Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هياكل القوة... أسلحة غيرت توازنات الحرب في أوكرانيا

المسيرات ومنظومات الصواريخ كانت رقماً في معادلات المواجهة والحسم رهن الدبابات والمقاتلات

تمضي عمليات التسليح المتبادلة بالساحة الأوكرانية نحو مستويات غير مسبوقة وتشهد تداخل بين الأسلحة التقليدية والتكنولوجية المتطورة (رويترز)

ملخص

تحولت #الجغرافيا_الأوكرانية لـ"مختبر أسلحة"، وأرادت لها أن تكون "خاطفة" من أجل "نزع سلاح" #كييف و"القضاء على النازيين"، لكن #الدعم_العسكري_الغربي قلب معادلات الميدان

بين حشد وحشد مضاد، تحولت الجغرافيا الأوكرانية لـ"مختبر أسلحة" بين الشرق والغرب بفعل الحرب التي شنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الـ24 من فبراير (شباط) العام الماضي، وأراد لها أن تكون "خاطفة" من أجل "نزع سلاح" كييف و"القضاء على النازيين" فيها، لكن الدعم العسكري الغربي للجمهورية السوفياتية السابقة قلب معادلات المواجهات في الميدان.

وفيما لم يظهر الصراع في أوكرانيا بعد أي مؤشرات تشي بقرب حسمه لأحد الأطراف أو انتهائه سياساً ودبلوماسياً، تمضي عمليات التسليح المتبادلة بساحة المعركة نحو مستويات غير مسبوقة في "زخمها وحدتها وخطورتها"، وفق تقدير البعض، في تداخل بين الأسلحة التقليدية وتلك التكنولوجية المتطورة، وفي الخلف منها تخيم الأسلحة الاستراتيجية والنووية، لتضع القارة الأوروبية أمام أخطر صراع "جيوسياسي" تواجهه منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية.

ومع حلول الذكرى الأولى للحرب، تحاول "اندبندنت عربية" رصد التحول الذي أحدثته الأسلحة النوعية في مجرى المواجهات الميدانية بين القوات الروسية ونظيرتها الأوكرانية، بدءاً من المسيرات والدبابات والصواريخ متوسطة المدى ومضادات الدروع وغيرها، لا سيما مع ترقب هجوم روسي واسع النطاق مع حلول فصل الربيع، في محاولة من "الجيش الأحمر" لاستعادة النجاحات الميدانية التي بدأ بها المعركة، أمام إصرار غربي على تقديم مزيد من الدعم العسكري والتقني لكييف لاستعادة مزيد من الأراضي التي سيطر عليها الروس خلال الأشهر الأولى من الحرب.

بدأت الحرب بضربات جوية روسية على جميع أنحاء أوكرانيا، دخلت معها القوات البرية في الشرق والجنوب، وفي غضون أيام سيطر الجيش الروسي على ميناء بيرديانسك الرئيس والعاصمة الإقليمية خيرسون القريبة من البحر الأسود، إضافة إلى بلدات عدة حول كييف (وسط شمال)، إلى أن اصطدم تقدمه بمقاومة القوات الأوكرانية ومن ورائها الدعم الغربي العسكري لكييف. وبدأ التعثر الروسي في أوائل أبريل (نيسان) مع إعلان أوكرانيا تحرير منطقة كييف بأكملها بعد "الانسحاب السريع" للقوات الروسية التي أعادت انتشارها في الشرق والجنوب.

وفي بداية سبتمبر (أيلول) كان التحول الأبرز مع إعلان الجيش الأوكراني هجوماً مضاداً بالجنوب قبل أن يحقق اختراقاً مفاجئاً وخاطفاً للخطوط الروسية في الشمال الشرقي، ويرغم الجيش الروسي على الانسحاب من منطقة خاركيف التي كانت مسرحاً لمعارك عنيفة، وخطوة بخطوة، استعاد الجيش الأوكراني المزود بأنظمة عسكرية غربية عشرات البلدات، وقصف بلا توقف مستودعات الذخيرة وخطوط الإمداد الروسية بالمنطقة.

وحتى يناير (كانون الثاني) الماضي، أصبح خط الجبهة "النشط" عسكرياً على طول 1500 كيلومتر من الشمال إلى الجنوب في شرق أوكرانيا، في وقت تسيطر فيه القوات الروسية على نحو 18 في المئة من الأراضي الأوكرانية، فيما تمكنت كييف من استعادة 40 في المئة منها خلال الأشهر الماضية، بحسب قائد الجيش الأوكراني فاليري زالوجني، وقدرت الخسائر البشرية إلى الآن التي لم يعلن أي من طرفي الصراع أعداداً موثوقة في شأنها، ما يقرب من 180 ألف قتيل وجريح في صفوف الجيش الروسي و100 ألف في الجانب الأوكراني، إضافة إلى مقتل 30 ألف مدني، بحسب تقديرات النرويج.

عام على حرب أوكرانيا
في 24 فبراير 2022، شنت روسيا هجوماً عسكرياً واسعاً على أوكرانيا، لمواجهة خطط توسع حلف شمال الأطلسي. بعد مرور عام، العالم بأسره يعاني من تداعيات الحرب فيما لا تلوح في الأفق أية نهاية قريبة للنزاع.
Enter
keywords

 

القاتل الصامت

من بين ما أكدته الحرب الروسية- الأوكرانية، كان مدى تحول طبيعة الحرب التقليدية التي لطالما اعتمدت على الأسلحة الثقيلة في تحقيق الغلبة العسكرية، إذ دفع لجوء طرفي الصراع إلى التقنيات التكنولوجية المتطورة، لا سيما على صعيد الطائرات من دون طيار "الدرونز"، لإحداث تحول نوعي على صعيد المواجهة، وباتت واحدة من أهم أدوات الحرب.

ووفق ما وثقته تقارير غربية، وحتى روسية وأوكرانية، فقد استخدم طرفا الصراع المباشران طائرات مسيرة في مهام الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع وتنفيذ الضربات، وكان من بينها مسيرات "بيرقدار تي بي 2" التركية من فئة "أم إيه أل إي" و"مهاجر 6" الإيرانية التي يمكنهما إطلاق ذخائر موجهة بدقة، وكذلك مسيرات "كاميكازي"، مثل "سويتش بليد" الأميركية و"شاهد 136" و"شاهد 131" الإيرانية.

وبحسب مجلة "نيوزويك" الأميركية، فقد أظهرت القوات الأوكرانية استخداماً بارعاً لطائرات "بيرقدار تي بي 2" المسيرة (من إنتاج شركة بايكار التركية، وهي شركة تعمل في مجال الدفاع والطيران منذ عام 1984) التي حيدت بشكل فعال عديداً من القوات الروسية المتقدمة، بما في ذلك الدبابات والمدفعية والمروحيات والدفاعات الصاروخية، فضلاً عن الأهداف البحرية المهمة.

 

 

وكانت أبرز الحوادث بالمسيرات الأوكرانية في بداية الحرب استهداف الطراد الروسي "موسكافا" أهم السفن الحربية في البحر الأسود، في أبريل الماضي، بطائرة مسيرة قبل إغراقه بصاروخ "نبتون" الأوكراني.

كذلك أعلنت وزارة الدفاع البريطانية، أن لندن زودت كييف بأنظمة الرفع الثقيلة للطائرات من دون طيار "يو أي في" لتقديم الدعم اللوجيستي للقوات المعزولة، وبحسب هيئة الإذاعة البريطانية، "تشمل الطائرات من دون طيار الأخرى التي قدمتها المملكة المتحدة مئات الذخائر الجوية".

وفي أكثر من مناسبة، نشر الجيش الأوكراني منذ بداية الحرب مقاطع لاستهداف طائراته المسيرة مواقع تابعة للجيش الروسي وعربات ودبابات وتجمعات لجنوده في عدد من المدن، خصوصاً في محيط العاصمة كييف التي تراجعت موسكو عن الهجوم عليها بسبب الضربات التي تلقتها قواتها على أطراف المدينة، وفق متخصصين عسكريين.

واعتبر المتخصصون أن المسيرات ساعدت أوكرانيا في التقليل من أضرار التفوق الروسي من حيث حجم الجيش وقدراته، فبدلاً من إرسال وحدات قتالية خاصة في مهام استطلاعية قد ينجم عنها سقوط قتلى، استخدمت أوكرانيا "الدرونز" لكشف مواقع الجيش الروسي.

لكن بعد حادثة "موسكافا" تراجع قليلاً دور المسيرات التي تستخدمها القوات الأوكرانية، كوسيلة هجومية، بعد أن استطاعت روسيا تنظيم دفاعاتها الجوية باستخدام رادارات متقدمة للتشويش وتعطيل عمل المسيرات، أو إسقاطها بأنظمة "تور" و"بوك".

 

في المقابل، هي الأخرى، لجأت موسكو لسلاح المسيرات، إذ تمكنت من توظيف طائراتها من طرز "أورلان-10" و"كلاشنيكوف كوب" و"لانسيت كاميكازي" في مهام الاستطلاع، ما مكنها من استهداف الخصم في غضون ثلاث إلى خمس دقائق من تحديد موقعه، وهي مدة أقل بكثير من الفترة التي تتطلبها الطرق التقليدية قبل تنفيذ الهجوم، التي تتراوح بين 20 و30 دقيقة، وفق مجلة "فورين أفيرز".

كذلك لجأت موسكو لمئات المسيرات الإيرانية من طرز "شاهد" لمهاجمة أهداف أوكرانية أو القيام بمهام الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع، وفق ما شددت عليه تقارير استخباراتية غربية وأوكرانية في أكثر من مناسبة.

وأعلنت كييف للمرة الأولى في سبتمبر (أيلول) الماضي، أن قواتها تمكنت من إسقاط طائرات "شاهد" إيرانية الصنع بمنطقة خاركيف، وتوالت إعلانات مماثلة منذ ذلك الحين، لكن طهران نفت تزويد موسكو بالأسلحة.

وبحسب ما نقلته شبكة "سي أن أن" عن مسؤولين أميركيين في أغسطس (آب) الماضي، "اشترت روسيا مجموعة من طائرات شاهد"، ودربت قواتها على استخدامها، ووفقاً للرئيس الأوكراني طلبت روسيا من طهران 2400 طائرة من دون طيار من طراز "شاهد -136".

 

 

وكانت "الطائرات المسيرة الحديثة جزءاً لا غنى عنه في الحرب على مدى العقدين الماضيين"، بحسب ما كتبه كل من الباحثة جلوريا شكورتي أوزدمير من مؤسسة الأبحاث السياسية والاقتصادية والاجتماعية في أنقرة، ورفعت أونسل الباحث في الشؤون الدفاعية بالمؤسسة نفسها، في تقرير لمجلة "ناشيونال إنتريست" الأميركية.

وأوضح الباحثان أن استخدام الولايات المتحدة طائرات "بريداتور" المسيرة في مهام الاستطلاع خلال حرب كوسوفو ضد القوات الصربية (أواخر تسعينيات القرن الماضي) كانت المرة الأولى التي تدخل الدرونز رسمياً في المعادلة.

وفي ذلك الوقت، بالكاد لاحظ أي شخص قدرة هذه المركبات على تغيير الحرب، وبحلول أوائل العقد الأول من الألفية الثالثة، بدأت الولايات المتحدة استخدام الطائرات المسيرة ليس فقط لمهام الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع، لكن أيضاً للضربات الدقيقة، بدءاً من أفغانستان.


مضادات الدبابات "المخيفة"

في معرض حديثه أمام مؤتمر موسكو للأمن الدولي بالعاصمة الروسية أغسطس الماضي، وتزامناً مع تراجع قواته في الميدان، كان لافتاً تسمية وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أربعة من الأسلحة التي حصلت عليها كييف من الغرب، وقادت إلى تحول في ساحة المعركة.

 وقال شويغو إن "الغرب شرع بداية بإمداد أوكرانيا بصواريخ غافلين المضادة للدبابات ومن ثم المسيرات، وانتقل بعدها إلى راجمات صواريخ هيمارس ومدافع هاوتزر".

وعلى رغم تأكيده تدمير قواته لها جميعاً، فإنه ووفق مراقبين كانت تلك الأسلحة الأربعة مصدراً رئيساً لصمود القوات الأوكرانية وفي أحيان أخرى سبباً لتراجع القوات الروسية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتشير التقديرات الغربية إلى أن حصول القوات الأوكرانية على صواريخ "غافلين" و"ستينغر" وقاذفات "هيمارس" الأميركية، أسهم في التقدم الكبير الذي سجلته خلال الخريف الماضي، وفي استعادتها مساحات شاسعة من أراضيها بمناطق خاركيف في الشمال الشرقي وخيرسون بالجنوب.

ودخلت صواريخ "غافلين" و"ستينغر" إلى المعركة مع بداية هجوم روسيا على أوكرانيا، إذ أعلنت واشنطن أوائل مارس (آذار) أنها قدمت نحو 200 صاروخ من هذين الطرازين للجيش الأوكراني ودربت عناصره على استخدامها، كجزء من حزمة مساعدات لأسلحة فتاكة وغير فتاكة بقيمة 350 مليون دولار وفق شبكة "سي أن أن".

بحسب شبكة "أن بي سي نيوز" الأميركية، يعتبر صاروخ "ستينغر" من أشهر أنظمة الدفاع الجوي الخفيفة المضادة للأهداف الجوية على علو منخفض، وهو نظام خفيف يحمل على الكتف، ومن أحدث الصواريخ الأميركية المضادة للطائرات والمروحيات والمسيرات، وبدأ تطويره عام 1972، كما يعد نظاماً صاروخياً "أرض-جو" محمولاً ويوجه بالأشعة تحت الحمراء.

 

وتتميز هذه الصواريخ بقدرتها على ضرب الهدف أو أي جزء منه من مسافات قريبة، ويصل مداها إلى خمسة كيلومترات وتفوق سرعتها سرعة الصوت، ومثل رقماً بحرب أفغانستان ضد السوفيات في سبعينيات القرن الماضي.

أما عن "جافلين" الذي دخل الخدمة عام 1996، فهو صاروخ أميركي محمول وموجه ومضاد للدروع، يمكنه تتبع الهدف بمفرده بعد الإطلاق، وتقوم شركتا "رايثيون" و"لوكهيد مارتن" الشهيرتان بتصنيعه، ويزن مع وحدة الإطلاق 22.3 كيلوغرام، أما وحدة الإطلاق وحدها فتزن 6.4 كيلوغرام.

ويبلغ مدى الإطلاق الفعال من 75 متراً إلى 2500 متر، أما أقصى مدى إطلاق فهو 4750 متراً، وتوجد طريقتان للصاروخ في القضاء على الهدف، الأولى عندما يكون الهدف مكشوفاً أمامه فيطير باتجاهه مباشرة، أما الثانية فعندما يكون الهدف وراء حاجز عندها يطير الصاروخ إلى ارتفاع مناسب (أقصى ارتفاع 160 متراً) لتجاوز الحاجز ثم ينزل ساقطاً على الهدف.

خلال الأسابيع الأولى من الحرب قام الأوكرانيون بابتكارات تكتيكية أثارت إعجاب المسؤولين الغربيين عبر تكييف عملياتهم لتوظيف فرق صغيرة من المشاة الراجلة مسلحة بصواريخ "ستينغر" و"غافلين"، أثناء التقدم الروسي نحو العاصمة كييف، وتمكنوا من التسلل ومهاجمة الدبابات الروسية.

"هيمارس" وحدة سلاح متنقلة

وفق التقارير اليومية لوزارة الدفاع البريطانية، بدأت أوكرانيا باستخدام راجمات "هيمارس" المتعددة التي يبلغ مداها 80 كيلومتراً والمتفوقة على المعدات الروسية، منذ نهاية يونيو (حزيران) الماضي لاستخدامها في الجبهة بمنطقة دونباس شرقي البلاد، ولعبت الراجمات دوراً مهماً في تدمير مراكز القيادة الروسية ومخازن الأسلحة خلف خطوط الجبهة.

وتعد "هيمارس أم 142"، الذي يصل مداها ضعف المسافة التي تصل إليها مدافع "هاوتزر"، راجمة صواريخ أميركية تم تطويرها أواخر السبعينيات من القرن الماضي، لكنها لم تدخل الخدمة فعلياً مع الجيش الأميركي وسلاح مشاة البحرية إلا عام 2005، وتصنف منظومة على أنها وحدة سلاح متنقلة يمكنها إطلاق صواريخ عدة دقيقة التوجيه في وقت متزامن.

وتحمل الراجمة الواحدة ستة صواريخ موجهة بواسطة نظام تحديد المواقع العالمي "جي بي أس" (GPS) بمدى يقارب ضعف مدافع الهاوتزر "أم 777" التي يمكن إعادة تحميلها في غضون دقيقة بطاقم صغير فقط.

 

 

ووفق صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، تسلمت كييف كذلك النسخة الجديدة للمنظومة الصاروخية "هيمارس 60" التي تتميز بكونها أخف وزناً وأكثر رشاقة، ومثبتة على عجلات تسهل نقلها من دون عناء.

وتوفر منظومة الراجمات الحماية ضد نيران الأسلحة الصغيرة وشظايا قذائف المدفعية وانفجارات الألغام والأجهزة المتفجرة المرتجلة، موضحة أن استخدام راجمات "هيمارس" في معارك خيرسون وليستشانسك، أسهمت في قطع خطوط الإمداد الروسية.

ولعبت دوراً مهماً في معارك خاركيف وليمان نهاية الصيف الماضي وبداية الخريف، واعتبرت أن أنظمة "هيمارس" التي تم تسليمها إلى أوكرانيا واحدة من أكثر الأدوات فاعلية في ترسانتها.

ولم تكشف الولايات المتحدة عن حجم الراجمات التي سلمتها لأوكرانيا، لكن تقارير وزارة الدفاع الروسية ادعت أنها دمرت أكثر من 100 راجمة "هيمارس" من دون تقديم أدلة على ذلك.

ونقلت شبكة "سي أن أن" الأميركية عن مسؤول دفاعي لم تمسه، قوله إن "الطريقة التي استخدمت بها القوات الأوكرانية إمداداتها المحدودة من صواريخ ’هيمارس’ لإحداث الفوضى في القيادة والسيطرة الروسية، وضرب مواقع القيادة والمقار ومستودعات الإمداد، كانت مدهشة".

مدافع "هاوتزر" المتنقلة

مع الأسابيع الأولى من الحرب، لعبت مدافع "هاوتزر 155" دوراً مهماً في صد تقدم القوات الروسية، إذ أسهم تزويد القوات الأوكرانية بآلاف من المدافع الخفيفة المحمولة على الكتف المضادة للمدرعات والدبابات، لا سيما من طراز "هاوتزر"، في إيقاف تقدم الروس بجبهة دونباس بداية الحرب، إذ بدأت بتزويد واشنطن لكييف بنحو 18 مدفعاً من طرازها، ولاحقاً في أبريل أعلنت الولايات المتحدة إرسال قرابة 70 مدفعاً إضافياً.

ووفق التقديرات الغربية، ألحقت مدافع "هاوتزر" أضراراً كبيرة بالجيش الروسي على طول جبهة دونباس، نظراً إلى أنه يمكن للمدفع إطلاق أربع دفعات في الدقيقة الواحدة، إضافة إلى خفة وزنه وسهولة نقله، وربطه بنظام تحديد المواقع العالمي "جي بي أس"، ما يجعله قادراً على تحديد الأهداف بسهولة ودقة.

ويعد مدفع "هاوتزر M198 عيار 155 ملم"، قطعة مدفعية ميدانية متنقلة يمكن سحبها وجرها بسهولة، وزاد الإقبال أخيراً على هذه المدافع المحمولة على شاحنات متحركة، بدلاً من أنظمة المدفعية التقليدية التي تعتمد على شاسيهات مجنزرة، حيث إنها أقل كلفة في الإنتاج، إضافة إلى قدرتها على أداء المهام نفسها.

وتقول شبكة "أن بي سي نيوز" الأميركية، إن "هاوتزر" مدفع قصير يوضع في زاوية هبوط شديدة الانحدار، ويستخدم لإطلاق النار من خلال مسارات عالية نسبياً، ويتميز الطراز الذي قدمته واشنطن لكييف بأنه من النوع الأخف وزناً مع عدم التضحية بمداه أو دقته، وهو ما يسهل من نشره ونقله في مواقع مختلفة ومتغيرة.

 

 

وأشارت الشبكة إلى أن هذه المدافع التقليدية المدعومة بالمعلومات الاستخباراتية الأميركية، إضافة إلى صور الطائرات المسيرة، تحولت إلى أداة استهداف دقيق لأهدافها في مواجهات على جبهة طويلة تمتد لأكثر من 500 كيلومتر بإقليم دونباس.

إلا أنه وفي الوقت ذاته، بحسب ما نقلت شبكة "سي أن أن" في أغسطس (آب) الماضي، أقرت مصادر أميركية بتحول أوكرانيا "لمختبر أسلحة"، لكن المسؤولين الأميركيين يقيمون أسلحة بلادهم في الساحة الأوكرانية، وأنهم توصلوا لمجموعة من الاستنتاجات من بينها أن عدداً من هذه الأنظمة تظهر فاعلية أقل مما كان متوقعاً، مثل المسيرات من طراز ""Switchblade 300 والصواريخ المضادة للرادارات، أما أنظمة "هيمارس" فتعلمت الولايات المتحدة درساً مفاده أنها تتطلب صيانة متكررة في ظروف الاستخدام الكثيف.

أما عن مدافع "هاوتزر "M777 فقد أظهرت أنها تتآكل وتفقد الدقة بسبب الاستخدام الكثيف، كما أصبح واضحاً أن نقل هذه المنظومة بسرعة وإخفائها لمنع تعرضها للقصف أمر صعب.

في المقابل، يرتكن سلاح الجور الروسي إلى قاذفات وصواريخ باليستية كصواريخ "إسكندر" و"كاليبر كروز"، فضلاً عن الطائرات والمروحيات الهجومية ذات القدرة التدميرية الهائلة.

ويعد صاروخ "إسكندر الروسي" ذات قدرة هائلة على المناورة، وهو قادر على تدمير أهداف كأنظمة الصواريخ والمدفعية بعيدة المدى، والطائرات والمروحيات في المطارات ومراكز القيادة ومراكز الاتصالات، إضافة إلى المباني الكبيرة والمنشآت المحصنة، على بعد أكثر 500 كيلومتر، إضافة إلى قدرته على تجاوز أنظمة الدفاع الجوي.

وقد استخدم الجيش الروسي هذا الصاروخ لقصف الأهداف العسكرية الأوكرانية، كذلك يمتلك الجيش الروسي تشكيلة واسعة من وحدات المدفعية الفتاكة ذات التصميم السوفياتي، على غرار مدفع "هاوتزر" ذاتي الدفع 203 ملم و152 ملم ومدفع "أكاسيا".

"ليوبارد وأبرامز" في وجه "أرماتا وتي 90"

فيما تحتدم الهجمات الروسية بالشرق الأوكراني بدعم من قوات مجموعة "فاغنر" شبه العسكرية ومئات الآلاف من جنود الاحتياط الذين تمت تعبئتهم منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، ويترقب الغرب هجوماً محتملاً كبيراً من الروس مع حلول فصل الربيع، مثل الإعلان الألماني والأميركي في يناير الماضي، بعد طلبات أوكرانية عدة، عن موافقتها على تزويد كييف بدبابات "ليوبارد 2" الألمانية، و"أبرامز أم1" الأميركية لدعم ترسانتها العسكرية، نقطة تحول جديدة على صعيد المواجهة.

وبحسب إحصاءات سابقة، كانت أوكرانيا تملك قرابة ثلاثة آلاف دبابة من أنواع سوفياتية قديمة يعود بدء استخدام بعضها إلى أكثر من نصف قرن، فقد منها نحو 449 دبابة منذ بداية الحرب حتى بداية العام الحالي.

في المقابل، يمتلك الجيش الروسي أكثر من 12.5 ألف دبابة، وفق إحصاءات موقع "جلوبال فاير باور" المعني بتصنيف الجيوش حول العالم.

 

 

وأعلن الجيش الروسي لأول مرة عن خطط وزارة الدفاع الروسية لإرسال عدد من دبابات "تي 14 أرماتا" و"تي 90" إلى منطقة القتال في أوكرانيا 19 يناير الماضي التي ترى فيهما أنها إحدى أفضل الدبابات في العالم.

وتمتاز دبابات "ليوبارد 2" التي ظهرت للمرة الأولى عام 1979 بقدرتها على توفر حماية جيدة ضد الطلقات الخارقة للدروع والأسلحة الموجهة المضادة للدبابات، وكذلك قدراتها الهجومية، من خلال اختراق الدروع الأمامية للدبابة السوفياتية الصنع "تي 72" و"تي 62".

أما دبابات "إبرامز" الأميركية التي تعتمد على محرك توربيني بقوة 1500 حصان ومدفع رئيس 120 ملم، تمتاز بأن لديها "قوة نارية فتاكة، وقدرة على البقاء والمناورة".

 

 

في المقابل، تمتاز الدبابة "تي 14 أرماتا" الروسية، بسرعتها التي تصل لـ90 كيلومتراً في الساعة، فضلاً عن قدراتها القتالية، إذ تمتلك مدفع عيار 125 ملم يطلق الصواريخ والقذائف بمعدل 10 إلى 12 قذيفة في الدقيقة، ويلقم بشكل آلي، وتهاجم الهدف على مدى سبعة إلى ثمانية كيلومترات من خلال تقنيات تصوير بالغة الدقة.

أما الدبابة "تي 90"، فتمتاز بأنها مدرعة بشكل أكبر، وبها نظام حماية ديناميكي، ومزودة بمنظومة "أرينا" لاكتشاف القذائف وتدميرها، فضلاً عن إدارة النيران بمنظومة إلكترونية، ومجهزة للقتال ليلاً.

وتأمل أوكرانيا في أن تساعد دبابات "ليوبارد 2" و"أبرامز 1" (تعد الأقوى في جيوش دول حلف الناتو) إضافة إلى دبابات "تشالنجر 2" البريطانية، في التصدي للقوات الروسية، وذلك عبر تمكين قوات المشاة من اختراق خطوط الدفاع الروسية المحمية بالمدفعية.

وبحسب خبراء عسكريين تستخدم الدبابتان الألمانية والأميركية، النوع ذاته من الذخائر الموجودة بكميات كبيرة لدى بلدان حلف "الناتو"، وأنهما قادرتان على إصابة الهدف وهما في حالة متحركة بنسبة 100 في المئة.

الموافقة على تسليم أوكرانيا دبابات ثقيلة فتحت مرحلة جديدة ونوعية من دعم الغرب لأوكرانيا، فضلاً عن مطالبة كييف بتزويدها بمقاتلات كـ"أف-16" و"أف-35" الأميركيتين، و"رافال" الفرنسية و"تورنيدو" و"يويروفايتير" الأوروبيتين، وغيرها من المقاتلات الحديثة الغربية، إلا أنه ووفق مجلة "بوليتيكو" الأميركية ليس هناك ما يشير إلى أن قراراً غربياً في شأن إرسال طائرات حربية إلى أوكرانيا قد يصدر قريباً، أو أن الدول الغربية قد غيرت موقفها السابق في شأن هذه القضية.

المزيد من تقارير