Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بويبلا أروع مدينة في المكسيك... لكنها بعيدة عن الأضواء

دعكَ من مدينة مكسيكو وتوجه إلى جوارها المثير، تقول سوزانا ريغ

صورة أرشيفية لأحد شوارع مدينة بويبلا المكسيكية العريقة (غيتي) 

على خلاف أمكنة كثيرة في المكسيك، ليست بويبلا مدينة تعود إلى الحضارة الهندية الأميركية، بل هي مدينة شيّدها الإسبان جنباً إلى جنب مدينة شولولا، وهذه تعود إلى ما قبل مرحلة التأثير الأوروبي في القارة الأميركية. وثمة نهر يقسمها قسمين، الأول اسباني والثاني يسكنه السكان الأصليون. وفي أيامنا هذه، وعلى رغم من أن النهر والانقسام هذا اندثرا، يجد المرء قرميد تالافيرا الذائع الصيت في الجانب الاسباني، وفي التل، حيث تكرم ذكرى معركة سينكو دي مايو، ويقع الجانب الذي يسكنه سكان البلاد الأصليون. وإلى اليوم، ثمة فارق ملحوظ بين ضخامة العمران بين القسمين لدى اجتياز الطريق بين الجانبين.

في العام الماضي فحسب، صارت هذه المدينة المثيرة التي يعود تاريخها إلى 500 سنة- وهي معروفة بصلصة الموليه، والقرميد وجامعاتها الكثيرة- أكثر الوجهات المقصودة في المكسيك. وهي تُقصد لمزياها الخاصة وليس لتمضية نهار فيها على بعد ساعتين من مدينة مكسيكو.

ويعود الفضل في عملية تجديد المدينة وتجميلها أخيراً إلى الموارد الاضافية التي ضخها حاكم المنطقة بين عامي 2011 و2017، لتحسين البنى التحتية. واستخدمت الموارد لتحسين المواصلات بين مكسيكو وبويبلا: فشُقَّ طريق جديد بينهما. وأنشئت معالم ثقافية جديدة- فكُلف المهندس الياباني طويو إيتو تصميم متحف على طراز باروك Baroc، إضافة إلى تطوير أو تحديث الأماكن الجذابة للسياح. وهذا كله ساهم في تغيير صورة بويبلا القديمة، فهي لم تعد مدينة محافظة قديمة الطراز ومنتهية الصلاحية، بل صارت اليوم تتمتع بمتاحف من الطراز الأول عالمياً، ومطاعم حائزة جوائز وفنادق فاخرة على غرار فندق روزوود الذي فتح أبوابه في مايو (أيار) 2017. وفيها كل ما يجذب الزائرين من أصقاع العالم.

كذلك فتح فندق كارتيزيانو التابع لمجموعة هاماك أبوابه في 2017. وهو يقع في ما كان في الماضي مصنع القرميد في المدينة، ومايزال يحتفظ بكثير من معالمه السابقة التي دمجت في إطار تصميم حديث، على مقربة من حي إلـ كاليخون دي لوس سابوس. وهو من أكثر شوارع بويبلا جاذبية، وألوان واجهات متاجره الممتدة على طوله تراوح بين الأخضر والبرتقالي الفاتح، وألوانه تُجاري خلفية السماء الزرقاء. وثمة واجهة موسومة بمثلث أصفر تشير إلى ميسون ساكريستيا دي لا كومبانيا، وهو فندق بوتيك ومقهى يستحق التوقف عنده لتناول الفطور والتأمل في الأثاث الداخلي الزهري والتقليدي.

وفي نهاية الاسبوع، تنبعث الحياة في شارع إلـ كاليخون دي لوس سابوس كما غيره من الشوارع القريبة: ففيه تقام سوق تبيع جميع أنواع السلع القديمة، خصوصاً مخلفات مكسيكية صغيرة ليست ذات قيمة ولوحات من أنحاء البلاد. وكانت السوق هذه ذات يوم تجذب جامعي اللوحات الفنية من المكسيك كلها، ولكنها راهناً سوق تجذب السياح من داخل المكسيك وخارجها.  

ومايزال مطبخ بويبلا التقليدي القديم نقطة جذب- فالمدينة تقدم نفسها على أنها موطن صلصة الموليه، وتحتضن خيارات واسعة من متاجر الحلوى التقليدية في شارع يُعرف بـ كاليه دي لوس دولشيس. ويتكىء الطهاة المعاصرون على مكونات تقليدية لإدخال أفكار جديدة أو وصفات جديدة إلى مشهد الطهو المحلي، وفي السنوات الماضية، لفت عدد من المطاعم الأنظار، واستقطب جوائز الطهو المحلية والدولية. فمطعم أوغوريو الفائز بجوائز يعدّ أصنافاً منوعة من صلصة الموليه التي تقدم مع البط الطريء، وكوكتيلات مبتكرة. أما مطعم كازا باروكا فيقدم أطباقاً تقليدية فاخرة في إطار أنيق.

وذواقة الطعام ومحبوه ممن تجذبهم زيارة بويبلا في متناولهم زيارة مرافق أكثر تواضعاً في المدينة ولكنها تقدم ما لذ وطاب من خيارات وأطعمة الشارع. وفي مثل هذه الجولة، بوسع المرء تذوق شطيرة بوبلانو المسماة سميتا، وأخذ عينة من العشبة المقلية هوازونتلي في السوق، وتناول الشالوباس (رقاقات ذرة صغيرة، منقوعة بالصلصة ومقلية) في مطعم محلي. فالخيارات الاقتصادية تجعل في المتناول تذوّق الطيبات المحلية على قدر ما يشتهي المرء.

والخيارات الثقافية كثيرة- فمتحف آمبارو في قلب الوسط التاريخي يعرّف الزوار على ماضي المكسيك الهندي الأميركي وماضيها الكولونيالي، وثمة معارض ينظمها فنانون دوليون يواكبون الجديد. وعلى سطح المتحف شرفة مطلّة على قبة بويبلا وناطحات السُحب، وهي مركز جذاب يجمل المدينة. وفي وسط بويبلا، 79 كنيسة، أبرزها كاتدرائية تعود إلى 1573 وفيها مذبح من عقيق، وكاتدرائية كابيلا دل روازاريو، وتضم كنيسة صغيرة وزخارف ذهبية.

ومكتبة بالافوكسيانا هي من مراكز الجذب كذلك في بويبلا، فهي تعود إلى 1646، وكانت أول مكتبة في القارة الأميركية. ولم يتبدد شطر كبير من معالمها الأصلية، وفيها كتب من المكتبة الشخصية للسياسي والقس الكاثوليكي خوان دي لا بالافكو دي مندوزا.

ويتعايش الجانب التاريخي مع الحداثة في بويبلا. فالمدينة حافلة بالمباني الكولونيالية ويعلو سقف المباني هذه القرميد، وفيها مرافق حديثة تستحق الزيارة، منها المتحف الباروكي الدولي، ويقع خارج مركز المدينة. إنه متحف حديث، أبيض اللون ويعرض قطعاً فنية من الطراز الباروكي.

ومن الممكن إضافة بعض التاريخ القديم إلى هذا المزيج، بأخذ رحلة إلى مدينة تشولولا القريبة، التي أصبحت تُعتبر بشكل متزايد أحد أحياء بويبلا، وترى الزوار وهم يتسلقون أكبر هرم في الأميركيتين للوصول إلى الكنيسة في القمة. وفي يوم صافٍ أيضاً، يوفر منظر بركان بوبوكاتيبتل المهيب خلفية مناسبة لـ بيوبلا - واحدة من أكثر مدن المكسيك إثارة.

© The Independent

المزيد من منوعات