Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تحسم تغييرات جنرالات الرئيس الروسي الحرب الأوكرانية؟

فصل بوتين ما يصل إلى ثماني قيادات بسبب الخسائر العسكرية لبلاده

أعلنت روسيا استبدال الجنرال سيرغي سوروفيكين بالجنرال فاليري جيراسيموف ليكون بذلك ثالث شخصية عسكرية تتولى هذا المنصب الرفيع منذ بدء الحرب (رويترز)

ملخص

يحيط #نظام_بوتين حجم الخسائر العسكرية بسرية كبيرة بسبب الرقابة الشديدة والسيطرة على #وسائل_الإعلام وتدرج الوفيات العسكرية حتى في أوقات السلم على أنها أسرار الدولة.

مع مرور عام على الحرب الروسية - الأوكرانية بدا ألا نهاية تلوح في الأفق وأنها لا تقترب من الحسم إلا بتحقق سلسلة من الإجراءات، نظراً إلى التعقيدات التي تزداد بصورة طردية مع مرور الزمن، وأن أصعب الدروس يستخلص منذ بدايتها السريعة.

وعندما بدأت القوات الروسية تزحف نحو الحدود الأوكرانية وشنت غزوها في الـ 24 فبراير (شباط) 2022 كانت موسكو تتوقع الاستيلاء على كييف في غضون ثلاثة أيام، ولكن ما تبين بعد ذلك أنها مثلت حرباً كاشفة لقدرات القوات المسلحة من الجانبين مع التركيز على القوات الروسية التي اتخذت قرار الدخول في الحرب، مما كان يتوقع أنها على استعداد تام له مع توقعات وقتية بتدمير الجيش الأوكراني.
ومع تلك البداية وخلال ثلاثة أشهر كانت روسيا تخطط لإكمال السيطرة على أوكرانيا بحلول "عيد النصر الروسي" في التاسع من مايو (أيار) الماضي، ويمثل هذا اليوم مناسبة وطنية تحتفل فيه روسيا كل عام بانتصارها على ألمانيا النازية التي وقعت استسلاماً غير مشروط وقبلت بهزيمتها في أوروبا خلال الحرب العالمية الثانية عام 1945. 
واكتسب التاريخ أهمية خاصة خلال الحرب الأوكرانية، فقد أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين منذ البداية أن عمليته العسكرية في أوكرانيا تستهدف الدفاع عن أمن بلاده وإزاحة من سماهم بـ "النازيين الجدد" في أوكرانيا، وكاعتراض على إصرار كييف وحلفائها في الغرب بضمها إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وما ينتج منه من خطة التوسع شرقاً وإقامة قواعد عسكرية قرب حدود روسيا.
 
 
 
ولكن حملت تلك الفترة مفاجآت واسعة وتحديات مترابطة ونتج من تقدم القوات الروسية، إضافة إلى الآثار الاقتصادية المتتالية من ارتفاع أسعار الطاقة وتعطل سلاسل التوريد والتداعيات الجيوسياسية نتيجة الاصطفاف الدولي مع الجانبين، نتيجة رئيسة هي الخسائر العسكرية غير المتوقعة التي جعلت روسيا تستعد دبلوماسياً واقتصادياً لدرء هذه الخسائر واستعادة تنظيمها استعداداً لصراع قد يطول أمده.
وفي المقابل يحيط نظام بوتين حجم الخسائر العسكرية بسرية كبيرة بسبب الرقابة الشديدة والسيطرة على وسائل الإعلام، وتدرج الوفيات العسكرية حتى في أوقات السلم على أنها من أسرار الدولة، ولكن أخبار استسلام الجنود الروس ومقتل الضباط بمن فيهم الجنرالات تم تداولها على نطاق واسع بواسطة وكالات الأنباء العالمية، ولم تفصح موسكو إلا عن قليل منها.

خسائر الطرفين

تعرض الجيش الروسي إلى خسائر عسكرية لم يؤكدها علناً، ولكن مسؤولين في الـ "بنتاغون" قالوا في أغسطس (آب) إن ما بين 70 و 80 ألف روسي قتلوا أو أصيبوا في الحرب، ولا توجد تقديرات دقيقة لضحايا الحرب من الأوكرانيين، ولكن مكتب مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان قدر ذلك بأنه حتى نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي قُتل حوالى 6500 مدني أوكراني وأصيب 10 آلاف آخرين، وهي أقل من تقديرات رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية الجنرال مارك ميلي في الـ 10 من نوفمبر (تشرين الثاني) بأن عدد القتلى المدنيين هو 40 ألفاً، وأشار إلى مقتل أو جرح حوالى 100 ألف جندي أوكراني، كما قدم ميلي عدداً مشابهاً للضحايا الروس. 
وحدد المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عدد الأوكرانيين الذين لجأوا خارج أوكرانيا حتى نوفمبر بأكثر من 7.8 مليون. 
 
 
 
أما تقديرات المعدات التي فقدها الجيش الروسي فقد أشار "موقع أوريكس" إلى أن "8 آلاف قطعة من المعدات دمرت أو تضررت أو تم التخلي عنها أو الاستيلاء عليها، بما في ذلك حوالى 1500 دبابة و700 عربة قتال مصفحة و1700 مركبة قتال مشاة"، وذكر أن الأرقام أقل بكثير من تلك على الطبيعة، إذ أبلغ عن خسائر أكبر بكثير من ذلك، وعلق وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن على أن "الجيش الروسي فقد أعداداً مذهلة من الدبابات والعربات المدرعة الأخرى".
وإن كانت روسيا حريصة على عدم الإعلان عن خسائرها العسكرية فهي أحرص على عدم إعلان مقتل قادة وجنرالات بارزين على أرض المعركة خلال معارك مع الجيش والمقاومة الأوكرانية.

محرقة الجنرالات

وشهدت الأشهر الأولى من الحرب عدداً كبيراً من التقارير حول مقتل قادة عسكريين بارزين، لكن زخمها خفت خلال الأشهر اللاحقة، متزامناً مع استعادة القوات الأوكرانية مساحات من الأراضي من القوات الروسية في سلسلة من الهجمات المضادة الناجحة. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 

ومنذ بداية الصراع واجهت القوات الروسية مقاومة شرسة وصعوبات في التقدم أسفرت عن خسارتها أكثر من 20 من كبار الشخصيات العسكرية، فيما أكدت روسيا مقتل ثمانية قادة بارزين فقط أوردتها وكالات الأنباء العالمية على رأسها "نيوزويك"، إذ أعلن أولاً مقتل الجنرال ماغوميد توشيف، أحد قادة القوات الخاصة الشيشانية في الـ 26 من فبراير 2022 بعد تدمير 56 قافلة من الدبابات الشيشانية قرب هوستوميل، وفقاً لصحيفة "ديلي ميل"، ومع ذلك شكك الزعيم الشيشاني رمضان قديروف في ما بعد في وفاته. 
أما الثاني فهو القائد العام للفرقة السابعة المحمولة جواً في روسيا ونائب قائد جيش الأسلحة المشترك الـ 41 اللواء أندريه سوخوفيتسكي بعد أن قتل بنيران القناصة في الـ 28 فبراير، والثالث فهو قائد القوات البرية الروسية ورئيس الأركان والنائب الأول لقائد جيش الأسلحة المشتركة الـ 41 اللواء فيتالي جيراسيموف الذي قتل في السابع من مارس (آذار) 2022 في خاركيف، بحسب وزرة الدفاع الأوكرانية التي قالت إنها اعترضت تسجيلاً صوتياً بثته وزارة الدفاع الروسية لضابطين في جهاز الأمن الفيدرالي الروسي نقل خبر الوفاة. 
أما الرابع فهو قائد جيش الأسلحة المشتركة الـ 29 اللواء أندريه كوليسنيكوف الذي قتل في الـ 11 من مارس، بحسب الجيش الأوكراني ووسائل الإعلام.
والخامس هو اللواء أوليغ ميتيايف قائد الفرقة الـ 150 للبنادق الآلية منذ عام 2020، إذ تم نشر الفرقة في منطقة روستوف على الحدود الأوكرانية قبل الحرب وقاتل خلال الحرب الأهلية السورية، وفي عام 2016 عين قائداً لقاعدة عسكرية روسية في طاجيكستان، وقد أعلن مقتله مستشار وزارة الداخلية الأوكرانية على قناة "أنطون جيراشينكو" في "تيليغرام" في الـ 15 مارس، وقال إن القوات الأوكرانية تمكنت من اعتراض مكالمة من جنرال روسي وتأكد مقتله قرب مدينة ماريوبول الساحلية الجنوبية المحاصرة. 
أما السادس فهو قائد الجيش العام الثامن للمنطقة العسكرية الجنوبية للقوات المسلحة اللفتنانت جنرال أندريه موردفيتشيف، وقتل في الـ 19 من مارس عندما قصفت القوات الأوكرانية مطاراً في تشورنوبايفكا قرب مطار خيرسون يتم استخدامه كقاعدة روسية موقتة، وفقاً لما أفادت به وكالة "إنترفاكس" المحلية. 
 
 

 

والسابع هو قائد جيش الأسلحة المشتركة الـ 49 الروسي وأحد كبار المسؤولين العسكريين فيها اللفتنانت جنرال ياكوف ريزانتسيف الذي قتل في غارة قرب مدينة خيرسون الجنوبية في الـ 25 من مارس، إذ ذكرت صحيفة "تلغراف" أن ريزانتسيف كان تفاخر في السابق بأن غزو أوكرانيا سينتهي في غضون ساعات.

أما الثامن فهو نائب قائد جيش الحرس الثامن الروسي المشترك فلاديمير فرولوف والذي أكد مقتله حاكم سانت بطرسبورغ ألكسندر بيغلوف في أبريل (نيسان) 2022 من دون تحديد للتاريخ، وكان فرولوف قاد القوات المنتشرة في منطقة قرب ماريوبول المدينة الساحلية المدمرة التي حاصرتها روسيا.

عدم استعداد القوات

 كانت خطة موسكو أن تتمكن من ضم أوكرانيا بحلول أغسطس (آب) الماضي، فاستخدمت القوات الروسية عدداً من الحيل العسكرية لإبقاء القوات الأوكرانية بعيدة من كييف حتى تتمكن من السيطرة عليها، ولكن عسكريين رأوا أن عدم استعداد القوات الروسية على المستوى التكتيكي الذي أدى إلى بطء تنفيذ الخطة أسهم فيه عاملان، الأول أن الخطة الروسية تفتقر إلى مسارات عمل ارتدادية، والثاني التعبئة التي حصلت عليها كييف من الغرب الذي أصبح العمق الاستراتيجي لها أثناء الحرب. 

ونتيجة لذلك وجدت القوات الروسية مواقعها تتدهور بشكل مطرد، فركزت على دونباس مما أدى إلى زيادة تصميم القوات الأوكرانية التي كانت على استعداد لإنفاق كل إمداداتها من الذخيرة أملاً في الدعم الغربي السريع، ومع فشلها في التقدم نحو العاصمة كييف حاولت روسيا إعادة تجميع صفوفها بدفعة أكثر تركيزاً في شرق أوكرانيا، فكثفت القوات الروسية هجماتها على مدينة دونتسك الرئيسة في منطقة دونباس. 

وأرسلت الولايات المتحدة خلال يونيو (حزيران) الماضي أنظمة صواريخ متطورة جديدة إلى أوكرانيا، ومع تزايد التقارير عن زيادة الضحايا ومقتل الجنرالات طارت التكهنات بأن الخسائر الفادحة حدثت نتيجة أن الجنود الروس أصيبوا بالانهيار النفسي في خضم المواجهة ومشاهدة الفظائع، بخاصة مع إيقان عدد منهم ألا مبرر للحرب، مما أسهم في تدني معنوياتهم فأصبحوا فريسة سهلة للقوات الأوكرانية. 
ومع تزايد الخسائر في صفوف الجنود الذين لم يحصلوا على التدريب اللازم للدخول في حرب سريعة، لم يكن على الجنرالات إلا التقدم نحو الخطوط الأمامية، وقالت وزارة الدفاع البريطانية في مايو "إن كبار القادة الروس تم إحضارهم إلى الخطوط الأمامية لتولي القيادة الشخصية للعمليات وسط أداء روسي متعثر في ساحة المعركة، وأدى انتشارهم إلى خسائر كبيرة غير متناسبة مع مواقعهم".
 وذكرت "نيويورك تايمز " في مايو الماضي أن مسؤولين قالوا "إن المخابرات الأميركية تساعد أوكرانيا في قتل الجنرالات الروس، وهذه المساعدة هي جزء من جهد سري من قبل إدارة بايدن لتقديم معلومات استخباراتية في ساحة المعركة في الوقت الحقيقي لأوكرانيا". 
وأوضح المسؤولون أن "تلك المعلومات تتضمن أيضاً تحركات القوات الروسية المتوقعة المستمدة من التقييمات الأميركية الأخيرة لخطة موسكو القتالية السرية للقتال في منطقة دونباس بشرق أوكرانيا". 

عنصر ضعف

في المقابل يرى خبراء عسكريون أن التقارير التي تفيد بمقتل الجنرالات الروس في أوكرانيا هي دليل على مدى جودة قتال الأوكرانيين وإظهار بعض الأخطاء الصارخة التي ترتكبها قوات بوتين، وأرجع عسكريون مقتل الجنرالات الروس إلى وجود عنصر ضعف في قيادة العمليات العسكرية من الجبهة، وقال العقيد المتقاعد من مشاة البحرية وكبير المستشارين في برنامج الأمن الدولي التابع لـ "مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية" مارك كانسيان إن "للجنرالات الروس تقليد قيادة القوات في المعركة التي تعود لجذور الاتحاد السوفياتي والجيش الأحمر، ويدرك كل جيش أنهم سيتعرضون إلى خسائر، لذلك ينبغي إبقاء الضباط ذوي الرتب العليا خلف الخطوط الأمامية، وأن تترك القيادة في المواقف القتالية إلى صغار الضباط والجنود المحدثين بحسب التسلسل القيادي، ولكن ما حدث مع القوات الروسية هو العكس، إذ تم الدفع بالجنرالات إلى الخطوط الأمامية محل الجنود". 
فيما أوضح المدير السابق لروسيا في مجلس الأمن القومي خلال إدارة أوباما وكبير محللي السياسة في مركز أبحاث "سي أن إيه" في واشنطن العاصمة جيفري إدموندز أن "الضغط السياسي من موسكو للاستيلاء على كييف من المرجح أنه دفع عدداً من ضباط بوتين العسكريين إلى الخطوط الأمامية". 

تغيير الجنرالات

خلال الحرب فصل بوتين ما يصل إلى ثمانية جنرالات بسبب الخسائر العسكرية لبلاده، وبعد أقل من ثلاثة أشهر على تعيينه قائداً لقوات بلاده في أوكرانيا أعلنت روسيا استبدال الجنرال سيرغي سوروفيكين بالجنرال فاليري جيراسيموف ليكون بذلك ثالث شخصية عسكرية تتولى هذا المنصب الرفيع منذ بدء الحرب قبل نحو عام، وكان بوتين عيّن الجنرال ألكسندر دفورنيكوف من أبريل وحتى يونيو 2022 لتوجيه الحرب في أوكرانيا، على إثر تغيير خطط الجيش بعد فشله في السيطرة على كييف. 
وقال المسؤولون لشبكة "سي أن أن" إن "قائد المنطقة العسكرية الجنوبية في روسيا الجنرال ألكسندر دفورنيكوف عيّن قائداً لمسرح الحملة العسكرية الروسية في أوكرانيا، وأن دفورنيكوف كان أول قائد للعمليات العسكرية الروسية في سوريا بعد أن أرسل بوتين قوات إلى هناك خلال سبتمبر (أيلول) 2015 لدعم حكومة الرئيس السوري بشار الأسد"، ومن ثم عيّن بوتين الجنرال سيرغي سوروفوكين من أكتوبر 2022 إلى يناير (كانون الثاني) 2023، ووصف بأنه قائد "سياسة المدن المحروقة" من خلال عمله في الشيشان وسوريا ثم أوكرانيا، وهو "صاحب القبضة الفولاذية"، كما وصف بـ "جنرال هرمجدون" التي يقال بأنها المعركة الأخيرة الكبرى في تاريخ البشرية.
 وأخيراً أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن رئيس الأركان الجنرال فاليري غيراسيموف (رجل الدبابات) سيتولى قيادة العمليات العسكرية في أوكرانيا شخصياً، ووصف هذا التطور بالمهم في نهج الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال الحرب، إذ إنه الآن بات يعتمد على "رجل الدبابات" في مرحلة يبدو أن الدبابات ستكون فاصلة في مسار الحرب. 
وصرح المتحدث باسم الـ "بنتاغون" بات رايدر بأن "تعيين الجنرال الروسي فاليري غيراسيموف يعكس بعض التحديات المنهجية التي واجهها الجيش الروسي منذ بداية هذا الغزو"، مضيفاً "لقد تحدثنا عن بعض هذه الأشياء في ما يتعلق بوجود مشكلات لوجستية وقيادية، والروح المعنوية والفشل إلى حد كبير في تحقيق الأهداف الاستراتيجية التي حددوها لأنفسهم"، مؤكداً أن الإدارة الأميركية "ستواصل متابعة هذه التغييرات". 
اقرأ المزيد

المزيد من تقارير