Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الخيانة الزوجية والرجل المتدين يثيران جدلاً حول الدراما السودانية

نقاد يعزون الجرأة في طرح القضايا إلى فضاء الحرية بعد ثورة ديسمبر

لقطة من مسلسل "زاندا" السوداني (ملف المسلسل)

ملخص

نقاد يعزون الجرأة في طرح القضايا إلى فضاء الحرية بعد ثورة ديسمبر في #السودان 

أثارت المسلسلات الدرامية السودانية في رمضان هذا العام، عدداً من القضايا الاجتماعية، بصورة وصفها نقاد ومتابعون بالجرأة في شكلها ومضمونها، وتباينت آراء المشاهدين في مواقع التواصل الاجتماعي حولها. وتنوعت القضايا المطروحة بين إدمان المخدرات لدى النساء، والخيانة الزوجية، وصورة الشيخ المتدين، وغيرها مما يعتبر مسكوتاً عنه في المجتمع السوداني. وأبرزت مسلسلات، ما زالت تعرض في رمضان الحالي، مثل "زاندا"، و"ود المك"، و"دروب العودة"، واقعاً درامياً وصفه البعض بالمبالغة، والبعض الآخر باقترابه من الواقع.

ويعزو نقاد متخصصون في الدراما الجرأة في طرح تلك القضايا إلى فضاء الحرية الذي انفتح بعد ثورة ديسمبر(كانون الأول) 2018 في السودان، ويرون أيضاً أنها جاءت كرد فعل على الكبت الذي كانت تواجهه الدراما السودانية في عهد نظام الإنقاذ (1989-2019)، خاصة أنه وَضَعَ المرأة – مثلاً - في الدراما السودانية في صورة نمطية، غير واقعية كما يشير الناقد الدرامي، السر السيد.

أكثر واقعية

يرى الناقد الدرامي راشد بخيت، أن مسلسلات رمضان الحالي، أحدثت نقلة على مستوى القضايا التي أثارتها، ويعتبرها مؤشرات جيدة ودالة على الأثر الذي أحدثته رغم ضعف الإنتاج ورداءته وعدم المهنية والحرفية في التكنيك والسيناريو المتهالك - بحسب قوله. ويضيف في حديث مع "اندبندنت عربية": "لكن الملحوظ في هذا النوع من المسلسلات – ومنتجوها وممثلوها أغلبهم هواة دفعتهم الرغبة والإرادة - أنها أكثر واقعية أو مطابقة للواقع، وهذا ما يجعلها أكثر تجاوزاً لدراما العقود الثلاثة الماضية – فترة نظام الإنقاذ – ولأول مرة نرى مشاهد تعكس الواقع السوداني بشكل صادق، سواء كان ذلك في صالة المنزل أو فنائه، إضافة إلى أن مستوى الحوار واقعي وليس فيه مبالغة أو تخفيف لأي دلالات عاطفية".

ويشير راشد إلى أن دراما رمضان السودانية هذا العام، حققت عنصر الاقتراب من الواقع والقفزة والانتشار، وجعلت القضايا التي يعيشها الناس تظهر بشكل مباشر في الشاشة، ويضيف: "رأينا كسودانيين انعكاسنا على الشاشة بطريقة أكثر تقدماً".

وبحسب راشد، فإن أحد مصادر الحرية التي أتاحت للدراما مقاربة هذا النوع من القضايا هو الاقتصاد الرقمي الجديد والنشط في العالم وفي السودان بشكل خاص، وهو ما أتاح إنتاج العمل على وسائط التواصل الإجتماعي مما يقلل من كلفة الإنتاج. ويشير إلى رغبة الممثلين خصوصاً الشباب، وعاديتهم وعدم احترافيتهم، فهم – كما يقول - في الأغلب ليسوا خريجي كليات الدراما، وغير ممارسين للتمثيل والإخراج لفترة طويلة.

ويرى أن استخدام وسائل أقل كلفة في التصوير، تسبب في فكاك تلك المسلسلات من إنتاج المؤسسة الرسمية الذي كان يقدمه التلفزيون السوداني المنتج الوحيد في تاريخ الدراما السودانية.

صورة المرأة

ويلحظ الناقد السر السيد أن صورة المرأة في المجال العام السوداني تغيرت، لا سيما بعد ثورة ديسمبر، وبالتالي فإن ظهورها عبر شاشة التلفزيون السودانية عموماً تغير، ويقول لـ"اندبندت عربية": "ظهرت المرأة في التلفزيون والدراما بعد ثورة ديسمبر في صورة تشكل تنوع اتجاهات زي المرأة السودانية، فهناك المحجبات، وأيضاً من يكشفن عن رؤوسهن، وهذا أكثر تعبيراً عن تنوع الأفكار والأزياء والثقافات السودانية". ويعزو ذلك للعمل الدؤوب الذي كانت تقوم به منظمات المجتمع المدني المتخصصة في قضايا المرأة، فقد أتاحت ثورة ديسمبر – بحسب السيد - الخيار والحرية الشخصية في اختيار المرأة السودانية زيها سواء كانت متحجبة أو غير متحجبة.

ورغم ما يصفه بالانقلاب الذي حدث في صورة المرأة في الدراما السودانية، يرى السيد، أن ما أنتج من مسلسلات سودانية في رمضان الحالي، لا يقدم صورة المرأة السودانية في تنوعها الأشمل، فيذكر مثلاً أن هناك أكثر من 20 شخصية لامرأة في مسلسل واحد، هو مسلسل "زاندا"، من ضمنها 16 شخصية تقدم صوراً سالبة وغير واقعية عن المرأة السودانية، كما أن معظمها يتصف بالمبالغة في تصوير تمرد تلك الشخصيات، ويقول: "ناقش المسلسل قضايا كالخيانة الزوجية وإدمان المخدرات من وجهة نظر ذكورية، ولم يتطرق المسلسل للغبن التاريخي الذي لحق بالمرأة السودانية"، ويضيف: "أيضا أظهر مسلسل "دروب العودة" شخصية المناضلة في صورة المتشككة دوماً في أن السلطات الأمنية تتابعها من دون أن يسبر العمق الذي يتولد في شخصية المرأة  المناضلة". ويقول إن تلك المسلسلات تمثل رد فعل لا أكثر على ثلاثين عاماً من فرض صورة نمطية للمرأة السودانية، ويرى أنها تفتقر إلى الخبرة والرؤية.

ويعتبر السيد أنّ المسلسلات في عهد الإنقاذ، على الرغم من أنها كانت مقيدة بصورة واحدة للمرأة – المحجبة حتى في فناء منزلها – فإن الأعمال التي أنتجت في تلك الفترة كانت تحمل قيمة فنية أعلى مما ينجز الآن.

شخصية المتدين

أثار مسلسل "ود المك" جدلاً حول صورة الشيخ المتدين أو رجل الدين في المجتمع، من خلال شخصية الشيخ الرفاعي، ورغم تدينه، فإن المسلسل يبرز تناقضاته في تعامله مع النساء والأسرة والمجتمع من حوله.

الممثل صلاح أحمد، الذي جسد شخصية الشيخ الرفاعي، يقول عن اختياره لتمثيل تلك الشخصية في مسلسل "ود المك"، إنه طلب من المخرج هيثم الأمين قراءة سيناريو المسلسل، ويضيف لـ"اندبندنت عربية": "بعد قراءتي للسيناريو أعجبتني فكرة المسلسل ككل، قبل الشخصية التي اُختِرتُ لتجسيدها، فقد تجد الشخصية المناسبة لكن المسلسل رديء أو العكس".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويرى صلاح أن شخصية شيخ الرفاعي تعالج المسكوت عنه في شخصية الرجل المتدين في المجتمع السوداني، ويقول: "هي شريحة لا يتحدث عنها المجتمع كثيراً، وكنت أتوقع أن تُحدِث ضجة، لكن تركيبتها وتفاصيلها أعجبتني"، ويضيف: "شخصية الرفاعي هي أحد خطوط مسلسل "ود المك" الدرامية، وهناك أكثر من سبعة خطوط درامية، والمسلسل يتحدث عن الفساد الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، وهي شخصية رغم تدينها، تنطوي على تناقضاتها الشخصية في تعاملها مع الأسرة والمجتمع الذي تعيش فيه، وفي محل عمله، ولديها الإشكالات نفسها الموجودة في المجتمع، رفض الناس أم قبلوا".

ويعتقد صلاح أن الشخصية عولجت في شكل ليس فيه أي مساس بالدين أو رجال الدين، فهي مثل الشرائح الأخرى التي يوجد فيها الصالح والفاسد، مثل كل شخصيات المجتمع التي يتم تناولها تحت مجهر الدراما.

ويضيف: "كنا شفافين جداً في تناول جميع الشخصيات في المسلسل، وقدمنا شخصية الوزير الفاسد، وشخصيات هي نتاج للتفكك الأسري، وليس التناقض خاصاً بشخصية شيخ الرفاعي فقط، ولا أعتقد أنها مضادة للدين أو المتدينين في المجتمع".

معركة طبقية

الناقد والمخرج ربيع يوسف، يرى أن الهجوم الذي تعرض له مسلسل "ود المك" من بعض الدعاة، يقف شاهداً على أثر وخطورة وفعالية الدراما، ويضيف في إفادته لـ"اندبندنت عربية": "من حقّ مجموعة العمل والدراميين السودانيين أن يفخروا ويراهنوا على فنهم الدرامي ويتذكروا باستمرار أن ما يتركونه من أثر على الصعيدين الإيجابي أو السلبي، وعلى الأصعدة السياسية والاجتماعية والثقافية إنما أثر كبير، لا تطاوله معظم الخطابات الفنية والفكرية الأخرى، وهي حقيقة في صالح الدراميين والدراما السودانية". ويضيف: "ليس ببعيد، العمل الذي قدمه الزميل عبد الله عبد السلام (فضيل) في ما يتعلق بقضيه سيداو، فمعظمنا يذكر رد فعل بعض المتدينين حين رفعوا من شأن ما قدمه فضيل، لأنهم رأوا أنه عمل يساعدهم في التشويش على قوى التغيير في المجتمع". والمعركة - في رأي ربيع - ليست معركة دين مُهدَّد أو قيم مجتمعية مُهدَّدة، بل يصفها بأنها معركة طبقية بين مسحوقين ومستضعفين، من بينهم الدراميون أنفسهم، وبين مترفين يشكلون التحالف الطبقي الذي ظل مهيمناً على المجتمع السوداني بالقهر السياسي والاقتصادي – بحسب قوله. ويضيف: "هنا معركة خير وشر، لذلك على الدراميين أن لا يتركوا سلاحهم جانباً، بل عليهم بمزيد من المواجهة ومزيد من كشف الأقنعة الزائفة".

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة