Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل من المفترض بالهند أن تحتفل فعلا بتخطيها عدد سكان الصين؟

لا يمكن أن نجزم بعد أن كانت الهند قادرة على استغلال عائدها الديموغرافي بنجاح

مشهد عام لمحطة قطارات تشيرتش غايت خلال ساعات الذروة في مومباي، الهند، يوم الخميس 20 مارس 2023 (أ ب)

ملخص

توشك الهند أن تتخطى الصين وتصبح أول دول العالم من حيث عدد السكان، لكن الخبراء منقسمون إذا كان هذا الحدث الكبير، يستحق الاحتفال به أم لا

توشك الهند أن تتخطى الصين وتصبح أول دول العالم من حيث عدد السكان، كما قالت الأمم المتحدة هذا الأسبوع، لكن الخبراء منقسمون إذا كان هذا الحدث الكبير، يستحق الاحتفال به أم لا.

هناك شكوك في أن تتمكن أكبر ديمقراطية في العالم من الاستفادة من عائدها الديموغرافي ومضاهاة المسار الاقتصادي الذي شقته جارتها، القوة النووية العظمى.

من إبرام اتفاقات تجارية مع روسيا في الوقت الذي تجتاح فيه أوكرانيا إلى محاولة استرضاء الغرب وترؤس مجموعة الدول العشرين، شقت الهند طريقها وبرزت كصانعة قرار جيوسياسي مهمة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتظهر آخر التقديرات المتعلقة بالكثافة السكانية والصادرة عن إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية في الأمم المتحدة بأن الهند توشك على مضاهاة، ثم تخطي، عدد سكان الصين.

وتقدر الإدارة بأن يصل عدد سكان الهند إلى 1425775850 نسمة - مما يعادل تقريباً عدد سكان الصين عند ذروتها العام الماضي.

وقالت "بحسب التنبؤات، قد تنخفض الكثافة السكانية في الصين إلى ما دون المليار نسمة قبل نهاية القرن، لكن في المقابل، من المتوقع أن يستمر عدد سكان الهند بالازدياد طيلة عدة عقود".

لكن التوقيت غير واضح، فيما تنصح الأمم المتحدة الدول بإجراء تعداد سكاني كل 10 سنوات، لم تجر الهند تعداداً منذ عام 2011، وقد تأجل إحصاء السكان المخطط لعام 2021 بسبب جائحة "كوفيد" فيما تحدد تاريخ الإحصاء التالي في عام 2024.

وقال جون ولموث، مدير شعبة السكان في الأمم المتحدة، إن لحظة تفوق الهند على الصين بالتحديد "غير معروفة، ولن تعرف أبداً".

الهند تنتزع الأفضلية الصينية

يقول مراقبون داخل الهند إن هذا التغيير يشكل فرصة لكي تكرر الهند نجاح الصين.

ويرى شهاب الدين يعقوب قريشي، رئيس مفوضية الانتخابات السابق في الهند، ومؤلف كتاب "الأسطورة السكانية: الإسلام وتنظيم الأسرة والسياسة في الهند"، أن التغيير كان متوقعاً منذ عقدين.

ويقول لـ"اندبندنت"، "ليست صدمة ولا مفاجأة بالنسبة إلى الهند، بل تطور سعيد لأن كون الهند أكثر بلدان العالم اكتظاظاً بالسكان، إضافة إلى كونها أكبر ديمقراطية في العالم يميزها جداً".

فصعود الصين إلى مرتبة القوة العظمى حدث بسبب تعاملها مع سكانها باعتبارهم مورداً بشرياً، برأي السيد قريشي.

وهو يضيف أن "الصين انتقلت من مكانة الدولة البالغة الفقر والتخلف إلى مكانة القوة العظمى فقط بفضل كثافتها السكانية التي جعلتها قوية اقتصادياً".

ويكمل "أصبحت الهند تتمتع الآن بالأفضلية نفسها. لدينا سكان في سن العمل أكثر من الصين. فسكان الصين يكبرون في السن فيما تعد الهند البلد الأصغر سناً، حيث يبلغ متوسط العمر 28 سنة، مقابل 39 في الصين".

وتقول بونام موتريجا، المديرة التنفيذية لمؤسسة سكان الهند التي لا تتوخى الربح، بأن العدد الضخم من الشباب "لديه إمكانات هائلة من حيث المساهمة في الاقتصاد القومي وفي تنمية البلاد".

وتقول السيدة موتريجا لـ"اندبندنت" إنه فيما تظهر الإحصائيات "تباطؤ [النمو السكاني في الهند] بشكل كبير"، من المتوقع أن يعود عدد السكان إلى النمو بسبب شريحة الشباب الكبيرة. وتضيف "بين عامي 2001 و2011، وصل معدل النمو السكاني إلى نحو 18 في المئة، وهذا أقل من المعدل المسجل خلال العقد السابق (نحو 22 في المئة)".

