Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رحلة تاريخية في عالم اللامعقول

هل كان "النمرود" هو أول السحرة أم "زاهاك الضحاك" وما الفرق بين السحرين الأبيض والأسود؟

ما قصر الإنسان عن فهمه عبر الدروب العقلية المباشرة حاول الوصول إليه عبر المسالك الخلفية الغامضة والمبهمة (اندبندنت عربية)

ملخص

هل كان "النمرود" هو أول السحرة أم "زاهاك الضحاك" وما الفرق بين السحرين الأبيض والأسود؟

من بين القضايا المثيرة للجدل عبر التاريخ الإنساني، تأتي قضية السحر والسحرة، التي لازمت البشرية طوال تاريخها، وعبر مختلف الحضارات والثقافات، وإن حملت أسماء مختلفة، أو ملامح متعددة.

ظل الإنسان مشدوهاً إلى عالم الغيب، وتطلع إلى التعامل معه، سواء من طريق العلم، أو من طريق ما اصطلح لاحقاً على تسميته الشعوذة، وفي كل الأحوال فإن ما قصر عن فهمه عبر الدروب العقلية المباشرة، حاول الوصول إليه عبر المسالك الخلفية الغامضة والمبهمة.

هل حقاً هناك ما يسمى بالسحر، أم أن القصة أكذوبة كبرى في تاريخ الإنسان؟ وإذا كان موجوداً بالفعل سيما أن الأديان السماوية لا تنكر وجوده وفيها عديد من القصص التي تدلل على حضوره، فكيف وصل إلى البشر بهذه الصورة، وهل يعني ذلك أن هناك قوى خفية من حولنا لا نراها، في حين أنها ترانا؟

التساؤلات مثيرة وربما خطيرة، سيما أن الحديث عن السحر ينقسم إلى أقسام عدة من جهة نوع السحر وقوته، والذين يقومون عليه، ومدى تأثيره في البشر والحجر.

في هذه السلسة من الحلقات، نحاول الاقتراب من تلك المنطقة بدرجاتها المختلفة السوداء المعتمة إلى أقصى حدود الظلام، والبيضاء الناصعة التي تحمل لنا علوماً ومعرفة عن قدرات الإنسان غير المكتشفة عند كثيرين، بينما قلة فقط من توصلوا إلى مكامنها، ونتوقف سوية مع مناطق جغرافية تاريخية حول العالم، من القديم جداً، وصولاً إلى حاضرات أيامنا، لنقرأ فصولاً من تلك المفاهيم الخارقة للطبيعة.

ما هو السحر أول الأمر؟

هناك عديد من التعريفات التي تزخر بها الموسوعات العلمية، والكتب الفقهية عن السحر ومفهومه، والسحر في اللغة العربية عبارة عن كل ما لطف مأخذه وخفي سببه، وسحره أي خدعه، وفي الشرع السحر هو ما يختص بكل أمر يخفى سببه ويتخيل من غير حقيقة ويجري مجرى التمويه والخداع.

قال تعإلى في سورة الأعراف، الآية 116: "قَالَ أَلْقُوا ۖ فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ".

وتفسير الآية، يحمل معنى أنهم موهوا عليهم حتى ظنوا أن حبالهم وعصيهم تسعى.

غير أن هناك معان أخرى لكلمة سحر تستخدم في أغراض المدح كالقول "إن من البيان لسحراً".

أحد أفضل الكتاب والمحللين الذين تناولوا شأن السحر في كتاباتهم من المحدثين في التاريخ الإنساني المعاصر، السير إدوارد بيرنت تايلور (1832-1917)، الأنثروبولوجي الإنجليزي الشهير، ومؤسس علم الأنثروبولوجيا الثقافية.

يعتقد تايلور أن السحر هو خليط مشوش من المعتقدات والممارسات التي يؤلف اتحادها كل ما ليس له في الطبيعة سبب ونتيجة، ويضيف، إن من أنواع السحر، العنصر الروحي وهو ينتظم الكائنات الروحية وأشباح الموتى والشياطين والآلات.

 أما العنصر غير الروحي، فإنه يعتمد على القوى المتصورة واتصالاتها في الطبيعة، أي إنها منطق غير تام، فهي اتخاذ فكرة غير صحيحة على أنها صحيحة، ومن أمثلتها أن الهندي الأميركي، إذا ما رسم صورة غزال وصوب إليه سهماً أو طلقاً، توقع أن يقتل غزالاً حقيقياً في اليوم التالي.

يتساءل الباحثون في عالم السحر، لماذا سعى الإنسان القديم إلى الاستعانة بالقوى غير المنظورة؟

يجيبنا الكاتب البريطاني، غاريث ونايت، المولود عام 1930، الذي كرس كثيراً من حياته وكتاباته للبحث في قضايا  السحر والروحانيات بالقول "إننا نجد صوراً على الكهوف في الصحاري والجبال، بعضها يعود إلى نحو 80 ألف سنة،  كما الحال مع قبائل "النياندرتال" و"الكرومانيون"، تعكس علاقتهم مع الطبيعة وخوفهم من شراستها، إضافة إلى  مواجهتهم للحيوانات الضارية والأفاعي الشرسة والوحوش الكاسرة، من هنا فكروا بالاستعانة بكل قوى كونية غير مرئية لتساعدهم على البقاء، ومن هنا يتفهم الباحث لماذا كان لكل قبيلة ساحرها الخاص الذي يستعينون به على مواجهة تلك الصعاب.

فعلى سبيل المثال، حين كان دب ما يهاجم قبيلة بعينها ويعييهم أمره، يتم اللجوء إلى ساحر القبيلة الذي يرسم صورة الدب على الأرض، ومن حوله دائرة، ثم يقوم بالدوران من حوله مرات عدة وهو يعزم، أي يرتل أو يتمتم بكلمات سحر غير مفهومه، ثم يغرس بعصاه الحجرية في عنق الدب المرسوم.

أما المدهش فهو أن رجال القبيلة في اليوم التالي، كانوا يمضون وراء الدب ليعودوا به صريعاً؟

البداية... النمرود أم زاهاك الضحاك؟

قد يصعب بالفعل تحديد بداية للسحر وأعماله، ومتى عرف الإنسان أول تجربة له مع السحر، ومن كان أول صاحب خبرة.

إلا أن المرويات في عالمنا العربي على نحو خاص، وبدرجة ما في عدد واسع من الدول الإسلامية تقودنا إلى اسمين، الأول هو النمرود، والثاني زاهاك الضحاك، فما قصة هذين الاسمين؟

باختصار غير مخل، النمرود هو ابن كنعان بن كوش بن سام بن نوح عليه السلام، ويحكى أن مُلكه استمر نحو 400 عام، وكان أول الجبابرة الذين عرفتهم البشرية.

الروايات التاريخية تقول إنه حكم بابل، وقد جاء على ذكره المحدث والمفسر والفقيه أبو الفدا إسماعيل بن عمر، المعروف باسم ابن كثير الدمشقي، في عديد من تفسيراته.

بدا وكأن النمرود، الذي منه جاء النمارده، قد تمرد على قوانين الخالق في خلقه، على رغم كل ما أتاه الله تعالى من ملك عظيم وجيش جبار وازدهار ورخاء في مملكته، الأمر الذي دعاه لأن يرفض وجود أي صاحب مُلك آخر على الأرض غيره.

يقول ابن كثير في كتاب "البداية والنهاية" إنه أول من وضع التاج على رأسه وتجبر في الأرض وادعى الربوبية.

أما كيف بدأت علاقة النمرود بالجن وإبليس، فتحكي المروية أنه كان ذات يوم يغتسل في حمام القصر وحوله مجموعة من الناس، إذ فجأة دخل عليه رجل أحدب وعليه ثياب سوداء، فأمر النمرود بقتله.

غير أنه حين صعد إلى غرفته وجد الرحل نفسه هناك فتعجب وقال له "كيف إنك حي وأنا قتلتك... من أنت؟" أجابه "أنا أمير النور يوم خلق النور، فإذا أردت أن تحكم الأرض وما عليها يجب أن تراني على هيئتي الحقيقية"، ثم لم يلبث أن تجسد بصورته الحقيقية، فكان الشعر يكسو جسده، هائل البنية، ولم يكن هذا سوى إبليس الذي أمره أن يسجد له، ويبيع له روحه مقابل السلطة والقوة، فوافق النمرود، ومن هنا بدأ إبليس يلقنه أسس فنون السحر، وللنمرود قصة مطولة مع سيدنا إبراهيم، وطريقة موته من خلال البعوضة التي دخلت من أنفه ووصلت في نهاية المطاف إلى مخه معروفة بعد أن تمرد على حليفه إبليس.

وفي رواية أخرى، تكاد تكون شديدة القرب من رواية النمرود، سيما أنها تجري في أرض بابل، يقال إن شخصاً ما يسمى "زاهاك الضحاك"، كما تذكره كتب التاريخ العربي، كان يسكن أرض العراق الحالي، وقد أبرم صفقة مع إبليس ليمكنه من السلطة والقوة،  الذي طلب منه أن يبني لها برجاً عالياً، كان أول عجائب الأرض، وعاش فيه الضحاك لمدة عام.

غير أنه ذات ليلة حلم الضحاك بأنه "نظر إلى السماء فرأى فارساً على حصانه وفجأة اختفى وحل محله كوكب منير، ولما أعاد النظر مرة أخرى وجد أن الشمس اختفت وفي المقابل بدا الفارس موجهاً سلاحه له ليقتله".

حين استيقظ الضحاك أمر بجمع منجمي بابل وفلكييها ليفسروا له الحلم، فأخبروه أن ولداً سيولد سيقضي عليه، وستكون نهايته. فأمر الضحاك بقتل جميع العلماء الموجودين في بابل في تلك الفترة، لكن هذا لم يحل دون مولد الطفل الذي سيضحى سيدنا إبراهيم بحسب بعض المفسرين.

هل تلك القصص مؤكدة بالمطلق؟ الإثارة التي سنتعرف عليها لاحقاً، أننا سنجد حكايا مشابهة لها في كثير من حضارات شعوب أخرى، ما ينم عن مصدر واحد لبداية رحلة الإنسان مع السحر والسحرة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

السحر الأبيض وقدرات النفس البشرية

لا يحتاج المرء لأن يكون متخصصاً في الدراسات الروحانية، أو العلوم الميتافيزيقية، وتخصصات الباراسيكولوجي بنوع خاص، ليدرك أن هناك تفريقاً لابد منه ونحن نتناول قضية السحر والسحرة، سيما أن هناك فارقاً كبيراً بين الأمرين، إذ إن الأول موصول بالقوى غير المرئية حول العالم، وغالباً ما يطلق عليها القوى الشريرة، فيما السحر الأبيض مجاله استنهاض القدرات الكامنة في النفس البشرية، والوصول إلى مكنونات الروح الإنسانية وإمكاناتها المعطلة... هل من مزيد من الشرح والتفسير؟

في كتابه المعنون "السحر والكيمياء"، يقدم لنا الفنان المؤلف الأميركي، روبرت أم بليس، المعروف بعمله في تاريخ "التارو" الشبيهة بأوراق اللعب، ولكن من خلالها تتم قراءة المستقبل وعلاقة النجوم بأحداث الأرض، عطفاً على أبحاثه في عالمي الرمز والعرافة، يقدم لنا رؤية واسعة لكل من السحر الأسود والسحر الأبيض والفارق بينهما.

يفضل بليس استخدام مصطلحين آخرين، عوضاً عن الأسود والأبيض، وهما السحر العالي، والسحر المنخفض، وذلك استناداً بشكل أساس إلى نوايا الممارس الذي يستخدمهما.

تكاد تكون تفسيرات بليس أخلاقية، بمعنى أنه يرى الغرض من السحر الأبيض هو "فعل الخير"، أو "جلب الممارس إلى حالة روحية أعلى من التنوير أو الوعي"، ويشمل السحر الأبيض أفعالاً مثل اكتساب المعرفة الإلهية، والتطهر من أدران النفس البشرية وما لصق بها من الخطايا والذنوب العرضية لا المميتة، عطفاً على جلب التأثيرات الصحيحة، واحتضان القدر، والشفاء، وجذب الحظ/ الحب، وإبعاد قوى الشر.

من هذا المنطلق يمكن القطع بأن السحر الأبيض كان يدور في إطار من الأوجه الخيرة، وبنوع خاص إرضاء الأرواح الطيبة، عطفاً على التحكم في الطقس أو الحصاد، والسعي في طريق التوفيق، من دون التسبب في إيذاء أي أحد.

ماذا عن السحر الأسود ومفاعيله؟

لكي نفهم السحر الأسود، علينا أن نعود إلى ما كتبه الباحث في شؤون ما وراء الطبيعة، الأميركي "ج. ج. فريزر"، الذي يؤمن بأن هذا النوع من السحر يقوم على قانون العطف، أي على فرض أن أشياء تعمل على نقيضها مبعدة خلال عروة سرية بسبب وجود التشابه بين شيء وآخر (إشكالية القرين)، أو أنهما كانا في وقت ما متصلين أو أن أحدهما كان جزءاً من الآخر، وأن السحر نظام قد نشأ في الجماعة ورافق وجودها، أي إنه لا ينشأ مع الفرد الواحد إذ إنه لن يعرف السحر في مكان غير مأهول.

هنا يظهر السحر الأسود أو السحر المظلم على شكل من أشكال التعويذات التي تعتمد على القوى الحاقدة أو الخبيثة المفترضة.

والسحر الأسود غالبه العالم السفلي الظلامي، فهو سحر الظلم وفنون الظلمة ويشير إلى توريط الجوانب المبعدة والملتوية والمنسية للطبيعة والنفس.

غالباً ما يتذرع بهذا النوع من أنواع السحر، ويستخدم في أعمال القتل والسرقة والإيذاء، كما يستغل في جلب سوء الحظ والتدمير، أو بهدف تحقيق مكاسب شخصية دون النظر إلى الآثار الضارة التي تقع على الآخرين.

يوصف هذا النوع من أعمال السحر بالسحر السفلي، وهو أخطر وأقذر أنواع السحر، إذ إن طلاسمه تكتب بمواد نجسة، ويكون هدف السحر غالباً الشر، ومن أشهر أنواعه وأخطرها ما يعرف بـ"الشبشبة"، التي تتطلب استعداداً خاصاً وتحضيراً منفرداً، ويشترط فيها أن يكون الساحر نجس الثياب والبدن ومكشوف العورة والرأس مستقبل النار، ويطلق  بخور الشر، وبخور الشر هو بخور كريه الرائحة ويستخدم  دائماً في السحر الأسود والسفلي، مثل بخور المر والكبريت  والصبر.

أما عن استخدامات السحر السفلي الأسود فعادة ما تتمحور حول إصابة الآخرين بالأمراض، وإحداث الكراهية، والتفريق بين الأحباء، والإصابة بالأوجاع والشرور المختلفة.

وهناك طرق تقليدية يتم من خلالها التحضير لهذا النوع من أنواع السحر الأسود، تبدأ بالتعرف على اسم الضحية، ثم اسم أمه وأثره، أي شيء من ثيابه أو ممتلكاته التي تلامس جسده، ومن ثم يطلق الساحر بخور الشر ويقرأ العزيمة وهي لتحضير المارد اللعين الصورة، ومن ثم تمضي قصة الشر.

عن الأمم التي عرفت طريق السحر

ماذا عن أهم الأمم والشعوب التي عرفت طريقها إلى السحر بأنواعه المختلفة؟

الجواب سيكون مختصراً جداً، ولنلقي فقط قبساً سريعا ًمن الضوء، على قصة البشرية مع السحر والسحرة، ثم سنعود بالتفصيل وفي حلقات مسلسلة مع كل أمة وحضارة منها.

البداية من عند الحضارة المصرية القديمة، أو الفرعونية وهذه تحتاج إلى مؤلفات قائمة بذاتها، سيما أن معظم الديانة المصرية القديمة تكاد تكون سلسلة من الأساطير التي تتقاطع فيها قوى الشر مع الخير، لاسيما الأسطورة الرئيسة عن إيزيس وأوزيريس وست إله الشر.

ولا تزال هناك برديات بعينها قائمة في متاحف العالم تحمل كثيراً من التعويذات، وهذه لم تهملها "هوليوود" وأنتجت عنها عديداً من الأفلام، ناهيك عما تحويه كتب مثل "متن الموتى" أو "الخروج إلى النهار" من  أسرار السحر المصري القديم بنوعيه الأبيض والأسود، أو الأعلى والسفلي.

بدورها الحضارات التي نشأت عند نهر الفرات، وهي متعددة بابلية وآشورية، سومرية وكلدانية وأكادية، كانت تزخر بأنواع السحر المختلفة، التي ميزتها قدرة على التواصل مع الفلك والنجوم، وقراءة الطالع والتنبؤ بالمستقبل والتخاطب مع الأرواح.

بالقرب من حضارة الرافدين، وجد السحر عند الإغريق القدامى، وهؤلاء كانت حياتهم الدنيوية مزيجاً مع رؤاهم الأخروية، والشاهد على ذلك قصص آلهة جبل الأوليمب، وقد اعتقدوا طويلاً جداً في أمر الأرقام والتعزيم والطلاسم، كما اعتقد اليونان في فعاليات آلهة العالم الآخر في الحياة الحاضرة، وهناك أسماء مثل زيوس وهيرا، لا تزال تستخدم حتى اليوم في أعمال السحر السفلي شرقاً وغرباً.

هل كان الهنود والشعوب الآسيوية بدورهم بعيدين عن عالم السحر والسحرة والجان؟

بالعكس تماماً، ذلك أن هؤلاء بنوع خاص، مغرقون حتى الأذنين في عالم الآلهة الساحرة، بل إن الأمر على الخلاف من الأديان الإبراهيمة التي تحرم وتجرم أنواع السحر وأعمال السحرة كافة، نجد الديانات الآسيوية تختلط وتمتزج فيها الطقوس الدينية بممارسات السحرة والعرافين، ويتجلى ذلك بنوع خاص في الديانة البوذية التي احتضنت السحر وأصبح مقدساً عند الهندوس، وألفوا له كتاباً هو "الفدا"، والزائر اليوم إلى الهند يدرك أهمية تلك الممارسات حيث يبلغ عدد السحرة والكهان ملايين.

هل تعني السطور الأخيرة هذه أن السحر والسحرة، كانا وقفاً على الحضارات القديمة فحسب؟

 بالقطع الأمر ليس على هذا النحو، فأوروبا العصور الوسطى على سبيل المثال لها قصص مع السحر والسحرة.

ما تقدم غيض من فيض، والهدف الرئيس هو إماطة اللثام عن منطقة لا تزال تشاغب العقل البشري، منذ عصر الإنسان الحجري، وصولاً إلى أجهزة الاستخبارات الدولية الكبرى، التي تحتوي على أقسام خاصة لمثل تلك العلوم التي تتعاطى معها لأهداف السطوة والسلطة، وعلى غير المصدق أن يراجع فترة حكم الرئيس الأميركي رونالد ريغان (1981-1989) حيث كان محاطاً (هو وزوجته) بمجموعة من العرافين والسحرة، وأصحاب البلورات السحرية.

وليس سراً أنه خلال فترة الحرب الباردة لعب علماء الباراسيكولوجي الغربيين دوراً خطيراً في المواجهة مع حلف وراسو.

ويبقى هناك مجال آخر في حديث الحلقات المقبلة عن رؤية الأديان للسحر، كيف تعاطت معها اليهودية والمسيحية والإسلام في العصور الغابرة، وما هو المنظور الإيماني من حيث التحليل أو التحريم لكل أعمال السحر والشعوذة.

عطفاً على ذلك تظل هناك قضية تعاطي الإعلام مع السحر، سيما أن هناك قنوات تلفزيونية بأكملها قائمة في دول العالم الموصوفة بأنها المتقدمة والمتحضرة، تنشغل بمجال السحر والسحرة، وتجد فيه سوقاً خصبة، ما يطرح قضية الوعي وهل البشرية تتقدم إلى الأمام أم تتراجع إلى الخلف في ما يخص الاعتقاد في قدرات الأعمال السفلية.

إن الهدف من هذه السلسلة هو محاولة النظر إلى مستقبل الإنسانية الروحي في ضوء الماضي العميق والسحيق...

المزيد من تحقيقات ومطولات