Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المجهول يهدد مصير "الاغتيالات السياسية" في تونس

أصابع الاتهام تشير إلى مساعي "النهضة" طمس الأدلة والحركة تنفي ولا جديد بالملف بعد مرور 10 سنوات

لا يزال ملف الاغتيالات السياسية يشغل آلاف التونسيين (أ ف ب)

يحيي التونسيون ذكرى مرور عقد على أول #اغتيال_سياسي شهدته البلاد بعد ثورة الـ 14 من يناير (كانون الثاني) 2011 عندما تم استهداف شكري بلعيد في السادس من فبراير (شباط) 2013، في تطور كان حاسماً في إزاحة النظام السابق آنذاك بقيادة #حركة_النهضة.

وكانت البلاد وقتها ترقص بالفعل على حافة الهاوية إذ لم تمر ستة أشهر حتى حدث اغتيال سياسي آخر استهدف هذه المرة النائب بالمجلس الوطني التأسيسي محمد البراهمي، وسط احتجاجات تطالب برحيل الذراع السياسية لتنظيم الإخوان المسلمين "حركة النهضة" وحلفائها، بخاصة أن تلك الفترة شهدت موجة من تسفير التونسيين إلى مناطق القتال في #سوريا والعراق، علاوة على سيطرة السلفيين وأنصار الشريعة على البلاد.

"النهضة" في قفص الاتهام

وعلى رغم أن ملف الاغتيالات السياسية كان الأكثر أهمية طوال السنوات العشر الماضية في تونس، إلا أنه لا يزال يراوح مكانه وسط اتهامات لحركة النهضة بأنها هي من تعطل مسار كشف الحقيقة وهو ما نفته الحركة مراراً.

وأعلنت وزارة العدل، الإثنين، تشكيل لجنة ستعمل تحت إشرافها لمتابعة ملف الاغتيالات السياسية ومحاسبة كل من تورط في تعطيل سير الملفات وسعى إلى طمس الأدلة والتأثير في المسار القضائي، وفق بيان نشرته الوزارة.

وتابع البيان أن "الوزيرة أذنت بمهمة تفقد قضائي وإداري شاملة للملفات ذات العلاقة بملف اغتيال السياسيين لمتابعة حسن سير الإجراءات، بما في ذلك إحصاء المحجوز والمؤيدات بمكوناتها كافة، وتتبع مسارها الإجرائي إضافة إلى رقمنة كامل الملفات وحفظها في محامل الكترونية".

واعتبر عضو "لجنة الدفاع عن السياسيين" ياسين عزارة أن "هناك مستجدات في الملف سيتم كشفها خلال مؤتمر صحافي سيتم عقده لاحقاً، لكن هناك من سعى إلى تعطيل كشف الحقيقة في هذا الملف".

وأضاف عزارة لـ "اندبندنت عربية" أن "هناك جهازاً قضائياً كان خاضعاً لجهة سياسية هي حركة النهضة منذ عام 2013، وكانت تحاول تبييض الاغتيال السياسي وتعطيل العمل القضائي والأمني، وهذا تجلى من خلال ملف الجهاز السري للحركة والغرفة السوداء".

 

 

وأوضح أنه "بعد 25 يوليو (تموز) 2021 تقدمت الأبحاث في عدد من الملفات ومن بينها الجهاز السري، لذلك نحن نعقد آمالاً كبيرة على أن يتم في الذكرى الـ 10 للاغتيالات السياسية أن تتم محاسبة من عطل ومن خطط وتستر على مرتكبي اغتيال شكري بلعيد".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكانت تونس شهدت منعطفاً سياسياً لافتاً في الـ 25 من يوليو (تموز) 2021، إذ أزاح الرئيس قيس سعيد حركة النهضة وحلفائها من الحكم وقاد البلاد إلى تعديلات سياسية ودستورية مثيرة للجدل.

وترفض حركة النهضة باستمرار الاتهامات الموجهة إليها بإنشاء جهاز سري أو التستر على الاغتيالات السياسية، وتستدل هيئة الدفاع عن ضحايا الاغتيالات السياسية في اتهامها للنهضة بتعطيل تقدم التحقيقات في هذا الملف بإمساك القيادي بالحركة نورالدين البحيري بحقيبة وزارة العدل خلال الفترة ما بين 2012 و 2013، وإجرائه تغييرات قوية بينها عزل قضاة وتعيين آخرين.

لكن المحامي مختار الجماعي وهو من أعضاء هيئة الدفاع عن المتورطين في ملفات الجهاز السري للنهضة وغيرها نفى في وقت سابق ذلك قائلاً إن "كل هذه الملفات لها صبغة سياسية ولا وجود لأي أدلة ضد المتهمين".

ملف خطر

وخلال هذا العقد ظلت التجاذبات تتقاذف ملف الاغتيالات السياسية في تونس، إذ تعهد الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي بكشف الحقيقة خلال ترشحه إلى الانتخابات عام 2014، لكنه لم يحقق أية اختراقات فيه بعد أن تحالف مع "حركة النهضة".

لكن الرئيس سعيد الذي يتهمه خصومه بتنفيذ انقلاب على البرلمان قاد سلسلة إجراءات أشاعت أجواء من التفاؤل لدى المهتمين بملف الاغتيالات السياسية، إذ عزل العام الماضي 57 قاضياً اتهمهم بالتستر على الإرهاب وملفات الاغتيالات السياسية والفساد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال المحلل السياسي الجمعي القاسمي إن "الاغتيال السياسي بشكل عام ليس غريباً عن المشهد التونسي، باعتبار أننا شهدنا خلال فترة الاستعمار اغتيال النقابي فرحات حشاد، وثاني اغتيال سياسي تم خارج أرض الوطن واستهدف المعارض صالح بن يوسف، لتأتي الصدمة الكبرى عام 2013 عندما اغتيل شكري بلعيد ومحمد البراهمي".

ولفت القاسمي في تصريحات خاصة إلى أنه "في الاغتيالات عادة ما تكون هناك عوامل متشابكة لطمس الحقيقة في فترة حكم الـ ’ترويكا‘ وسطوة حركة النهضة على المشهد السياسي والقضائي والأمني حالت دون الوصول إلى نتائج حقيقية في هذه الجرائم الخطرة، لأن الزمن القضائي تعطل نتيجة تلك السطوة".

وأكد أنه "كان هناك أمل بعد الـ 25 من يوليو (تموز) في أن يتحرر القضاء من هذه السطوة ويذهب تجاه حلحلة خيوط هذه الجريمة، لأن المسؤولية السياسية واضحة وتتحملها حركة النهضة، لكن نحن بحاجة إلى معرفة من مول وخطط ودبر وله مصلحة في هذه الاغتيالات".

ويعتقد القاسمي أن "على الرئيس قيس سعيد الذي بحوزته ملف خطر ورثه من الباجي قائد السبسي وهو ملف الجهاز السري لحركة النهضة الذي أعده مجلس الأمن القومي في عهد الأخير وهو موجود في الرئاسي، عليه أن يتحرك انطلاقاً من هذا الملف تحديداً للتمكن من كشف حقيقة الاغتيالات السياسية والجرائم الأخرى".

وهناك جلسات قضائية تتعلق بملف الجهاز السري وتسفير التونسيين إلى مناطق القتال، إذ جرت التحقيقات مع قيادات بارزة في حركة النهضة ومن بينها راشد الغنوشي والبحيري، فيما يقبع نائب رئيسها ورئيس الحكومة السابق علي العريض في السجن.

 

 

ملف الاغتيال والتوظيف السياسي

وعلى صعيد مواز يتصاعد سجال حول توظيف سياسي لملف الاغتيالات التي شهدتها تونس، وتقول القيادية في حزب التيار الديمقراطي سامية عبو إن "ملف الاغتيالات السياسية تحول إلى ملف للمساومة السياسية وللتوظيف في الحملات الانتخابية".

وشددت خلال تصريحات بثتها إذاعة "شمس أف أم" على أن "الأخطر أن بعضهم اتهم حركة النهضة بالاغتيال قبل الانتخابات، وبعدها تم التوافق الشهير"، في إشارة إلى توافق قائد السبسي والغنوشي بعد عام 2014 إثر حملة انتخابية محمومة شهدت تراشقاً بالاتهامات بين معسكر الرجلين، وهما معسكر العلمانيين والإسلاميين.

وعلق القاسمي على ذلك بأن "الحديث عن توظيف هذا الملف في سياق التجاذب السياسي تحريف لحقيقة هذه الجريمة السياسية الخطرة عن مسارها الطبيعي".

وأكد المحلل السياسي التونسي أن "هذه جريمة لم يكشف عن الجناة الذين شاركوا فيها و خططوا ونفذوا، ولا وجود لأي توظيف بقدر ما هو سعي إلى الكشف عن الحقيقة، وكل من يحاول الدفع بمثل هذه القراءة فهو يسعى بشكل أو آخر إلى التغطية على حركة النهضة أو أطراف أخرى متورطة في هذا الملف".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير