ملخص
قالت حركة "فتح" التي تدخلت "متأخرة لحل الأزمة" إن مطالب المعلمين "كانت صرخة عادلة تحولت إلى حركة تمرد"، فما الذي حدث؟
لم ينته أطول إضراب يخوضه المعلمون الفلسطينيون في المدارس الحكومية إلا بعد بدء الحكومة باتخاذ عقوبات إدارية ومالية ضد المضربين باعتبارهم "مستنكفين عن العمل"، وبسبب "خروج الإضراب عن حدود العمل النقابي".
ويقف "حراك المعلمين الموحد"، الذي يمارس نشاطه بشكل سري، وراء الإضراب الذي بدأ في شهر فبراير (شباط) الماضي، احتجاجاً على "تنصل الحكومة من اتفاق سابق لزيادة رواتبهم بنسبة 15 في المئة تدفع عند توفر الإمكانات المالية".
إصرار وعقوبات
وجاء الاتفاق السابق الموقع في أبريل (نيسان) 2022 لإنهاء إضراب للمعلمين للمطالبة بزيادة رواتبهم، لكن عدم صرف الحكومة تلك الزيادة مع بداية العام الحالي دفع "حراك المعلمين" إلى الإضراب مجدداً، قبل توصل الحكومة و"اتحاد المعلمين"، في الـ 12 من مارس (آذار) الماضي إلى اتفاق لإنهاء الإضراب مقابل صرف خمسة في المئة من الزيادة، وتسجيل الـ 10 في المئة الباقية على قسيمة الراتب، على أن تصرف حين تتوافر الإمكانات.
ومع أن "اتحاد المعلمين" رفض ذلك الإضراب، فإن معظم المعلمين التزموا به. وحاولت مؤسسات مجتمع مدني وفصائل فلسطينية، ومنها قيادة حركة "فتح"، التوسط لإنهاء أزمة الإضراب لكنها فشلت.
حينها أعلن رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية أن إضراب المعلمين "تجاوز حدود العمل النقابي، وسيتم التعامل ضمن إطار القانون والإجراءات الإدارية التي أرسلت إلى المعلمين المستنكفين عن العمل".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووضعت وزارة التربية والتعليم "سلسلة إجراءات عقابية" بحق المعلمين الممتنعين من الالتحاق بمدارسهم إذا لم يعودوا لدوامهم بعد انتهاء إجازة عيد الفطر.
وأمس الثلاثاء، مع انتهاء الإجازة، انتظمت العملية التعليمية بنسبة تجاوزت الـ 90 في المئة، وفتحت المدارس جميعاً في الضفة الغربية والبالغ عددها 1910.
وبعد ساعات على ذلك أعلن "حراك المعلمين" تجميد الإضراب والعودة للمدارس صباح اليوم الأربعاء، بعد الموافقة على المبادرة التي تقدم بها أمين سر اللجنة المركزية لحركة "فتح" جبريل الرجوب.
وأشار الحراك إلى أن التجميد سيستمر حتى الـ 10 من سبتمبر (أيلول) المقبل "لمنح الرجوب الفرصة لتنفيذ مبادرته ضمن فترة زمنية واضحة ومحددة".
وشدد على ضرورة "تشكيل اتحاد ديمقراطي للمعلمين يكفل حرية الترشح والانتخاب"، مشيراً إلى أن "عدم تنفيذ بند دمقرطة الاتحاد ينقض عموم الاتفاق".
صرخات وتمرد
وأقر الرجوب بأن قيادة حركة "فتح" تدخلت "متأخرة لحل الأزمة"، معتبراً أن مطالب المعلمين "كانت صرخة عادلة قبل أن تتحول إلى حركة تمرد".
وأشار الرجوب لـ "اندبندنت عربية" إلى "وجود تسيسس للإضراب، وقناع لا علاقة له بالتعليم، وأن هناك مجموعة صغيرة ترهن المعلمين لمصالحهم".
وقال الرجوب إن "الأزمة أصبحت خلف ظهورنا"، مضيفاً أن "هامش الديمقراطية يجب أن يتسع على رغم التجاوزات وتسييس الإضراب"، متعهداً بالعمل على ضمان تنفيذ مطالب المعلمين.
وشدد رئيس الوزراء محمد أشتية على أن حكومته "تجاوبت مع مطالب المعلمين، وبأنه لم يعد هناك قضايا مطلبية لهم".
ويطالب المعلمون بإصلاح "اتحاد المعلمين"، ويشيرون إلى أنه لا يمثلهم، ويدعون إلى إجراء انتخابات داخلية بعد تعديل النظام الداخلي للاتحاد.
وقال الأمين العام لاتحاد المعلمين سائد إرزيقات إن عملية الانتخابات بدأت في محافظات الضفة الغربية على أن تتوج بانعقاد المؤتمر العام للاتحاد في الـ 28 من أغسطس (آب) المقبل لانتخاب قيادة جديدة للاتحاد.
وأضاف إرزيقات لـ "اندبندنت عربية" أن "الانتخابات ستجرى وفق الجدول الزمني المعلن".
دروس وعبر
وأسهمت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان بالتوصل إلى اتفاقات بين الحكومة والمعلمين الذين دعتهم قبل أسبوع إلى التراجع عن الإضراب بعد تحقيق مطالبهم.
وقال المدير العام للهيئة عمار الدويك إن الإضراب "تم تجميده"، مشيراً إلى أن "العمل جار لتنفيذ جميع المطالب". وموضحاً أن اجتماعاً سيعقد قريباً "لوضع خريطة طريق لإجراء انتخابات اتحاد المعلمين وفق القوانين المعدلة".
واستطرد الدويك أن الانتخابات ستحظى "بمتعابة فنية من لجنة الانتخابات المركزية، ورقابة من الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، وضمانة سياسية من جبريل الرجوب".
وشكل رئيس الوزراء الفلسطيني "لجنة خاصة لاستخلاص الدروس والعبر من الإضراب الأخير للمعلمين الذي طال أمده، لأنه أخذ منحى سياسياً لا مطلبياً".
ورحب مجلس الوزراء الفلسطيني باستجابة جميع المعلمين إلى دعوات الحكومة بالعودة للدوام المدرسي حماية للطلاب وإنقاذاً للعام الدراسي.