشرته منظمة "مراسلون بلاد حدود" لتحتل المرتبة 161
تراجعت الهند 11 مركزاً على المؤشر العالمي لحرية الصحافة السنوي الذي نشرته منظمة "مراسلون بلاد حدود" التي تعتني بحرية الصحافة والتي قالت فيه إن العام الماضي شهد "نهاية التعددية الإعلامية" في البلاد.
ووضع المؤشر السنوي الذي نشر الأربعاء الماضي احتفالاً باليوم العالمي لحرية الصحافة الذي حددته الأمم المتحدة في الثالث من شهر مايو (أيار) من كل عام الهند في المركز 161 من أصل 180 بلداً وأتت بعد باكستان (المركز 150) وأفغانستان التي تحكمها حركة "طالبان" (152).
وأشارت خلاصة التقرير الصادر عن المنظمة إلى الهند وبعض الدول الأخرى التي شهدت تراجعاً ملحوظاً في حرية الصحافة. وجاء في التقرير أن "الوضع انتقل من تصنيف حرية الصحافة من مستوى "إشكالي" إلى "سيئ للغاية" في ثلاث دول أخرى هي طاجيكستان (تراجعت مرتبة واحدة إلى المركز 153) والهند (تراجعت 11 مرتبة إلى المركز 161) وتركيا (تراجعت 16 مرتبة لتحتل المركز 165). وأضاف التقرير أنه "في الهند، أدت هيمنة الطبقة الأوليغارشية المقربة من رئيس الوزراء مودي على وسائل الإعلام إلى نسف التعددية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقالت منظمة "مراسلون بلا حدود" في القسم المتعلق بالهند في التقرير إن أكبر ديمقراطية في العالم عانت أزمة في حرية الصحافة في ظل حكم ناريندرا مودي الذي ترأس البلاد منذ عام 2014 ويسعى إلى إعادة انتخابه لولاية ثالثة على التوالي خلال العام المقبل.
وجاء في التقرير أن "العنف تجاه الصحافيين ووسائل الإعلام التابعة للأحزاب السياسية وتمركز الملكية الإعلامية ضمن فريق واحد تظهر كلها أن حرية الإعلام تعاني أزمة في أكبر ديمقراطية في العالم التي يحكمها منذ عام 2014 رئيس الوزراء ناريندرا مودي زعيم حزب "بهاراتيا جاناتا" BJP واليمين الهندوسي القومي الذي يمثله".
وسلط التقرير الضوء على تغيير في حرية الصحافة في الهند في منتصف العقد الثاني من الألفية الثانية عندما تبوأ مودي السلطة للمرة الأولى. وكانت الهند تحتل المركز 140 في مؤشر عام 2013.
وأضاف التقرير أن "المثل الرئيس لذلك هو من دون شك مجموعة ريلاينس إنداستريز (Reliance Industries) بقيادة موكيش أمباني الذي أصبح اليوم صديقاً شخصياً لمودي والذي يملك أكثر من 70 وسيلة إعلامية يتابعها 800 مليون مواطن هندي في الأقل. وعلى غرار ذلك، شكل استحواذ قطب الأعمال غوتام أداني المقرب أيضاً من مودي على قناة "أن دي تي في" NDTV في أواخر عام 2022 مثالاً إضافياً على نهاية التعددية في وسائل الإعلام الرئيسة".
خلال الأعوام الأخيرة، اتهمت السلطات الهندية بقمع الأصوات والمنظمات الإعلامية المستقلة التي انتقدت الحكومة.
كما نفذت سلطات الضرائب الفيدرالية مداهمات على المؤسسات الإخبارية المحلية على غرار "ذا واير" The Wire و"نيوزكليك" Newsclick فضلاً عن هيئات غير ربحية مثل "أوكسفام إنديا" Oxfam India ومركز الأبحاث السياسيةCentre for Policy Research (CPR).
ويشار إلى أنه في مطلع العام الحالي، قامت السلطات الضريبية الفيدرالية بمداهمات على مكاتب هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) في نيودلهي ومومباي في ممارسات وصفت بأنها "استطلاعات" أو "دراسات استقصائية" للتقصي في العمليات المالية للمحطة البريطانية. وجاء ذلك بعيد نشر قناة "بي بي سي" وثائقياً من جزءين لمشاهديها في المملكة المتحدة اعتبر انتقاداً لمودي.
وقال بيجيانت باندا نائب رئيس حزب "بهاراتيا جاناتا" الحاكم إن التصنيفات الجديدة الواردة في المؤشر هي "موقف متحيز سخيف ضد الهند"، مضيفاً "بعد يوم من نشر المؤشر العالمي لحرية الصحافة تقريره الأخير، حتى أشد المنتقدين لمودي يشعرون بتحيزه السخيف ضد الهند". وتساءل ساخراً "حقاً؟ حللنا خلف ليبيا وأفغانستان في الترتيب؟"
وفي سياق متصل، أصدرت هيئة الصحافة النسائية الهندية ونادي الصحافة في الهند ورابطة الصحافة بياناً مشتركاً عبرت فيه عن قلقها حول توجه حرية الصحافة في البلاد.
ونقلت أكبر وكالة أنباء في البلاد "برس تراست أوف إنديا" Press Trust of India (PTI) عن البيان المشترك قوله إن "مؤشرات حرية الصحافة ازدادت سوءاً في عدد من البلدان بما فيها الهند وفقاً لأحدث تقرير صادر عن منظمة مراسلون بلا حدود. بالنسبة إلى الديمقراطيات النامية في الجنوب العالمي حيث يسود عدم المساواة بشكل كبير، لا يمكن التقليل من دور وسائل الإعلام. وكذلك الأمر، لا بد من تحدي القيود المفروضة على حرية الصحافة بسبب ظروف العمل العدائية كالاستعانة بموارد بشرية خارجية. لا يمكن لظروف العمل غير الآمنة أن تسهم في حرية الصحافة مطلقاً".
وكانت أحزاب المعارضة انتقدت حكومة مودي والـ"إعلام غودي" (وهو لعب على الكلام في اسم مودي ويقصد به الإعلام التابع للحكومة) على تراجع الهند في المؤشر.
وسلط تقرير "مراسلون بلا حدود" الضوء على ما وصفه ببروز "وسائل إعلام على غرار ’تايمز ناو‘ Times Now و’ريبابليك تي في‘ Republic TV التي تمزج الشعبوية والدعاية الموالية لحزب بهاراتيا جاناتا الحاكم". وقال التقرير "يواجه النموذج الهندي القديم لتعددية الصحافة تحديات خطرة ناجمة عن مزيج من المضايقات والنفوذ".
وفي هذا الإطار، كتبت بريانكا شاتورفيدي النائبة عن حزب شيف سينا المعارض ساخرة "انها لحظة فخر بالنسبة إلى إعلام غودي".
كما كتب النائب عن حزب الكونغرس شاشي ثارور "حان الوقت لكي نطأطئ رؤوسنا خجلاً: الهند تتراجع في المؤشر العالمي لحرية الصحافة وتحتل المرتبة 161 من أصل 180 بلداً".
وكتبت النائبة ماهوا مويترا من حزب ترينامول كونغرس: "من يحتاج إلى حرية الصحافة في وقت بوسعكم الحصول على غودي ميديا".
وكانت الحكومة الهندية انتقدت مراراً مؤشر "مراسلون بلا حدود" في الأعوام الأخيرة متهمة المنظمة باتباع منهجية "غير شفافة". وتساءل مناصرو الحكومة كيف بوسع دولة ديمقراطية كالهند أن تحتل هذا العام مرتبة أدنى من أفغانستان التي تحكمها حركة "طالبان".
وفي سياق متصل، صرح دانيال باستارد رئيس مكتب آسيا والمحيط الهادئ في "مراسلون بلا حدود" للموقع الإخباري "نيوزلوندري" Newslaundry بأن شكل الحوكمة ليس العامل الوحيد في تحديد ترتيب البلد. وقال: "لا يحكم ترتيب منظمة مراسلون بلا حدود على النظام السياسي بل على الوضع في البلدان و/أو الدول البالغ عددها 180. يرتكز الترتيب على تحليل لخمسة مؤشرات وهو بالتالي يتضمن السياق السياسي من دون أن يكون محصوراً به".
ويقيم المؤشر خمسة "مؤشرات سياقية" يتم من خلالها وضع تقييم للبلاد تتراوح بين صفر (الأسوأ) إلى 100 (الأفضل).
والمؤشرات الخمسة هي: السياق السياسي وإطار العمل القضائي والسياق الاقتصادي والسياق الاجتماعي- الثقافي والأمن مع ما مجموعه 117 سؤالاً وسؤالاً فرعياً.
حتى عام 2021، كانت منظمة "مراسلون بلا حدود" تقيم الدول وفق سبع فئات.
ومن ثم أصبحت البلدان مقسمة إلى خمس فئات: وضع جيد (85 – 100 نقطة)، وضع مرضٍ (75 – 85 نقطة)، وضع إشكالي (65 – 75 نقطة) وضع صعب (45-65 نقطة) ووضع خطر جداً (تحت 45 نقطة). المجموع العام للهند يضعها في الفئة الأخيرة.
أثارت المعارضة مسألة الترتيب المنخفض للهند ضمن مؤشر العام الماضي في البرلمان وعلق وزير الإعلام أنوراغ ثاكور على ذلك بالقول "لا تؤيد الحكومة تقييم منظمة مراسلون بلا حدود وترتيبها للبلاد كما لا توافق على الخلاصات التي توصلت إليها المنظمة لعدد من الأسباب المختلفة بما في ذلك حجم العينات المنخفض للغاية وتقييم ضئيل أو معدوم لأسس الديمقراطية واعتماد منهجية مثيرة للجدل وغير شفافة".
بحسب المؤشر هذا العام، احتلت النرويج المرتبة الأولى للمرة السابعة على التوالي فيما ذيلت ثلاث دول آسيوية الترتيب وهي فيتنام والصين وكوريا الشمالية.
© The Independent