Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بريطانيا على طريق ركود اقتصادي طويل الأمد

"الأسر في المملكة المتحدة ستعاني على مدى عامين من ترد هائل في مستويات المعيشة"

انخفاض قوة العمل وغياب النمو يمكن أن يشل الاقتصاد لسنوات (رويترز)

تزامن قرار بنك إنجلترا (المركزي البريطاني) الخميس الماضي، برفع سعر الفائدة نصف نقطة مئوية لتصل الفائدة الأساسية إلى أربعة في المئة مع إعلانه صورة إيجابية للاقتصاد، وتوقع البنك في بيانه المصاحب لقرار الفائدة أن التراجع الاقتصادي الحالي سيكون قصير الأجل وأيضاً أقل عمقاً مما كان متوقعاً نهاية العام الماضي.

وحسب توقعاته، فإن معدلات البطالة في الركود التالي لن تكون كبيرة وإن عدد من سيخرجون من سوق العمل سيكون أقل من التوقعات السابقة قبل ثلاثة أشهر، كذلك توقع المصرف بدء تراجع معدلات التضخم مع انخفاض أسعار الطاقة، وبدا من البيان أن تراجع معدل التضخم قد يعني رفع سعر الفائدة للمرة العاشرة هذا الشهر في ما تكون الزيادة الأخيرة في دورة التشديد النقدي الحالية. 

إلا أن نظرة متريِثة في تقرير لجنة السياسات النقدية الذي يحدد توقعات البنك لأداء الاقتصاد تجعل التفاؤل حول المستقبل القريب يقود إلى نظرة متشائمة طويلة الأمد، فقيمة الدخل للأسر البريطانية في طريقها للانخفاض بنسبة سبعة في المئة على مدى العامين المقبلين، كما يتوقع البنك تباطؤاً شديداً في نمو سوق العمل ورأس المال المتوفر لدفع النشاط الاقتصادي. 

ركود دائم

ويقدر تقرير اللجنة أن ينخفض "العرض المحتمل" في الاقتصاد، وهو المؤشر الرئيس لنمو الناتج المحلي الإجمالي، هذا العام بمقدار النصف إلى نسبة 1.3 في المئة قبل أن يهبط مجدداً العام المقبل إلى 0.7 في المئة، وتنقل صحيفة "ديلي تلغراف" عن الرئيس التنفيذي لمؤسسة "ريزوليوشن فاونديشن" تروستن بيل قوله إن تلك التوقعات تضع بريطانيا على طريق "ركود دائم" وتشير إلى خطر "تراجع في مستويات المعيشة بشكل أكثر عمقاً وأطول مدة".

حتى النظرة المتفائلة على المدى القصير ليست "وردية تماماً"، بحسب توقعات "ثريد نيدل ستريت" سينكمش الاقتصاد هذا العام بنسبة 0.5 في المئة وينكمش بنسبة 0.25 في المئة خلال 2024. وتلك التوقعات أسوأ من تقديرات صندوق النقد الدولي الذي يتوقع ركود الاقتصاد البريطاني هذا العام على أن يعود للنمو العام المقبل بنسبة 0.9 في المئة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

معدل أداء كارثي

وتشير تقديرات بنك إنجلترا إلى أن متوسط معد النمو السنوي للناتج المحلي الإجمالي في الفترة من 2006 إلى 2025 هو نسبة واحد في المئة، وهو معدل أداء كارثي للاقتصاد  يشبه الوضع خلال الكساد الكبير مطلع القرن الماضي، ويقول مدير البحوث في "ريزوليوشن فاونديشن" جيمس سميث: "على رغم تحسن آفاق الاقتصاد البريطاني إلا أنها تظل سيئة... فالأسر ستعاني على مدى عامين من ترد هائل في مستويات المعيشة، وتمر بريطانيا بركود دائم في النشاط الاقتصادي لمدة 20 عاماً، هو الأسوأ منذ فترة ما بين الحربين العالميتين من 1919 إلى 1938".

ويعود ذلك في جزء أساسي منه إلى عدم نمو الإنتاجية منذ ما بعد الأزمة المالية العالمية، إلا أن انخفاض حجم قوة العمل في بريطانيا يلعب دوراً مهماً في الحد من النشاط الاقتصادي، وأشار محافظ بنك إنجلترا أندرو بايلي إلى الزيادة الواضحة في توقف نشاط العاملين في سن ما بين 50 و65 منذ أزمة وباء كورونا.

وفي المؤتمر الصحافي عقب اجتماع البنك قال بايلي "يقول كثيرون إنهم تقاعدوا مبكراً واتخذوا قرارات في شأن شكل الحياة التي يريدون أن يعيشوها، بينما يقول آخرون إنهم يعانون من أمراض طويلة الأجل. ويقول عدد إنهم لن يعودوا إلى سوق العمل، هذا النقص الواضح في قوة العمل يؤثر سلباً على آفاق النشاط الاقتصادي".

يعني مزيج تراجع الإنتاجية وضعف الاستثمار أن الاقتصاد ومستويات المعيشة ربما لا تنمو مجدداً بالوتيرة نفسها التي كانت تنمو بها قبل الأزمة المالية العالمية، يضاف إلى ذلك نقص العرض في سوق العمل نتيجة خروج كبار السن، ما يعني أن أسعار الفائدة قد تستمر مرتفعة لمدة أطول مما هو متوقع.

وهناك بعض الأفكار المطروحة أمام الحكومة لحل مشكلة نقص العرض في سوق العمل لتفادي التأثير السلبي في النشاط الاقتصادي، من بين تلك المقترحات السماح للعاملين بتلقي تعويضات الإجازة المرضية، أو عرض إعفاءات ضريبية للعاملين، كما أن هناك اقتراحات بتعيين مرشدي توظيف في عيادات أطباء الأسرة، في محاولة لإعادة من تجاوزوا سن الـ50 إلى سوق العمل.

اقرأ المزيد