السعودية تستحوذ على شركة أميركية لألعاب الخليوي لقاء 5 مليارات دولار

الأرجح أن صفقة استحواذ شركة "سافي غيمز" Savvy Games السعودية للألعاب الإلكترونية لـ"سكوبلي" Scopely الأميركية المتخصصة في الألعاب الرقمية للخليوي، تتوافق مع رؤية 2030. بلغت قيمة الصفقة قرابة خمسة مليارات دولار أميركي (تحديداً، 4.9 مليار). وقد تصادفت أيضاً مع الذكرى الخمسين لابتكار الهاتف الجوال على يد المهندس الأميركي مارتن كوبر. 

وقد أولت مجموعة من المواقع الشبكية المتخصصة في المعلوماتية والاتصالات المتطورة، على غرار "تيك كرانش"، اهتماماً خاصاً بتلك الصفقة التي حصلت بتمويل من "صندوق الاستثمارات العام" السعودي. وتشتهر شركة "سكوبلي" بأنها ابتكرت مجموعة من الألعاب الرقمية الشائعة على شاشات الهاتف النقال، من بينها "ياهتز ويز باديز" Yahtzee With Buddies و"ستار تريك فليت كوماند" Star Trek Fleet Command و"مارفل سترايك فورس" Marvel Strike Force و"ستامبل غايز" Stumble Guys و"سكرابل غو"  Scrabble Go.

استقلالية تحت مظلة كبرى

في المقابل، تملك "سكوبلي" نفسها سجلاً يشير إلى أنها أنجزت مجموعة من صفقات الاستحواذ الكبرى، ما أسهم في نموها إلى حجم عملاق. ومثلاً، في عام 2020، تملكت شركة "فوكس نكست غيمز" FoxNext Games التي كانت تابعة لمؤسسة "ديزني" العملاقة. في السنة التالية، انخرطت "سكوبلي" في صفقة استحواذ ضخمة بلغت قيمتها مليار دولار، نقلت إليها ملكية شركة "جي أس أن غيمز" GSN Games التي كانت تابعة للشركة العالمية "سوني بيكتشرز" المتخصصة في الترفيه المرئي- المسموع بأنواعه كافة.

واستناداً إلى تلك المعطيات، لم يتردد المدير التنفيذي لـ"سافي غيمز غروب"، براين وارد، في التشديد على أن "سكوبلي" تعتبر من الشركات الأسرع نمواً في مجال الألعاب الرقمية. وفي بيان صحافي، لفت وارد إلى أن "شركة سافي غروب" تعتبر أنه من مهمتها "الاستثمار في المجتمع الواسع للألعاب [الرقمية] والعمل على تنميتها، عبر دعوة أفضل الأدمغة للانضمام إلى صفوفنا".

وفي تفاصيل ذات صلة، بيّنت الشركة السعودية أن "سكوبلي" ستستمر في العمل "باستقلالية" تحت مظلة مؤسسة "سافي غيمز غروب"، بالتالي، سيستمر المديرون التنفيذيون، والتر درايفر وغافيير فيرييرا" في التسيير الإداري لـ"سكوبلي".

وفي ملمح عن الوضع الجديد للشركة الأميركية، أوضح غافير فيرييرا أن شركته "ستستمر في بناء أحد أكثر شركات العالم صنعاً للألعاب الرقمية المتنوعة الموجهة أساساً إلى الخليوي"، موضحاً أن "سكوبلي" حرصت دوماً على البقاء متقدمة على منافسيها. وفي السياق نفسه، أوضحت "سافي غيمز" أن صفقة الاستحواذ ما زالت بانتظار موافقة الجهات القانونية، مبينة أن ضم "سكوبلي" إلى مظلتها سيُتَرجَم بصنع ألعاب رقمية جديدة تكون مصممة كي تعمل على شاشات إلكترونية متنوعة تشمل الحاسوب بأنواعه والأجهزة المتخصصة في الألعاب الإلكترونية وغيرها.

ما لم يصل إليه خيال المبتكر

مع تذكر مصادفة التزامن بين صفقة استحواذ "سكوبلي" وبين مرور نصف قرن على ابتكار الخليوي، إذ أُجريَتْ أولى مكالماته في مطالع أبريل (نيسان) 1973. وقد دارت بين مبتكر الهاتف الجوال كوبر الذي عَمل آنذاك في صفوف شركة "موتورولا"، وبين صديق منافس يعمل في صفوف شركة "إي تي أند تي" الأميركية العملاقة. وفي تلك البدايات، صُنِعَتْ أجهزة خليوي تميزت بحجمها الضخم، بالمقارنة مع حالها حاضراً، ولم يكن سعرها ليقل عن خمسة آلاف دولار. وللمقارنة، تمتلئ القارة الأفريقية مثلاً، بخليويات من صنع الهند والصين يصل ثمن بعض أنواعها إلى أقل من عشرة دولارات.

واستطراداً، لم يغفل كوبر عن ملاحظة التغييرات والقفزات الضخمة التي حدثت في صناعة الخليوي، التي اعتبر أن التطبيقات الرقمية المختلفة المصممة للهـواتف النقالة، بما في ذلك الألعاب الإلكترونية، تأتي في صدارة تلك المتغيرات. وكذلك لفت كوبر إلى أنه لم يتوقع ذلك المنحى الذي أسهم في صنع الظواهر المتعددة للإفراط في استعمال الخليوي، بما في ذلك حتى الإدمان على شاشته. وقد استخلص كوبر من ذلك أنه لا يستطيع حتى أن يتخيل الطريقة التي سيستعمل بها أبناؤه وأحفاده ذلك الجهاز الذي ابتكره بنفسه!

وفي سياق علاقة الصفقة مع "رؤية 2030" الاقتصادية، سبق لمؤسسة "بلومبيرغ" الإعلامية أن نشرت تقريراً موسعاً حول سعي السعودية إلى أن تصبح محطة عالمية لصناعة ألعاب الفيديو الرقمية، إذ خصصت 38 مليار دولار أميركي لتحقيق ذلك الهدف الذي ينسجم بوضوح مع توجه المملكة إلى تنويع اقتصادها المعتمد حاضراً على النفط، مع إيلاء تركيز خاص للتحول الرقمي في مناحيه كلها.

واستكمالاً، يزيد وضوح ذلك الملمح مع تذكّر أن صفقة استحواذ "سافي غيمز" لشركة "سكوبلي" صُنِّفَ بوصفه سادس أضخم الصفقات في تاريخ ألعاب الفيديو الرقمية. وتتصدر تلك القائمة شراء شركة "آكتيفيجن بليزارد" مِنْ قِبَل "مايكروسوفت" بـ68.7 مليار دولار [لكنها لم تنل الضوء الأخضر من الجهات التشريعية حتى الآن]، واستحواذ شركة "تايك تو" على "زينغا" بصفقة بلغت 12.7 مليار دولار، و"تنسنت" على شركة "سوبر سيل" بمبلغ 8.6 مليار دولار، وشراء مايكروسوفت شركة "زيني ماكس" بحوالى 8 مليارات دولار، واستحواذ آكتيفيجن" على شركة "كينغ" مقابل 5.9 مليار دولار.

والأرجح أن تلك القائمة من الاستحواذات تعيد إلى الذاكرة التوجّه الذي طالما لاحظه خبراء ومشرعون، المتمثل في دأب شركات المعلوماتية والاتصالات العملاقة، على شراء الشركات الصاعدة الناجحة بصفقات مغرية، كي تعزز متانه وقوة الشركات العملاقة.