Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تونس تجرب تحدى شح المياه بـ"الزراعة خارج التربة"

متخصصون: "التقنية الجديدة واعدة لكن تعوقها أمية الفلاحين وغياب الإرادة والقوانين المكبلة للبحوث التكنولوجية"

يستأثر القطاع الفلاحي في تونس بنحو 80 في المئة من الموارد المائية المهددة أصلاً (اندبندنت عربية)

ملخص

تعد تقنية "الزراعة خارج التربة" واحدة من الحلول البديلة التي يمكن استخدامها لمجابهة شح المياه وضمان فلاحة مستدامة، فهل تكون هذه التقنية حلاً لمشكلة المياه في تونس؟

تنذر التغيرات المناخية وشح المياه بحال طوارئ غذائية في تونس، في ظل تنامي الطلب العالمي على الحبوب وارتفاع أسعارها بسبب الحرب الروسية - الأوكرانية، مما دفع المتخصصين إلى البحث عن حلول بديلة على المدى المتوسط، بخاصة أن القطاع الفلاحي في تونس يستأثر بنحو 80 في المئة من الموارد المائية المهددة أصلاً.

وتعد تقنية "الزراعة خارج التربة" واحدة من الحلول البديلة التي يمكن استخدامها لمجابهة شح المياه وضمان فلاحة مستدامة، وهي تقنية مبتكرة تعتمد إعادة تدوير الماء في مسار مغلق تتم تغذيته بالأملاح المعدنية الضرورية للنبتة، ويجري تثبيت النبتة بواسطة دعامات، وتوفير الأكسجين بواسطة التهوية الصناعية.

اقتصاد في الماء

يؤكد سليم الزواري المنسق الفني لمشروع "الزراعة خارج التربة"، الذي ينفذه الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري، لـ"اندبندنت عربية"، أن هذه التقنية تهدف إلى التأقلم مع التغيرات المناخية، مشيراً إلى أن "القطاع الفلاحي يستهلك الجزء الأكبر من الموارد المائية بينما تعاني تونس الفقر المائي، وهو ما يؤكد حتمية استخدام هذه الزراعة المبتكرة".

ويضيف الزواري أن "تونس تواجه تحدي التغيرات المناخية، مما نتج عنه نقص في المواد الفلاحية، كما يواجه العالم بدوره تداعيات تغير المناخ، الأمر الذي دفع إلى البحث عن طرق مبتكرة لتوفير الغذاء من خلال تثمين الكميات القليلة والضئيلة من المياه، وأيضاً الحفاظ على الرصيد الموجود من المياه للأجيال القادمة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وينطلق هذا المشروع في إطار "التعاون الدولي مع إيطاليا، وبالشراكة مع عدد من مؤسسات البحث في تونس، تحت إشراف الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري، من أجل نموذج للزراعة يحترم المعايير البيئية ويستخدم التكنولوجيات الحديثة في الإنتاج الفلاحي، مع استغلال كمية ضئيلة جداً من الموارد المائية.

ويقول الزواري إن "إنتاج كيلوغرام من الخضراوات يتطلب تقريباً 400 ليتر من الماء في الفلاحة التقليدية، بينما يتم استخدام 10 في المئة فقط من هذه الكمية، أي نحو 40 لتراً، باستخدام تقنية الزراعة المائية خارج التربة، كما تمكن هذه التقنية من الاقتصاد في استخدام الأسمدة التي تشهد بدورها ارتفاعاً في الأسواق العالمية، مما يجعلها أكثر صداقة للبيئة".

تحكم في الإنتاج

يلفت المنسق الفني للمشروع إلى أن "البحث العلمي الفلاحي باستخدام التكنولوجيات الحديثة توصل إلى تقنية أكثر تطوراً من الزراعة المائية ((hydrophonie، وهي تقنية (البخاخ المائي)، حيث يتم إعطاء جذور النبتة ما تستحقه من رذاذ الماء، مما يقلص إلى 10 في المئة من استهلاك المياه بالنسبة إلى الفلاحة التقليدية، لكنها تقنية مكلفة".

وتمكن تقنية "الزراعة خارج التربة"، بحسب الزواري، من "التحكم في فصول الزراعات، وفي دورات الإنتاج حيث يتم اختصار آجالها إلى الثلث مقارنة بالفلاحة التقليدية، كما تمكن من التحكم في الحشرات الضارة والنافعة في المحمية المخصصة لهذه الزراعة، من أجل التقليص في استخدام المبيدات".

وبخصوص مردودية هذه التقنية، يؤكد الزواري أن "الزراعة المائية تضاعف الإنتاج مقارنة بالزراعة التقليدية 10 مرات، كما تقلص المساحات المخصصة للزراعة، حيث إن 500 متر مربع من الفلاحة المائية تعادل خمسة آلاف متر مربع من الفلاحة التقليدية، علاوة على أن من فوائد هذه التقنية أنها تعطي منتجاً صحياً خالياً من رواسب المعدات والتربة وشبه بيولوجي، إلى جانب طعمه اللذيذ".

إرادة وقوانين

بينما يعول سليم الزواري على هذه التقنية التي تستخدم عبر هذا المشروع النموذجي في إنتاج الطماطم والخضراوات لتحقيق الأمن الغذائي، معتبراً إياها "مجالاً واعداً في قطاع الأعلاف في حال تم تعميمها"، يرى المتخصص في التنمية والتصرف في الموارد حسن الرحيلي أن "هذه التقنية لا يمكن أن تتلاءم مع الفلاح التونسي، لأن أغلب المشتغلين في القطاع الفلاحي أعمارهم فوق 55 سنة، وبنسبة أمية عالية، وسط عزوف كبير من الشباب التونسي عن العمل بالقطاع الفلاحي، مما يحول دون إمكانية إدماج التكنولوجيات الحديثة في هذا القطاع.

ويؤكد الرحيلي أن "الزراعة المائية ثورة صناعية في الفلاحة، وتوفر 20 في المئة من استهلاك الطماطم في هولندا على سبيل المثال، بينما لا تتوفر تونس على الإرادة السياسية الضرورية لتعميم هذه التقنية"، مشيراً إلى أن "الفجوة كبيرة بين البحوث العلمية الزراعية وواقع القطاع الفلاحي على الأرض".

ودعا إلى دق ناقوس الخطر في ظل شح المياه في تونس، والبحث عن بدائل للطرق التقليدية من أجل التصرف في الموارد المائية باقتصاد، مشيراً إلى أن الأمم المتحدة دعت إلى توفير 300 مليار دولار في السنوات الخمس المقبلة لربع سكان العالم في المدن الذين سيتعرضون للشح المائي.

يعتبر الرحيلي أن "القوانين في تونس بالية ومكبلة للبحوث العلمية الفلاحية ولاستخدام التكنولوجيات الحديثة"، داعياً إلى تثمين التربة الهامشية المالحة واستخدامها لزراعة الشعير والمواد العلفية، وهي مواد أساسية وضرورية للثروة الحيوانية المهددة في ظل ارتفاع أسعار الأعلاف، الأمر الذي دفع بالفلاح التونسي إلى التخلي عن تربية الماشية.

يشار إلى أن الزراعة خارج التربة تعتمد طريقة أخرى مبتكرة، تتمثل في الزراعة باستخدام بيئات بديلة للتربة على غرار البدائل العضوية كبقايا النباتات.

المزيد من العالم العربي