Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أين المعارضة السورية من الخطوات العربية تجاه النظام؟

"هو تقارب ثنائي أي كل دولة بحسب ظروفها"

زيارة وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان إلى دمشق كانت الأولى منذ بدء الحرب السورية (واس)

ملخص

رغم التقارب العربي مع دمشق لا عودة لما قبل اندلاع #الثورة_السورية بحسب أركان في المعارضة

تنسحب أجواء التهدئة وتبريد الجبهات على أغلب الملفات في الإقليم، مع تغير المشهد السياسي في المنطقة بعد الاتفاق السعودي الإيراني، وتأتي الخطوات العربية تجاه النظام السوري ضمن هذه الأجواء، وتسارعت تلك الخطوات بعد الزلزال الذي ضرب المناطق الشمالية الغربية من البلاد في السادس من فبراير (شباط) الماضي، وأسفر عن وفاة قرابة خمسة آلاف شخص، ما اعتبر أنه مؤشر لعودة للنظام قريباً إلى الجامعة العربية، وكانت "رويترز" قد نقلت عن ثلاثة مصادر مطلعة، أن السعودية تعتزم دعوة الرئيس بشار الأسد إلى حضور القمة العربية الـ 32 التي تستضيفها الرياض في 19 مايو (أيار)، لكن وزير الخارجية فيصل المقداد، خلال حوار مع قناة "الجزائر الدولية" في 16 أبريل (نيسان) قال رداً على سؤال حول عودة سوريا للجامعة العربية، إن ذلك "سيكون شبه مستحيل قبل تصحيح العلاقات الثنائية". أتى ذلك بعد زيارة رسمية إلى السعودية أنهت قطيعة بين الدولتين نشأت بداية الحرب السورية.

 

أين المعارضة السورية؟

ووفقاً لكل تلك المعطيات يتصاعد الجدل في الإعلام وبين المراقبين عن مآل ومسار المعارضة السورية، وأين تقع ضمن "إعادة النظام" إلى الساحة العربية. "اندبندنت عربية" حاورت معارضين سوريين مقيمين بين باريس العاصمة الفرنسية وواشنطن عاصمة الولايات المتحدة، في محاولة للإجابة على نقاش يدور في الإعلام المحلي والغربي، عما هي أبرز العوامل التي أثرت إذا صح القول "في فشل المعارضة" بعدما وصلت لمراحل مناقشة دستور جديد لسوريا وبعد "بيان جنيف" يونيو (حزيران) 2012 الذي نص على توفير مستقبل يمكن أن يشارك فيه كافة السوريين، وبعد أن وصل الأمر بالمعارضة أن تشارك في قمة الجامعة العربية الـ 24، التي عقدت في الدوحة عام 2013، وكانت برئاسة رئيس الائتلاف السوري أحمد معاذ الخطيب، حين جلس الخطيب على مقعد رئيس وفد "الجمهورية العربية السورية"، ورفع علم "الاستقلال" الذي كانت تعتمده المعارضة السورية مكان العلم السوري، في ذلك الوقت.

التقارب العربي مع سوريا هو "تقارب ثنائي"

يقول معارض مقيم في باريس، الذي طلب عدم ذكر اسمه، "إن تقارب الدول العربية مع النظام لا يعني أنه تقارب جمعي عربي، بل تقارب ثنائي، ولو كان جماعياً لتبنته الجامعة العربية". بحيث تقوم كل دولة بحسب ظروفها، بإعادة مقاربة للعلاقة السياسية مع النظام، ووفقاً لمصالحها الخاصة، ولمصالح أمنها القومي، ولدرء خطر تهريب الكبتاغون من قبل النظام، أي كف بلاء"، مؤكداً أنه "لا عودة لما قبل 2011". وبعد تسريب ما قاله الأسد إنه لا يعنيه العودة إلى الجامعة العربية، علق المصدر، "ذلك يعني أن تبقى سوريا دولة منبوذة. وهذا لا يعني ألا يكون لسوريا علاقات ثنائية مع بعض الدول، بل أن تبقى منبوذة على المستوى الإقليمي والدولي". ويتابع المصدر أن مسألة عودة النظام إلى الجامعة العربية أو المسرح الدولي يخضع لدفتر شروط قُدم للنظام، هو نفسه ما طرحه "بيان جنيف 2012" والقرار الدولي 2254 عام 2015، أي عملياً آلية الانتقال السياسي في سوريا، لكن النظام يعلم جيداً أنه سيسقط بمجرد البدء بتطبيق تلك الشروط.

ويتابع المصدر أن أسس قيام الدولة غير متوافرة، إذ إن معظم سوريا المفيدة أي مناطق الثروات القمح والنفط، يسيطر عليه الأكراد وتحديداً "قوات سوريا الديمقراطية"، وأن مجرد اتفاقية كنقل الكهرباء مع مصر لم يجر العمل بها، بسبب "قانون قيصر" أي سيف العقوبات الأميركية.

وبالنسبة إلى السياسي والإعلامي السوري أيمن عبد النور المقيم بين واشنطن ولوس أنجليس في الولايات المتحدة، "الخطوات العربية تجاه النظام تأتي ضمن جزء من سياسة تصفير المشكلات في المنطقة، من أجل الوصول إلى جغرافية سياسية وإدارية جديدة لمنطقة الخليج، بما فيها تركيا وإيران، وبعيداً مما تطلبه أميركا، أي تجميد كل الصراعات دون أن تضع أي حل نهائي لأي مشكلة، وهذا ما رفضته دول الخليج، وقالت بدل أن يكون نزيف الأموال باتجاه خلاف عسكري، سنحول تلك الأموال لبناء شعوبنا ومقدراتها"، ويتابع "التطبيع لا يأتي لأن النظام قدم أموراً تفيد تلك الدول، أو قام بتغيير أشخاص فاسدين، وأتى بآخرين تكنوقراطيين محترمين. لا بل على العكس، عمليات التطبيع أو العودة إلى جامعة الدول العربية، تتم بناءً على أمر واحد، وهو ما تقتضيه مصلحة تلك الدول، وحتى الآن لا تقيم علاقات دبلوماسية رفيعة معه. وما قامت به السعودية عبارة عن خدمات قنصلية ولم تفتح سفارتها، بحيث أن لجنة الحج ما زالت مع الائتلاف المعارض".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويشير عبد النور إلى أن هناك من يضع خطوات الدول العربية تجاه النظام في محاولة لإبعاده من إيران، أو إيقاف تصدير الكبتاغون، لكن الحقيقة أن هناك ثلاثة عوامل أساسية. أولاً، تلك الدول وجدت أن الولايات المتحدة قد انكفأت على نفسها وانسحبت من منطقة الشرق الأوسط، واضعة نفسها بموقف المتابع فقط، وليس لديها أي خطة تنفيذية أو حل لإنهاء الوضع في سوريا، ثانياً، ليس لديها أي خطة للتعامل مع إيران سوى مفاوضات ليس لها معنى بخصوص الملف النووي، ثالثاً، لم تضع خطة جاهزة لإنهاء ما يجري في اليمن ولم تدافع عن السعودية عندما قصفت بعض مناطقها من قبل الحوثيين عبر مسيرات أتت من العراق، كما لم يكن هناك تعاون على الصعيد الاستخباراتي، لذلك وجدت تلك الدول نفسها أن المطلوب منها أن تبقى دون أن تبادر، مع استمرار النزيف المالي في اليمن ومن خلال العداء مع إيران، والالتزام بالعقوبات الأميركية على كثير من الدول، ومنها روسيا وسوريا وإيران أيضاً، بالتالي هي تخسر دون أن تحقق أي فائدة من أميركا. ويضيف عبد النور أن النظام السوري نجح في نقل ما يجري على أراضيه من خراب وفوضى إلى تلك الدول، وذلك عبر تصدير الكبتاغون لتدمير ممنهج لشعوب دول كتونس والأردن والسعودية والإمارات ومصر، أيضاً عمل على نقل حراك سلبي جداً في المساجد عبر المشايخ الذين كانوا يروجون أن من يقتلون داخل سوريا، هم من العرب السنة وذلك على يد الإمبريالية والغرب الكافر وما إلى ذلك، وهذا ما يلقى إقبالاً لدى الفئة الشبابية، وكثر الحديث عن ذلك الأمر في دول كالكويت وقطر وسلطنة عمان، من هنا عمدت تلك الدول إلى إيجاد حلول.

ويرى عضو المكتب السياسي لتيار التغيير الوطني السوري رامز السيد، المقيم في باريس، أن مسألة تطبيع بعض الدول مع النظام هي مسألة سطحية، ولا تشكل أي عائق حقيقي أمام العمل الوطني الثوري السوري، فالشعب السوري قال كلمته منذ فجر هذه الثورة المباركة، وهي رحيل هذا النظام ومحاسبته على جرائمه، التي مازالت في حالة تراكمية تصاعدية. ويردف أن "الدول المطبعة مع النظام الأسدي لها قراءاتها، خصوصاً أن هذا النظام ينتج 80 في المئة من كبتاغون العالم، لكننا لا نعلم الدوافع الحقيقية وراء هذا التطبيع اللاإنساني وإن جاز التعبير تسميتها (مصالحة وليس تطبيعاً) وهنا علينا أن نقول، بأن المصالحة تكون مع الشعب وليس مع نظام مجرم مسؤول كل المسؤولية عن شلال دم دفع خلاله الشعب السوري ملايين الأنفس بين قتيل ومعتقل ومغيب قسري ومهجر"، بحسب تعبيره.

معارضتان مدنية ومسلحة

في بحث لمؤسسة "كارنيغي للسلام الدولي" مايو (أيار) 2020، يقول إنه منذ بداية الانتفاضة السورية "واجهت المعارضة المدنية - الوطنية في سوريا، أي أولئك الناشطون والسياسيون الذين حظوا معاً باعتراف دولي بهم كبديل عن نظام الرئيس بشار الأسد، عقبات كأداء أمام احتمال تحولها إلى طرف وازن داخل سوريا، فهي كانت غير قادرة على ممارسة نفوذ ذي شأن على شبكة مؤسسات الحوكمة المدنية المعقدة وغير الشفافة التي انبثقت مع تتابع النزاع فصولاً، كما كانت منفصلة عملياً عن الفصائل المسلحة التي أمسكت بزمام الأمن في المناطق السورية الخارجة عن سيطرة الحكومة. لسنوات عدة، كان كل من الأطراف السورية والدولية يشيرون إلى الجناح الوطني - المدني على أنه "المعارضة السورية"، مبرزين بذلك أهميته المفترضة، ولأن هذه المعارضة شاركت في خطة سلام لسوريا أشرفت عليها الأمم المتحدة، وكانت تعود بأصولها إلى الحملة المدنية المديدة ضد نظام الأسد ولصالح الإصلاح، فهي تمتعت بشرعية ولم تواجه شكوكاً جدية بها في بداية الانتفاضة، بيد أن تصاعد حدة الصراع العسكري في البلاد، وما رافقه من أزمات إنسانية، وتفاقم السمات الطائفية، خلق ديناميات همشت على نحو متزايد الأبعاد المدنية والوطنية، ما أدى في خاتمة المطاف إلى التهميش الكامل للمعارضة السورية.

لكن ماذا عن الانقسامات داخل هذه المعارضة، ألم يكن أحد أسباب فشلها؟

يشير المصدر المعارض من باريس، إلى أنه يجب الاعتراف بدايةً أن المعارضة الرسمية خسرت احترام عدد كبير من الدول، وذلك لأسباب عديدة كثيرة، وأصبحت الجامعة والدول العربية تقف على مسافة واحدة من النظام والمعارضة.

ويستدرك قائلاً، "على الأقل النظام يمتلك الشرعية بينما في حال المعارضة فهي تمتلك شرعية الأمم المتحدة". ويضيف أن "الكلمة المفتاحية هي أن المعارضة السورية خسرت احترام دول العالم العربي، وبصورة خاصة دول الخليج، بخاصة أنها وصمت بوصمة الانتهازية والاستغلال والوصولية، بحيث أرادت مكاسب خاصة". أما عن المعارضة المسلحة فيؤكد أنها تقع ضمن شروط الراعي التركي، ويعطي مثالاً "أن الائتلاف السوري الذي يعد المعارضة الرسمية المعترف بها، لكنه عملياً أداة تركية". ويضيف، بخاصة أن تلك المعارضة تتمركز في شمال سوريا، ويردف "السؤال هو هل تركيا مستعدة للتنازل عن دعم الفصائل المعارضة المسلحة؟". ويشدد أنها لن تتنازل لأن تلك المعارضة هي من تحمي مناطق شمال غربي سوريا، أي بداية الحدود التركية، وتركيا لا تستطيع أن تسلم أمن تلك الحدود لا للنظام ولا للتحالف الدولي. 

ويرى السياسي أيمن عبد النور "أن المعارضة أساءت إدارة الملف الإعلامي والسياسي والدبلوماسي، كما اختيار الأشخاص الذين يمثلونها كالقيادات السياسية، عبر ارتمائهم بأحضان تركيا، بالتالي تحويلهم من معارضة سورية إلى منصة تركية تستغلها تركيا لتحقيق مآربها بدل من أن تحقق مصالح الشعب السوري، ومن ثم أتت سيطرة الإخوان وقيادات إخوانية سواء علناً، أو من خلال قياداتها وأسمائها المختلفة، أكثر من 10 إلى 15 حزباً ومراكز أبحاث ووسائل إعلام كلها سرية تابعة للإخوان، ولكنها تنكر، إذ سيطرت على معظم مؤسسات المعارضة، من هنا جاء انكفاء دول الخليج ومصر، لأنها تعلم جيداً ما جرى لها من قبل جماعات الإخوان، الذين يسميهم السوريون جماعات الإخوان المتأسلمين، لأن الدين الإسلامي الحنيف منهم براء".   

المعارضة لم تفشل إنما أفشل عملها الثوري

وبحسب عضو المكتب السياسي لتيار التغيير الوطني السوري رامز السيد، المعارضة "لم تفشل، وإنما أفشل عملها الثوري من خلال تمييع القرارات الأممية، وتباطؤ ملحوظ في تفعيل أي منها، ومحاولة إيجاد حلول إنقاذية للنظام السوري المجرم من قبل دول كانت تدعي صداقتها للشعب السوري، فظهرت تلك الانقسامات أو التبعيات لأجندات الدول التي أغدقت المال لضمان التفرقة السياسية وخلق الأضداد داخل صفوف الثورة السورية، بشقيها السياسي والعسكري، فتنوعت الولاءات وتعددت الأهداف، بعيداً من المحور الشعبي المطالب برحيل النظام الأسدي". ويشير إلى أن "المجتمع الدولي لم يكن في موقف المتجاهل، بل كان لاعباً أساساً في تمويل مشاريع التفرقة الوطنية ودعمها، من خلال من لا يجيدون العمل السياسي، وهم أشبه بمراهقين في عالم السياسة، فتم فرضهم على المشهد السياسي وتوفير الظروف "التلميعية" لهم ليكونوا جسوراً تعبر من تحتهم المياه، وبالمقابل همشت الكيانات الوطنية والأشخاص الوطنيين لضمان خلو الساحة للمراهقين المأجورين".

ماذا بعد؟ هل ينتهي دور المعارضة؟

يرفض رامز السيد ذلك الأمر بشدة ويقول، "إن العمل السياسي كمعارضة ثورية لا يمكن لقوة على الأرض أن تهمشه، أو أن تبعده أو تحيده عن المضي في ثورة هذا الشعب العظيم، الذي بذل الغالي والنفيس في سبيل كرامته وحريته ضد الطغيان الأسدي المجرم". ويتوجه للدول المطبعة بحسب تعبيره مع النظام الأسدي، ويقول أنتم تهربون من الحقيقة وتعلمون جيداً بأن النظام الأسدي لا يملك حلاً أو قراراً، فهو يرزح تحت نير احتلال إيراني روسي، ومحله من الإعراب مدير مكتب الاحتلالات الأجنبية لسوريا، وأي تقارب معه محصلته صفرية تماماً، من جميع الجوانب وفي المجالات كافة، ولن تنالوا من تقاربه إلا العار ومعاداة الشعوب".

*يشار إلى أنه مع كتابة هذا التقرير صدر عن وزارة الإعلام السورية أمس الثلاثاء أن وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان وصل إلى دمشق، في أول زيارة رسمية سعودية، منذ القطيعة بين الدولتين مع بدء النزاع في سوريا قبل 12 عاماً.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات