Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

موجة توتر تغرق الأتراك مع اقتراب الانتخابات

الغلاء وقمع الإعلام وتهديدات رجال أردوغان للمعارضة تنذر بمشهد ضبابي للاقتراع

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أثناء تجمع انتخابي  (أ ف ب)

ملخص

يعيش الشعب التركي حالاً من التوتر بسبب الأزمة الاقتصادية والخطاب الإعلامي لحكومة أردوغان قبل الانتخابات المزمعة في الـ14 من مايو المقبل

دخلت تركيا في عد تنازلي من أجل الوصول إلى انتخابات ستعقد في الـ14 من مايو (أيار) الجاري، بينما تلجأ التحالفات التي تم تشكيلها إلى كل الوسائل المتاحة للفوز بالأغلبية في البرلمان وبرئاسة الجمهورية، وبخاصة التحالف الحاكم الذي يستخدم جميع الأساليب غير القانونية بسبب خوفه من الخسارة والهزيمة.

وعلى وقع أزمة سياسية واقتصادية في تركيا، يتعمد التحالف الحاكم استقطاب الأتراك ورفع مستوى التوتر وتفتيت المجتمع عن طريق استخدام الخطاب الديني والقومي للفوز بالانتخابات مرة أخرى.

ويدرك الحزب الحاكم أن حوالى 65 إلى 70 في المئة من المجتمع التركي يتألف من الناخبين المحافظين أو القوميين. ويتزامن ذلك مع توتر يعيشه المجتمع بالفعل، وبالطبع هناك عديد من العوامل المختلفة من بين أسباب زيادة التوتر، وعلى رأسها الأزمة الاقتصادية.

فقد أدى ارتفاع التكاليف والتضخم في السنوات الأخيرة إلى تفاقم معاناة الأتراك. فيما يحاول الرئيس رجب طيب أردوغان أن يجعل مواطنيه ينسون الأزمة، وأن يجذب الأصوات من خلال اللعب على أوتار العواطف الدينية في الساحات العامة وجذب المعارضة إلى هذا المستوى لتحقيق أهدافه.

سرقة الانتخابات

ففي الوقت الحالي تشهد تركيا انقساماً سياسياً شديد الاحتدام، وتتعرض سياسات وإجراءات حكومة أردوغان لانتقادات شديدة من قبل جزء كبير من المجتمع، مما يؤدي إلى احتجاجات.

من ناحية أخرى يحاول أردوغان جمع الأصوات من خلال خلق تصور كما لو أن المشاريع الكبيرة للدولة تنتمي إلى حزبه (العدالة والتنمية). كما أن شفافية العملية الانتخابية هي أيضاً واحدة من الأمور التي تزيد من حدة التوتر.

ويبدو أن المخاوف من عدم وجود عملية انتخابية عادلة وشفافة باتت أقرب للحقيقة، ولعل ما حدث في انتخابات الرئاسة عام 2018 يؤكد ذلك، إذ تم قبول ملايين الأصوات التي لم تحمل أختاماً، وذلك لصالح أردوغان.

وأصبح الجميع تقريباً، بما في ذلك المنظمات الدولية الكبرى، متفقين على أنه إذا أراد حزب رجب طيب أردوغان الفوز في الانتخابات، فإنه سوف يمارس كل ما يمكنه من ذلك. وخلاف ذلك فإن فرصه للفوز منعدمة تقريباً بناء على ما تشير إليه استطلاعات الرأي.

ولسوء الحظ يتم تصنيف تركيا في الفئة نفسها مع الصين وإيران وكوريا الشمالية في ما يتعلق بالفساد وانتهاكات حقوق الإنسان. فقد أشار المرشح الرئاسي لتحالف الأمة كمال كليتشدار أوغلو إلى حجم الفساد عندما قال "إذا فزنا سنسترد 480 مليار دولار من أردوغان وحاشيته".

