ملخص
هل كتب #ميكافيلي كتابه #الأمير وهو يقرأ ما تحول إليه عالم السياسة اليوم؟
"الأمير" هو عنوان أشهر كتب الفيلسوف والمفكر الإيطالي نيكولو ميكافيلي وقد قرأته خلال سبعينيات القرن الماضي، ومثل كتب ملحمية عدة أعدت قراءته هذه الأيام، فنظرة الإنسان إلى الحياة والدنيا وفلسفتها لا تبقى ثابتة على ما هي عليه، ومع التقدم في العمر وتجارب الحياة تنظر إلى الأشياء بمنظور مختلف عن منظورك حين كنت شاباً.
يتمحور الكتاب البحثي لميكافيلي حول السلطة وكيف يجب أن تدار على أمل أن تكون كتاباته وحياً لأمراء إيطاليا المتشرذمة في القرن الـ 16، ويتمنى لو أن هناك من يقدر أن يستوحي كيفية نهج السلطة وإدارتها بطريقته "البراغماتية - الميكافيلية" على مبدأ "الغاية تبرر الوسيلة".
كلمة "أمير" مشتقة من مصدر "أمر"، ووردت بالقرآن الكريم بهذا المعنى "إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون"، كما جاء "إن النفس لأمّارة بالسوء".
وقد وردت في الإنجيل بالإنجليزية بمعنى "عمدة"، لكن جذور كلمة أمير أقدم من اللغة العربية وقد تعود للسومرية أو البابلية، وتعني من له الأمر أو الصلاحية بإعطاء الأوامر.
وهي كذلك في مصر، فالعمدة أمير أو حاكم المدينة، ويسمى المختار في بلاد الشام وبعض دول الخليج، لأنه غالباً ما يتم اختياره من كبار أهل القرية، ولا يكون الاختيار بالضرورة وفقاً لصناديق الانتخاب.
وتذكر الروايات أن الخليفة عمر بن الخطاب هو أول من لقب بلقب "أمير المؤمنين"، وهو لقب يحمله ملك المغرب حالياً الملك محمد السادس.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويسمّى رئيس الدولة في الكويت "أمير البلاد"، ويلقب بـ "شيخ"، وذات الأمير مصونة وفق الدستور الكويتي على اعتبار أنه يمارس صلاحياته من خلال وزرائه، وكانت دولة الكويت قبل الاستقلال عام 1961 تسمى "إمارة الكويت".
و "الأَمارة" باللهجة المصرية تعني الإشارة أو الدليل، وتقال كلمة "أمير" ومؤنثها "أميرة" لتدليل الصغار، وفي الأمثال الشعبية "أمير القوم خادمهم"، كما ترد كلمة "أمر" بمعنى المشكلة أو المسألة فيقال "الأمر جلل"، وقد تعني المصيبة، ففي بعض لهجات الخليج يقال "أمر الله عليك ويش هو؟"، بمعنى "ماذا أصابك؟".
وكلمة الـ "أمير" قديمة استعارتها لغات مختلفة، وتستعمل في لغات هندو- أوروبية وشرق - أوسطية عدة مثل العربية والعبرية والفارسية، ويرى بعض اللغويين الأوروبيين أن أصلها من اللاتينية بمعنى "أكبر" أو "أعظم" maior، ومنها major بالإنجليزية وmajeur بالفرنسية وهكذا.
لكن بعض اللغويين يرون أن أصلها من السامية القديمة بمعنى مقارب للمعنى نفسه باللاتينية، وبالعبرية تعني كلمة "أمير" قمة الشيء وأعلاه، والتقارب في المعنى هنا بين السيادة والقمة واضح، وقد لا يحسم الجدل حول أصلها سوى التسليم بأن اللغات الهندو- أوروبية والسامية والحامية أصلها واحد، لكن الجدل حول أصل اللغات طويل ومعقد وقد يحتاج إلى عقود وربما قرون لحسم أصلها وعلاقتها ببعضها، واسم Mayor شائع في دول غربية وشرقية عدة، وكان الاسم الأخير لغولدا مائير المولودة في أوكرانيا وأول رئيسة وزراء لإسرائيل.
في كتاب "الأمير" يتخيل نيكولا ميكافيلي حكماً صارماً لأمير لديه قدرات "ميكافيلية" عجيبة، ويرى بعض فلاسفة أوروبا أنه كتاب مناف للقيم والأخلاق، فهو يصور السياسة بلا أخلاق.
ترى هل كتب ميكافيلي كتابه "الأمير" وهو يقرأ ما تحول إليه عالم السياسة اليوم؟
الإجابة تراها في المشاهد السياسية في كل مكان من هذا العالم، إذ تغلب المصالح الأيديولوجيات الجافة وتتغلب الآنيات على النبوءات الغيبية فيستحيل التوفيق بينهما، فإيران الخطاب الثوري المتشدد الذي يريد أن يقود العالم الإسلامي وفق منظوره الأيديولوجي يرعوي للأحمال والأعباء الاقتصادية ويتنازل لضغوط العزلة الدولية، كما أن لنا في إسرائيل خير مثال، فقد حذر الرئيس الإسرائيلي بخطاب له بالأمس من اندلاع حرب أهلية بين اليهود البراغماتيين العلمانيين، وبين اليهود اليمينيين المتطرفين الذين يرون الأحداث ويفسرونها من منظار ديني.
