يدعي القضاء الإيراني أنه عفا بشكل كامل عن ٨٨ ألفاً من معتقلي الاحتجاجات العامة الأخيرة والسجناء السياسيين، بناءً على "أوامر العفو" من مرشد الجمهورية علي خامنئي، في حين أن النشطاء السياسيين والصحافيين يؤكدون بأنه لا تزال هناك ملفات مفتوحة ضد كثير من السجناء ويعمل القضاء على بحث ملفات ضدهم بين فترة وأخرى.
كما أن عدداً من السجناء السياسيين الذين عُلم أن "عفو المرشد" شملهم أعلنوا عبر شبكات التواصل الاجتماعي أن السلطات أخذت منهم "التزامات موقعة" قبل إطلاق سراحهم، وهددتهم بأنه في حال انتقاد نظام الجمهورية الإسلامية واستمرار النشاط السياسي سيفتح القضاء ملفاتهم وعليهم العودة إلى السجن، مما يكشف عن أن ادعاء العفو الشامل عن السجناء السياسيين أمر كاذب.
وأكدت صحيفة "اعتماد" الإيرانية في عددها الصادر السبت الماضي هذا التطور ووصفته بـ"المؤسف". وذكرت "في الواقع لا صحة عما أعلن عن طي ملفات عدد كبير من المتهمين الذين شملهم العفو في فبراير (شباط) الماضي، فملفاتهم انتقلت إلى مرحلة أخرى من البت القضائي وهناك مخاوف من إصدار أحكام ضدهم".
وأضافت "في الوقت الحاضر ينتظر كثير من المعتقلين الذين أعلن أن (عفو المرشد) شملهم مواعيد للمحاكمة، على رغم الدعاية التي أطلقت في هذا الشأن، ومن المحتمل أن توجه إليهم عقوبات مختلفة".
مشروع ملفق
وفي وقت سابق وصفت
منظمة حقوق الإنسان الإيرانية ما ورد في شأن هذا العفو بأنه "مشروع ملفق مبني على الرياء" وأكدت استمرار اعتقال كثيرين في ظروف صعبة. وقالت صحيفة "اعتماد" الإصلاحية "يبدو أن هناك عدداً من المسؤولين والمديرين في جهاز القضاء يتجاهلون العفو الذي أعلن عنه، وأنهم مصرون على محاكمة المعتقلين وإصدار أحكام ضدهم".
وانتقدت السياسة المراوغة التي ينتهجها النظام، معتبرة أنها تؤدي إلى "تراجع الثقة العامة في المجتمع بالنسبة إلى أداء السلطات".
وأكدت "أصدر في يوم ما أمر رافقته دعاية واسعة، وأصدرت وسائل الإعلام تقارير واسعة حول مثل هذه الأوامر من أعلى مستويات الحكم في البلاد، ولكن في اليوم التالي عملت الأجهزة خلافاً لتلك الادعاءات. كيف سيكون رد فعل الشارع؟ من الطبيعي أن يصف الشارع تلك الأوامر بأنها غير واقعية وأنها لا تتعدى الدعاية، أو يصل إلى قناعة أن الأوامر الصادرة من أعلى مستويات البلاد يمكن غض الطرف عنها بصمت. ومن الطبيعي أن مثل هذه الانطباعات لا تخدم الثقة العامة ولا تؤدي إلى الرضا في المجتمع، في حين أن الرصيد المجتمعي يتساقط باستمرار".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يحدث ذلك في حين أن رئيس جهاز القضاء غلام حسين محسني إجئي أكد أن استمرار الاعتقالات والاحتجاز في المجالات السياسية والاجتماعية لم نجنِ منه فائدة واعترف بفشلها.
وذكرت صحيفة "اعتماد" الإصلاحية في نهاية تحليلها أن "الآثار السلبية والخطرة لمثل هذا الإجراء المتمثل في إعادة
فتح ملفات المعتقلين الذين شملهم العفو يمكن أن تصل إلى حد يتمنى فيه الشعب إذا لم تصدر أحكام العفو هذه. في الواقع عدم إصدار مثل هذه الأحكام له أثر سلبي في الثقة العامة، أقل من نقض أحكام العفو من قبل جهاز القضاء، هذا في حين أنها تؤثر سلباً في المجتمع ولها آثار سياسية مدمرة، كما أن إعادة فتح مثل هذه الملفات تنتهك القانون والمعايير الحقوقية".
انقسام
وتشير التطورات في هذا الشأن إلى أن هناك انقساماً بين مسؤولي الجمهورية الإسلامية في ما يتعلق بكيفية التعامل مع المحتجين والاحتجاجات العامة. يعتقد عدد من أعضاء النظام أنه لا يمكن الاستمرار بسياسة القمع والكبت في التعامل مع مثل هذه الاحتجاجات، وستصل الأمور إلى مرحلة لا يمكن السيطرة عليها، لكن عدداً آخر من المديرين الأمنيين والعسكريين يعتقدون أن رفع حدة الضغوط والقمع وبث الرعب في المجتمع له تأثير في إخماد الاحتجاجات والقضاء عليها، هذا التوجه أثبت فشله خلال الفترة الراهنة إذ نشهد ارتفاع عدد كبير من النساء اللاتي يرفضن ارتداء الحجاب في الشوارع، كما هنالك تجمعات احتجاجية في البلاد تحدث بين فترة وأخرى مثل تلك التي حدثت أمام منزل حميد رضا روحي أحد قتلى الاحتجاجات.
عن اندبندنت فارسية