Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

غيوم الحرب... من يحسم وجود "فاغنر" في ليبيا؟

ضغوط أميركية لضمان تدفق النفط وخنق المجموعة الروسية ومخاوف من تحول البلاد إلى ساحة نزاع دولي

رغبة واشنطن في إبعاد موسكو من الملف الليبي ليست وليدة الأزمة الأوكرانية إذ بدأت قبلها بسنوات من دون نجاح يذكر (أ ف ب)

أسهم احتدام الصراع بين المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية وبين روسيا منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا في تسليط الضوء أكثر على النشاطات العسكرية لموسكو في الخارج، وعلى رأسها الدور الذي تلعبه القوة العسكرية الروسية الخاصة (فاغنر) في ليبيا وعدد من الدول الأفريقية.

ويبدو أن أزمة الطاقة التي يعيشها العالم ضمن تبعات الحرب نبهت الإدارة الأميركية برئاسة جو بايدن إلى أخطار التمدد الروسي في ليبيا سياسياً وعسكرياً، وطموحها في السيطرة على مصادر الطاقة التي تتمتع بها والتي يزيد من أهميتها الموقع الجغرافي لليبيا القريب من أوروبا، مما يجعلها من بين البدائل البارزة للقارة العجوز للاستغناء عن الواردات الروسية.

تضييق الخناق

كل هذه التطورات على الساحة الدولية دفعت واشنطن إلى التحرك بشكل أوسع في الساحة الليبية وتكثيف اتصالاتها بالأطراف البارزة، والتي ركزت بحسب مصادر متطابقة على ملفين هما ضمان استمرار تدفق النفط الليبي وتضييق الخناق على قوة "فاغنر" الروسية ودفعها نحو مغادرة البلاد.

وتصدر الملفان المحادثات الأميركية التي تمت بشكل مكثف وعلى المستوى السياسي والعسكري والاستخباراتي مع قائد الجيش الليبي في بنغازي المشير خليفة حفتر بداية الشهر الحالي، وأثارت تساؤلات عن مستقبل التحالف القائم بينه والسلطات في موسكو.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وذكرت تقارير غربية كثيرة أن ممثلي واشنطن طلبوا من حفتر ضرورة وقف التعامل مع موسكو وترحيل فرقة "فاغنر" من ليبيا في أسرع وقت ممكن.

وحملت زيارة مدير الاستخبارات الأميركية وليامز بيرنز إلى ليبيا منتصف يناير (كانون الثاني) الحالي ولقاء رئيس حكومة الوحدة في طرابلس عبدالحميد الدبيبة وقائد الجيش في الشرق خليفة حفتر رسائل كثيرة تؤشر إلى أن الملف الليبي تحول إلى قضية أمنية بالنسبة إلى واشنطن، باعتبارها أول زيارة لمسؤول أميركي من هذا الحجم إلى ليبيا منذ عام 2012.

أولويات واشنطن

وعقب هذا النشاط الدبلوماسي الأميركي الملاحظ في الساحة الليبية على جميع المستويات، كشفت دراسة لخدمة أبحاث "الكونغرس"، وهي الهيئة البحثية التي توفر معلومات وبيانات موثقة لأعضاء مجلسي النواب والشيوخ، عن الاهتمامات الأساسية لواشنطن في ليبيا، والتي تتصدرها بحسب الدراسة "التهديدات الإرهابية وتأمين استمرار تصدير النفط والغاز الطبيعي ووقف استخدام ليبيا كمحطة عبور للاجئين والمهاجرين المتجهين إلى أوروبا، مع تأمين مخزونات ومواد الأسلحة غير التقليدية".

وأضافت الدراسة أن من بين القضايا الرئيسة التي تهم واشنطن في ليبيا "التدخل العسكري الأجنبي ووجود المرتزقة فيها، كون ليبيا ساحة المنافسات الأيديولوجية والأمنية في منطقة الشرق الأوسط".

وخلصت إلى أنه "نظراً إلى وقوع ليبيا ضمن نطاق العمليات العسكرية للقيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا (أفريكوم)، فإن واشنطن قلقة من استعادة روسيا علاقاتها القوية مع ليبيا وتأمين الاستثمارات المربحة معها وتقويض نفوذ أوروبا الغربية والولايات المتحدة فيها".

عقوبات "فاغنر"

وجاءت الزيارات اللافتة للوفود الرسمية الأميركية الرفيعة إلى ليبيا قبل أيام قليلة فقط من فرض البيت الأبيض الأميركي عقوبات على مجموعة "فاغنر" الروسية، وتصنيفها "منظمة إجرامية دولية".

واستند البيت الأبيض في قراره، بحسب المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي، إلى "ارتكاب ’فاغنر‘ فظائع وانتهاكات لحقوق الإنسان على نطاق واسع".

وأضاف كيربي أن "الخطوات الأميركية الإضافية ضد القوة العسكرية الروسية من شأنها أن تساعد في وقف تعامل دول أخرى مع هذه المجموعة".

بينما أكد المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف أن "تصنيف الولايات المتحدة لشركة ’فاغنر‘ العسكرية الروسية الخاصة لا أهمية له بالنسبة إلى روسيا ولا حتى إلى الشركة نفسها".

ومنذ بداية الحرب الروسية - الأوكرانية تحاول الولايات المتحدة تشديد الخناق على مجموعة "فاغنر" الروسية التي باتت ترى فيها تهديداً خطراً ورئيساً لمصالحها في أماكن كثيرة من العالم.

وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي جدد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن تحذيره من دور مجموعة "فاغنر" الروسية المزعزع للاستقرار في دول أفريقية عدة بما فيها ليبيا.

وكشف بلينكن عن "تحقيقات للأمم المتحدة أثبتت تورط ’فاغنر‘ في استهداف أقليات وقتل مدنيين في ليبيا وفي جمهورية أفريقيا الوسطى ومالي".

واتهم المجموعة شبه العسكرية الروسية والجهات المرتبطة بها بـ "استغلال انعدام الأمن لتهديد الاستقرار وتقويض الحكم الرشيد وسلب الدول الثروة المعدنية وانتهاك حقوق الإنسان والتدخل في عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة وتعريض قواتها للخطر".

ولفت بلينكن إلى "محاولة معالجة هذا الأمر عبر قانون الهشاشة العالمية الذي يشمل ليبيا ويتم تنفيذه الآن في مسعى إلى معالجة مشكلات عدم الاستقرار بطريقة شاملة، حتى لا يكون هناك فراغ تملؤه ’فاغنر‘".

فرص نجاح واشنطن 

وعلى رغم كل الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة خلال الفترة الحالية لتحجيم وإنهاء النفوذ الروسي السياسي والعسكري في ليبيا، فإن هناك شكوكاً كثيرة في البلاد بخصوص نجاح هذه المساعي، لأنها وعلى رغم زيادتها بشكل ملاحظ خلال الفترة الأخيرة، فإن رغبة واشنطن في إبعاد موسكو من الملف الليبي ليست وليدة الأزمة الأوكرانية، إذ بدأت قبلها بسنوات من دون نجاح يذكر.

كما أطلقت أطراف ليبية كثيرة تحذيرات من تحول ليبيا إلى ساحة مواجهة عسكرية بين واشنطن وحلف الـ "ناتو" من جهة، والقوة الروسية الخاصة "فاغنر" من جهة أخرى، خصوصاً إذا واصلت وجودها في حقول النفط الليبي، كما تشير تقارير صحافية واستخباراتية غربية عدة.

وفي هذا السياق قال المتحدث باسم القوة المتحركة سليم قشوط، وهي قوة عسكرية في غرب ليبيا، إن "تحالفاً أميركياً بمساندة قوات حلف الـ ’ناتو‘ يستعد لمحاربة ’فاغنر‘ على الأراضي الليبية بمساندة قوات محلية، وأن بريطانيا ستلعب دور منسق العمليات الحربية هذه"، من دون أن يكشف عن مصادر معلوماته التي جذبت الاهتمام في ليبيا، كونه يمثل قوة عسكرية كبيرة في غرب البلاد.

وقال قشوط إن "الروس متدخلون في ليبيا اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً، وإذا تركزت العقوبات في إطار العقوبات الاقتصادية فقط فلن يكون لها تأثير، لأن لـ ’فاغنر‘ تجارتها أو سوقها، وهي سوق سوداء ليست معتمدة على البنوك والبورصات مثل الشركات الطبيعية". وأكد أن "الطريقة الوحيدة لإخراج ’فاغنر‘ هي استخدام القوة العسكرية معها مثلما حدث في حرب طرابلس".

النظر بعين واحدة

ويرى رئيس مركز "إسطرلاب" للدراسات عبدالسلام الراجحي أنه ربما يكون خيار المواجهة العسكرية الحل الوحيد المضمون النجاح لإنهاء الوجود العسكري الروسي في ليبيا".

وفي المقابل يعتبر الصحافي الليبي فاتح الخشمي أن "تركيز واشنطن على الوجود العسكري الروسي في ليبيا ممثلاً في قوة عسكرية لا تتجاوز 2000 مقاتل على أبعد تقدير، كما ورد في التقارير الأميركية نفسها، من دون الحديث عن وجود عسكري تركي أكبر ومرتزقة بالآلاف جلبتهم إلى ليبيا وتسيطر بهم على غرب البلاد، هو بمثابة النظر بعين واحدة وهدفه حماية المصالح الأميركية وليس البحث عن مصلحة ليبيا".

وتابع، "نحن مع خروج كل القوات الأجنبية من البلاد حتى آخر فرد فيها، لأن بقاء أية قوة عسكرية أجنبية سيقف عقبة أمام السلام المستدام والوصول إلى عملية انتخابية شاملة تفرز سلطات مستقرة وشرعية تعيد للبلاد سيادتها".

المزيد من تقارير