Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الضفة الغربية... آثار رومانية وكنعانية أصبحت مكبات للنفايات ومخازن ومستودعات تجارية

يُفرض على الدولة المحتلة حماية الموروث الثقافي للدولة الخاضعة للاحتلال

عدم الوعي بأهمية آثار الضفة الغربية أبرز ما يهدد المواقع الأثرية فيها (اندبندنت عربية)

تزخر الضفة الغربية بعشرات آلاف المعالم والمباني والمواقع الأثرية، إلا أن الاهتمام بات يقتصر فقط على العشرات منها، بينما لم تتوافر لبقية المواقع على الرغم من أهميتها أي فرصة للصيانة أو الترميم، فأصبحت عرضة للدمار والإهمال وملعباً للقوارض والكلاب الضالة.

لا عجب أن ترى بيوتاً أثرية وأبنية رومانية وقصوراً عثمانية وأرضيات فسيفسائية يعود تاريخها إلى ما قبل الميلاد، مهملة ومدمرة وأشبه بمكبات للنفايات، أين؟ في مختلف قرى الضفة الغربية ومدنها، وبالتحديد في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، فعلى الرغم مما تتميز به المدينة من غنى في الآثار والمعالم والمواقع التاريخية، فإن تلك المواقع باتت عرضة للاندثار والضياع نتيجة الإهمال وندرة الإمكانات وقلة الوعي بأهميتها، فنابلس تحتضن قرابة 70 موقعاً أثرياً وإسلامياً وحوالى 14 موقعاً رومانياً، وجميعها مسجلة لدى وزارة السياحة والآثار الفلسطينية، والمدينة ككل مرشحة لتكون في قائمة التراث العالمي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إمكانات محدودة

عدم الوعي من قبل المواطنين بأهمية آثار المدينة أبرز ما يهدّد المواقع الأثرية فيها، إضافة لقلة الإمكانات المادية الموجودة في وزارة السياحة والأثار لترميمها وإعادة تأهيلها، ومنع التنقيب غير القانوني عنها.

المدير العام للتنقيبات في وزارة السياحة والآثار بسام نصاصرة  قال لـ "اندبندنت عربية" "عدد المواقع الأثرية في الضفة لا يقل عن ألفي موقع، إضافة إلى عشرة آلاف معلم وعشرات الآلاف من المباني التاريخية، والحفاظ على المواقع الأثرية المهملة في نابلس وتأهيلها سياحياً وإعادة استخدامها لمنفعة المجتمع يحتاج إلى موارد وإمكانات كبيرة، وميزانيات ضخمة من السلطة الفلسطينية، ووزارة السياحة والآثار تعمل حالياً على تأهيل أكثر من موقع في المدينة، وأحد تلك المواقع ميدان سباق الخيل وسط مدينة نابلس، والذي يعود تاريخه إلى القرن الثاني الميلادي".

أضاف نصاصرة "وصلنا عدد من الشكاوى عن أن أصحاب المحال التجارية القريبة من الميدان وبعض المارة، يلقون مخلفات محالهم من عبوات فارغة، إضافة لأكياس من الطمم وسط منطقة الآثار(ميدان سباق الخيل الروماني)، وللأسف يتسبب ذلك بتراكم النفايات، وعلى الرغم من كل الاتهامات بالقصور بالحفاظ على نظافة الموقع، إلا أنه لا يزال مقصداً لطلاب قسم خدمة المجتمع في جامعة النجاح الوطنية منذ سنوات، إذ يقومون بتنظيفه وإزالة الحشائش المحيطة بالموقع، وفي الوقت ذاته، نحن نعوّل على مشاركة القطاع الخاص والمجتمع الدولي والمحلي والمؤسسات الأكاديمية والأهلية العاملة في حقل التراث الثقافي.

كنوز مهملة

المشهد في ميدان سباق الخيل وسط مدينة نابلس، والذي يعود تاريخه إلى القرن الثاني الميلادي، لا يختلف كثيراً عن المدرج الروماني في منطقة رأس العين في المدينة ذاتها، والذي اكتشف عام 1979، إذ يُعد من أهم معالم مدينة نيابولس الرومانية، التي أنشأها الإمبراطور فيسباسيان عام 73 ميلادياً، وهو مدرّج مؤلف من نصف دائرة وفيه مسرح أوركسترا وكان وثنياً، ثم طُمرت معالمه مع الوقت.

وخلال الفترات الإسلامية جرى إهماله، وتفكيك حجارته، ومقاعده، واستخدمت في إنشاء مبان جديدة، فلم يتبقَّ منه سوى الصف الأول، وبعض المقاعد المنفردة، وأساسات المنطقة السفلية، والمكان بعراقته لم يتبقّ منه سوى حجارته المتناثرة، ويتابع نصاصرة أن "المدرج في الوقت الحالي موقعٌ غير مؤهل سياحياً، ونحن نعمل ما في وسعنا، ولكن كل ذلك يعتمد على الميزانية المتاحة لوزارة السياحة والآثار، والوزارة تدرس بشكل جدي عملية إعادة بناء المدرج بالشكل ذاته مع اختلاف بسيط للتمييز بين القديم والجديد، والحفاظ على تراثية المكان ليكون متنفساً لسكان المدينة، ومستقبلاً سنعمل على تأهيل المكان لعرض نشاطات وفعاليات فيه، وكذلك إحياء مناسبات واحتفالات".

وأكد مدير مركز تنمية موارد المجتمع في البلدة القديمة والتابع لبلدية نابلس أيمن الشكعة بدوره أن "المدرج الروماني بوضعه الحالي ومع غياب الاهتمام به من قبل وزارة السياحة والآثار، سيبقى مهملاً، ومع ذلك فالمركز يقوم بإرسال متطوّعين لتنظيفه والاهتمام به بين الحين والآخر كغيره من المواقع الأثرية."

قانون ضعيف

قانون الآثار المعمول به في الضفة الغربية، وهو قانون الآثار الأردني رقم 51 للعام 1966، يعاقب سارق الأثار بغرامةٍ مالية قيمتها 30 دولاراً أو الحبس مدة شهرين، أو كليهما. وبحسب الوزارة، إذا نُفذ الحكم على السارق بأقل من 90 يوماً، يدفع غرامة ويخرج من السجن، ومسودة القانون الفلسطيني التي أعدت حديثاً رُفعت فيها العقوبات لتصل الغرامة إلى ما بين 70 أو 80 دولاراً، لكنها لم تدخل حيز التنفيذ.

ولأن نابلس منجم من الآثار الدفينة، تشترط وزارة السياحة والآثار، وفي حال أراد أي مواطن إقامة أي بناء، أن يقدم طلباً مرفقاً بأوراق ملكية ومخططات مساحة، ليقوم قسم التفتيش في دائرة الحماية بزيارة الموقع، والذي يقدم تقريراً يحدد إما الموافقة بالبناء، أو تحويله على قسم الحفريات الاختبارية أو الرفض، وفي حال اكتشاف آثار في أرض، أو موقع أثري مسجل، يُبلّغ صاحب الأرض بقرار حظر البناء، وفق قانون الآثار المعمول به، فإما أن يُعوض مالياً أو بقطعة أرض بديلة، أو تُستملك الأرض للسلطة الفلسطينية في حالة تعذّر التعويض.

سامح يعيش في مدينة نابلس، ويملك قطعة أرض في محيط ما تعرف بمنطقة سباق الخيل الأثرية، تقدم بطلب رخصة بناء عام 2016، وباشر قسم التفتيش في دائرة الحماية في وزارة السياحة بالبدء بالفحص الأثري للأرض بعمق سبعة أمتار، ويتحدث يعيش لـ "اندبندنت عربية" قائلاً "الأرض الخاصة بي محاطة بشوارع رئيسة من كل جانب، ولو كانت هناك أي آثار لكانت اكتشفت أثناء تأسيس البنية التحتية للشوارع، أنا ما زلت أنتظر من سنوات الجواب من قبل وزارة السياحة هل أقوم بالبناء ام لا؟".

غياب السيطرة

آثار مكتشفة في الضفة الغربية، تعود إلى عصور رومانية وبيزنطية، مع وجود أدلّة ودراسات تشير إلى أن عدداً من الآثار الموجودة بفلسطين يعود الى اكثر من نصف مليون سنة، وإسرائيل بسبب سيطرتها الكاملة على حوالى 60 في المئة من أراضي الضفة الغربية المصنفة "ج" بحسب الباحثين والمتخصّصين في مجال السياحة والآثار، تعتبر مصدر التهديد الرئيس للآثار الفلسطينية، فهي تعمل على حماية عمليات التنقيب غير القانونية، بتشجيع التنقيب عن الآثار وبيعها عبر السماسرة إلى إسرائيليين ويهود حول العالم، والسلطة الفلسطينية لا تستطيع ممارسة دورها في ملاحقة المنقّبين في مناطق "ج" الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية.

وبحسب القانون الدولي، يُفرض على الدولة المحتلة، حماية الموروث الثقافي والمواقع الأثرية للدولة الخاضعة للاحتلال، لكن اتفاقية أوسلو التي وقعت عام 1993 بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، أجّلت هذا الملف إلى الحل النهائي، حيث تقدر القطع الأثرية المهربة من الضفة ووصلت إلى أنحاء العالم كله بالملايين. 

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات