Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

نوعية البيانات تزداد سوءا في أسواق النفط

تاريخياً كان أحد أهم الأسباب هو التكتم عليها مما سمح للمضاربين وغيرهم التحرك بحسب ما يرونه مناسباً

البيانات في أسواق النفط سيئة وتزداد سوءاً بسبب الاعتماد على التقنية من جهة وتوسع السوق السوداء من جهة أخرى (أ ف ب)

ملخص

نوعية #البيانات في #أسواق_النفط العالمية تدهورت بشكل كبير منذ عام 2017 بسبب الطفرة في إنتاج النفط الصخري في #الولايات_المتحدة و #العقوبات على #إيران و #فنزويلا

اتسمت البيانات في أسواق النفط العالمية تاريخياً بأنها شحيحة ومشكوك في بعضها، إلا أن نوعية البيانات تدهورت بشكل كبير منذ عام 2017 بسبب الطفرة في إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة، والعقوبات الأميركية على إيران وفنزويلا، وتوقف بعض الدول عن إصدار بيانات إنتاجها مثل إيران. إلا أن نوعية البيانات ازدادت سوءاً في الأشهر الماضية بسبب الحظر النفطي الذي فرضته مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي على روسيا، الأمر الذي نتج منه أكبر سوق سوداء في تاريخ صناعة النفط، الذي يمتد إلى أكثر من 160 عاماً.

تاريخياً، كان أحد أهم سبب سوء نوعية البيانات هو التكتم عليها، الأمر الذي أسهم بضبابية الأسواق، وسمح للمضاربين وغيرهم التحرك بحسب ما يرونه مناسباً لهم. إلا أن هناك أخطاء كبيرة في البيانات المنشورة، وهناك أسباب عدة يمكن إجمال أغلبها بما يلي:

1- تدوير البيانات والمعلومات

2- إدخال البيانات

3- تحديث التقارير من النسخ القديمة للتقرير

4- اعتماد التقنية في تجميع البيانات

5- مشكلات تعريف المنتجات النفطية

6- إجبار الشركات والهيئات الحكومية على تقديم البيانات وفي وقت محدد

1- تدوير البيانات والمعلومات

أفضل مثال على ذلك هو ما حصل الأسبوع الماضي عندما نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" تقريراً مفاده بأن هناك نقاشاً داخلياً حول احتمالية خروج الإمارات من "أوبك". مجرد انتشار الخبر انخفضت أسعار النفط بمقدار دولارين. تلقفت وسائل الإعلام العالمية الخبر وبعناوين رنانة، وتناقلته وسائل الاتصال الاجتماعي وانتشر انتشار النار في الهشيم. هناك سياسيون وتجار ومحللون وغيرهم ذهبوا إلى عملهم ليروا كماً هائل من الأخبار من كل حدب وصوب، من الراديو في السيارة، إلى التلفزيون في المكتب، إلى الصحف على المكتب، إلى المنشورات المتخصصة في الحاسوب. بعد كل هذا الزخم الإعلامي، كيف يمكن إقناع هؤلاء أن مصدر الخبر واحد، وأنه تم "تدوير" المعلومات و"تعليبها" بطرق شتى، وأن التقرير غير دقيق أو غير صحيح، أو أنه ملفق بالكامل؟

انتشر خبر ضمن دوائر معينة أن عدد الحفارات في السعودية نحو 60 حفارة، وهذا لا يكفي للاستمرار بالإنتاج الحالي، وقام بعضهم بالاستثمار في عقود النفط أو أسهم شركات النفط بناء على ذلك. الخبر انتشر عبر المشاركة في ندوات ومؤتمرات، وتكلم به بعضهم، فغطته بعض النشرات المتخصصة، ثم انتقل إلى مساحات "تويتر" برسائل "واتس أب". كيف تقنع الناس أن هذا الكم الكبير من المعلومات مصدره واحد، وهو خانة في إكسل لبيانات شركة "بيكر هيوز"، وهي تغطي فقط الحفارات التي تشغل أجهزة الرادار والتتبع، أو التي تعرف عنها الشركة، بينما لا تعرف شيئاً عن كل الحفارات الآسيوية، بخاصة الصينية، وأن الواقع أن عدد الحفارات في السعودية أضعاف ما ذكرته شركة "بيكر هيوز"؟ حتى عند مناقشة الأمر مع كبار المستثمرين والتجار، يرسلون لك صورة لعديد من التقارير وفيديوهات لمحاضرات تذكر كلها الرقم نفسه، وتكتشف أنهم يعتقدون أن تعدد وسائل الإعلام الناشرة يعني صحة الرقم، ولكنهم لا يعرفون أن المصدر واحد، وأن هذا المصدر الواحد عنده مشكلة.

خلاصة القول إن وجود الخبر بكثرة في وسائل الإعلام وانتشاره بشكل كبير في وسائل الاتصال الاجتماعي لا يعني صحته، بخاصة إذا كان المصدر واحداً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

2- إدخال البيانات

تعتمد كثير من المؤسسات الحكومية وغير الحكومية على موظفين ذوي كفاءات بسيطة لإدخال البيانات والمعلومات، في محاولة لخفض التكاليف. في أغلب الأحيان لا تتم مراجعة البيانات من قبل الخبراء والمتخصصين. فإذا كان هناك خطأ في إدخال البيانات أو مشكلة تقنية في برنامج إكسل، وجاء خبير جديد، يبدأ التحليل بناء على المعلومات الخاطئة! هذا الموضوع شائع في كل المجالات وليس فقط في مجالات النفط والغاز، لهذا يتم سحب دراسات بعد نشرها نتيجة وجود أخطاء إما في إدخال البيانات أو بسبب مشكلات في المعادلات أو مشكلات تقنية. وأذكر أنه كانت هناك دراسة ذكرت أن نسبة الوفيات خمسة في المئة، والنسبة الصحيحة 0.005 في المئة بسبب خطأ في "إكسل".

وأيضاً هناك خطأ شائع وهو إدخال بيانات بوحدات مختلفة.

خلاصة الأمر أن أسواق النفط تعتمد على البيانات، وأي خلل في هذه البيانات يؤدي إلى ذبذبة وتغير في الأسعار.

3- تحديث التقارير من النسخ القديمة للتقرير

أغلبنا إن لم يكن كلنا نقع في هذا الخطأ توفيراً للوقت. إلا أن تكرار الأخطاء من هيئات معينة أو أشخاص معينيين يوضح أن هناك مشكلة. وبعد مراقبتي لسنوات عدة لهذا النوع من الأخطاء لعدد من المكاتب والمنظمات، تبين لي أن كل من يحدث المادة من تقارير قديمة يقع في هذا الخطأ من دون استثناء، إلا أنه عبر الزمن كان هناك بعض المنظمات التي اشتهرت بأخطائها المتكررة، الأمر الذي يوضح أنه لم تتم مراجعة هذه التقارير بعد الانتهاء منها ونشرها. من ضمن الأخطاء الشائعة مثلاً:

في تقرير الشهر الماضي: ارتفع إنتاج النفط الخام في تكساس بمقدار 150 ألف برميل يومياً، وارتفع إنتاج الغاز بمقدار 800 مليون قدم مكعبة.

الواقع أنه في الشهر الحالي: انخفض إنتاج النفط الخام في تكساس بمقدار 21 ألف برميل يومياً، وانخفض إنتاج الغاز بمقدار 200 مليون قدم مكعبة.

ولكن في التقرير، بقيت كلمة "ارتفع" الثانية فظهرت كالتالي: وارتفع إنتاج الغاز بمقدار 200 مليون قدم مكعبة.

الإعلام سينقل عن التقرير... وينتشر الخبر الخاطئ بأن إنتاج الغاز زاد، ولكن في الحقيقة انخفض لأن الشخص المسؤول قام بتحديث التقرير القديم، ولم يغير كلمة "ارتفع" إلى "انخفض".

الأمر نفسه ينطبق على الرسوم البيانية والجداول، إذ يبقى الرسم البياني أو الجدول القديم كما هو من دون تحديث، ويظن المسؤول أنه نشر بعد التحديث.

4- الاعتماد على التقنية في جمع البيانات

أشهر مثال على ذلك هو قيام بعض وكالات الأنباء بتتبع شحنات النفط بناء على الإشارات التي تصدرها أجهزة التتبع في السفن. ثم تقوم هذه الوكالات بنشر البيانات والمعلومات وفقاً لذلك. فقد تنشر وكالة "رويترز" أو "بلومبرغ" خبراً مفاده بأن صادرات إيران انخفضت الشهر الماضي إلى 400 ألف برميل يومياً، ثم ينتشر الخبر ويستنتج المحللون أن العقوبات الأميركية والأوروبية نجحت في تضييق الخناق على إيران، وأن أسعار النفط سترتفع. ثم يفاجأون بأن النفط يتدفق بكميات كبيرة للأسواق وأسعار النفط تنخفض، لماذا؟ لأن هذه الوكالات اعتمدت على تقنية أجهزة التتبع، وتجاهلت عشرات السفن التي تحمل النفط الإيراني وتطفئ أجهزة التتبع.

ونظراً لتوسع السوق السوداء للنفط الروسي، فإن البيانات تزداد سوءاً يوماً بعد يوم.

أيضاً هناك تقنية تحديث البيانات تلقائياً. فإذا كان هناك خطأ في المصدر الأساس، فإن كل من حدث البيانات حول العالم أصبح ليجد الخطأ نفسه.

5- مشكلات تعريف المنتجات النفطية

أفضل مثال على ذلك هو ما يجري حالياً في الولايات المتحدة، حيث إن إدارة معلومات الطاقة الأميركية فتحت تحقيقاً استمر 90 يوماً لمعرفة سبب الزيادة المستمرة في الفارق بين تقديرات الطلب والعرض. السبب الأساسي هو أن الإدارة تعرف المكثفات بشكل مختلف عن الشركات، فإذا غيروا التعريف، انتهت المشكلة. إلا أن المشكلة عالمية وتمس "أوبك" و"أوبك+": ما النفط الخام؟ ما المكثفات؟ هل تشمل الأرقام كل السوائل النفطية أم النفط الخام فقط؟ هل تشمل الأرقام الوقود الحيوي؟

6- إجبار الشركات والهيئات الحكومية على تقديم البيانات وفي وقت محدد

تجبر بعض الحكومات الشركات العاملة في أراضيها على تقديم معلومات معينة عن الإنتاج أو المخزون أو الانبعاثات، أو الحوادث في وقت معين. بعضهم يظن أن هذا الإجبار يعني بالضرورة دقة البيانات، ولكن العكس هو الصحيح.

أفضل مثال على هذا الموضوع هو البيانات الأسبوعية لمعهد النفط الأميركي ولإدارة معلومات الطاقة. البيانات المقدمة للمعهد اختيارية، والبيانات المقدمة لإدارة المعلومات إجبارية، ولهذا يعتقد كثيرون أن بيانات إدارة معلومات الطاقة أدق. ولكن قد يكون العكس هو الصحيح.  موظفو الشركات ملزمون بأن يقدموا البيانات لإدارة معلومات الطاقة في وقت معين، سواء كانت البيانات جاهزة أم لا، لهذا يلجأ بعضهم إلى تقديم أي بيانات تفادياً لعقوبة التأخير، ولكن المشكلة أنه ليس هناك عقوبة على تقديم البيانات الخطأ، لاسيما أن أمام الشركات فترة زمنية طويلة لتعديل بياناتها لاحقاً.

خلاصة القول إن البيانات في أسواق النفط سيئة، وتزداد سوءاً بسبب الاعتماد على التقنية من جهة، وتوسع السوق السوداء من جهة أخرى.

اقرأ المزيد

المزيد من آراء