Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

شبح الحرب يلوح مع تدهور العلاقات البريطانية -الإيرانية إلى أدنى مستوياتها خلال عقود

واشنطن وطهران ترفعان من حدة الإهانات والتهديدات لكل منهما تجاه الأخرى

هل يلوح شبح الحرب في الخليج مع توقيف الناقلات بين بريطانيا وإيران (غيتي)

يبدو أن العلاقات بين بريطانيا وإيران بلغت أحلك مستوى تصله خلال عدة عقود، مع المواجهة القائمة بينهما حول ناقلات النفط وتصاعد الاتهامات والمهاترات المتبادلة بينهما.

في الوقت نفسه، هناك تصاعد في قرع طبول الحرب في الميدان الأوسع للمنطقة مع قيام إدارة دونالد ترمب بإعادة إرسال قوات إلى السعودية، بينما راحت واشنطن وطهران ترفعان من حدة تبادل الإهانات والتهديدات بينهما.

وفي لندن اجتمعت هيئة الطوارئ الحكومية، كوبرا، حتى ساعة مبكرة من يوم السبت (أمس) ثم جاءت مساء أمس أنباء إلغاء الخطوط الجوية البريطانية لرحلاتها إلى القاهرة مدة أسبوع كإجراء وقائي. ولم يكن واضحا مباشرة ما إذا كان هذا له علاقة بالوضع في الخليج، لكن مستجدات الأحداث عمقت من حالتي الغموض والخوف السائدتين.

وفي هذا السياق، تحدث وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت مع نظيره الإيراني حاثا إياه على إطلاق السفينة البريطانية المحتجزة، ستينا امبيرو. واعتبر هانت أن ذك الاحتجاز غير شرعي ولا مبرر له، وطلب الإفراج عن السفينة وطاقمها مباشرة.

في المقابل، تردد أن جواد ظريف قال إن ما حدث كان انتقاما من احتجاز المملكة المتحدة لناقلة الشحن الإيرانية، غريس 1، في مضيق جبل طارق على أساس الشك بأنها تنقل النفط إلى نظام بشار الأسد ، وهذا كان خرقا للعقوبات الاقتصادية التي فرضها الاتحاد الأوروبي ضد سوريا.

يمكن القول إن الموقف الإيراني مربك في هذه اللحظة، فوزير الخارجية البريطانية قال إن ظريف أخبره بأن احتجاز ستينو إمبيرسو كان رد فعل على احتجاز ناقلة النفط الإيرانية في مضيق جبل طارق، غريس 1.

بيد أن طهران قالت أيضا إن الناقلة احتُجزت بعد تصادمها مع زورق للصيد ثم رفضت التوقف. وجاء توقيفها وفقا للقانون الدولي ثم أخِذت السفينة إلى ميناء بندر عباس، حسبما أفادت وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية. لذلك فإن قضية احتجاز ناقلة النفط الإيرانية في مضيق جبل طارق لم يُطرح في تبرير احتجاز الناقلة البريطانية.

إلى ذلك، أشار وزير الخارجية البريطانية إلى أن المملكة المتحدة حاولت عدم تصعيد الوضع بعرض إجراء مباحثات للإفراج عن الناقلة الإيرانية غريس 1 وطاقمها مقابل إعطاء ضمانات بأن النفط لن يؤخذ إلى سوريا.

وأمس كتب هانت على صفحته في موقع تويتر: "بعد تطميني السبت الماضي من أن إيران تريد تخفيف حدة الوضع، تصرفوا بشكل معاكس. لكي نصل إلى حل يجب أن يكون ذلك من خلال الأفعال لا الأقوال. يجب حماية النقل البحري البريطاني وسوف يحمى".

من جانبها، أكدت بيني موردونت وزيرة الدفاع البريطانية أن فرقاطة من "البحرية الملكية" كانت على بعد ساعة من مشهد سيطرة القوات الإيرانية على الناقلة "ستينا إمبيرسو". وأصرت أنها كانت في المياه العمانية آنذاك. وحاليا لدى قوة "البحرية الملكية" البريطانية فرقاطة واحدة في الخليج وهناك ثانية موشكة على الوصول، وتوجد حاليا أربعة زوارق متخصصة في الكشف عن الألغام البحرية  وسفينة "رويال فليت أوكزيليري" متوقفة بالقرب من الخليج جنبا إلى جنب مع قوات من "المارينز الملكية". لكن الرسالة القادمة من لندن هي أن القيام بعمل عسكري ما ليس متوخى.

وكان هانت قد أعلن أنه سيكون هناك إجراء حاسم إذا لم يتم الإفراج عن الناقلة البريطانية، لكنه شدد على أن ذلك لا يشمل استخدام القوات المسلحة.

وقال مساء السبت إنه سيقدم بيانا إلى مجلس النواب يوم الاثنين (غدا)، إلا إذا وقع حادث درامي خلال الأربع وعشرين ساعة المقبلة، وهذا يبدو أنه يشير إلى أن قوات المارينز ليست موشكة على شن هجوم على ميناء بندر عباس.

من جانبهما، أدان وزيرا الخارجية الفرنسي والألماني الاستيلاء الإيراني على الناقلة. وقالت حكومة ايمانويل ماكرون إن فعلا كهذا يضر بالجهود الهادفة إلى تخفيف حدة التوتر في المنطقة، في حين أصدر مكتب أنغيلا ميركل بيانا اعتبر ما قامت به إيران تدخلاً غير مبرر له في حركة النقل البحري عبر طريق بحري رئيسي وحثت إيران على الإفراج عن السفينة وطاقمها.

وفوق كل هذه الأحداث يلوح ظل ترمب. إذ يبدو أن إرسال قوات أميركية، مع صواريخ باتريوت وسرب من طائرات أف-22  إلى السعودية وكأنه تصعيد آخر في مسلسل التصادم مع إيران.

غير أن الولايات المتحدة أكدت أيضا يوم الجمعة الماضي أنها عينت السيناتور راند بول للتفاوض مع إيران للتخفيف من التوتر، وهذا ما يناقض، أسلوب ترمب المعهود، وما قاله قبل 24 ساعة بما يخص هذه المسألة.

وتجدر الإشارة إلى أن تعيين شخصية معتدلة مثل بول مهم للغاية في هذا الوقت. فهذا السيناتور كان دائما من المدافعين على نهج يقف ضد المغامرات العسكرية الأميركية في الخارج على الرغم من أن موقفه منطلق من منظور يميني. فهو يمثل النقيض لجون بولتون مستشار الأمن القومي الذي هو مثل ترمب من المتهربين من أداء الخدمة العسكرية خلال حرب فيتنام، لكنه في المقابل مدافع ثابت على التدخل العسكري الأميركي، وكان قد عبّر في الماضي عن رغبته بتغيير النظام الإيراني.

كذلك فإن السيناتور بول كان من بين أعضاء الكونغرس الذين حاولوا منع بيع الأسلحة للسعودية- وهذا موقف يعاكس تماما موقف ترمب في هذا الشأن.

لذلك، فإن هناك رسائل متناقضة ومشوشة من طهران وواشنطن في وضع شديد التقلب.

ففي الوقت الذي تحاول بريطانيا مع فرنسا وألمانيا وروسيا والصين إنقاذ الاتفاق النووي الإيراني، الذي تسعى إدارة ترمب إلى تدميره، تضع نفسها في مخاطر الانجرار إلى سيناريو تحشيد القوات والتجهيزات العسكرية في الخليج مما يجعل انفجار نزاع حربي ممكنا- الخطر الماثل دوما في أوضاع كهذه يأتي من وقوع عواقب غير مقصودة.

© The Independent

المزيد من دوليات