Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ست أولويات أمام رئيس الوزراء الجديد بوريس جونسون

الخروج من الاتحاد الاوروبي يتقدم الاجندة لكن ثمة قضايا مهمة اخرى

حاولت تيريزا ماي كثيرًا وضع أجندة محلية غنية لما بعد بريكست لكنها فشلت في الأخير. إذ استهلك بريكست الماكينة الحكومية ولم يترك مجالًا كافيًا لأمور اخرى.

استطراداً، سيحاول بوريس جونسون التعلم من أخطائها، خصوصاً مع افتقاده الواضح لخطة عمل لما يمكن عمله، وقد ظهر ذلك منذ صباح اليوم التالي لاستفتاء عام 2016 حين قاد حملة الخروج من الاتحاد الأوروبي إلى انتصار متوقع.

في ما يلي ست أولويات لما بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي يحتاج رئيس الوزراء جونسون إلى جعلها علامته الفارقة:

الرعاية الاجتماعية

تعرض جونسون وجيريمي هانت إلى ضغط شديد من أعضاء حزب المحافظين خلال حملتيهما الانتخابيتين لزعامة الحزب، بشأن معالجة أزمة الرعاية الاجتماعية. وكان ردّ بوريس أن هناك حاجة لتحقيق اتفاق عريض بين مختلف الأحزاب عن تلك  الأزمة، لكنما من غير المضمون أن يظهر اتفاق كذلك. إذ إن تلك المسألة أصبحت كأنها لعبة كرة قدم بعدما أطلق حزب المحافظين على خطط حزب العمال اسم "ضريبة الموت" خلال الانتخابات العامة في 2010. في المقابل، انتقم حزب العمال عبر شجب مقترحات رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي ووصفها بـ"ضريبة الخرف" في انتخابات 2017.

بالنتيجة، أدّى ذلك المسلسل من المواجهات إلى ارتباك الحكومة تجاه الإصلاح، لكن الإدارة الجديدة عليها أن تقود من الخط الأمامي، وأن تعمل على التكامل بين "خدمة الصحة الوطنية" ("آن أتش أس") ومنظومات الرعاية الاجتماعية، ما سيقلل الضغط على المستشفيات. يجب على بوريس أن ينقض رفض تيريزا ماي تمويل مشروع يهدف إلى منع كبار السن من بيع بيوتهم لتغطية تكاليف العناية بهم. كذلك، تحتاج السلطات المحلية بشكل عاجل وملح إلى مال أكثر، بعد تقليص الحكومة المركزية إعاناتها لها بنسبة 49 % منذ 2010. لذا، يجب على الوزراء إنهاء الاجحاف في نظام يجبر المواطنين الذين يغطون بأنفسهم تكاليف العناية بهم في دُور كبار السن، على دفع أموال أعلى بكثير من أولئك الذين يتسلمون إعانات من البلديات.

كذلك يتوجّب على جونسون أن يفكر في خطة هانت المشابهة لنظام التقاعد بالنسبة للعاملين، وتقضي باقتطاع قسط من رواتبهم بشكل أوتوماتيكي لتغطية نفقات الرعاية التي ستقدم لهم لاحقاً عند تقدمهم في السن.

التعليم

كسبت "الخدمة الصحية الوطنية" من حكومة ماي عناية أكبر من التعليم، لكن أزمة متنامية في تمويل المدارس ستكون في قمة أولويات رئيس الوزراء الجديد. إذ يملك الآباء والمدرسون وموظفو المدارس الآخرون، أصواتاً لها وزنها. ومع احتمال إجراء انتخابات عامة مبكرة بسبب بريكست، لن يكون بإمكان المحافظين تجاهل ذلك الملف فترة أطول.

وفي وقت سابق، أقرّت ماي بالمشكلة عِبْرَ سعيها إلى تقديم دفعة مالية سريعة، في آخر فترة من حكمها، لكن وزير ماليتها فيليب هاموند عرقل تنفيذه.

وعلى الرغم من أن الحكومة تصر على أن تمويل المدارس في أعلى مستوياته القياسية، إلا أن النقاد يدّعون أنها لم تأخذ بعين الاعتبار ارتفاع عدد التلاميذ بحوالى 750 ألفاً منذ 2010.

وفي الإطار نفسه، خلال حملته الانتخابية لزعامة حزب المحافظين، وعد جونسون بتقديم دعم إضافي للمدارس في إنجلترا يبلغ 4.6 مليار جنيه إسترليني قبل انتهاء 2022. ودعت "لجنة التعليم المختارة" التي تضم كل الأحزاب إلى ضخ مبلغ 3.8 مليار جنيه إلى التعليم كجزء من خطة أمدها عشر سنوات لإصلاح "نظام تمويل التعليم المعطَّل". كذلك دعت إلى وضع أولوية للمراحل اللاحقة من التعليم.

لا يتعلّق الأمر بالمال وحده، بل ثمة وزن للمستويات أيضاً. إذ يزعم المحافظون أن 1.9 طفل لا زالوا خارج المدارس أو يتلقون التعليم في مدارس متدنية المستوى، بالمقارنة مع كانته الحالة في 2010. في المقابل، ترى "هيئة الاحصاءات"، وهي مؤسسة مستقلة، أن ذلك الزعم لا يغطي الصورة كلها، لأن الزيادة ترجع جزئياً إلى الارتفاع في أعداد التلامذة.

الإسكان

ظلت الحكومات المتعاقبة تدعو إلى تغيير رئيسي في بناء المساكن لمعالجة نقص الإمدادات الذي أدى إلى ارتفاع كبير في أسعار المساكن، لكنها فشلت باستمرار في تحقيق ذلك الهدف.

وفي 2017 وعد بيان المحافظين الانتخابي ببناء مليون وحدة سكنية قبل انتهاء 2020 و"تنفيذ نصف مليون أخرى قبل بداية 2023". وفي مايو (أيار) 2018، أطلقت "وزارة الإسكان والكيانات المجتمعية والحكومات المحلية" وعداً بـ"وضعنا في المسار الصحيح لتنفيذ 300 ألف وحدة سكنية إضافية كمعدل سنوي عام". في المقابل، لم يبنَ سوى 165 ألف وحدة سكنية في 2018، ما يساوي زيادة 1% عن الإثني عشر شهراً التي سبقتها.

واستطراداً، وكي يتحوّل الكلام إلى واقع، يرى بعض المحافظين أنهم بحاجة إلى المخاطرة بنفور أنصارهم الطبيعيين منهم إذا سمحوا ببناء المساكن في المناطق الخضراء. واقتُرِحَتْ تلك الفكرة من قبل ليز تْرَس، الأمين الأول لوزارة المالية، وأول مسؤولة حكومية تدعم بوريس في مسعاه لزعامة حزب المحافظين. كذلك لوحظ أن جونسون كان متحفظاً حين صرح أمام أعضاء في حزب المحافظين بأنه من الممكن تحقيق ذلك الهدف بواسطة البناء في مواقع صناعية سابقة (عادة ما تكون خالية من الغابات).

وبصورة إجمالية، من المستطاع القول إنّ سياسة راديكالية ستحقق بشكل ملموس ارتفاعاً في تنفيذ الإسكان الاجتماعي. ومن الممكن أن يؤدي تعيين وزير إسكان إصلاحي مثل مايكل غوف إلى رفع تلك القضية إلى الأعلى في أجندة الحكومة.

وكخلاصة، يبدو أن تحقيق تقدم سريع في ذلك المجال ضروري جداً للمحافظين كي يحسنوا موقعهم المتراجع بين الراشدين الشباب، الذين يكد الكثير منهم كي يتمكنوا من شراء مساكن لهم.

الهجرة

عزلت رئيسة الوزراء السابقة ماي نفسها عن أعضاء حكومتها حين أصرت على هدف ورثته من سلفها ديفيد كاميرون، يتمثّل في إنقاص عدد المهاجرين إلى ما دون المائة ألف في السنة، إلا أنه يبلغ الآن 258 ألف مهاجر في السنة.

استطراداً، تحمل ماي معها الهدف الذي أرادت تحقيقه. وعلى الرغم من أن أنصار الخروج من الاتحاد الأوروبي لعبوا ورقة الهجرة خلال استفتاء 2016، إلى أن جونسون ظل يصف نفسه بأنه مناصر للهجرة. وخلال الحملة الانتخابية على زعامة حزب المحافظين، تجنّب إعطاء وعد بتخفيض مستوى الهجرة إلى بريطانيا. ومن المتوقع ان تخفض حكومته الحد الأدنى لرواتب العمال المهرة، المحدد الآن بـ 30 ألف جنيهاً استرلينيّاً، للحصول على تأشيرة عمل في بريطانيا. في المقابل، اقترح بوريس اتباع نظام النقاط الأسترالي، وقد رفضت ماي تلك الفكرة وأصرت على أن ذلك النظام لا يقدم "رصاصة فضية" (= حلاً جذريًّا).

وفي ذلك الصدد، ستعمل "لجنة الهجرة الاستشارية" المستقلة على رسم مخططه (بوريس جونسون) الجديد الذي يتضمن مقتضيات جديدة من بينها قدرة المهاجر على التكلم بالإنجليزية، والحد الزمني قبل التمكن من الحصول على إعانات الدولة، ومن المحتمل حذف الطلاب الأجانب من إحصائيات الهجرة الرسمية بعد مراجعة اللجنة ذلك الأمر.

وسيكون هناك اختبار واحد لجدارة جونسون الليبرالية تتمثل في ما إذا كان سيحيي اقتراحه القديم بمنح عفو للمهاجرين غير الشرعيين الذين يعيشون في المملكة المتحدة منذ عدة سنوات.

المواطنون غير المعتنى بهم

بعد أن أصبحت رئيسة للحكومة، شخّصت تيريزا ماي المشكلة بشكل صحيح، حين وعدت بمناصرة أولئك الذين "يتدبرون بالكاد" شؤونهم وشؤون أُسَرهم، لكنها لم تقدم إلا حلولا ضئيلة جدًا.

"الفقراء الجدد" هم غالبا في سوق العمل. وهناك حوالى 14 مليون شخص في المملكة المتحدة وصِفوا بأنهم يعيشون في الفاقة، وثمانية ملايين منهم ضمن عائلات يعمل فيها شخص واحد على الأقل، بحسب "مؤسسة جوزيف راونتري" الخيرية. إذ أن خلق دوافع أقوى للعمل ضمن برنامج الائتمان الشامل المشوش حاليًا سيساعد على تحسين أحوالهم. كذلك سيساعد إنهاء التجميد المفروض منذ 2016 على إعانة السكن التي تقدمها مجالس البلديات المحلية، تلك العائلات في تحسين أوضاعها المعيشية، مع ملاحظة أن الإعانات تقدم بهدف تمكين حوالى 1.2 مليون أسرة من استئجار سكن خاص لها.

في ذلك الإطار، يجب أن تعطي موازنة جونسون الأولى الأولوية لأولئك الذين يكسبون أقل الأجور، بجعلهم يدفعون "اشتراكات التأمين الوطني" (أن آي سي) ابتداء من وصول دخلهم 12,500 جنيه في السنة، واعتبار ذلك المستوى الذي يبدأ معه احتساب "ضريبة الدخل"، بدلًا مما عليه الوضع الآن الذي يقضي أن يدفع العاملون "اشتراكات التأمين الوطني" ابتداءً من 8,600 جنيه فصاعدًا.

لقد دعم جونسون الفكرة، لكن عليه أن يلغي خطته الرامية إلى رفع الحد الأدنى من الدخل السنوي للفرد الذي تفرض عليه ضريبة الدخل البالغة 40% من 50 ألف جنيه إلى 80 ألف جنيه، إذ أن ذلك سيكلف الميزانية 9 مليارات جنيهاً إسترلينيًّا، ويعمق من صورة حزب المحافظين بوصفه "حزب الأثرياء".

أمة واحدة

سيتبنى جونسون شعار "الأمة الواحدة" الذي صاغه السياسي المُحافِظْ بنجامين ديزرائيلي في القرن التاسع عشر. وفي ذلك الصدد، أورد عمدة لندن السابق (بوريس جونسون) أنه "بكل اختصار، ما أود عمله يتمثّل في لمّ شمل البلد بأكمله بنفس الطريقة التي أظن أنني تمكنت من تحقيقها في لمّ شمل لندن".

إضافة إلى لأم الجروح التي نجمت عن بريكست، يريد بوريس إزالة الانقسام الموجود بين الشمال والجنوب. وسيتمثّل أحد التحديات الأساسية التي تنتظره في ضمان حصول المناطق خارج لندن وجنوب شرق إنجلترا على حصة الأسد في تعزيز الإنفاق على البنى التحتية. كذلك يجب أن تستفيد مشاريع النقل في الشمال من موازنة جونسون الأولى. وستجري مراجعة المشروع "أتش أس 2" الذي تبلغ تكلفته 65 مليار جنيه.

في ذلك الصدد، سيشدد رئيس الوزراء الجديد على الالتزام بالوحدة. في المقابل، سيفرض بريكست قيودا. ومع غياب غالبية لحزب المحافظين في البرلمان، سيكون طبيعيًّا أن يسعى إلى تجديد الثقة لدى حزب المحافظين ويحقق اتفاقاً مع "الحزب الاتحادي الديمقراطي" (في آيرلندا الشمالية)، لكنه سيجد في قادته مساومين صعبين.  

في نفسٍ مُشابِه، لا يتمتع بوريس جونسون بشعبية في اسكتلندا التي صوتت للبقاء في الاتحاد الأوروبي. وسيجدد تنفيذ بريكست من دون اتفاق، مطالبة الحزب الوطني الاسكتلندي إجراء استفتاء ثان للاستقلال. وتشير استطلاعات الرأي أن الخروج من الاتحاد الأوروبي سيزيد الدعم الشعبي لاستقلال اسكتلندا.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من سياسة