Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

من هي "كارول" ولماذا صمتت لعقود قبل أن تتهم ترمب باغتصابها؟

يعتبر الرئيس السابق الادعاءات قضية احتيالية كاذبة تستهدف المال والشهرة

كارول لدى مغادرتها محكمة مانهاتن الفيدرالية في 25 أبريل الحالي (أ ف ب) 

ملخص

قد يكون من السابق لأوانه تحديد الضرر الذي يمكن أن يلحق بترمب في هذه القضية، بخاصة أنه لن يكون مضطراً إلى تقديم شهادته في قضية مدنية انقضى عليها أكثر من ربع قرن

منذ أن ترشح دونالد ترمب وشغل منصب رئيس الولايات المتحدة في عام 2017، اتهمته أكثر من 12 امرأة علانية بالاعتداء والتحرش الجنسي وهي تهم أنكرها جميعها، غير أن أياً منها لم يصل أبداً إلى المحكمة، لكن مع سعي الرئيس السابق للعودة إلى البيت الأبيض، أخذت واحدة من أبرز هذه الاتهامات طريقها للمحكمة التي بدأت في سماع قصة اغتصاب تتهم فيها كاتبة صحافية تدعى "إي جين كارول" قطب العقارات السابق ترمب بارتكابها في منتصف التسعينيات، فمن هي كارول، وما قصتها؟ ولماذا انتظرت أكثر من ربع قرن لتكشف تفاصيلها؟ وكيف يمكن أن يؤثر ذلك على فرص ترمب الرئاسية؟
في الوقت الذي يواجه فيه الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترمب قائمة طويلة من المشكلات القانونية، بما في ذلك لائحة اتهامه الأخيرة بالتلاعب بسجلات أعماله لإخفاء مدفوعات مالية لشراء صمت الممثلة الإباحية ستورمي دانيالز، قفزت إلى الأضواء قصة قديمة تعود وقائعها إلى ربيع عام 1995 أو 1996، وظهرت لأول مرة في عام 2019 حينما كشفت عنها بطلة القصة "إي جين كارول"، وهي كاتبة عمود وصحافية في مجلة "إيل" تقدم مشورة للقراء، حين قررت كتابة مذكراتها ونشرت مقتطفات منها في مجلة "نيويورك" متهمة الرئيس (آنذاك) دونالد ترمب باغتصابها حين كانت تبلغ من العمر 51 عاماً في متجر "برغدورف غودمان" بمقاطعة مانهاتن في نيويورك.

من هي كارول؟

تمتعت كارول التي تبلغ من العمر الآن (79 سنة) بقدر واسع من الجمال في شبابها، فقد توجت ملكة جمال جامعة إنديانا عام 1963، وفقاً لما ذكرته صحيفة "نيويورك تايمز"، غير أن اسمها الحقيقي الذي نشأت به في ولاية إنديانا بالغرب الأوسط الأميركي هو "بيتي"، لكنها غيرته إلى إليزابيث مع أول موضوع صحافي تنشره في صحيفة "أسكواير" واختصرته إلى "إي"، وهو الحرف الأول من اسمها الجديد.
كانت كارول مولعة بالصحافة منذ نعومة أظفارها، واعتبرت نفسها كاتبة، حيث أخبرت صحيفة "يو أس أي توداي" ذات مرة أنها أرسلت إلى الصحف موضوعات للنشر عندما كانت في الثانية عشرة من عمرها، لكن أول ما وضعها على طريق المهنة كان ملفاً تعريفياً بشخصية مشهورة نشرته في مجلة "أوت سايد"، قبل أن تكتب بعد فترة لمجلات ذائعة الصيت مثل "رولينغ ستون" و"بلاي بوي"، حيث كانت أول فتاة محررة تسهم في مجلة تستهدف الرجال بقصص وصور من العري الأنثوي، وكانت معروفة بعديد من القصص المثيرة التي تقدمها من منظور بطلاتها.
ولم تكن الصحافة سوى واحدة من طموحاتها، فكتبت للبرنامج الشهير "ساترداي نايت لايف" في الثمانينيات، وقدمت برنامجها التلفزيوني الخاص "اسأل إي جين" في التسعينيات، وفي عام 2002، شاركت كارول في تأسيس موقع "غريت بوي فريندز" للمواعدة، حيث يمكن للنساء أن تقدم نصائح لرفاقهن السابقين.
وفي عام 2019 نشرت مذكرات بعنوان "ما الذي نحتاج إليه من الرجال؟ اقتراح متواضع"، حيث وصفت بالتفصيل الرجال البشعين الذين قالت إنهم أساءوا معاملتها وتحرشوا بها، بمن فيهم الرئيس السابق دونالد ترمب والرئيس التنفيذي السابق لشبكة "سي بي أس" ليزلي مونفيس، وهو ما اقتبسته مجلة "نيويورك" أيضاً ونشرته في عناوينها الرئيسة.

ما شهادتها؟

في مذكراتها التي نشرتها في كتاب عام 2019، اتهمت كارول الرئيس ترمب باغتصابها بعد أن دفعها مقابل حائط غرفة قياس وتبديل الملابس في متجر "بيرغدورف غودمان" الفاخر بمانهاتن في منتصف التسعينيات، وكتبت أن ترمب أنزل ملابسها الضيقة، وفتح سرواله وألقى بجسده عليها، لكن في شهادتها أمام المحكمة الفيدرالية، الأربعاء، قالت بصوت مرتعش إن هجوم ترمب عليها كان وحشياً، وإنها التقته بالصدفة عند باب المتجر، بينما كانت تغادر، حيث كان "لقاءً كوميدياً" في البداية، إذ قال لها أنت "سيدة النصائح" في إشارة إلى مقالها الصحافي، وردت "أنت قطب العقارات"، ثم طلب منها مساعدته في اختيار هدية لامرأة، وشعرت بالخجل، ثم رحبت بذلك لأنها تحب تقديم النصائح.
وبحسب روايتها في المحكمة، قادها ترمب إلى قسم الملابس الداخلية بالطابق السادس، حيث عثر على قطعة ملابس، وطالبها بارتدائها، وأشار إلى غرفة تبديل الملابس، وبمجرد دخولها، أغلق ترمب الباب على الفور، وبدأ الاعتداء الجنسي، بينما كانت مرتبكة للغاية، وأدركت فجأة ما يحدث، ودفعته إلى الخلف، لكنه دفعها مرة أخرى في الحائط وضرب رأسها. ووصفت كيف استخدم ترمب وزنه ليثبتها على الحائط، ثم فعل فعلته، وكان ذلك مؤلماً للغاية، مما تسبب في أنها لم تمارس الجنس منذ ذلك الحين، وأن ترمب أنهى حياتها الرومانسية للأبد.
وقالت كارول إنها ركلت ترمب بركبتها وفرت بعد الهجوم إلى شارع "فيفث أفينيو" في حالة صدمة، وألقت باللوم على نفسها بعد ذلك، قائلة إن قرارها بالذهاب إلى غرفة الملابس كان غبياً للغاية.

ماذا يقول ترمب ومحاموه؟

لم يقل ترمب (76 سنة) ما إذا كان سيدلي بشهادته دفاعاً عن نفسه، ولم يمثل أمام المحكمة حتى الآن، وقد لا يضطر إلى ذلك لأنها محاكمة مدنية لا تستوجب مثوله، ومع ذلك فقد استخدم ترمب وسيلته المفضلة "تروث سوشيال" قبل أن تبدأ المحاكمة لوصف مزاعم كارول بأنها "عملية احتيال مختلقة"، و"قصة احتيالية كاذبة"، مما دفع لويس كابلان قاضي محكمة المقاطعة الفيدرالية، إلى التحذير من أن ترمب يحاول التأثير في هيئة المحلفين.
غير أن محامي ترمب، جوزيف تاكوبينا، شن هجوماً عنيفاً على السيدة كارول. وقال إن روايتها غير صحيحة، واتهمها باستغلال قصتها لتحقيق مكاسب شخصية من أجل المال والمكانة، ولأسباب سياسية. وأشار للمحلفين بأنه من الصعب فهم عناصر معينة من قصة السيدة كارول، مثل أن متجراً فخماً كان فارغاً تقريباً أو أن موظف المبيعات لم يعرض مساعدة على ترمب، الذي كان شخصية مشهورة في نيويورك في ذلك الوقت، مؤكداً أن "هذا أمر لا يصدق".

وكان ترمب قد نفى مزاعم كارول عندما استجوبه محاموها تحت القسم في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ونفى حتى أنه التقاها في المتجر، واتهمها باختلاق القصة لبيع كتابها عندما نشرت القصة لأول مرة، كما قال إنه ليس لديه أي فكرة عن هويتها، متجاهلاً صورة تظهر الاثنين يتفاعلان في حدث اجتماعي عام 1987 بصحبة زوجته السابقة إيفانا ترمب التي ظهرت في الصورة، وعندما عرضت الصورة مرة أخرى أثناء استجوابه في أكتوبر، أخطأ ترمب في تعريف كارول على أنها زوجته السابقة مارلا مابلز.
وفي عام 2019، بعد أن نشرت كارول قصتها، وصف مزاعمها بأنها "خاطئة تماماً"، قائلاً إنه لا يمكن أن يغتصبها لأنها ليست من النوع الذي يناسبه.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


لماذا صمتت كارول طويلاً؟

قد يكون من الصعب فهم سبب انتظار كارول طويلاً للكشف عن اعتداء جنسي، لكن فريق الدفاع عنها ذكر المحلفين بأن حادثة الاغتصاب وقعت منذ ما يقرب من ثلاثة عقود، في عالم مختلف للنساء، وقبل فترة طويلة من انطلاق حركة "مي تو" التي شجعت النساء على البوح بتعرضهن لأي مضايقات أو تحرشات جنسية أو اغتصاب طوال حياتهن. وقال فريق الدفاع إن هيئة المحلفين ستستمع إلى خبير سيشهد بأن ضحايا الاغتصاب انتظروا أحياناً سنوات، أو حتى عقوداً، للكشف عما حدث لهم، وقد لا يتقدمون أبداً للإعلان عن قصتهم على الإطلاق.
وهناك سبب آخر، وهو أن إحدى صديقات كارول التي أسرت لها بتفاصيل الحادثة في منتصف التسعينيات، نصحتها بالاحتفاظ بالقصة لنفسها لأن ترمب لديه جيش من المحامين الذين سيتمكنون من تبرئته في النهاية وإبعاده عن الملاحقة الجنائية.
أما الآن، وبعد أن انتهت المهلة القانونية لتوجيه الاتهامات الجنائية منذ فترة طويلة، فقد رفعت كارول دعوى تشهير لأول مرة في عام 2019، بعد أن رد ترمب على مزاعمها بالقول إنها ليست من النوع الملائم له، وإن القصة كاذبة تماماً، وقد حاربها محامو ترمب بطرق مختلفة، عن طريق تحويلها من محكمة الولاية لتكون أمام المحكمة الفيدرالية على اعتبار أن تصريحات ترمب كانت جزءاً من وظيفته كرئيس وهي حجة كان من الممكن أن تقضي على دعوى التشهير.
لكن في شهر مايو (أيار) الماضي، منحت ولاية نيويورك الناس فرصة لرفع دعوى قضائية في شأن مزاعم الاعتداء الجنسي التي انقضت عليها فترة طويلة من الزمن، حتى لو كان قانون التقادم قد انتهى، ولهذا رفعت كارول دعوى قضائية، متهمة ترمب بالاغتصاب وسعت إلى الحصول على تعويضات مالية، وبدأت المحاكمة في 25 أبريل (نيسان) الجاري، بعد أن رفض القاضي طلب ترمب التأجيل لمدة شهر، ومع ذلك ظلت قضيتها في المحكمة الفيدرالية.

هل يوجد شهود أو أدلة؟

يقول الفريق القانوني لكارول إنه لم يكن هناك شهود عيان على الهجوم المزعوم، واختفى منذ فترة طويلة أي فيديو أمني قد يكون موجوداً، لكن على مدى سنوات، سعت كارول إلى اختبار الحمض النووي لترمب لمضاهاته بجينات (مادة وراثية) لشخص ذكر مجهول الهوية وجدت على فستان تقول كارول إنها كانت ترتديه، ولم تغسله أبداً، وقد رفض محامو ترمب منذ فترة طويلة طلبها للحصول على عينة حتى فبراير (شباط) الماضي، عندما عرضوا صفقة لدحض ادعائها، وهي أن يقدم ترمب العينة إذا قام محاموها بتسليم تقرير الحمض النووي الكامل عن المادة الجينية الوراثية الموجودة على الفستان، لكن القاضي اعتبر أن الأوان قد فات، ولهذا لن يسمع المحلفون شيئاً خلال المحاكمة عن الحمض النووي والفستان الذي كانت ترتديه في الحادثة.
ومع ذلك، من المتوقع الاستماع إلى شهود، حيث أشارت محامية كارول الرئيسة، روبرتا كابلان، إلى أن اثنتين من صديقات كارول القدامى، اللتين أسرت لهما بتفاصيل الحادثة بعد وقت قصير من وقوعها منذ أكثر من عقدين، ستدليان بشهادتهما لتأكيد قصة كارول، بعد أن رفض القاضي اعتراضات فريق ترمب القانوني لمنع سماع الشهادتين.
كما قبل القاضي بسماع شهادتين من امرأتين أخريين تزعمان أن ترمب فرض نفسه عليهما جسدياً، حيث زعمت جيسيكا ليدز أن ترمب، جلس بجانبها على متن طائرة، وداعبها باللمس من دون موافقتها في رحلة متجهة من تكساس إلى نيويورك عام 1979، كما تزعم الكاتبة في مجلة "بيبول"، ناتاشا ستوينوف، بالمثل أن ترمب داعبها باللمس وحاول تقبيلها بالقوة في عام 2005 عندما كانت ستوينوف في مارالاغو لمقابلة ترمب وميلانيا ترمب الحامل آنذاك في الذكرى السنوية الأولى لزواجهما.
ومن المتوقع أن يعرض محامو كارول على هيئة المحلفين صورة بالأبيض والأسود التقطت عام 1987 لترمب وهو يتفاعل مع عديد من الأشخاص، بمن فيهم زوجته آنذاك إيفانا وكارول وزوجها في هذا الوقت، في حين أن ترمب أخطأ في شهادته في أكتوبر 2022 في وصف كارول التي أشار إليها بأنها زوجته السابقة مارلا مابلز.
وقد يستمع المحلفون أيضاً إلى شريط "الوصول إلى هوليوود" المثير للجدل، والذي يسمع فيه تسجيل صوتي لترمب وهو يعترف لمضيف البرامج بيلي بوش، كيف استخدم نجوميته للوصول إلى الأعضاء التناسلية للنساء من دون موافقتهن، وهو ما قد يدعم حجة الادعاء في قضية كارول.

كيف تؤثر المحاكمة في ترمب؟

قد يكون من السابق لأوانه تحديد الضرر الذي يمكن أن يلحق بترمب في هذه القضية، بخاصة أنه لن يكون مضطراً إلى تقديم شهادته في قضية مدنية انقضى عليها أكثر من ربع قرن، كما أن العقوبة لا تتجاوز العقوبات المالية التعويضية إذا قررت المحكمة إدانة ترمب في النهاية، لكن القضية في حد ذاتها تعد واحدة من سلسلة المشكلات القانونية التي تواجه الرئيس السابق، ومنها دعوى قضائية من قبل المدعي العام في نيويورك بسبب التكتم على أموال مدفوعة لنجمة أفلام إباحية، كما يواجه دعوى احتيال مدنية رفعها المدعي العام للولاية، فضلاً عن أنه هدف لتحقيق جنائي في جورجيا في شأن محاولة التدخل في انتخابات 2020، وإضافة إلى ذلك، يقوم مستشار فيدرالي خاص بفحص اكتشاف وثائق سرية حساسة في مقر إقامته، وعلاوة على ذلك يجري التحقيق في دوره بالأحداث التي سبقت هجوم 6 يناير (كانون الثاني) 2021 على مبنى الكابيتول.
وفي حين نفى ترمب ارتكاب أي مخالفات في جميع القضايا، إلا أن هذه القضايا تعد سلاحاً ذا حدين، ففي حين أنها تكسبه شعبية بين أنصاره داخل الحزب الجمهوري على اعتبار أن ترمب يروج لهذه القضايا كمطاردة سياسية تستهدف إخراجه من منافسة الرئيس جو بايدن، إلا أن القضايا تقلل من تأييد غير الجمهوريين، حيث عبر 6 من كل 10 أميركيين عن رغبتهم في عدم تأييد مرشح متورط في قضايا قانونية، كما أن ذلك قد يشجع خصوم ترمب في الحزب الجمهوري إلى تقديم أنفسهم كبدلاء غير مطاردين بقضايا قانونية.
ومع ذلك، فقد أثبت ترمب قدرته على الهيمنة والسيطرة ضد منافسيه في الحزب الجمهوري، كما أنه لم يثبت حتى الآن أنه ارتكب مخالفات قانونية جسيمة، مما يجعله حتى الآن في الأقل، قادراً على مواصلة حملته الانتخابية بزخم كبير.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات