Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

في الجزائر... الساعة مضبوطة على الحراك و"الكأس"

بين صباح سياسي وأمسية رياضية... السكان تحت الضغط

نشطت تجارة بيع قمصان المنتخب قبل نهائي كأس امم افريقيا (اندبندنت عربية)

"رحل بوتفليقة وحاشيته، فعمت الأفراح وحلّ الخير على البلد"... بهذه العبارة يُعلق الجزائريون على كل حدث "مُبهج" تشهده بلادهم في الآونة الآخيرة، ما ينطبق تماماً على حدث تأهل منتخبهم الوطني إلى نهائي بطولة  كأس أمم أفريقيا المقامة في مصر، التي تخُوض فيها الجزائر مباراة مصيرية غداً ضد منتخب السنغال للتتويج باللقب القاري.

يوم تاريخي

لا حديث في الشوارع وأزقة الأحياء الشعبية والمقاهي، ووسائل النقل الخاصة والعمومية إلا عن يوم الجمعة 19 يوليو (تموز) الجاري، فالجزائر ستشهد حدثين مهمّين، أولهما سياسي يكمن في استعداد آلاف المواطنين للخروج إلى ساحات الحراك لاستكمال "مسيرة التغيير" التي يقودها هذا الشعب منذ 5 أشهر من دون كلل أو ملل.

 أما الحدث الثاني، فسيكون رياضيّاً بامتياز، إذ يطمح السكان إلى معانقة الكأس، لعلهم يتجرعون منها طعم أفراح جديدة تُعيد البسمة إلى وجوه تتأمل في غد أفضل.

وبين السياسة والرياضة، يعيش الجزائريون الساعات التي تسبق يوم الجمعة على أعصابهم وتحت ضغط عال، وهو حال العم رشيد (60 عاماً) الذي كان منغمساً في مطالعة إحدى الصحف الرياضية المحلية، لمعرفة آخر الأخبار عن تحضيرات منتخب بلاده.

يقول في حديث لـ "اندبندنت عربية" إنه من الصعب التعبير عن أحاسيسه وما يختلجه من مشاعر اختلطت بين الفرحة والقلق، فرغبته في حصول الجزائر على اللقب الأفريقي شديدة، وتكاد لا توصف، كيف لا وهو الذي عايش فرحة حصول المنتخب على الكأس عام 1990، إذ يستذكر العم رشيد تلك اللحظات بالتفاصيل فيصفها بـ"التاريخية".

هوس الرياضة والفوز بالكأس طال حتى الجنس اللطيف، فلا تخفي الشابة نريمان (25 عاماً) إعجابها بـ"محاربي الصحراء" وأدائهم المشرّف ودفاعهم عن الألوان الوطنية، وتؤكد أن الفريق أعاد إلى الجزائريين أفراحهم، وأنها ستشاهد المباراة النهائية برفقة صديقاتها في أحد مطاعم ضواحي حيدرة، أعالي العاصمة.

الاستعداد

في شارع "حسيبة بن بوعلي" الذي يربط بين ساحتَيْ أول ماي والشهداء، وسط العاصمة، تصنع الجماهير أجواء رائعة قبل ساعات من المباراة النهائية بين الجزائر والسنغال.

حركة كبيرة ورايات وطنية تزين شرفات المنازل، وأصوات حماسية تصدرها أبواق السيارات التي تطلق العنان لصفاراتها بين الفينة والأخرى، ليتفاعل معها المارة بالقول "إن شاء الله الكأس".

الشارع الذي يضم على طوله محلات تجارية لبيع الملابس الرجالية والنسائية، تحوّل منذ نجاح الفريق الوطني في الوصول إلى نهائي كأس أمم أفريقيا، إلى قبلة مفضلة للأنصار الذين تهافتوا على اقتناء أقمصة تحمل تشكيلة المدرب جمال بلماضي، الذي يعود له الفضل الكبير في الإنجاز المحقق.

ويؤكد الشاب كريم، صاحب محل للألبسة الرجالية "المنتخب الوطني زرع الفرحة في قلوب الجزائريين بنتائجه وأدائه المبهر"، مشيراً إلى أن "نسبة الإقبال على قمصان وبدلات المنتخب الوطني ارتفعت بشكل رهيب في الساعات التي تسبق المباراة".

وغير بعيد من المحلات، تنتشر طاولات بيع الأعلام الوطنية والبالونات وأبواق الفوفوزيلا، إذ يقول محمد وهو طالب جامعي إنّ تأهل المنتخب الوطني شجعه على شراء بعض المستلزمات الرياضية وإعادة بيعها، خصوصاً أن هذه التجارة تشهد انتعاشاً كبيراً، إذ يتراوح سعر القميص الواحد ما بين 18 إلى 30 دولاراً فما فوق، بحسب الشكل والنوعية.  

ووفق تصريحات تجار لـ "اندبندنت عربية"، فإن أكثر قميص مطلوب من جانب الجماهير، الذي يحمل اسم قائد المنتخب رياض محرز، صاحب التسديدة القاتلة في الدقيقة 95 من المباراة التي جمعت الجزائر مع نيجيريا في نصف نهائي كأس أمم أفريقيا، إضافة إلى الهداف بغداد بونجاح وحارس المرمى الرايس مبولحي الذي ضمن تأهل المنتخب الوطني بشباك نظيفة في الدور الأول من البطولة.

أغاني بطعم الحراك

لم يسهم وصول فريق "محاربي الصحراء" إلى نهائي كأس أفريقيا، في انتعاش تجارة الملابس الرياضية الخاصة بالمنتخب فقط، إنما أعاد إنتاج الأغنية الرياضية إلى أوجه، ولعل أشهرها أغنية "نربحوهم قاع ونفرحو قاع" (نفوز عليهم جميعاً ونفرح كلنا) التي يؤديها الشاب توفيق، الذي اقتبس عنوانها من أشهر شعار في الحراك الشعبي، أطلقه شاب يدعى سفيان بكير تركي (33 عاماً) ليحوله لأحد أيقونات الحراك.

إضافة إلى أغنية "الشعب يريد لا كوب دافريك" (الشعب يريد كأس أفريقيا) على وزن "الشعب يريد التغيير" للشاب سفيان عسلة، وأغنية "ماما أفريكا" التي أطلقتها فرقة "ميلانو الفنية"، وهي الأغنية التي ردّدها رفقاء محرز عقب فوزهم على نيجيريا في النصف النهائي.

والأكيد أن حمل الأغاني الرياضية الداعمة للمنتخب الجزائري، لبعض شعارات الحراك الشعبي، كان متوقعاً، على اعتبار أن الملاعب كانت الشرارة التي فجرت ثورة 22 فبراير، التي تدعو إلى رحيل رموز النظام كافة وإحداث تغيير جذري في أساليب الحكم. ففي ظل غياب منابر للتعبير عن الرأي، كانت الملاعب الرياضة المتنفس الوحيد للشباب كي يطلقوا العنان لسخطهم من حكم بوتفليقة الذي جثم على صدورهم هو وحاشيته لعشرين عاماً.

طوارئ

وعلى الرغم من أن نتيجة المنتخب الجزائري مع نظيره السنغالي تبقى غير معلومة، إلا أن ذلك لم يمنع من انتشار دعوات إلى هيئات رسمية، وأخرى أطلقها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي لعدم الإفراط في الاحتفال، تجنباً لحوادث مأساوية، كما حصل عقب الفوز على نيجيريا، إذ انتهت الاحتفالات بتسجيل 6 وفيات وسط الأنصار في مدينة جيجل الساحلية شرق البلاد، في حادثة عكّرت فرحة الجزائريين.

ونشر الاتحاد الجزائري لكرة القدم، فيديو ورسالة من لاعبي المنتخب الوطني، يدعون الجماهير إلى الاحتفال بطريقة حضارية، بعيداً من الفوضى حفاظاً على سلامتهم من الحوادث وتفادياً لتكرار واقعة ولاية جيجل الأليمة.

في المقابل، ظهرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي حملة "احتفالات من دون مركبات"، تدعو المناصرين إلى الاحتفال في الشوارع من دون سيارات ودراجات نارية، وقد تفاعل معها رواد موقع "فيسبوك"، بينما أصدر مسؤولو المحافظات تعليمات تمنع ركن السيارات في الشوارع الرئيسة بالمدن، إضافة إلى إغلاق بعض الطرق ومنع سير المركبات، قبل اللقاء وبعده.

 ودعت مديرية الحماية المدنية (الدفاع المدني)، السائقين ومستعملي وسائل النقل المختلفة إلى احترام قواعد قانون المرور والقيادة السليمة وعدم التهور والتحلي بالمسؤولية لتجنب حوادث الطرق.

المزيد من العالم العربي