Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأوسكار يكرس حضور الأقليات وينتصر لخارج هوليوود

الفيلم الأميركي الفائز يمثل ظاهرة ثقافية والسيدة الصينية اليائسة تضخ دماً جديداً

ملخص

كما كان متوقعاً، نال فيلم "كل شيء كل الأماكن دفعة واحدة" للأميركيين #دانيال_كوان و#دانيال_شاينرت، سبع جوائز  في #الأوسكار من أصل 11 كان ترشّح لها

كما كان متوقعاً، نال فيلم "كل شيء كل الأماكن دفعة واحدة" للأميركيين دانيال كوان ودانيال شاينرت، سبع جوائز من أصل 11 كان ترشّح لها، في حفلة توزيع الأوسكار التي تمنحها "أكاديمية فنون الصورة المتحركة وعلومها" في مثل هذه الفترة من كل عام منذ 1927. أقيمت الحفلة في مسرح "دولبي"  في لوس أنجلوس، وتولى الفكاهي جيمي كيمل تقديم الأمسية والربط بين مختلف فقراتها، وتم تسليم 23 جائزة خلالها. 

لم تشهد الحفلة أي مفاجأة تُذكر أو أي خروج عن النص الأصلي، بدا كل شيء طبيعياً، مجرد تسلم وتسليم ترافقهما كلمات شكر وتأثر. وذلك بعد دورة العام الماضي حين أحدثت الصفعة التي وجهها الممثل ويل سميث إلى وجه زميله كريس روك، بلبلة غير مسبوقة وأضحت الحديث الوحيد للإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، لتدورالحكاية كلها بعد ذلك في هذا الفلك. 

فاز "كل شيء كل الأماكن دفعة واحدة" في المجالات الآتية: أفضل فيلم، أفضل مخرج، أفضل ممثلة في دور رئيسي، أفضل ممثل في دور ثانوي، أفضل ممثل في دور ثانوي، أفضل مونتاج وأخيراً أفضل سيناريو أصلي. وكان الفيلم حطّم قبل أيام الرقم القياسي لعدد الجوائر التي ينالها فيلم سينمائي في التاريخ، اذ جمع في الأشهر الأخيرة أكثر من 157جائزة، من "الغولدن غلوب" إلى "البافتا" وغيرهما. 

 

كثر اعتبرو الفيلم "ظاهرة ثقافية" تغزو هوليوود، ومحاولة لبث دم جديد في عروقها، وغيرها من المزايدات الكلامية. في أي حال، أحسن الفيلم في تناول نظرية تعدد الأكوان العلمية، لكنه في المقابل أخفق في جذب الانتباه والحفاظ عليه طوال نحو ساعتين ونصف الساعة، لكونه محشواً بالأفكار وبمونتاج سريع وإيقاع مشدود لا يترك المجال للمُشاهد كي يلتقط أنفاسه. لا بل تساهم هذه السرعة في طمس الشخصيات وطباعها، وفي الختام يصل بنا الأمر إلى الشعور بالتكرار والملل.

خارج السرب

أبدت الصحافة الأميركية، وكذلك العاملون في الصناعة السينمائية حماسة كبيرة تجاه الفيلم، وهي حماسة غير مفهومة في نظر بعض هواة السينما المتعصبين للفن الخالص، بعيداً عن إقحام الاعتبارات الأخرى فيه، علماً أن أقلاماً تناولت الفيلم بسلبية لكنها بقيت خجولة. لهذه الحماسة أسباب ومبررات، تتجسّد أولاً في انحياز المصوتين إلى السينما المستقلة التي تخرج من قمقمها. فالعمل الذي جاء به المخرجان يأتي من خارج السرب الهوليوودي، وقد تجاوزت إيراداته بسبب تناقل الآراء الإيجابية في شأنه، عتبة المئة مليون دولار، رغم انه حظي بموازنة متواضعة نسبياً (24 مليون دولار). سبب آخر صنع هذه الحماسة: الانفتاح على أي نص يكرس حضور الأقليات (الفيلم عن سيدة من أصول صينية مهاجرة) داخل المجتمع الأميركي ويرد لها الإعتبار بعد عقود من الإجحاف في حق هؤلاء واستبعادهم عن الشاشات. حفلات "الأوسكار" نفسها كانت شهدت في السنوات الأخيرة، ضمّ عدد كبير من المصوتين الجدد الذين يأتون من أماكن بعيدة. هل هذا كله ينتشل بالضرورة أفلاماً من غياب المجهول؟ بالتأكيد لا. والدليل فوز "كل شيء كل الأماكن دفعة واحدة" على أعمال أرفع شأناً من مثل "آل فايبلمان" لسبيلبرغ و"جنيات إنشرين" لماكدونا و"لا جديد في الغرب" لبرغر، فقط لأن المواضيع المطروحة والشؤون التي تناقشها الأفلام الثلاثة المذكورة، بعيدة عن اهتمامات هوليوود ولا ترضي تطلعاتها الحالية، ولا يمكن أن تستثمر فيها ولا تتماشى مع دفتر الشروط التي يخضع لها المصوتون.  

 

الماليزية ميشيل يو (60 عاماً)، الملقبة بـ"ملكة سينما الحركة الآسيوية"، الفائزة بـ"أوسكار" أفضل ممثلة في دور رئيسي، أصبحت مع هذه الجائزة أول ممثلة آسيوية تنالها، وهي قالت عند لحظة تسلمها التمثال الذهبي: "لكل الشبان والشابات الذين يشاهدونني هذا المساء، هذه الجائزة تمثل بصيص أمل. هذا دليل على ان الأحلام تتحقق". هذا الطابع الإيجابي الذي طغى على الحفلة، بعد دورة ماضية كارثية، يستمد تفاصيله من جوهر الفيلم نفسه الذي يعرفنا على سيدة أميركية من أصول صينية تتولى إدارة محل لغسل الملابس. هذه السيدة أتعبتها الحياة وظروفها، فتراكمت عليها الديون حدّ أنها ما عادت قادرة على دفع الضرائب المستحقة. زوجها يصر على الطلاق منها، أما العلاقة مع ابنتها فليست في أحسن حالاتها، في حين أن والدها الذي يأتي من الصين لزيارتها لا يتوقف عن معاتبتها. الا ان الواقع الموازي يقرر أن يزجها فيه، فتجد نفسها مدفوعة في اتجاه حيوات كان من الممكن أن تعيشها، وهذا كله بهدف إنقاذ ما يمكن إنقاذه مما تبقى لها. باختصار، يتيح لها هذا كله، الإتصال بنسخ أخرى من ذاتها. قد لا يعجبنا الفيلم أو لا يحل في المرتبة الأولى، حينما يتعلق الأمر بجائزة أفضل فيلم لعام 2022، لكن الحق يقال، فميشيل يو أبدعت فيه أداءً وحضوراً وأتقنت تجسيد دور هذه السيدة التي أكثر ما يحز في نفسها، أنها فقدت القدرة على التفاهم مع أفراد عائلتها.

 

ثاني الأفلام التي نالت أكبر عدد من الجوائز هو "لا جديد في الغرب" للمخرج الألماني إدفارد برغر الذي اقتبس رواية مواطنه إريك ماريا ريمارك التي سبق أن أُفلمت في الماضي. أربعة هي عدد التماثيل التي ذهبت اليه (من أصل تسعة ترشيحات) في الأقسام الآتية: أفضل فيلم أجنبي، أفضل تصوير، أفضل موسيقى تصويرية وأفضل تصميم ديكور. ورغم عظمة الفيلم البصرية، فهو لم يعرض إلا على منصة نتفليكس ولم يخرج إلى الصالات. وعلى غرار "كل شيء كل الأماكن دفعة واحدة"، نال الفيلم منذ صدوره العديد من الجوائز وقد أثنى عليه النقاد بسبب قدرته على موضعة المشاهد في جحيم الحرب العالمية الأولى، مع ما يعني ذلك من صعوبة في الإقناع، ذاك أن الفيلم الحربي بات مكروراً من فرط ما استهلكت اللغة التي يخاطب بها المفترج. لكنّ إدفارد برغر وجد مقاربة مستحدثة لرواية صدرت قبل نحو قرن من الزمن، غير أن تيماتها لا تزال تنتمي إلى زمننا هذا وكأن شيئاً لم يتغير. الفيلم يلقي نظرة قاسية تكاد لا تحتمل، على الإقتتال وهي أقرب إلى "تعال وشاهد" منه إلى أي فيلم أميركي جاء بنظرة رومنطيقية إلى الحرب، باعتبارها عملية إنقاذية. في نسخة إدفارد برغر، لا يمكن إنقاذ أحد، فالجنود جميعهم سواء في هذا المعسكر أو ذاك، يتحولون إلى وحوش يقتلون عدواً يجهلونه. أما الجنرالات فهم جالسون في قصورهم لتقرير مصائر الضعفاء.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

جائزة أفضل ممثل إستحقها بجدارة براندن فرايزر عن دوره في "الحوت" لدارن أرونوفسكي، الفيلم الذي كان عُرض في الدورة الأخيرة من مهرجان البندقية. العمل الذي اختلفت الآراء في شأنه كثيراً، مقتبس من مسرحية لصامويل هانتر، وينطوي على الكثير من الحوارات التي ليست دائماً لماحة أو ذكية، ويحصر أحداثه بين الجدران الأربعة لمنزل رجل سمين يدعى تشارلي (فرايزر)، يصل وزنه إلى نحو 300 كيلوغرام. تشارلي يعطي دروساً عبر تطبيق "زوم" متخفياً خلف الشاشة. عدا ذلك، فهو لا يفعل شيئاً لافتاً سوى تناول وجبات سريعة إلى حد التقيؤ. يعاني أوجاعاً وارتفاعاً في الضغط، نتيجة حالته الجسدية التي تمنعه من التحرك في شكل سليم، ومع ذلك لا يقصد المستشفى للعلاج. لعله يترك نفسه على هذا النحو ليجد حتفه. ثمة تشابه كبير بين هذا الفيلم و"المصارع" (لأرونوفسكي أيضاً) و"الحوت". الفيلمان عن الجسد الذي يتحول سجناً للإنسان، وهي الفكرة التي جسّدها فرايزر بموهبة عظيمة، خاضغاً لتحولات جسدية (نال أيضاً جائزة أفضل ماكياج وتسريح شعر) من تلك التي يحبها أعضاء الأكاديمية. 

بقية الجوائز جاءت على النحو الآتي: أفضل فيلم تحريك لـ"بينوكيو" (غييرمو دل تورو)؛ أفضل تصميم أزياء لـ"بلاك بانثر: واكاندا إلى الأبد" (راين كوغلر)؛ أفضل وثائقي طويل لـ"نافالني" (دانيال روهر)؛ أفضل وثائقي قصير لـ"همسات فيل" (كارتيكي غونزالفيس)؛ أفضل أغنية أصلية لـ"RRR" (أس أس راجامولي)؛ أفضل فيلم تحريك قصير لـ"الصبي، الخلد، الثعلب والحصان" (تشارلي ماكايسي وبيتر باينتون)؛ أفضل فيلم تحريك لـ"وداع إيرلندي" (روس وايت وتوم بركلاي)؛ أفضل صوت لـ"توب غان: مافيريك" (جوزف كوسينسكي)؛ أفضل مؤثرات بصرية لـ"أفاتار: طريق المياه" (جيمس كاميرون)؛ أفضل سيناريو مقتبس لـ"كلام نساء" (سارا بولي). 

اقرأ المزيد

المزيد من سينما