وفي ما يتعلق بحرية الصحافة، فإن الوضع سيئ جداً. ويسعى أردوغان إلى جمع كل الأدوات الإعلامية في يده لخلق الرأي العام الذي يريده، بل إن تركيا أصبحت بمثابة أكبر سجن للصحافيين في تاريخها، مما جعل ذلك واحداً من العوامل التي تزيد من التوتر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقد أدى قمع حرية الإعلام إلى حدوث كوارث إنسانية، حيث قامت الحكومة بتضييق نطاق الإنترنت خلال الزلزال لتجنب انتقادات المعارضة، مما أدى إلى عدم تمكن آلاف الأشخاص الذين كانوا محاصرين تحت الأنقاض من إرسال رسائل لطلب المساعدة.

لقد فقد كثير من أولئك المحاصرين حياتهم بينما كانوا ينتظرون الإنقاذ من تحت الأنقاض، وهذا ما جعل المعارضة تتهم حكومة أردوغان بارتكاب "جرائم قتل متعمدة" من خلال هذا الإجراء، وتعددت الوعود أمام الجمهور بمحاسبتها لذلك.

تهديدات علنية

في الواقع لم يتراجع التوتر أبداً منذ مسرحية الانقلاب في الـ15 من يوليو (تموز) 2016، بل ازدادت مستوياته أو تم تغيير شكله باستمرار.

سأشرح ذلك من خلال بعض الأمثلة الأخيرة:

وزير الداخلية التركي سليمان صويلو قال لأحد زعماء المعارضة على الهواء مباشرة "أنت أدنى من الحيوان، وأنت رجل العمليات"، فرد عليه زعيم حزب النصر أوميت أوزداغ، قائلاً "سآتي إليك غداً من دون سلاح وأدعوك إلى مواجهتي في الخارج".

أحدهما وزير الداخلية والآخر رئيس حزب سياسي. ومهما بدا رئيسا حزب النصر أوميت أوزداغ، والمملكة محرم إينجه وكأنهما من معارضي أردوغان، إلا أن نشاطهما السياسي سيؤدي في نهاية المطاف إلى حدوث انشقاق في أصوات المعارضة، وستصب لصالح الرئيس التركي.

وفي تلك الأيام أيضاً لاحظنا أن ضابط شرطة صرخ أمام مقر حزب الشعوب الديمقراطي (الكردي) في وجه عضوة البرلمان المعارضة عائشة أجار باشاران بقوله "سأسمرك هناك"، على مرأى ومسمع من الناس وكاميرات الإعلام.

وقد أشار وزير الداخلية صويلو أيضاً إلى فرصة "استكمال المهمة التي بدأت في الـ15 من يوليو (تموز)"، في إشارة إلى مواصلة حالة الطوارئ التي تم إيجادها بذريعة "الانقلاب".

من جانب آخر تحدث زعيم جماعة دينية عن "سحب الجنسية ممن يصوت لحزب الشعوب الديمقراطي".

وفي ظل ارتفاع نسبة التضخم وتزايد حالات الفقر والعوز، واستمرار نقل الثروة بشكل غير مبال، تتزايد مشاريع التشويش والفوضى الجديدة التي تطلقها الحكومة، إذ يتم إعلان مشاريع الفوضى المصممة والمشحونة بالتوتر باستمرار في الساحة السياسية والاجتماعية.

وبناء على ذلك، يرى الجميع (بمن فيهم الحكومة والمعارضة والمثقفون والمراقبون والموالون والمعارضون)، أن تركيا تواجه مفترق طرق حاسم. ولا يوجد من يشك أن هذا المفترق سيكون محورياً لحل المشكلات الحالية وتحديد معايير الاستمرارية في المستقبل، لحل أزمات ستضطر البلاد إلى مواجهتها.

لم أقرأ أو أر مثل هذا التوتر العالي بأي انتخابات في تاريخ تركيا. ولم يعد المجتمع يريد حكومة تستمد قوتها من التوتر.  بينما في النهاية يريد النظام الحالي تغذية هذا التوتر، على رغم رفض الشعب التركي ذلك بطبيعة الحال.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل