Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تداعيات فرار السجناء لا تقل خطورة عن اشتباكات السودان

يتخوف كثيرون من أن يؤدي هروبهم إلى فوضى شاملة في البلاد

تعيش الخرطوم منذ أسبوع حالة من الفوضى والانفلات الأمني بسبب الاشتباكات المسلحة  (أ ف ب)

ملخص

ما مصير السجناء الفارين من معتقلات السودان؟

يهدد فرار الآلاف من سجون العاصمة السودانية بكارثة أمنية واقتصادية خطرة، تفاقم من أخطار الحرب وتهدد البلاد في الفترة المقبلة، بحسب مراقبين أمنيين. وتأتي هذه التطورات بالتزامن مع أسوأ أزمة غذائية تضرب السودان، لا سيما مع تصاعد حدة التوترات الأمنية الأخيرة.

واقتحمت قوة مسلحة أمس السبت سجون الهدى غرب مدينة أم درمان وسوبا شرق الخرطوم وحررت النزلاء عنوة تحت تهديد السلاح.

وبحسب الإحصاءات وجد 7 آلاف سجين أنفسهم خارج الزنزانات في مركز الهدى الإصلاحي وثلاثة آلاف من سجن سوبا، فيما تم إخراج نحو 518 امرأة من سجن أم درمان.

وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تظهر نزلاء من سجن سوبا تحدثوا عن تأزم الأوضاع داخل السجن لليوم السابع على التوالي، وسط انعدام تام للوجبات وأزمات حادة في مياه الشرب عاناها حتى أفراد الحراسة، وأشاروا إلى أن خروجهم كان سيحصل من دون الحاجة إلى تدخل قوات مسلحة وتحريرهم عنوة. وبعضهم اعتبر أن السجناء ومن أسهم في إخراجهم، استغلوا المواجهات العسكرية وانعدام الغذاء كحجة للتفلت من العقاب.


اتهام ونفي

واتهم الجيش السوداني قوات الدعم السريع بالإغارة على السجن لتحرير السجناء عنوة، بدورها سارعت القوات لتبرئة ساحتها ونفت الاتهام، وقالت في بيان لها إنها نبهت سابقاً من إجراءات توزيع زي قواتها على عناصر وصفتهم بـ"الفلول" لتنفيذ أعمال إجرامية وإلصاق التهمة بالدعم السريع.

ومن بين السجناء الهاربين مدانون بالإعدام وأصحاب سوابق ونزلاء جرائم الإتجار بالمخدرات، والمتخلفون عن تسديد شيكات مصرفية وغيرها من المنازعات المالية المعروفون داخل السجون في السودان باسم "يبقى لحين السداد".

وتدور مخاوف كبيرة من محاولات تستهدف سجوناً أخرى من بينها سجن كوبر حيث يقبع البشير وعدد من رموز النظام السابق.

فوضى وانفلات

ومنذ أسبوع تعيش الخرطوم حالاً من الفوضى والانفلات الأمني بسبب الاشتباكات المسلحة، ويأتي ذلك وسط مخاوف من أعمال شغب ونهب للمواطنين والمتاجر في الأحياء بعد أن تعرض عدد كبير من المحال التجارية للكسر وسرقة كميات كبيرة من المنتجات على أنواعها.

المحامي والمستشار القانوني حاتم الياس قال إن "فرار السجناء مسألة خطرة للغاية وهو أمر يفاقم من أخطار الحرب بشكل أكبر لأن المحكومين فيهم من المجرمين والمحبوسين في جرائم خطرة تصل إلى حد الإعدام كما بينهم قتلة وتجار مخدرات. وفي ظل غياب الشرطة وانعدام الأمن أصلاً بفعل الحرب المشتعلة الآن في العاصمة، فإن الوضع يصبح بمثابة زيادة نوعية وكبرى في حلقة الانفراط الأمني، ليصبح التهديد ليس فقط من رصاص الأطراف المتنازعة وإنما من المجرمين الهاربين".

ويضيف "حتى في حال استقرار البلاد، فإن محاولة البحث والقبض عليهم ستكون مهمة شاقة وعسيرة. من الواضح أن هناك تمرداً حدث وأدى إلى بلبلة كبرى جعلت إمكانية مقاومة الأمر تشوبه صعوبات جمة من قبل شرطة السجن".

ويخشى الياس من حدوث مجاعة مع ازدياد أعداد السكان بعد خروج آلاف السجناء لأن أزمة الغذاء ستؤدي إلى كوارث معيشية يتضرر منها كل السودانيين.

سيناريوهات مرتقبة 

ويتخوف كثيرون من أن يسفر إطلاق سراح السجناء عن فوضى شاملة في البلاد مع إمكانية ارتفاع معدلات الجريمة.

المواطن مبارك عمر قال إن "ما يحدث في السودان يدعو إلى الحيرة والدهشة والخوف، فمعظم السكان سجنوا في منازلهم في ظل تبادل إطلاق النار ودوي المدافع، وفي المقابل تم تحرير آلاف السجناء بمن فيهم القتلة وتجار المخدرات والمغتصبون وهو أمر ينذر بكارثة تهدد أمن البلاد".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف أن "هذه الخطوة ستقود حتماً إلى تفشي الجرائم وعمليات النهب والسرقات والخطف وتجارة المخدرات بصورة أكبر مما كانت عليه في السابق، مما يؤدي إلى عواقب وخيمة ستنعكس على الأمن المجتمعي وستروّع المواطنين بظهور تفلتات وسطو على المنازل في أحياء الخرطوم".

وأوضح عمر أن "سكان العاصمة حالياً يعانون الأمرين بغية توفير حاجاتهم الغذائية بسبب إغلاق الأسواق وارتفاع الأسعار، وخطوة إطلاق سراح ما يقارب 11 ألف سجين ستضاعف الأزمة الاقتصادية وتمهد لزيادة معدلات الجريمة ونهب منازل المواطنين".

فجوة غذائية

ويواجه السودانيون نقصاً حاداً في الغذاء نتيجة توقف حركة المحال التجارية إلى جانب النقص المسجل في المحاصيل الضرورية خلال الموسم الزراعي الماضي.

المتخصص في الشأن الاقتصادي ضياء حامد ضرار قال إن "المخزون الغذائي في الخرطوم لا يكفي القاطنين فيها حالياً، ومع خروج آلاف السجناء تزداد حاجة الناس بنسبة أكبر إلى الغذاء، مما يقود إلى فجوة حادة في البلاد".

وتوقع ضرار نفاد السلع الاستهلاكية من الأسواق خلال الأيام المقبلة على رغم غلاء الأسعار، لافتاً إلى أن "شبح المجاعة سيهدد السودان في حال لم يستجب الجيش وقوات الدعم السريع لنداءات التهدئة والوقف الفوري لإطلاق النار".

آثار اجتماعية

إلى ذلك لن تتوقف خطورة إطلاق سراح السجناء عند تفشي الجرائم ومضاعفة الأوضاع الاقتصادية فحسب، بل تتعدى ذلك إلى آثار نفسية ومجتمعية، وفق الاختصاصية الاجتماعية سلوى الطيب مهدي التي قالت "يفترض اعتماد الحذر في مسألة إطلاق سراح السجناء، وأي محتجز يحتاج إلى رعاية، بخاصة بعد خروجه لأن السلوك الإجرامي يصنف كعادة من الصعب التخلي عنها مباشرة بعد الخروج".

وأضافت أن "كثيرين يمكن أن يعودوا لدائرة الإجرام لأن التفلت الأمني الحالي يشجعهم على ارتكاب عدد من عمليات النهب وتجارة المخدرات، لا سيما في ظل الواقع الاقتصادي المتأزم ونقص الأمن الغذائي".

واعتبرت أن "إمكانية حدوث جرائم قتل وثأر من قبل المحكومين بعقوبة الإعدام ضد ذوي الضحايا وارد بدرجة كبيرة، مما يهدد الأمن والأمان"، وكشفت الاختصاصية الاجتماعية عن آثار نفسية محتملة على الأطفال في الأحياء السكنية بسبب رؤية المجرمين والمغتصبين يتجولون بكل حرية بعد أن أفلتوا من العقاب، وربما دفعهم الواقع الجديد إلى ممارسة أفعالهم من دون رادع أو محاسبة".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير