Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جمعية "لادي" توثق مخالفات الانتخابات اللبنانية

تجاوزات متواصلة ومضايقات للمراقبين واعتداءات على مرشحين

تكرر الاعتداء على مراقبي "لادي" في عديد من المناطق حيث تعرض لهم عدد من المندوبين بالضرب والتهديد (أ ب)

كتب الباحث في مركز "كارنيغي" للسلام العالمي نيكولاس نو قبل شهرين عن الانتخابات النيابية اللبنانية التي جرت الأحد 15 مايو (أيار)، أن "من المتوقع أن تشهد أول انتخابات برلمانية بعد الحراك الاحتجاجي في لبنان مستوى استثنائياً من الفساد والتلاعب ما لم يتم التوصل إلى اتفاق ملزم برعاية دولية يسمح للبنانيين بالتصويت بحرية وأمان نسبيين"، وكان يرى في حينها، بحسب تحليله لمجريات السياسة اللبنانية وعلاقتها بالتوازنات الإقليمية والهيكلية الإدارية في المؤسسات اللبنانية، أن "هناك جهات داخلية وخارجية نافذة ليست قليلة لا تزال ترى أنه من مصلحتها تأجيلها إلى أجل غير مسمى، وحتى لو أجري التصويت في موعده، فمن المرجح أن يشهد لبنان، إذا واصل مساره الحالي، واحداً من أكثر انتخاباته فوضوية وفساداً وافتقاراً للشرعية منذ استقلاله في عام 1943. وهذا سيرتب، من بين نتائج سلبية أخرى كثيرة، بقاء مؤسسة الطبقة الحاكمة، التي يحملها كثيرون من اللبنانيين مسؤولية التدهور السريع لبلدهم، من دون تغيير ملموس باستثناء إعادة توزيع داخلي للمناصب لدى الإخوة الأعداء".

وقد صحت توقعات الباحث في وصف الانتخابات بأنها إعادة توزيع داخلي للمناصب، ولكنه لم يصب في توقعه عدم إجراء الانتخابات، وهذا ما أثار إعجاب مؤسسات ومنظمات دولية وحكومات أجنبية بسبب تمكن سلطة شبه منهارة من إجراء انتخابات نيابية على ثلاث جولات من الاقتراع، الأولى للمغتربين اللبنانيين في معظم الدول التي يوجودون فيها، والثانية للموظفين الحكوميين الذين أشرفوا على الانتخابات، ومن ثم الانتخابات العامة في الداخل اللبناني، وأبدى رئيس الحكومة اللبناني نجيب ميقاتي ومعه وزير الداخلية بسام مولوي الذي أشرف على إجراء الانتخابات منذ البدء التحضير لها، عن فخره بأن الانتخابات جرت ومرت على خير من دون أي مقاطعة أو مشكلات أمنية كبيرة كانت متوقعة من قبل أفرقاء كثر.

جمعية مراقبة الانتخابات والمخالفات

في الظل الانتخابي دائماً تكون جمعية مراقبة ديمقراطية الانتخابات اللبنانية "لادي" التي يقوم أعضاؤها بالانتشار في مراكز الاقتراع من أجل الكشف عن أي مخالفات يقوم بها الأفرقاء السياسيون المتناحرون والمتنافسون بأقسى شدة في ما بينهم في انتخابات اعتبرها جميع المشاركين فيها أنها مصيرية، وعمل جمعية "لادي" لا يقتصر على مراقبة عملية الاقتراع والكشف عن المخالفات التي تقع وتسجيلها وتوزيعها على وسائل الإعلام، بل تقوم بمناقشة قوانين الانتخابات قبل وبعد صدورها وتقدم اقتراحات لقوانين أكثر عدالة تمثيلية، وكذلك تتابع نتائج الانتخابات بعد انتهاء الاقتراع لتراقب عمليات الفرز لئلا يحل ما اعتبر الباحث في مركز "كارنيغي" "كارثة" حين كتب، "شهدت كل الانتخابات منذ نهاية الحرب الأهلية في عام 1990، بعض التقارير والشكاوى عن تزوير بطاقات الاقتراع أو إلغاء الأصوات، لكن المخالفات لم تتعد أبداً حدود الأقضية المعنية. أما 15 مايو المقبل، فقد يتمخض عن كابوس وطني"، فهل وقع كابوس وطني بحسب تقارير جمعية مراقبة ديمقراطية الانتخابات التي صدرت مباشرة بعد انتهاء عملية الاقتراع وإقفال الصناديق؟

في تقرير الجمعية جاء أنه تم الكشف عن تجاوزات متواصلة ومضايقات للمراقبين واعتداءات على مرشحين في الانتخابات، وكان قد شارك نحو 1100 مراقب ومراقبة توزعوا على مختلف الدوائر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي تقرير أول أصدرته الجمعية ظهر يوم الانتخابات، وثقت فيه مخالفات بالجملة، وجدت أن المخالفات نفسها زادت في ساعات بعد الظهر خلال الفوضى التي هيمنت على مراكز الاقتراع، بعد أن هرعت مجموعات كبيرة من المقترعين في معظم المناطق للانتخاب في الساعة الأخيرة قبل إقفال الصناديق، وأكثر الخروقات مرتبطة بسرية الاقتراع ومرافقة الناخبين خلف العازل في ما يشبه إلزام الناخب بمن سينتخب، وكذلك خرق الصمت الانتخابي الذي ينص عليه قانون الانتخاب اللبناني، والذي يمنع المرشحين من الإدلاء بأي تصريح للإعلام قبل يوم وخلال نهار الانتخابات، وبالطبع، فإن هذه الخروقات شبيهة بتلك التي كانت تقع في معظم الانتخابات اللبنانية وليست جديدة ولا تقارب ولو بقليل توقعات باحث مركز "كارنيغي" للسلام، والذي كان لمقالته في حينها وقعها وتأثيرها على دبلوماسيين أجانب توقعوا أيضاً ما توقعه الكاتب.

تكرار الاعتداءات

وبحسب التقرير، تكرر الاعتداء على مراقبي "لادي" في عديد من المناطق، حيث تعرض لهم عدد من المندوبين بالضرب والتهديد، ما اضطر الجمعية لسحب عدد منهم من بعض المراكز والمناطق، كما منع عدد من المراقبين من حضور عمليات الفرز، وقد طالبت "لادي" وزارة الداخلية باتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية مراقبيها وتسهيل عملهم، وقد وجد مراقبو الجمعية التي تثق كل المؤسسات والمنظمات السياسية اللبنانية بالنتائج التي تصدرها وتقاريرها حول الانتخابات بسبب موضوعيتها وحياديتها، وخبرتها الطويلة في هذا النوع من التنظيم الانتخابي، بأن هذه الانتخابات جرت في ظل شحن سياسي كبير ووصول الخطاب الطائفي والتحريضي بين المرشحين واللوائح إلى ذروته في الأيام القليلة الماضية، وهو ما انعكس بإشكالات متنقلة واعتداءات على بعض المرشحين، تم تفصيلها في متن التقرير.

وبرأي مراقبي "لادي"، فإن هذه الانتخابات جرت في ظل وتيرة عالية من إنفاق الأحزاب واللوائح تحت مسمى "مصاريف النقل"، وتم توثيق الكثير من "بونات البنزين" التي تم توزيعها على الناخبين، بما يفوق الأسقف المتاحة، وبما من شأنه الضغط على الناخبين والتأثير في قرارهم.

وتعرض مراقبو "لادي" خلال أدائهم مهامهم لعديد من المضايقات والتهديدات في عديد من مراكز الاقتراع، وضربت إحدى مندوبات الجمعية أثناء تصويرها مخالفة، وتم إبعادها ومصادرة هاتفها.

مضايقات

وفي بعلبك، تعرضت مراقبة الجمعية لمضايقات ولعبارات تقول إنها مأجورة وإن هناك من اشتراها، لأنها تراقب العملية الانتخابية، وسجلت الجمعية عديداً من الإشكالات الأمنية، بين مندوبي المرشحين والماكينات الانتخابية المختلفة، وصلت إلى حد الاعتداء على بعض المرشحين، وأدت في عدد من المراكز إلى توقف عملية الاقتراع، بعض الوقت، ووثق مراقبو الجمعية اعتداء مناصرين لـ"حزب الله" وحركة "أمل" على المرشح عن "ثورة 17 تشرين" المحامي واصف الحركة، وسط ترداد شعارات "صهيوني، صهيوني".

ورسخت الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات دورها (LADE) كجهة رئيسة لمراقبة الانتخابات في لبنان، منذ عام 1996 حين ترأسها الناشط في المجتمع المدني والباحث السياسي بول سالم، الذي لعب أيضاً دوراً بارزاً في تأسيس كل من "المركز اللبناني للدراسات السياسية" و"مركز كارنيغي للشرق الأوسط"، ومنذ ذلك الحين تعمل الجمعية في إطار مجموعات الضغط داخل المجتمع اللبناني وتتلقى تمويلاً من جمعيات ومنظمات مدنية في أوروبا وأميركا.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات