Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا يهتم المغرب بجمع أرشيف شخصيات سياسية وفكرية؟

الهدف هو الائتمان عليها وإطلاع الأجيال الشابة على تاريخ أسلافهم حفاظاً على الذاكرة الجماعية والهوية المشتركة

مؤسسة أرشيف المغرب تعرض وثائق ومنشورات تاريخية (وكالة الأنباء المغربية)

ملخص

#قيادات و #شخصيات_سياسية وثقافية وفكرية تسلم أرشيفاتها الخاصة إلى مؤسسة #أرشيف_المغرب ليطلع عليها #الجمهور

يتوالى تسليم شخصيات وقامات سياسية ودبلوماسية وفكرية وثقافية وهيئات مدنية أيضاً أرشيفاتهم الشخصية إلى مؤسسة "أرشيف المغرب"، وهي مؤسسة حكومية تعنى بالحفاظ على الأرشيف العمومي والخاص، من أجل إطلاع الجمهور الواسع على خباياها وتفاصيلها ومكنوناتها.

وآخر الشخصيات والقيادات التي قررت تسليم أرشيفاتها القيادي البارز في حزب الاتحاد الاشتراكي، الوزير الأسبق عبدالواحد الراضي، من أجل "المساهمة في حفظ التاريخ المشترك ونقله للأجيال الحالية والقادمة"، وفق بلاغ سابق لـ"أرشيف المغرب".

شهادات ووثائق

وأفاد بلاغ سابق لمؤسسة "أرشيف المغرب" بأن أرشيف القيادي السياسي والحزبي عبدالواحد الراضي يعتبر "شهادة نابعة من عمق الحياة السياسية المغربية في تطوراتها وتعقيداتها، على المستوى الجهوي والوطني والدولي".

وقبل الراضي شكلت هبة أسرة القيادي السياسي والوزير الأول الأسبق الراحل عبدالرحمن اليوسفي، لمؤسسة "أرشيف المغرب" في يوليو (تموز) 2021، حدثاً بارزاً، إذ تم اعتبارها وقتها "مثالاً يقتدى من قبل شخصيات أخرى تحتفظ بأرشيفات ذات النفع العام، وتشكل روافد تغذي نهر الذاكرة الجماعية، بالتالي تاريخ المغرب والمغاربة".

واعتبر مدير "أرشيف المغرب" جامع البيضا أن أرشيفات اليوسفي تترجم مساراً حافلاً بالعطاء، عرض تاريخ المغرب المعاصر في محطات عدة، دبجها في مذكراته المنشورة سنة 2018 تحت عنوان "عبدالرحمن اليوسفي... أحاديث في ما جرى"، وقد "شكلت الوثائق مصدراً لتبقى خالدة للأجيال القادمة".

وقبل الراضي واليوسفي أهدت شخصيات وقامات بارزة في السياسة والدبلوماسية والفكر والفن أيضاً أرشيفاتهم الشخصية إلى "أرشيف المغرب"، من أجل الائتمان عليها أولاً، وثانياً بهدف إطلاع الأجيال الشابة من المغاربة على تاريخ أسلافهم، حفاظاً على الذاكرة الجماعية والهوية المشتركة.

ويقول الباحث محمد شقير في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، إن تسليم الأرشيفات الشخصية يعتبر خطوة مهمة في تطور الوعي السياسي لدى بعض أعضاء النخب السياسية الوطنية، في تعاملها مع الشأن السياسي ومقارنتها لتدبير الشأن العام.

واستطرد شقير بأن "هذه الشخصيات تعد جزءاً من الشأن العمومي والتراث السياسي المشترك الذي ينبغي أن تسهم فيه لحفظ الذاكرة الجمعية، وتسهيل مأمورية توثيقها وكتابتها من خلال إسهاماتها والوثائق التي تتوفر عليها".

قوانين ومهام

وتصنف مؤسسة "أرشيف المغرب مؤسسة استراتيجية منذ سنة 2012، وتحتوي على أرشيفات عمومية وأخرى خاصة عن طريق التملك بالشراء، أو تتلقاها المؤسسة على سبيل الهبة أو الوصية، أو الوديعة القابلة للاسترجاع، وتتولى حفظها ومعالجتها والتمكين من الاطلاع عليها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومن مهام أرشيف المغرب، وفق القوانين المنظمة لها، صيانة التراث الأرشيفي الوطني، وتكوين أرشيف عام وحفظه وتنظيمه وتيسير الاطلاع عليه، وذلك من خلال صيانة التراث الأرشيفي الوطني والنهوض به وتثمينه، ووضع معايير لعمليات جمع الأرشيف وفرزه وتصنيفه ووصفه وحفظه الوقائي وترميمه ونقله في حوامل مخصصة للأرشيف".

ووفق القوانين والمهام المنوطة بهذه المؤسسة فإنها تضم حالياً أرشيفات غنية ومتنوعة، من قبيل أرشيف عمومي تاريخي يتعلق أساساً بفترة الحماية الفرنسية في المغرب، وأرشيفات خاصة للأفراد لضمان جردها ومعالجتها وحفظها وإتاحتها للجمهور المغربي.

