Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

من "الفنلدة" إلى "الأطلسة" و"الأورسة" على الطريق

واحد من دروس الحرب هو "محدودية القوة العسكرية" وينطبق على المهام الأطلسية خارج أوروبا كما على أحلام أوراسيا

بات العالم رهينة "الأطلسة والأورسة" والطموحات الصينية التي لا تزال بلا عنوان (أ ف ب)

ملخص

الكل يوسع خطاه بأكثر من قدرته العسكرية وإمكاناته الاقتصادية وليس واضحاً إن كان #بوتين وشي و#بايدن سيأخذون العبرة من المثل الروسي القائل "إذا وسعت خطاك فإنك تمزق بنطالك"

كانت "الفنلدة" على مدى عقود بعد الحرب العالمية الثانية عنواناً ورمزاً للعلاقات بين دولة قوية وجار ضعيف على طريقة العلاقات بين الاتحاد السوفياتي وفنلندا. وكان ستالين يريد ضم فنلندا إلى الاتحاد السوفياتي كما فعل مع دول البلطيق الثلاث إستونيا ولاتفيا وليتوانيا، لكن فنلندا قاومت وانتهى الأمر إلى صيغة مرضية للطرفين: فنلندا تبقى مستقلة وتلتزم - مع الحفاظ على سيادتها - مواقف موسكو في السياسة الخارجية. وشيء من هذه الصيغة كان أساس العلاقات بين الاتحاد السوفياتي وبلدان المعسكر الاشتراكي تحت عنوان "السيادة المحدودة" بحسب تعبير بريجنيف. وشيء منها كان مطروحاً للعلاقات بين سوريا ولبنان تحت شعار "فنلدة لبنان" مقابل شعار "قبرصة لبنان". وللعلاقات بين العراق والكويت قبل أن يحتل صدام الكويت متجاوزاً "فنلدة الكويت". وفي سياسة إيران مع جيرانها كما في سياسة تركيا شيء من هذا الطموح. وإذا كانت الولايات المتحدة تعاملت مع أميركا اللاتينية على أساس أنها "الحديقة الخلفية" لها، فإن علاقاتها مع بعض الدول في أميركا اللاتينية كانت نوعاً من "الفنلدة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بعد انهيار الاتحاد السوفياتي واستقلال دول البلطيق ودول المعسكر الاشتراكي صار العنوان والرمز هو "الأطلسة". دول البلطيق انضمت إلى الحلف الأطلسي "الناتو". ودول المعسكر الاشتراكي، باستثناء بيلاروس الملتصقة بالسياسة الروسية والسلاح الروسي، انضمت إلى الاتحاد الأوروبي وبعضها إلى "الناتو". وفنلندا صارت رسمياً في الحلف، والسويد المحايدة على طريق "الأطلسة" في انتظار الجهود لتذليل العقبة التركية. وهجوم روسيا على أوكرانيا كان بين أسبابه المعلنة منع كييف من الانضمام إلى "الناتو" بما يشكل خطراً على روسيا، من حيث اقتراب السلاح النووي من حدودها مع أوكرانيا التي هي بوابتها إلى أوروبا.

لا شيء يزعج الرئيس فلاديمير بوتين أكثر من "الأطلسة" بعد نهاية "الفنلدة". ورده عليها هو أولاً المطالبة بالعودة إلى الأوضاع التي كانت في أوروبا الشرقية قبل عام 1993، أي قبل الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي و"الناتو". وثانياً العمل على توحيد الجغرافيا والديموغرافيا، حيث "كل روسي في أوكرانيا وجمهوريات البلطيق وكازاخستان هو مواطن في الاتحاد الروسي ويجب ضمه مع الأرض إلى روسيا". وثالثاً نشر صواريخ "سارمات" العابرة للقارات، وإنتاج أنظمة "كينجال" الجوية الفرط صوتية وصواريخ "زيرنون" الأسرع من الصوت وصواريخ "تسيركون" البحرية الفرط صوتية. ورابعاً تحقيق "الأورسة" عبر المشروع الأوراسي، بحيث تكون روسيا "دولة أوراسية لها مهمة خاصة في أوراسيا"، في مقدمتها "الأورسة ضد الأطلسة"، فضلاً عن أن الرئيس الصيني شي جينبينغ الذي أقام مع بوتين "شراكة بلا حدود" يحذر من توجه "الأطلسة" إلى المحيطين الهادي والهندي عبر توسيع مهام الحلف الأطلسي نحو آسيا، وهو توسع حدث عملياً منذ دور "الناتو" في أفغانستان.

لكن واحداً من دروس الحرب في أوكرانيا هو "محدودية القوة العسكرية" كما يقول المتخصص الاستراتيجي إليوت كوهين. وهذا الدرس ينطبق على توسيع المهام الأطلسية خارج أوروبا والمحيط الأطلسي، كما على تكبير الأحلام الأوراسية. وليس واضحاً إن كان بوتين وشي وبايدن سيأخذون العبرة من المثل الروسي القائل "إذا وسعت خطاك فإنك تمزق بنطالك". فالكل يوسع خطاه بأكثر من قدرته العسكرية وإمكاناته الاقتصادية، بصرف النظر عن قوة الاقتصاد الصيني الذي صار الثاني في العالم بعد الاقتصاد الأميركي المتراجع حالياً. والعالم رهينة "الأطلسة والأورسة" والطموحات الصينية التي لا تزال بلا عنوان، وطموحات قوى محلية عدة لفرض "الفنلدة" على الجيران.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل