Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما السياق الإقليمي لضربات إسرائيل ضد إيران في سوريا؟

رسالة مارك ميلي لأنقرة وموسكو وطهران رداً على تعاونها في أوكرانيا هل تلجم التطبيع مع الأسد؟

اتهم إعلام النظام السوري إسرائيل بتنفيذ الغارة على مطار حلب الذي خرج عن الخدمة لأكثر من ثلاثة أيام (أ ف ب)

ملخص

مقابل إبداء بعض #الدول_العربية استعداداً لفتح صفحة جديدة مع #بشار_الأسد لحاجة النظام إلى المساعدة الدولية والإقليمية لمواجهة #تداعيات_الزلزال يبقى الثمن الذي تطلبه أن يبتعد عن #إيران

الضربتان العسكريتان على مطار حلب فجر الثلاثاء السابع من مارس (آذار) الحالي، ثم على دير الزور فجر الأربعاء الثامن من الشهر ذاته، أعادتا تسليط الأضواء على الملاحقة الإسرائيلية للوجود الإيراني ببلاد الشام في وقت يشكل نفوذ طهران أحد عناوين الاتصالات العربية والدولية مع دمشق.

اتهم إعلام النظام السوري إسرائيل بتنفيذ الغارة على مطار حلب، الذي خرج عن الخدمة لأكثر من ثلاثة أيام، إلى أن أعلن عن عودته إلى استقبال وإقلاع الطائرات، اليوم الجمعة، ونسب انفجار دير الزور إلى لغم من مخلفات تنظيم "داعش"، فيما أظهرت الصور التي بثتها شاشات التلفزة ونشرتها وسائل الإعلام المختلفة، مبنى أصيبت أجزاء منه بالدمار وبأضرار جسيمة، ما يستبعد رواية اللغم.

كما نقل سوريون يوجدون في الخارج على اتصال بالداخل السوري عن شهود عيان بدير الزور، أنهم سمعوا هدير محرك طائرة من دون طيار في سماء المدينة قبل الانفجار الذي خلف سبعة قتلى، بحسب "المرصد السوري لحقوق الإنسان".

أسلحة إيرانية نقلت حديثاً

حصلت الضربتان خلال 24 ساعة، فيما هي المرة الرابعة التي تستهدف فيها مواقع وصفتها مصادر الأخبار بأنها إيرانية أو تابعة لميليشيات موالية لإيران، منها مطار دمشق الدولي، منذ مطلع هذه السنة، إما لأنها تستقبل شحنات أسلحة إيرانية ومسيرات أو لأنها تحتضن اجتماعات لمسؤولين إيرانيين كما حصل في منطقة كفر سوسة بالعاصمة السورية 22 فبراير (شباط) الماضي. وأشارت المعلومات إلى مقتل شخصية إيرانية قيادية كانت تدير اجتماعاً في ما سمي "المدرسة الإيرانية" بالمنطقة، وكذلك شخصية سورية تتولى مهمة ضابط ارتباط مع القوات الإيرانية.

وأفادت وسائل إعلامية معارضة أن قصف مطار حلب يعود إلى وجود مستودع لأسلحة وصواريخ، فيما أفاد مركز "ألما" الإسرائيلي للبحوث (مقرب من الاستخبارات) بأن بعضها وصل براً عبر معبر القائم مع العراق في شاحنات تنقل أسلحة مع مساعدات إنسانية للمتضررين من الزلزال الذي ضرب شمال سوريا وتركيا في السادس من فبراير (شباط) الماضي، والبعض الآخر من هذه الأسلحة وصل في طائرة إلى المطار.

وفي رواية أخرى، أشارت وسائل الإعلام المعارضة "أورينت نت" أيضاً إلى أن الأسلحة نقلت من مطار الجراح العسكري في حلب حيث يوجد الجيش الروسي، الذي طلب من الجانب الإيراني نقل معداته منه.

تعطيل نقل المساعدات الإنسانية

قال "مركز المصالحة" الروسي في قاعدة حميميم العسكرية، إن طائرات "أف.16" إسرائيلية قصفت مطار حلب، والمعروف أن الجانب الإيراني يسعى منذ أكثر من سنة إلى تعزيز وجوده في المدينة وتمكن من توسيعه عبر شراء عقارات وتشكيل مجموعات موالية له لتوطيد نفوذه بالشمال السوري ومنافسة الوجود التركي.

إلا أن إخراج المطار الوحيد الذي تصل إليه المساعدات الإنسانية إلى شمال سوريا من الخدمة يدل على أنه لا حرج لدى إسرائيل في قطع الجسر الجوي للمساعدات للمدينة التي أصاب الزلزال جزءاً واسعاً من أحيائها.

وكان مسؤول عسكري إسرائيلي حذر بعد الزلزال إيران من استخدام حجة المساعدات لنقل أسلحة إلى سوريا، مؤكداً أن تل أبيب ستقصفها. وتوقف أكثر من مصدر سوري أمام الصمت الدولي الكامل إزاء آثار القصف على عملية نقل المساعدات عبر هذا المطار إلى الشمال السوري، في مؤشر إلى تقديم المجتمع الدولي أولوية ضرب الوجود الإيراني بسوريا.

أما قصف دير الزور فاستهدف ورشة في أحد المباني لتجميع الطائرات المسيرة التي تنقل من إيران مفككة ليعاد تركيبها، في وقت صنف مراقبون توالي الضربات العسكرية الإسرائيلية للوجود الإيراني بسوريا، على أنها تأتي في سياق التمهيدات لحرب مقبلة وسط التصعيد الذي تشهده المنطقة، حيث تسعى طهران إلى تحصين وسائلها العسكرية على الجبهة السورية، اعتبر آخرون أنها في سياق جهود منع توسع الحرب في حال مواجهة عسكرية مع إيران تخطط لها إسرائيل، فضرب قواعد أو مستودعات أسلحة تابعة لإيران يحرمها القدرة على إقحام الميدان السوري في أي حرب محتملة.

توظيف الزلزال

في كل الأحوال، فإن للضربات الإسرائيلية سياقاً إقليمياً ودولياً في التعاطي مع إيران وسوريا، إزاء بعض التطورات المتعلقة بالانفتاح العربي عليها، بعد الأضرار الكارثية لزلزال السادس من فبراير، والمساعدات التي تتوقعها دمشق، في غياب أي مساعدة من الحليفين الأساسيين لحكم الرئيس بشار الأسد، أي روسيا وإيران اللتين تواجهان ظروفاً اقتصادية صعبة في ظل الحرب بأوكرانيا مع الغرب، وتصاعد العقوبات ضد مزيد من الكيانات والقيادات الإيرانية، وجمود التفاوض على النووي الإيراني، واكتفت الحكومة مبلغ هزيل لتدعيم المنازل المتصدعة قياساً بانخفاض قيمة الليرة السورية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

سعت دمشق إلى اقتناص الفرصة من أجل رفع عقوبات قانون قيصر عنها، بحكم التعاطف الدولي والعربي مع ضحايا كارثة الزلزال، فلم تحصل سوى على "رخصة" بعدم إخضاع التحويلات من أجل المواد الإغاثية لقانون قيصر، مدتها ستة أشهر، قابلة للتجديد. أي إن سيف العقوبات بقي مسلطاً.

وتحدث إعلام النظام عن كلفة عالية لإعادة إعمار ما سببه الزلزال  من هدم ودمار أكثر من 500 منزل، وتصدع الآلاف، وكثير من المواقع الأثرية في شمال غربي سوريا والمناطق الساحلية، وبثوا أرقاماً تحتاج إليها سوريا بعشرات مليارات الدولارات (أشارت وسائل إعلام موالية إلى رقم 40 مليار دولار).

بين الحرب والزلزال

اعتبر مراقبون أن إعلان البنك الدولي في آخر فبراير عن تقديره الخسائر السورية جراء الزلزال بـ5.1 مليار دولار، يقطع الطريق على مطالبة دمشق بمبالغ عالية، بينما هناك ما يشبه الاستنفار في الكونغرس الأميركي ضد استفادة الأسد من المساعدات بعد الزلزال، الذي استوجب إصدار قرار بأكثرية ساحقة يدعو إدارة الرئيس جو بايدن إلى الامتناع عن تقديم المساعدات للنظام، أو عبره، وتعارض واشنطن منح أي مساعدات للنظام من أجل إعادة إعمار ما هدمته الحرب بحجة أنه سيستفيد منها لصالح المناطق الموالية له.

ويقول ناشطون سوريون، إن دعوة نظام الأسد الأمم المتحدة إلى بذل جهود من أجل المساهمة في إعادة إعمار ما هدمه الزلزال، أثناء زيارة مساعد الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ مارتن غريفيث في 13 فبراير الماضي أعطت مفعولاً معاكساً، إذ جرى تنظيم زيارة له إلى حلب ومحيطها شملت أحياء دمرتها الحرب التي خاضها النظام مع قوى المعارضة السورية المسلحة في المدينة، إضافة إلى التي تضررت من الزلزال. وهو أمر لاحظه الفريق الدولي الذي رافق غريفيث، حيث آثار القصف والقذائف ظاهرة للعيان.

تحكم النظام بالمساعدات

في ظل شكاوى من أن إيصال المساعدات إلى مناطق المعارضة بشمال غربي سوريا (باستثناء التي تمر بمعبر باب الهوى) يخضع لتوجيهات الاستخبارات ورجال النظام، وللتقنين الذي يفرضونه على نقلها إلى تلك المناطق، ظهرت تقارير إعلامية منها ما نشرته "فايننشال تايمز" في الثامن من مارس عن ضغوط على الأمم المتحدة في دمشق لتوظيف أبناء النافذين بالنظام، أو موالين له في مكاتب المساعدات الإنسانية للتأثير على توزيعها.

ومن أجل حصر إقامة الموظفين الدوليين في فنادق أو أماكن محددة يستفيد من كلفتها المقربون، وإجبار المنظمات التابعة للأمم المتحدة على اتباع سعر صرف للدولار الأميركي بدل سعر الصرف في السوق الموازية، بهدف تغذية المصرف المركزي بالعملة الصعبة.

وأشار تقرير "فايننشال تايمز" إلى أن مسؤولي المساعدات الإنسانية في سوريا وقعوا منذ اندلاع الحرب في سوريا بين خيارين، إما الانصياع لقواعد النظام في عملياتها أو حرمان من يحتاجون إلى لمساعدة منها.

وكان لافتاً إعلان الاتحاد الأوروبي في الثامن مارس عن تأجيل المؤتمر الذي كان ينوي تنظيمه "لدعم المتضررين من الزلزال في تركيا وسوريا" في بروكسل في 16 مارس الجاري، إلى أجل غير مسمى، بعد تبني السويد وألمانيا وفرنسا مطلب قوى سورية معارضة عدم دعوة هيئات تمثل الحكومة السورية إليه. وهو قرار اتخذ على رغم موافقة دول في المنطقة على حضور من يمثل النظام.

إلا أن السؤال يبقى لماذا حرمان تركيا من المساعدات إذا كان هناك موقف من نظام الأسد؟

إذا كانت العقبات التي تعترض مساعدة سوريا تتعلق بسلوك النظام، فإن المبررات السياسية التي تحول دون مساعدته، بحسب المتابعين لجهود تطبيع العلاقات الإقليمية معه، يشيرون إلى أن لائحة الأسباب تطول، وبعضها يتصل بالسياق الإقليمي للضربات العسكرية التي تنفذها إسرائيل ضد المواقع الإيرانية في بلاد الشام، ومن هذه الأسباب تسريع موسكو لخطوات تطبيع علاقة الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والسوري بشار الأسد.

فمقابل إبداء بعض الدول العربية استعداداً لفتح صفحة جديدة نظراً إلى حاجة النظام إلى المساعدة الدولية والإقليمية لمواجهة تداعيات الزلزال في ظل شبه الانهيار الاقتصادي، يبقى الثمن الذي تطلبه أن يبتعد عن إيران في وقت يتعذر عليه ذلك.

وعلى رغم تشجيع موسكو لعدد من هذه الدول على الانفتاح على دمشق، لأنه يساعد نظام الأسد على عدم الاكتفاء بالدعم الإيراني، فإن اتساع دائرة الصراع الدولي بحكم حرب أوكرانيا، يوجب حسابات مختلفة.

على العكس من ذلك فإن جهود المصالحة التركية- السورية التي تقودها موسكو منذ أواخر العام الماضي فرضت إشراك طهران فيها، نظراً إلى نفوذها القوي سياسياً وميدانياً في سوريا، ورضخت موسكو بذلك إلى ثقل هذا النفوذ بحيث بات الاجتماع الذي تستضيفه الأسبوع المقبل رباعياً بعد أن بدأ ثلاثياً، إثر زيارة وزير خارجية الإيراني حسين أمير عبدالهيان إلى أنقرة قبل يومين، حيث أعلن نظيره التركي تشاويش أوغلو أن إيران ستنضم إلى اللقاءات بين تركيا وسوريا، إذ إن انحياز طهران لموسكو في حرب أوكرانيا واتكالها عليها في سوريا، في ظل انشغالها بالحرب الدائرة بمواجهة الغرب يفرض يؤدي إلى تعزيز دورها في سوريا. ويتوقع أن يزور الأسد موسكو خلال الأيام المقبلة في سياق التحضير للمصالحة مع أردوغان.

وفي رأي هؤلاء المتابعين أنه لا يمكن فصل زيارة رئيس أركان الجيش الأميركي الجنرال مارك ميلي غير المسبوقة إلى شمال شرقي سوريا عن تلك التطورات، على رغم وضعها في إطار الحرب ضد تنظيم "داعش"، فهي رسالة إلى الدول الثلاث: روسيا وتركيا وإيران، بأن الترتيبات التي تسعى إليها في بلاد الشام، بموازاة تعاونها في حرب أوكرانيا، واشنطن قادرة على الوقوف في وجهها وعلى التحكم باللعبة في الميدان السوري، وهذا ما دفع إلى استدعاء أنقرة للسفير الأميركي لاستيضاحه سبب الزيارة، وإصدار الخارجية السورية بياناً ضد الزيارة.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل