Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مصير معلق لسبعة تونسيين محتجزين في الجزائر

 بتهمة تهريب المواد الغذائية والسلطات لم تعلق بشكل رسمي

تنامت ظاهرة التهريب بين الجزائر وتونس في السنوات الأخيرة (أ ف ب)

ملخص

ناشدت عائلات تونسية الرئيس #قيس_سعيد بالتدخل من أجل إطلاق سراح #الموقوفين لاسيما في ظل علاقاته المزدهرة مع نظيره #الجزائري_عبد_المجيد_تبون

في العاصمة تونس تأمل أميمة الدريهمي التي يقبع والدها في السجن في الجزائر على خلفية تهم تهريب مواد غذائية من الجزائر أن تبذل بلادها مزيداً من الجهود من أجل إطلاق سراح والدها وبقية الموقوفين الستة الذين حكم عليهم بالسجن لخمس سنوات، مما أثار جدلاً واسع النطاق لا يزال صداه يتردد بقوة.

وفي وقت سابق ناشدت عائلات تونسية الرئيس قيس سعيد بالتدخل من أجل إطلاق سراح الموقوفين، لاسيما في ظل علاقاته المزدهرة مع نظيره الجزائري عبدالمجيد تبون، ولم يتضح بعد ما إذا كان هناك تدخل فعلي لحلحلة هذا الملف الذي لم تقتصر ردود الفعل الغاضبة عليه في الداخل التونسي، بل شملت كذلك الجزائريين بعد أن أعربت أوساط سياسية وحقوقية عن استيائها من هذا الحكم.

رسائل طمأنة

بعد أكثر من أربعة أشهر على توقيفهم، ومن ثم إصدار حكم بسجنهم 10 سنوات ثم في طور استثنائي خفض العقوبة إلى خمس سنوات سجناً، لا يزال مصير سبعة تونسيين في الجزائر يلفه الغموض في وقت تقول فيه السلطات القضائية إن هؤلاء تم ضبطهم بصدد تهريب مواد غذائية مدعمة وهو ما تحظره الجزائر، لكن هذه التهمة ينفيها التونسيون المعنيون بالأمر.

تقول أميمة الدريهمي التي سجن والدها في الجزائر إن "والدي يعاني مرضاً مزمناً، القنصليات وغيرهم من البعثات التونسية في الجزائر ساندتنا لكن لا نعلم ما إذا كان هناك تدخل على أعلى هرم السلطة في تونس أي مباشرة من الرئيس قيس سعيد".
وتابعت "تلقينا رسائل طمأنة بشأن تدخل مباشر للرئيس سعيد في الملف من أجل إطلاق سراح جميع الموقوفين لكن لم نحقق بعد أي تقدم، نطالب ونتمنى أن يتم إطلاق سراحهم قبل عيد الفطر في انتظار الحكم البات من محكمة التعقيب". 
وحول التهم الموجهة إلى والدها والستة التونسيين الآخرين أوضحت الدريهمي "لم يهربوا شيئاً، من يهرب يقوم بذلك على دروب للتهريب ليس على مستوى الطريق الرئيس وأمام أعين الجمارك، وضعيتهم كانت قانونية وبعيدة من أي تهريب".

تحركات دبلوماسية متأخرة

ولم تعلق السلطات التونسية بشكل رسمي على القضية، لكن مصدراً في وزارة الخارجية قال إن "الوزارة بصدد متابعة القضية من أجل إيجاد حل لها". وأضاف المصدر أن هذه الجهود التي تبذلها الوزارة هي لإيجاد حل لكن من دون التدخل في استقلالية القضاء الجزائري، لكن هذه الجهود لم تثمر بعد أي تقدم من شأنه طمأنة عائلات الموقوفين في الجزائر.

 
 
وقال رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان مصطفى عبدالكبير، إن "حيثيات القضية تعود إلى نهاية العام الماضي، يوم الـ18 من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، إذ تم ضبط تسعة أشخاص على متن حافلة سياحية، سبعة تونسيين واثنين جزائريين وتم تحرير محاضر بتهمة التهريب والاحتكار والمضاربة، وتم في مدة وجيزة كانت تشهد فيها تونس انتخابات برلمانية الحكم ضدهم بـ10 سنوات سجناً من طرف القضاء الجزائري بمدينة تبسة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 

وأردف عبدالكبير في تصريح خاص لـ"اندبندنت عربية" أن "القضاة اعتمدوا في قرارهم على مرسوم صادر عن الحكومة الجزائرية لمقاومة ومكافحة تهريب السلع المدعومة الأمر الذي فاجأنا خصوصاً أن 10 سنوات عقوبة ثقيلة ولم تكن هناك شروط محاكمة عادلة بالإسراع بهذه المحاكمة، وأيضاً لم تكن هناك عملية تهريب أصلاً لأنهم على متن حافلة سياحية رسمية، وتم توقيفهم في بوابة قبل الوصول إلى المعبر الحدودي، أي في طريق قانونية وليس في مسلك ريفي أو مواز يسمح بالتهريب".
وأكد أن "التونسيين دفعوا ثمناً باهظاً على رغم أنه من المفروض ملاحقة أباطرة التهريب الحقيقيين الذين ينشطون على الحدود من الاتجاهين، من بين هؤلاء رجل مسن يفوق عمره 71 سنة، وأصبحوا يواجهون مصيراً غامضاً".
ولفت عبدالكبير إلى أن "الدبلوماسية قامت بتحركات لكنها كانت متأخرة جداً ولم تكن بالشكل المطلوب في وقت كان التونسيون يحاكمون بقانون موجه لأباطرة التهريب، هو تحرك شكلي وليس حقيقياً لأنه لو كان حقيقياً كان يجب أن يكون منذ الأيام الأولى خصوصاً أن لنا علاقات مميزة بين تونس والجزائر، ونعرف أن التهريب من الاتجاهين، وساندنا الجزائر مراراً ونحترم استقلالية القضاء الجزائري لكن الحكم كان جائراً".
وشدد أنه "في نهاية الأمر نطالب بإطلاق سراحهم بخاصة أن القضاة لم يستمعوا خلال محاكمة المتهمين حتى للمرافعات أو للمتهمين بل مباشرة أصدروا أحكامهم، بالتالي على وزير الخارجية التونسي الجديد أن يتحرك لحلحلة هذا الملف".

انقسام في الجزائر

وفجرت قضية التونسيين الموقوفين سجالات في الجزائر بين مؤيد لتوقيفهم من أجل الحد من التهريب الذي يشمل مواد غذائية والبنزين وغيره. وتفاقمت ظاهرة التهريب من الاتجاهين بين تونس والجزائر بعد أحداث 14 يناير (كانون الثاني) 2011 في تونس، إذ باتت تنشط جماعات لتهريب البنزين، فيما يتم تهريب أبقار ومواش من تونس نحو الجزائر.
وفيما استنكرت زعيمة حزب العمال اليساري في الجزائر لويزة حنون الأحكام القضائية الصادرة بحق التونسيين الذين قالت إنهم "ليسوا مهربين"، وأنه يجب على "الجزائر دعم تونس في ظل ما تعيشه من ظروف اجتماعية صعبة"، أشادت أوساط سياسية أخرى بقرار القضاء الجزائري. 
 
 
ويعاقب القانون الجزائري مرتكبي التهريب باستعمال وسائل النقل بالسجن ما بين 10 و20 سنة وبخطية مالية قيمتها 10 أضعاف البضاعة المصادرة ووسيلة النقل.
وقال القيادي في حزب "جيل جديد" الجزائري وليد حجاج، إن "في حقيقة الأمر تهريب المواد الغذائية وخصوصاً المدعمة قد عرفت في الآونة الأخيرة، أي السنوات الثلاث الأخيرة عمليات كبيرة لإدخال هذه المواد إلى السوق التونسية".
وأضاف حجاج في تصريح خاص أنه "إذا كنا نتكلم بمنظور اقتصادي فإن هذا يعاقب عليه القانون الجزائري خصوصاً أن هذه المواد مدعمة من الخزانة الجزائرية والعدالة لها النصوص القانونية والتشريعية لكي تقوم بإصدار هذه الأحكام بحق أي مواطن أجنبي حتى وإن كان أخاً أو جاراً".
وأكد أنه "إذا كنا سنتكلم بحكم العلاقة التي تربط الجزائر وتونس والأزمة الاقتصادية التي تمر بها الأخيرة يمكن للعدالة الجزائرية أو الرئيس عبدالمجيد تبون بصفته القاضي الأول في البلاد أن يصدر عفواً في شأن التونسيين".
وأبرز بأنه "وهنا هذا يتعدى المواد الاستهلاكية حيث يمتد التهريب نحو الأراضي التونسية إلى المواد البترولية، مثل البنزين الذي يتم تهريب كميات منه عبر الحدود الشرقية أو الغربية".
وتئن تونس تحت وطأة أزمة اقتصادية حادة في ظل الإخفاق في التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي للحصول على تمويل يقدر بـ1.9 مليار دولار، إذ يشترط الصندوق حزمة من الإصلاحات ترفضها السلطات بشكل كبير باعتبارها "تهدد السلم الاجتماعي" كما قال الرئيس قيس سعيد أخيراً.
وتسببت الأزمة الاقتصادية في اشتعال أسعار المواد الغذائية وفقدان مواد أخرى مثل السكر والرز والحليب وزيت الطهي وغيرهم، وهو أمر تسبب في تصاعد وتيرة التهريب على ما يبدو، فيما يحمل الرئيس سعيد المحتكرين والمضاربين مسؤولية هذا النقص الفادح في بعض المواد.
وفي ظل غياب بوادر عن حل ملف الموقوفين التونسيين في الجزائر فإن مصيرهم سيبقى غامضاً بين إتمام العقوبة السجنية التي تم إصدارها من طرف القضاء الجزائري، أو أن يتم التخفيف فيها أو الإفراج عنهم بتدخل من السلطات التونسية التي لم تبعث بإشارات في شأن ذلك. 
اقرأ المزيد

المزيد من متابعات