Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا تريد الصين بالتمويل والقروض من دول أفريقيا؟

بلغت 143 مليار دولار في 8 سنوات وتحولت من مساعدات إنمائية إلى استثمارات

القمة الصينية - الأفريقية بالعاصمة بكين في 3 سبتمبر 2018 (أ ف ب)

ملخص

بلغت قروض #الصين للبلدان الأفريقية بين عامي 2000 و2018 نحو 143 مليار دولار في شكل #قروض و#خطوط_ائتمان

فيما تتحرك الصين بقوة في ملف التمويلات والقروض الخاصة بالدول الأفريقية خلال السنوات القليلة الماضية، أشار مراقبون إلى أن المنافسة الجيواستراتيجية هي دافع بكين في هذا الملف.

وفي مذكرة بحثية حديثة لمبادرة الأبحاث الصينية - الأفريقية بجامعة جونز هوبكنز، فإن قروض الصين للبلدان الأفريقية ازدادت خلال السنوات الأخيرة، حيث تم تقديم نحو 143 مليار دولار في شكل قروض وخطوط ائتمان إلى البلدان الأفريقية خلال الفترة بين عامي 2000 و2018. وتم استخدام القروض لتمويل مشاريع البنية التحتية مثل الطرق والسكك الحديدية والموانئ ومحطات الطاقة.

ورصد تقرير آخر صادر عن مركز التنمية العالمية، ومقره واشنطن، أن الصين قدمت قروضاً بقيمة 14 مليار دولار إلى البلدان الأفريقية بين عامي 2014 و2018، إذ ذهبت غالبية القروض إلى مشاريع البنية التحتية وقطاع النفط والغاز. ومع ذلك اتخذت سياسات التمويل التنموية الدولية لبكين منحى آخر خلال سنوات الجائحة الصحية.

يأتي ذلك في وقت تعد فيه محاولة إعادة تشكيل المؤسسات والمعايير العالمية لتعكس وجهات النظر الصينية أمراً محورياً لنهج الصين في المنافسة الجيوستراتيجية. وتحاول بكين الاعتماد على دعم الحكومات الأفريقية، على الرغم من أن هذا غالباً يتعارض مع مصالح المواطنين الأفارقة.

3 أسباب وراء تراجع التمويلات

في دراسة بحثية أشار مركز سياسات التنمية العالمية في جامعة بوسطن إلى أن التدفقات المالية للتنمية الخارجية للصين ما زالت تتضاءل في حقبة ما بعد الجائحة، وهذا التوجه له تداعيات سلبية ملموسة على أفريقيا، حيث تعتمد الصين على مشاريع أصغر وأكثر فاعلية، بينما تحول انتباهها بعيداً من النفط والغاز لصالح قطاعات الاتصالات والنقل والطاقة.

الدراسة نظرت في مؤسستين رئيستين لتمويل التنمية في الصين، وهما بنك التنمية الصيني وبنك التصدير والاستيراد الصيني. ويتبين من خلال قاعدة البيانات الخاصة بتمويل التنمية الخارجية للصين وجود 28 التزاماً جديداً بقروض صينية في عامي 2020 و2021 بقيمة إجمالية قدرها 10.5 مليار دولار، وتعد الأدنى خلال السنوات الأخيرة. وطبقاً للجدول أدناه كان نصيب الدول الأفريقية 10 التزامات بقروض خلال الفترة نفسها بقيمة تصل إلى نحو 1.5 مليار دولار.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكشف التقرير عن أن هذا المبلغ الصغير الذي لم نشهده منذ منتصف العقد الأول من القرن الحالي، انخفض 77 في المئة عن 2019، عندما وقع الصينيون 32 اتفاقية قروض بقيمة 8.2 مليار دولار. وبشكل عام، تقدر البيانات المتاحة أن الممولين الصينيين وقعوا 1188 تعهداً بقرض قيمته 160 مليار دولار مع 49 حكومة أفريقية، والشركات المملوكة للدولة وخمس منظمات إقليمية متعددة الأطراف خلال الفترة بين عامي 2000 و2020، لكن تراجع التمويل يعود بشكل مباشر إلى ثلاثة أسباب رئيسة، أولها تحول الصين من مشاريع البنية التحتية الضخمة إلى مشاريع أصغر، ولكنها مربحة في إطار مبادرة الحزام والطريق. هذا التوجه أقل خطورة بالنسبة للمستثمرين، خصوصاً رواد الأعمال من القطاع الخاص ذوي الموارد المحدودة، إضافة إلى تحول أولويات سياسة الصين إلى الداخل استجابة للجائحة وتأثيرها الاقتصادي. وأخيراً، تراجع قدرة المقترضين في أفريقيا على تحمل ديون إضافية بسبب الأزمة متعددة الأوجه والمتمثلة في عدم الاستقرار المالي وتغير المناخ والأوبئة.

التمويل ليس مجرد مساعدات إنمائية

المثير أن التمويل الصيني تحول من مخصصات المساعدة الإنمائية الرسمية التقليدية إلى البنية التحتية للنقل والاتصالات والطاقة. ومع ذلك، فإن هذا لم يحسن بشكل كبير عناصر النقل والطاقة في مؤشر القدرات الإنتاجية لأفريقيا على المستوى الإقليمي أو القطري، إذ إنه لا يمكن لمجمل الاستثمار الصيني أو تمويل التنمية وحده سد الفجوة الهائلة في تمويل البنية التحتية في أفريقيا. ويشير هذا التوجه إلى أن الفوائد من زيادة الاستثمار في البنية التحتية المادية وحدها يمكن أن تكون قصيرة الأجل، وهذا هو الحال بشكل خاص إذا لم يتم إيلاء اهتمام مماثل لقطاعات الإنتاج في الاقتصاد، لا سيما الصناعة والزراعة، وكذلك تنويع الصادرات.

في الواقع، لم يكن تخصيص التمويل الخارجي لقطاعات الإنتاج في أفريقيا، بما في ذلك الصناعة والزراعة من جميع المصادر محورياً خلال السنوات الماضية، ويرجع ذلك بشكل خاص إلى السياسات التي يتبعها عديد من البلدان الأفريقية، لا سيما تحت وطأة برامج التكيف الهيكلي ومبادرات استراتيجية الحد من الفقر. فقد أدت السياسات المفروضة من الخارج إلى تقليص دور الدولة في التنمية الصناعية بشكل كبير. بالتالي، أدى الدور المتناقص للاستثمار العام في قطاع الصناعة إلى تراجع التصنيع المبكر في أفريقيا، كما يتضح من عدم وجود تحسن في القيمة المضافة للصناعات التحويلية، ومكون التغيير الهيكلي لمؤشر القدرات الإنتاجية.

وعلى رغم تنوع وتعقد التحديات التي تواجه أفريقيا في سياقات التجارة والاستثمار وتدفقات المساعدة الإنمائية الرسمية، فإن هناك اتجاهاً مثيراً للاهتمام يبدو أنه ظهر في العلاقات التجارية والاقتصادية للمنطقة مع الصين وثالوث المانحين التقليديين (الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية واليابان). وهذا يعني أن العلاقات المتزايدة بين الدول الأفريقية والصين استفادت من انخفاض تدفقات المساعدة الإنمائية الرسمية المشتركة لمنظمة التعاون والتنمية في السنوات الأخيرة.

الدراسة أشارت إلى اتجاه ناشئ "للتخصص" في تقديم تمويل التنمية إلى دول أفريقيا، إذ نلاحظ أن الصين والهند في حاجة إلى مواصلة التركيز على القطاعات الاقتصادية، لا سيما التصنيع والطاقة والبنية التحتية للنقل، بينما تركز اليابان على الزراعة وتكنولوجيا الاتصالات. أما الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة فيركزان على القطاعات الاجتماعية، وهذا الاتجاه من التخصص مفيد لأفريقيا وشركاء التنمية على حد سواء في شحذ مجالات التركيز ضمن سرديات التنمية السياسية أو المفاهيمية الخاصة بهم والعلاقات مع البلدان المستفيدة. ويظهر هذا أيضاً التكامل وليس المنافسة، لا سيما بين الصين ومجتمع التنمية التقليدي الأكبر لدعم بلدان أفريقيا. وبينما تواصل الصين والدول الأخرى غير الأعضاء في لجنة المساعدة الإنمائية تحسين تخصيصها للقطاعات الاقتصادية، يركز الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية على القطاعات الاجتماعية، ولذلك يجب على كل من الدول غير الأعضاء في لجنة المساعدة الإنمائية أن تنظر إلى أدوار كل منها على أنها مكملة على عكس النظرة الواسعة الانتشار الحالية للوكالات والقوى المتنافسة من أجل الهيمنة الاستراتيجية والاقتصادية والسياسية في أفريقيا.

ومع ذلك، ينبغي أن يكون التوجه الإنمائي العام لبلدان أفريقيا هو الانسحاب التدريجي والاستراتيجي من الاعتماد الشديد الحالي على المصادر الخارجية لتمويل التنمية، إذ إن الاعتماد المتزايد لأفريقيا على التمويل الخارجي للتنمية سيستمر في تقويض إمكانية التنبؤ واستدامة التدخلات السياسية، مما يجعل التقدم الاجتماعي والاقتصادي غير مستقر وعرضة لمختلف الصدمات السلبية.

اقرأ المزيد