Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الإنترنت يطوي صفحة الكتاب الورقي في الجزائر

كانت البلاد خلال فترة سابقة مقصداً لكثير من المثقفين الباحثين عن المؤلفات النادرة

تقلصت نسبة القراءة بشكل كبير في ظل الانتشار الواسع لمواقع التواصل الاجتماعي (اندبندنت عربية)

إلى وقت قريب كانت #مكاتب_الشوارع أو #البسطات، كما يسميها بعض المثقفين، مقصداً لكثير من الباحثين عن #المؤلفات_النادرة وأحياناً قد تجد فيها مطبوعات مفقودة أو حتى ممنوعة لا يمكن أن تعثر عليها في أي مكان آخر.

كانت هذه البسطات تمثل عبق أيدي أجيال متلاحقة من القراء، كما أنها حلت أزمة لدى المثقفين والنخبة الفكرية الذين لا يستطيعون أن يشتروا الإصدارات الجديدة من المكتبات العادية.

وغالباً ما يكون باعة الكتب من أصحاب المعرفة والمتخصصين في فنون الكتاب وتواريخ الطباعة، وهو ما يصنع علاقة بين البائع والمثقف يتقاسم فيها الطرفان رائحة الورق العتيق ولحظات البحث بين أكوام المؤلفات على الأرصفة.

هذا الواقع تغير كثيراً في الجزائر مع زيادة انتشار مواقع التواصل الاجتماعي، الذي أدى إلى تدني منسوب المقروئية وانحسر التداول على مكتبة الشارع فقط على الجيل القديم الذي ألف قراءة النسخ الورقية.

إنجاز يومي

في ساحة التوت وسط مدينة البليدة القريبة من العاصمة الجزائرية، يضع السيد علي (53 سنة)، صاحب إحدى البسطات، يده على خده، لاعناً زمن التكنولوجيا الذي صار فيها القارئ يقاطع الكتب، بحسب وصفه، وقال "الظفر بزبون يقتني أحد كتبي المعروضة صار إنجازاً يومياً، نسبة المقروئية قلت كثيراً مقارنة بسنوات سبقت، والجمهور الذي كان يشتري الكتب الورقية صار مداوماً على المكتبات الإلكترونية لقراءتها، ليوفر أمواله ووقته".

 

 

أما الطالب عصام (21 سنة)، الذي يدرس في تخصص التجارة الإلكترونية، فيعترف بقلة مداومته على مكتبة الشارع، وذلك بحكم استعماله كثيراً للإنترنت "كل ما أحتاجه في تخصصي من كتب أتزود به من الإنترنت، فليس هناك سبباً للبحث عنها على أرصفة الشوارع".

جمعيات تقاوم 

بعد أن فرض هذا الواقع نفسه على الحياة الفكرية، تحاول جمعيات ثقافية في الجزائر الحفاظ على مكتبة الشارع كعامل محفز للقراءة واقتناء الكتب، إذ حاولت في عام 2018 مجموعة قراء النهضة التي تتكون من بعض الطلبة ابتكار أفكار جديدة تحرر الأفعال الثقافية المختلفة من حال الانحباس الذي باتت تعانيه.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ووضعت مكتبات في الساحات العمومية وسط مدينة البليدة لدفع الجمهور نحو القراءة، إذ أتاحت لهم فرصة لتبديل أي كتاب مقابل آخر، وقد لاقت تجاوباً منقطع النظير من شباب تحرك داخلهم شغف القراءة.

 أما جمعية "فسيلة" بولاية برج بوعريريج شرق الجزائر، إحدى الجمعيات النشطة على المستوى الثقافي، فصنعت لنفسها اسماً بعد أن رفعت شعار "المساهمة في نشر ثقافة القراءة بالأوساط الشعبية".

الجمعية بادرت خلال سنوات سابقة باستحداث شبكة مكتبات شعبية تحمل كل واحدة منها اسم فنان تكريماً له في حياته، وتم تنصيب تلك المكتبات في الفضاءات العامة مثل المقاهي وقاعات الشاي ومناطق الترفيه كالحدائق العامة ومناطق الاستجمام وحافلات نقل المسافرين للمسافات الطويلة.

وأمام هذا العزوف، كثفت بعض الجمعيات نشاطها لدعم القراءة، إذ لم تقتصر مبادرات دعم القراءة على الأصحاء وإنما تجاوزتها لتعميمها على المرضى بالبيوت، وأطلقت جمعية "آية المنى" الخيرية في سكيكدة شرق الجزائر لجمع كتب المطالعة لإيصالها إلى المرضى من الحوامل وذوي الاحتياجات الخاصة.

دراسة تشرح الواقع

تظهر نتائج دراسة ميدانية تراجع نسبة القراءة بالجزائر، في ظل انتشار جائحة "كورونا"، إذ شملت الدراسة نحو 100 شخص من مختلف الأعمار بعدد من المدن.

وخصت الدراسة، التي قام بها مراد معوش، طالب دكتوراه في الأدب العربي، ونقلتها وسائل إعلام جزائرية إلى أن كثيراً من الجزائريين يفتقدون إلى ثقافة المطالعة والقراءة، سواء في البيت أو المكتبات، أو بالفضاءات المفتوحة، مثل الساحات العمومية، أو النقل العمومي والمقاهي وغيرها.

وأشار معوش إلى أن "جائحة كورونا زادت الطين بلة، حيث أزمت الوضعية أكثر، وأدت إلى تراجع المطالعة حتى لدى الأشخاص الذين اعتادوا عليها، بالنظر إلى تأثيرات الأزمة الصحية".

ورصد الباحث أن دخول فترة الحجر المنزلي، وفرض إجراءات صارمة بعدم الخروج من البيت، ومنع التجوال في ساعات محددة، رفع من نسبة القراءة وسط المجتمع، لا سيما وسط النخبة، لمحاولة إيجاد بدائل تمضية الوقت، وكسر الروتين الذي فرض نفسه لأكثر من سنة، مما جعل الإقبال على الكتب يتزايد بشكل مفاجئ، وتوجه الاهتمام نحو مختلف أنواع الكتب، بين روايات والكتب التاريخية والدينية وغيرها.

لكن الأمر ظل يتراجع نسبياً بعد تخفيف الحجر إلى أن بات أحياناً يقترب من الصفر، خصوصاً في أوساط الشباب، الذين كثيراً ما أثرت فيهم وسائل التواصل الاجتماعي مع إصابتهم بإدمان الهواتف، لتخفيف شعورهم بالملل، كما ذكرت الدراسة.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات