Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ظهور أسراب الدلافين في لبنان... صدفة أم مؤشر على تعافي البيئة البحرية؟

يحذر مراقبون من الأثر السيئ لممارسات الصيد الجائر كالديناميت والشباك الضيقة التي تقضي على التنوع

تكرر ظهور الدلافين قبالة الشاطئ اللبناني (مواقع التواصل)

ملخص

تزداد أسراب الدلافين التي يرصدها رواد البحر في لبنان

عادت أسراب الدلافين وأسماك القرش للظهور مجدداً في عرض البحر في مقابل الشواطئ اللبنانية فامتزجت حيالها المشاعر، إذ قال بعضهم إن هذا مؤشر جيد على تعافي البيئة البحرية وترميم الطبيعة لذاتها، ولكن في الوقت عينه تحفل مخيلة بعضهم الآخر بأخبار مستوحاة من الأفلام عن مهاجمة تلك الحيوانات للبشر.

كائنات مستوطنة

لا يمكن وصف الدلافين بالزائرين، فتلك الكائنات البحرية اللطيفة ليست أسماكاً غريبة عن البحر الأبيض المتوسط، وإنما هي جزء من التنوع البيئي، وموجودة منذ آلاف السنين. هذه الفرضية تؤكدها الميتولوجيا والنقوش الحجرية القديمة، كما تثبتها رحلات الصيد والغوص التي يخوضها البحارة وهواة الصيد بحسب مدير المركز الوطني لعلوم البحار في لبنان ميلاد فخري، جازماً بأنها "دليل على تعافي البيئة البحرية، ووجود الكائنات التي تشكل غذاء خاصاً بها، وعلى التنوع في عرض البحر بعيداً من مصبات المجارير". ويضيف فخري أنها "كائنات مستوطنة في لبنان، وهي من سلالات الثدييات الأليفة. منذ استلام باخرة قانا، وبدء الدراسات في عام 2009، اكتشفنا وجود كثير منها في الأعماق، فإن أعداد الدلافين الجانحة والمتوفاة قليل جداً مقارنة ببقية البلدان. كما نتمكن أحياناً من رصد أسراب مؤلفة من ثمانية دلافين في آن".
ويشير فخري إلى أن "فصيلة الدلافين المسيطرة في لبنان هي Buttle Nose Dolphin، وتعد من الكائنات الكبيرة والصديقة للبيئة والإنسان، التي توجد على طول الشاطئ اللبناني من الجنوب إلى أقصى الشمال. كما أنها تحب مرافقة البواخر واللعب معها". كما يعارض فخري مبدأ الأسر، "إذ لا بد من وجود تلك الأسماك في الطبيعة، والحفاظ على مسافة 100 متر بينها وبين السابح".
من جهته يتحدث مؤسس أكاديمية شايس (Shaiss) للغطس شفيق طرابلسي عن وجود متزايد لأسراب الدلافين الأليفة على طول الساحل اللبناني وكثافتها في المنطقة المواجهة لبيروت، حيث يلتقيها من يمارس هواية الغطس باستمرار، لكن "الغطاس المحترف يتجنب الاقتراب منها لعدم ترويعها أو إشعارها بالخوف أو دفعها إلى الهرب، من أجل تركها تتكاثر وتعزز التنوع البيئي".
كما يستبشر طرابلسي خيراً بوجود الدلافين لأنها "لا توجد إلا في المياه النظيفة نسبياً، وفي البحر الغني ببعض المراعي الخاصة بالنباتات البحرية، حيث يلاحق الدلفين أسراب السمك التي تتغذى هناك. ويلتقي الغطاسون باستمرار بالدلافين، وقد شاهدناها في عمق بحر صيدا منذ سنتين وعلى سطح الماء أخيراً قبالة بيروت"، مؤكداً أن البيئة ترمم ذاتها في موازاة وجود التضاريس البحرية الرائعة والمتنوعة، حيث يتنوع الشاطئ اللبناني بين الرمال والحصى والصخر، وهو أمر فريد من نوعه".   

سمكة القرش

ما ينطبق على الدلافين، ينطبق أيضاً على سمكة القرش "اللبنانية"، حيث يلفت ميلاد فخري إلى أن "الفصيلة الموجودة في لبنان ليست متوحشة أو قاتلة ولا تهاجم البشر. ولا بد المحافظة على سمكة القرش، ووجوب منع قتلها لأنها لا تقترب من البشر أو إلى الشواطئ، ولم يسبق أن سجلت أية حادثة"، منوهاً بأن "القانون يمنع صيدها". ويشير فخري إلى أن "هناك مئات من أنواع القرش حول العالم، وتختلف خصائصها. في لبنان القرش يوجد في أماكن ونقاط محددة، إحداها قبالة بيروت، وهي ضرورية لتنقية البحر من الفضلات. كما تشكل عنصراً ضمن منظومة التنوع البيولوجي، وبقاؤها واستمرارها رهن عدم وجود تلوث كيماوي كبير. لذلك عندما تتراجع نسب التلوث يستعيد الشاطئ نظافته، وقلب البحر تنوعه".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


"الأوركا" حاضر

خلال السنوات الأخيرة تزايد ظهور الثدييات البحرية الكبيرة في لبنان. ويوضح فخري ما أثير عن ظهور الحيتان في لبنان، ففي الحقيقة ما ظهر هو عبارة عن "دلفين الأوركا" الأبيض اللون، الذي يطلق عليه اسم "الحوت القاتل" لأنه يعد أقوى أنواع الدلفين. ويشكل وجود "الأوركا" أمراً طارئاً في البحر اللبناني، لأنه "دخل عن طريق الخطأ"، فهو يعيش في بحر إيسلندا، وعبر من مضيق جبل طارق، إلى السويس، ومن ثم وصل إلى لبنان. ويمكن لتلك الكائنات أن تقطع آلاف الكيلومترات، قبل أن تختم رحلتها السنوية.
من جهته يلفت طرابلسي إلى وجود الفقمة في بحر لبنان، التي باتت تصنف ضمن "الحيوانات النادرة عالمياً، ولا بد من الحفاظ عليها من أجل التكاثر"، مؤكداً أن "وجود تلك الكائنات من شأنه تحسين سمعة لبنان على الاقتصاد البحري الأزرق وتعزيز الدخل القومي". 

بشرى السلاحف البحرية

إلى جانب الدلافين والقرش يشهد لبنان تكاثر السلاحف البحرية. وتساهم محمية صور الطبيعية بدور إيجابي في تكاثرها، وتأمين الظروف المناسبة لاحتضان وتفقيس بيوضها، حيث يشير طرابلسي إلى سمة "الحنين للوطن" لدى السلاحف البحرية، حيث تعود إلى موطنها وتتفقد بيوضها وإن طال الزمن، مؤكداً "وجود سلالات سلاحف نادرة في لبنان"، ولا بد من تأمين مرعى ومحمية لتأمين تكاثرها وبقائها في مواجهة الأخطار الطبيعية، وكذلك السلوك الجائر لبعض الصيادين. كما تتغذى على أنواع محددة من النباتات و"قناديل البحر"، من هنا تساهم في تنظيف البحر خلال فترة الصيف، وإبان الانتشار الكثيف للقناديل.

يتحدث شفيق طرابلسي عن تزايد أعداد السلاحف البحرية في لبنان، وعلى سبيل المثال "منذ حوالى 10 سنوات تقريباً، عندما كنا نغطس قبالة عين المريسة (في بيروت)، كنا نجد سلحفاة واحدة، أما حالياً يقارب عددها 30 سلحفاة متفاوتة الأحجام"، معبراً عن اعتقاده بأن "هناك جملة عوامل أسهمت في زيادة أعداد السلاحف من الامتناع عن استخدام الديناميت في تلك النقطة، وكذلك عدم وجود الشباك وتنبه الغواصين، ناهيك عن زيادة منسوب الوعي حول أهميتها، ووجوب معاقبة من يتسبب في أذيتها"، داعياً المواطنين إلى التمتع لجماليتها وعدم الاقتراب منها.  

الشاطئ نقاط ومواقع

ونوه فخري بالتعاطي مع الشاطئ اللبناني على أساس "النقاط والمواقع، بسبب عدم وجود محطات تكرير لمعالجة المجارير على طوله مما يحرمنا الثبات في التصنيف، ناهيك عن النفايات الصلبة التي تصب في البحر من كل حدب وصوب، وتؤدي إلى تلويث الشاطئ وأعماق البحر". وأسف فخري لأن "الأبحاث والقوانين متوافرة ولكنها لا تصل إلى حيز التطبيق"، كما أن "لبنان دولة موقعة على الاتفاقات الدولية لحماية الكائنات البحرية". ويحذر من الأثر السيئ لممارسات "الصيد الجائر" كالديناميت والشباك الضيقة، وغيرها من الأساليب التي تقضي على التنوع، و"هذه الممارسات ليست من أعمال الصياد المحترف الذي يطور أساليبه للحفاظ على الثروة السمكية".

المزيد من بيئة