Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اغتيال مدير ديوان الرئيس المالي يشعل الحدود مع موريتانيا

جماعة تابعة لـ"القاعدة" تتبنى العملية ونشاط "فاغنر" يربك المشهد والسكان يستغيثون

أكد مصدر في السلطات المحلية أن عسكريين كثراً وصلوا إلى نارا في إطار نشر تعزيزات (أ ف ب)

ملخص

الحادثة الإرهابية التي وقعت بالقرب من الحدود المالية - الموريتانية، ألقت بظلالها على واقع سكان مقاطعة عدل بكرو الموريتانية المتاخمة للأراضي المالية، فما الذي حدث؟

انزلقت الأوضاع الأمنية في دولة مالي إلى الحضيض، بعد أن تمكنت جماعات إرهابية من قتل أربعة أشخاص على الأقل في هجوم استهدف وفداً مالياً رسمياً كان من بينه عمر تراوري مدير ديوان الرئيس الانتقالي عاصيمي غويتا، وذلك في منطقة نارا على بعد 400 كيلو متر إلى الشمال من باماكو، قرب الحدود مع موريتانيا.

وقالت الرئاسة المالية في بيان لها إن "الهجوم أودى بحياة كل من الرقيب أول محمد سانغاري، والحسن جالو (سائق)، وموسى توري (مقاول)، وعامل في مجال الحفر".

وكانت وكالات أنباء دولية نقلت عن مصادر أمنية ومحلية أن الوفد كان يسعى للتنقيب عن آبار للسكان المحليين على بعد نحو 40 كيلو متراً من مدينة نارا القريبة من غابة واغادو المعروفة بأنها ملاذ لبعض الجماعات المسلحة.

وقال مسؤول إداري في نارا، طالباً عدم كشف هويته لكونه غير مصرح له بالتحدث، إن "وفداً رسمياً تعرض لهجوم هناك أدى لمقتل أربعة على الأقل فضلاً عن مفقودين، ولا يزال التوتر سائداً في المنطقة"، مشيراً إلى أن "البعثة لم تكن تحظى بالمواكبة المناسبة".

وأكد مصدر في السلطات المحلية هذه الرواية، مشدداً على أن عسكريين كثراً وصلوا إلى نارا في إطار نشر تعزيزات.

وأعلن مسؤول عسكري أن حصيلة الضحايا بلغت أربعة قتلى، بينهم اثنان تفحمت جثتاهما ولم يتم التعرف عليهما، مشيراً إلى أن شخصين آخرين على الأقل في عداد المفقودين.

نذر المواجهة

وينظر مراقبون للأوضاع الأمنية المتردية بالقرب من الحدود الموريتانية بكثير من الحذر، إذ يقول الباحث في منطقة الساحل الأفريقي محفوظ السالك إن "مقتل مدير ديوان الرئيس الانتقالي المالي عاصيمي غويتا وآخرين معه يعد مؤشراً على تنامي خطر جماعة (نصرة الإسلام والمسلمين) بقيادة الطارقي إياد أغ غالي، في شمال ووسط البلاد، على رغم التسلح الكبير للجيش المالي أخيراً بفضل العلاقات مع روسيا وتركيا والصين".

وتبنت جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" التابعة لتنظيم "القاعدة" في مالي مقتل عمر تراوري مدير ديوان الرئيس الانتقالي عاصمي غويتا، وثلاثة جنود وأسر اثنين آخرين من الجيش المالي.

وقالت الجماعة في بيان إنها "كمنت للجيش بين نارا وغيري، الثلاثاء الماضي، وقتلت مدير الديوان وثلاثة جنود وأسرت اثنين وحازت أسلحة، فيما أصيب فرد من الجماعة بجروح".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف البيان أنه في اليوم الموالي تمكنت الجماعة من قتل سبعة جنود ماليين في "كمين آخر بين سوكولو وفرابوغو، وفر البقية"، ولقي ثلاثة مسلحين من الجماعة مصرعهم، وفق البيان.

يرى الباحث في الشأن الأمني إسماعيل الشيخ سيديا، أن العملية "مدبرة من قبل (جبهة تحرير ماسينا) لإثبات نوع من السيطرة على الأقاليم المحاذية لموريتانيا، بعد أن أصدر الجيش المالي بيانات تتضمن انتصارات متتالية عليه".

ويضيف إسماعيل "يخيل إلي أن التصعيد الجديد يعود إلى فشل جهود التسوية كان يقودها الرئيس السابق ديوكوندا أتراوري، وفي ما يبدو فإن العقيد أغويتا لم يعد يرغب في مواصلتها، حيث استهدف الرئيس شخصياً بسيارة مفخخة ثم اغتيل مدير ديوانه".

ويخلص الشيخ سيديا إلى أن "هناك احتداماً للصراع في مالي بين الحكومة، التي تملصت من الفرنسيين وتسلمت عتاداً من الروس والأتراك وتريد أن تسد به فراغ عملية برخان الفرنسية، وبين جماعة (نصرة الإسلام والمسلمين) التي تريد أن تتبنى إخراج الفرنسيين على طريقتها".

ويرى محفوظ أن العملية تعني أن "عناصر هذه الجماعة تتحرك بأريحية في المناطق المالية التي تشكل نقاط ارتكازها الرئيسة".

قلق على الحدود

الحادثة الإرهابية التي وقعت بالقرب من الحدود المالية - الموريتانية، ألقت بظلالها على واقع سكان مقاطعة عدل بكرو الموريتانية المتاخمة للأراضي المالية.

ونقلت وسائل إعلام موريتانية قول الحاكم المساعد لمقاطعة عدل بكرو بمحافظة الحوض الشرقي، أسلمو ولد الطالب "إن العبور إلى مالي ممنوع هذه الأيام نظراً إلى أسباب الأمنية". مشيراً إلى أن "تعليمات صدرت عن وزارة الداخلية الموريتانية بهذا الخصوص".

وأشار الحاكم إلى أن هذه المعطيات أبلغهم بها محافظ الحوض الشرقي على أساس أنها تعليمات من وزارة الداخلية.

وأكد أن العبور إلى مالي "ممنوع سواء أكان ذلك للانتجاع أو التبادل التجاري"، حيث إن هناك "مشكلات أمنية تتطلب الحيطة والحذر".

وترتبط موريتانيا ومالي بحدود برية طويلة تمتد أكثر من 2237 كيلو متراً، ويقع أغلبها ضمن المنطقة الصحراوية "المجابات الكبرى"، بخاصة من جهة الشرق.

بينما من جهة الجنوب، يقع شريط الحدود المالية - الموريتانية قرب مناطق وجود السكان، بمحاذاة محافظات الحوضين ولعصابة وسيليبابي، وتنشط حركة عبور الموريتانيين إلى مالي في هذه الفترة من العام من أجل الانتجاع في المراعي المالية الوفيرة، كما يتدفق عشرات الألوف من الماليين على موريتانيا بحثاً عن العمل، وهرباً من المعارك والاضطرابات الأمنية.

كما تنشط التبادلات التجارية بين البلدين خصوصاً في الأسواق الأسبوعية المنتشرة في المدن والقرى على جانبي الحدود.

وهذا الهجوم يمكن القول أيضاً إنه يشكل امتداداً لهجوم يوليو (تموز) الماضي، الذي نفذته الجماعة ذاتها واستهدف حامية كاتي التي تعد أكثر مناطق البلاد تحصيناً، ويوجد فيها مقر إقامة غويتا، وبعض وزراء حكومته.

بالتالي فإن جماعة إياد أغ غالي تبعث من خلال هذا الهجوم رسالة مفادها أنها لا تزال حاضرة بقوة على رغم القدرات العسكرية للجيش المالي.

"فاغنر" تربك المشهد

طالب ناشطون محليون السلطات الموريتانية بضرورة التحرك لتأمين سلاسة تحرك المواطنين على جانبي الحدود المالية - الموريتانية، بخاصة بعد النشاط المتزايد لعناصر "فاغنر" على الأراضي الموريتانية.

وفى هذا الصدد يقول محفوظ السالك "لا شك أن تنامي نشاط مجموعة (فاغنر) الروسية، وملاحقتها من طرف الجماعات المسلحة قرب الحدود مع موريتانيا، سيكون له انعكاس على الحركة الاقتصادية والتجارية بين البلدين بخاصة أن الحوادث تكررت خلال الأشهر الأخيرة، وبعض العمليات استهدف بشكل مباشر عدداً من المدنيين الموريتانيين".

ويضيف السالك "هذا يحتم على سلطات البلدين تعزيز التعاون الأمني الحدودي بشكل أكبر، لأن تأمين حدود يتجاوز طولها 2000 كيلو متر ليس بالأمر الهين، كما أن حجم المصالح الاقتصادية والتجارية الذي يهم مدناً بأكملها في الجانبين الموريتاني والمالي يفرض بالضرورة اليقظة والحذر الدائمين".

و"جبهة تحرير ماسينا" التي تبنت العملية هي حركة نشأت بقيادة بعض أئمة العرقية الفلانية، وأبرزهم أحمدون كوفا، وتطالب بحقوق العرقية الفلانية في منطقة ماسينا الواقعة في الوسط المالي، لكن انخراطها تحت إمرة المحارب الطارقي إياد أغ غالي شكل منعطفاً تكتيكياً مرهقاً للسلطات لأنه بشكل من الأشكال التحام لمظلمتين عرقيتين طالما توازيتا من دون أن تلتحما.

اقرأ المزيد

المزيد من الأخبار