وأما بخصوص مصدر الأرشيف التاريخي فهناك طريقتان رئيستان، الأولى تسليم الأرشيف العام الذي يتوفر على قيمة علمية أو إحصائية أو تاريخية أو تراثية، بعد انقضاء فائدته الإدارية، والثانية اقتناء أرشيف الخواص الذي يكتسي أهمية تاريخية ويمثل مصلحة عمومية، مثل أرشيف العلماء والشخصيات العمومية والأسر والجمعيات والنقابات والأحزاب السياسية.

حفظ الذاكرة الجماعية

ويعلق الباحث المغربي عزيز لعويسي على الموضوع بقوله في تصريحات لـ"اندبندنت عربية" إن "أرشيفات شخصيات وازنة بحجم اليوسفي والراضي لا يمكن إلا أن تكون ذات نفع عام، وقيمة مضافة للتراث الأرشيفي الوطني، بالنظر إلى قيمة وغنى وثراء المسار السياسي والحقوقي والمهني والجمعوي لمثل هذه الشخصيات".

وتابع لعويسي أن "مثل هذه الأرشيفات تعكس محطات بارزة من تاريخ مغرب الحماية والمغرب المستقل، وما عرفه من أحداث ومنعطفات ومتغيرات"، مبرزاً أن "وضع اليد على هذه الأرشيفات الخاصة ليس غاية في حد ذاته بالنسبة إلى أرشيف المغرب، بل وسيلة لحفظها ومعالجتها وتيسير الاطلاع عليها لأغراض علمية أو ثقافية".

واسترسل المتحدث ذاته بأن "هذا الانفتاح على الأرشيفات الخاصة معناه أن التراث الأرشيفي الوطني لا يرتبط فقط بتلك العامة التي تكونها الدولة والجماعات ومختلف المؤسسات والهيئات العامة، بل يمتد إلى الأرشيفات الخاصة ذات النفع العام، والتي يجب حمايتها من الضياع، لما لها من أدوار في إغناء وإثراء التراث الأرشيفي الوطني".

وزاد لعويسي قائلاً إنه في حال لم تضع مؤسسة "أرشيف المغرب" اليد على أرشيفات عدد من الشخصيات الفكرية والسياسية والثقافية والعلمية قد تتعرض أرشيفاتهم للضياع عبر الزمن، أو قد يتم التفريط بها من قبل الورثة ذوي الحقوق، وفي هذه الحالة قد تضيع معطيات وحقائق وأرقام، بكل ما لذلك من آثار على التاريخ المشترك والذاكرة الجماعية، ومن تداعيات على البحث العلمي".

وتبعاً للباحث نفسه فإن "مثل هذه الخطوات تسمح بحفظ وثائق هذه الشخصيات، ومعالجتها وإتاحتها في إطار الحق في المعلومة، كما أنه في حفظها ومعالجتها وحسن العناية والاهتمام حفظ لذاكرة أصحابها"، مستدركاً بأنه على رغم الآليات القانونية المتاحة للوصول إلى الأرشيفات الخاصة من قبيل "الهبة" و"الوصية" و"الوديعة القابلة للاسترجاع" و"الشراء"، فلا يزال يتعذر اقتحام خلوة مجموعة من الأرشيفات الخاصة لكثيرين من الشخصيات السياسية والفكرية والثقافية، بسبب محدودية ثقافة الأرشيف، وضعف منسوب الوعي لدى بعض مالكي الأرشيف بأهمية دعم التراث الأرشيفي الوطني.

أرصدة

ويتوفر المغرب على كثير من الأرصدة الخاصة بأرشيفات شخصيات شهيرة في مجالات تخصصها، من قبيل رصيد الفقيه والعلامة الراحل محمد حسن الحجوي، والذي يعد ـوفق "أرشيف المغرب"ـ من الأرصدة البالغة الأهمية بالنسبة إلى مغرب القرن العشرين، فقد كان من خريجي "القرويين"، كما تولى مسؤوليات رسمية سامية.

ومن الأرصدة الأخرى يوجد رصيد الكاتب والسياسي اليهودي المغربي شمعون ليفي، المكون من 63 علبة أرشيف، تضم وثائق أنتجها أو جمعها، تعكس جوانب من حياته الشخصية والأكاديمية والمهنية والسياسية، إضافة إلى وثائق ومراسلات ومقالات وقصاصات صحف وأوراق عمل ودراسات أكاديمية مكتوبة باللغة الفرنسية والعربية والإسبانية.

ويوجد أيضاً رصيد الناقد الفرنسي دانييل كوتوريي، الذي يضم كثيراً من الوثائق الخاصة المتنوعة، مثل الشهادات والفواتير، وكذلك المذكرات والمقالات التي حررها في مجال الفن والإبداع، علاوة على كثير من المراسلات التي تبادلها مع نخبة من الفنانين، إضافة إلى ما كتب من مقدمات مؤلفات لفائدة كتاب في المجال الفني.

ومن الأرصدة الأخرى رصيد الأكايديمي والإعلامي الراحل عبدالله شقرون، المشكل من 10 علب أرشيف، تضم العشرات من المسرحيات والتمثيليات والمسلسلات المقتبسة، التي ألفها في الفترة الممتدة بين خمسينيات وسبعينيات القرن العشرين، كما يشتمل الرصيد على مجموعة من البطاقات الشخصية والصور المرقمنة.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي