Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

وضع صورة ألان تيورينغ مخترق الشفرات خلال الحرب العالمية الثانية على ورقة الخمسين جنيها الجديدة

مهد الطريق للحوسبة الألكترونية الحديثة وستوضع صورة عالم الرياضيات المرموق على ورقة نقدية جديدة

ستكون صورة مخترق الشفرات خلال الحرب العالمية الثانية، ألان تيورينغ، على ورقة الخمسين جنيها الجديدة حسبما أعلن بنك إنجلترا يوم الإثنين. (أ.ب)

ستكون صورة مخترق الشفرات خلال الحرب العالمية الثانية، ألان تيورينغ، على ورقة الخمسين جنيها الجديدة حسبما أعلن بنك إنجلترا يوم الإثنين.

إذ يعتبر عالم الرياضيات المرموق هذا الأب للكومبيوتر الحديث، وسبق أن أطرى وينستون تشرتشل عليه لقيامه "بمساهمة وحيدة كبرى لانتصار الحلفاء"، وصورته ستزين آخِر نسخة لأعلى ورقة نقدية من حيث القيمة المالية في المملكة المتحدة، حيث من المتوقع أن يبدأ تداولها عام 2021.

وجاء اختيار محافظ بنك إنجلترا، مارك كارني، لتيورينغ من بين اثني عشر شخصية كانوا ضمن القائمة القصيرة، وهذا بعد تقديم أكثر من 227 ألف اقتراح لوجوه بريطانية مشهورة من قبل الجمهور. وكان بنك إنجلترا دعا إلى تقديم اقتراحات  لعلماء بريطانيين لإحلال صورهم محل صور المشاهير الموجودة حاليا على ورقة الخمسين جنيها الحالية- وحاليا هناك صورة لصاحب المشاريع ماثيو بولتون وأخرى للمهندس جيمس واط الذي ساعدت ماكنته البخارية على إطلاق الثورة الصناعية في بريطانيا.

وفي هذا السياق، قال محافظ بنك إنجلترا إن "ألان تورينغ كان عالما متفوقا في الرياضيات، وكان لعمله تأثير هائل على الحياة التي نعيشها اليوم".

وأضاف كارني قائلا:"باعتباره أبو علم الكمبيوتر والذكاء الاصطناعي، إضافة إلى كونه بطل حرب، فإن مساهمات ألان تيورينغ كانت واسعة النطاق ورائدة. تيورنغ عملاق على كتفيه يقف الكثيرون الآن".

لعب تيورينغ دورا محوريا في تطوير أوائل الكمبيوترات من خلال عمله باختراق شفرة "انيغما"( اللغز)، ووضع الأسس للذكاء الاصطناعي. وعلى الرغم من إنجازاته الهائلة، فإنه تعرض للاضطهاد خلال حياته لأنه كان مثليا. فقد حوكم عام 1952 وفق قوانين الشذوذ الجنسي (السائدة آنذاك) بعد اتضاح أن له علاقة مع شخص من نفس الجنس.

ومع مواجهته باحتمال السجن، وافق على الخيار البديل المتمثل في "الإخصاء الكيميائي" – وهي معالجة هرمونية يفترض أنها تكبح رغبته الجنسية. وقد مات بسبب التسمم بمادة السيانيد عام 1954 في سن الواحدة والأربعين، حيث وجدته مدبرة منزله على سريره مع تفاحة نصف مأكولة موضوعةً على طاولة قريبة منه. وقد سُجِّل موته انتحارا لكن الخبراء ظلوا منذ ذلك الوقت يشككون بالأدلة التي قدمت خلال إجراء التحقيق في ذلك الوقت.

في عام 2009 قدم رئيس الوزراء آنذاك، غوردون براون، اعتذارا رسميا لـ "الطريقة المروعة" التي عومل تيورينغ بها، وفي عام 2013 مُنح عفوَ ما بعد الوفاة من قبل الملكة إليزابيث الثانية، ثم أصدرت الحكومة عام 2016 قانونا أطلقت عليه اسم "قانون ألان تيورينغ" الذي وفقه تم إصدار عفو ما بعد الوفاة على آلاف الرجال المثليين صدرت أحكام ضدهم وفق "قوانين البذاءة الجسيمة" التي كانت قائمة في الماضي.

يمكن القول إن القانون الجديد كان نوعا من تقديم الاعتذار لأولئك الذي صدرت ضدهم أحكام بالسجن بسبب إقامة علاقات توافقية بأفراد من نفس الجنس قبل إلغاء التجريم عن العلاقات المثلية في إنجلترا وويلز عام 1967.

وجاء القانون الأخير بعد عقود من الحملات التي قامت بها أوساط "مزدوجي الميول الجنسية ومغايري الهوية الجنسانية" (أل جِي بي تي)، وبعد أن قدمت عائلة مخترق "شفرة إنيغما" التماسا إلى مقر الحكومة البريطانية (داونينغ ستريت) قبل انتخابات عام 2015 العامة.

ستُبرز الورقة النقدية الجديدة صورة فوتوغرافية لتيورينغ تعود إلى عام 1951، وجدولا وصيغة رياضية من إحدى أوراقه العلمية الأكثر تأثيرا. كذلك فإنها ستُبرز صورة ماكنة اختراق الشفرة، "بريتيش بومب"، التي صنعت في "بليتشلي بارك"، إضافة إلى اقتباس من قول ذكره تيورينغ في مقابلة أجريت معه يوم 11 يونيو(حزيران) 1949: "هذه مجرد عينة لما سيأتي وليست سوى ظل لما سيكون".

وتجدر الإشارة إلى أن التصميم الكامل للورقة النقدية، بما فيها الخصائص التي تضمن عدم تزويرها، سيتم الكشف عنه قبل البدء بتداولها بفترة قصيرة. أما أسماء الشخصيات التي أدرجت ضمن القائمة القصيرة، سواء كانوا أفرادا أم أزواجا فهم ماري أنينغ، وبول ديراك، وروزاليند فرانكلين، ووليم هرشيل وكارولاين هرشيل، ودوروثي هودجكين، وأدا لوفلايس، وتشارلز باباج، وستيفن هوكينغ، وجيمس كليرك ماكسويل، وسرينفاسا رامانوجان، وإرنست روثرفورد، وفردريك سانجر، وألان تيورينغ.

من جانبها قالت أمينة الصندوق الرئيسي، سارة جون إن "قوة القائمة القصيرة شهادة على المساهمة العلمية المذهلة للمملكة المتحدة. فالعدد الهائل للأفراد والإنجازات يعكس مجموعة ضخمة من الترشيحات التي وصلتنا لهذه الورقة النقدية وأنا أشكر الجمهور لكل اقتراحاتهم عن العلماء الذين بإمكاننا أن نحتفل بهم".

سيتم طبع الورقة النقدية الجديدة على بلاستيك بدلا من الورق مثلما هو الحال مع الورقة النقدية الحالية.

لدى اندلاع الحرب العالمية الثانية، انتقل تيورينغ إلى قسم "شفرة الحكومة ومعهد سايفر" في منطقة "بليتشلي بارك" حيث قام بتصميم ماكنة التشفير، "بريتيش بومب". وقد لعب فريق تيورينغ دورا محوريا في اختراق شفرة "إنيجما" الألمانية التي كانت تعتبر قبل ذلك غير قابلة للاختراق. وبذلك استطاع الفريق فك شفرة رسائل السفن والغواصات الألمانية، وهذا ما مكن من الحصول على معلومات حول المواقع الألمانية وساعد على تحويل كفة الميزان لصالح الحلفاء خلال المعركة الهادفة للسيطرة على المحيط الأطلسي. ومُنح تيورينغ "وسام الإمبراطورية البريطانية" (أو بي إي) على عمله في اختراق الشفرات الألمانية.

بعد الحرب، عمل تيورينغ على وضع تصاميم لأولى الكمبيوترات الرائدة بما فيها "ماكنة الحساب الاوتوماتيكية" التي هي واحدة من أوائل الكمبيوترات الالكترونية المخزِّنة للبرامج، التي صُنعت عام 1950 في "المختبر الفيزيائي الوطني" بلندن. وفي مختبر الحوسبة الالكترونية لجامعة مانشستر طور تيورينغ برمجة للكمبيوتر "فيرانتي مارك 1" الذي يعد أول كمبيوتر الكتروني متوفر تجاريا.

وحين كان في مانشستر استكشف تيورينغ الذكاء الاصطناعي، مقترحا تجربة أصبحت تعرف باسم "اختبار تيورينغ" . وفحوى هذه التجربة هو اقتراح ماكنة يمكن اعتبارها قادرة على "التفكير" إذا كان المحقق الانسان غير قادر على التمييز ما بين رد الماكنة ورد إنسان آخر. كذلك عمل تيورينغ على النظرية التخلقية، من خلال النظر إلى أسرار الأنماط السائدة في الطبيعة، فهو على سبيل المثال حاول شرح وجود متتاليات فيبوناتشي في تراكيب النباتات. وظلت ورقته البحثية "الأساس الكيميائي للتخلق" معترفا بها باعتبارها عملا رياديا.

© The Independent

المزيد من اقتصاد