وتوضح أن "أحدث بيانات المسح الوطني لصحة الأسرة تفيد بأن معدل الخصوبة الكلي في الهند لعامي 2019-2021 وصل بالفعل إلى مستوى الإحلال [أو الاستبدال، أي تساوي معدل الولادات بالوفيات]، لكن معدل السكان سينمو في الهند بسبب الزخم السكاني - نتيجة العدد الضخم من الشباب الذين يبلغون 365 مليون نسمة".

ووفقاً لإدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية في الأمم المتحدة في عام 2022، سجلت الصين عندها معدلات خصوبة من الأقل في العالم (1.2 ولادة لكل سيدة). وفي المقابل، يعد معدل الخصوبة حالياً في الهند (2.0 ولادة لكل سيدة) أدنى بقليل من حد "الإحلال" عند 2.1، وهو المستوى المطلوب لتأمين استقرار عدد السكان على المدى البعيد في غياب الهجرة.

وحذر الخبراء من فرض تدابير لتنظيم الأسرة في الهند على رغم النمو السكاني في البلاد، خلافاً للصين التي تبنت سياسة الولد الواحد من 1980 إلى 2015، استقر عدد سكان الهند من دون أي تدابير قهرية، كما يقول السيد قريشي والسيدة موتريجا.

ويشرح السيد قريشي بأن "الهند هي أول بلد في العالم فيه برنامج تخطيط أسري وطني استند، خلافاً للصين، على التعليم والتحفيز بلا أي إجبار"، لافتاً "ثبت بأن سياسة الولد الواحد في الصين أسفرت عن نتائج عكسية مع الوقت".

لكن خبراء الاقتصاد يقولون إن الهند لن تتمكن من استنساخ نجاح التجربة الاقتصادية الصينية سوى عبر الاستثمار في الصحة والتعليم واستحداث الوظائف.

ويرى سانتوش ميهروترا، الأستاذ الزائر في مركز دراسات التنمية التابع لجامعة باث بأن الهند ستقدر على تكرار النمو الصيني فقط من خلال مطابقة تطورها في مجالات أخرى، "ولكن لا يبدو أننا نفعل ذلك"، كما يقول لـ"اندبندنت".

ويضيف "نحن متخلفون عن الصين بين 20 و25 عاماً، ولا نملك رفاهية استغلال الـ20 إلى 25 عاماً القادمة لأن العائد الديموغرافي سينتهي بحلول منتصف ثلاثينيات هذا القرن، وسنصبح عندها مجتمعاً متجهاً نحو الشيخوخة مثلهم".

يمكن تعريف العائد الديموغرافي باختصار على أنه المكاسب الاقتصادية التي يمكن جنيها بفضل وجود شريحة سكانية في عمر العمل أكبر من الشريحة التي ليست في عمر العمل. وبحسب تقديرات صندوق الأمم المتحدة للسكان، يبدأ سن العمل في عمر الخامسة عشرة، بينما الفترة التي تعتبر خارج سن العمل هي دون الخامسة عشرة وفوق الخامسة والستين.

ويقول السيد ميهروترا إن العائد الديموغرافي في الهند بدأ في ثمانينيات القرن الماضي، وسينتهي في ثلاثينيات القرن الحالي.

ويضيف "إن معدل المشاركة في القوى العاملة لدينا يناهز 40 في المئة. أما في الصين، فيبلغ هذا المعدل 60 في المئة، بينما المعدل العالمي 60 في المئة. والسبب الأكبر هو أن النساء في بلادنا لا يشاركن في القوى العاملة لأننا لا نستحدث وظائف لا تتعلق بالقطاع الزراعي".

إرث الحكم الاستعماري

يعتبر خبراء الاقتصاد بأن الهند تعاني مشكلات أكبر بكثير من الصين.

ويقول السيد ميهروترا "خلال فترة الثلاثين عاماً بعد الاستقلال، استثمروا في قطاع الصحة والتعليم، لكننا لم نفعل ذلك، مع أن البلدين حصلا على استقلالهما في حقبة متزامنة. ولا نزال لا نستثمر في الصحة. هذه هي المأساة".

ويضيف السيد ميهروترا بأن قلة الإنفاق على الصحة ظهرت خلال جائحة "كوفيد" حين وصلت البنية التحتية لقطاع الصحة الذي يموله القطاع العام بشكل كبير حد الانهيار خلال الموجة الثانية المدمرة من المرض.

ويشرح بأنه خلافاً للصين، لم تستثمر الهند في التعليم حتى بعد 40 عاماً من الاستقلال.

ويقول السيد ميهروترا "أورثنا الاستعمار البريطاني معدل إلمام بالقراءة والكتابة يوازي 18 في المئة ومتوسط عمر متوقع يوازي 32 عاماً في عام 1951. كنت لتتوقع أن يستثمروا في التعليم المدرسي وتعليم الفتيات الذي يؤدي إلى خفض معدلات الولادة، لكننا لم نزد استثمارنا بشكل قوي في المدرسة وتعليم الفتيات سوى خلال تسعينيات القرن الماضي، وتبع ذلك قانون الحق في التعليم".

كان السيد ميهروترا يشير إلى القانون الصادر في عام 2010 الذي يهدف إلى توفير التعليم المجاني والإلزامي للأطفال بين عمر السادسة والرابعة عشرة.

لا يتخطى إنفاق الحكومة في الهند على التعليم المبكر للأطفال بين الثالثة والسادسة من العمر نسبة 0.1 في المئة من إجمالي الناتج المحلي، وفقاً لدراسة مشتركة أجراها مركز الميزانية ومحاسبة الحوكمة بطلب من المنظمة غير الحكومية إنقاذ الطفولة، كما نقلت صحيفة ذا هيندو The Hindu.

ويبلغ متوسط الإنفاق على الطفل الواحد 8297 روبية في العام فقط (نحو 81 جنيهاً استرلينياً) - أي ربع المستوى المطلوب.

كما يلفت السيد ميهروترا إلى أن إصلاح الأراضي ظل ضعيفاً في الهند خلال العقود الثلاثة التي تبعت الاستقلال، مقارنة بالصين.

ويوضح "عندما بلغنا درجة جهوزية لانطلاق النمو في عام 1991 (حين طبقت إصلاحات التحرير الاقتصادي)، كنا نتعامل أساساً مع انعدام مساواة ضخم يقوم على أساس الثقافة الصحية والوصول إلى الأراضي، لكن تركيز الصين على استحداث وظائف خارج القطاع الزراعي، إضافة إلى العمل على الصحة والتعليم ساعد في نموها الاقتصادي".

كما شدد محللو قضايا السكان إلى الحاجة للتركيز على الصحة والتعليم من أجل الاستفادة من شريحة الشباب في الهند.

وكما تلفت السيدة موتريجا "لكن، فعل ذلك يتطلب من الدولة أن تستثمر في الصحة والتغذية والتعليم والمهارات وقابلية التوظيف بسرعة".

وتضيف "ومن المهم كذلك الحرص على استفادة الفتيات والنساء من الجهود المبذولة في قطاع التعليم وتحسين المهارات. فالمعطيات تظهر تخلف الفتيات والنساء في التعليم وفرص العمل والوصول إلى الفضاء الرقمي، وغيرها من معايير التمكين الحياتية".

تحديد الدوائر الانتخابية

أثيرت المخاوف من أن يؤثر النمو السكاني في الهند على النظام الديمقراطي الانتخابي ويتطلب تحديد الدوائر الانتخابية بحيث يعاد رسمها على أساس الكثافة السكانية.

في عام 2002، فرض تجميد تقسيم دوائر مجلس الشعب "لوك سابها"، الغرفة السفلى للبرلمان، حتى عام 2026.

لكن تحديد الدوائر الانتخابية قد أثار مخاوف في شأن انعدام المساواة في تمثيل الولايات داخل لوك سابها.

وفقاً لدراسة أزمة التمثيل الناشئة في الهند التي نشرتها مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي في عام 2019، إذا أعيد توزيع المقاعد المخصصة لكل ولاية في لوك سابها بعد عملية إعادة تحديد الدوائر الانتخابية في العام 2026، قد تكسب الولايات الشمالية أكثر من 32 مقعداً، بينما تفقد الولايات الجنوبية نحو 24 مقعداً.

ويقول السيد قريشي إنه يجب ألا يسمح لتحديد الدوائر الانتخابية بأن يغير توزيع الدوائر على الولايات لأن ذلك سيكون أشبه بمعاقبة الولايات الجنوبية التي طبقت إجراءات تنظيم الأسرة بشكل أفضل من نظرائها في الشمال.

ويقول "يصل إجمالي عدد النواب عن الجنوب (تاميل نادو، وآندرا براديش، وتيلانغانا، وكارناتاكا وكيرالا) إلى 125 نائباً، فيما يمثل أوتار براديش وبيهار وحدهما 125 نائباً. لا يمكننا أن نعاقبهم جزاء اتباعهم ممارسات جيدة في تنظيم الأسرة".

ويضيف أنه من الممكن إعادة توزيع حجم الدوائر الانتخابية ضمن الولايات بشكل منطقي.

ويلفت "ربما تذكرون بأنه خلال عملية تحديد الدوائر في عام 2006-2007، وجدنا دائرة (محيط دلهي الخارجي) فيها ثلاثة ملايين ونصف المليون نسمة فيما كانت تشاندي تشوك تضم 500 ألف نسمة فقط، وكان علينا إقامة توازن بينهما"، مضيفاً "يجب بالتالي تحديد الدوائر ضمن الولايات لجعلها متساوية".

ويقول خبراء شؤون السكان إنه من الضروري جداً إجراء عملية تعداد سكاني.

وترى السيدة موتريجا بأن "التعداد السكاني أداة تخطيط مهمة بالنسبة إلى الهند لأن عدداً كبيراً من برامجنا العامة يقوم عليها. وبما أن هذه البيانات تعود إلى أكثر من 10 أعوام، فلم تعد مطابقة تماماً للوضع".

وتضيف "آمل فعلاً بأن ينظم استطلاع لتعداد السكان قريباً لكي يكون لدى الهند بيانات حديثة تسترشد بها في تقرير برامجها وسياساتها".

© The Independent

المزيد من تقارير