Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اليمين المتطرف يدق على إرث "الإسلاموية" في إسبانيا

استغل حزب "فوكس" واقعة هجوم إرهابي نفذه مغربي لكسب أصوات الناخبين وتصفية حسابات سياسية بإثارة استعداء المهاجرين والتحريض ضدهم

أشعل الإسبان شموعا ووضعوا زهورا بعد هجوم على كنيسة في الجزيرة الخضراء جنوب البلاد  (أ ف ب)

استغلت أحزاب يمينية متطرفة في إسبانيا حادثة هجوم مهاجر من أصل مغربي على كنيستين في الجزيرة الخضراء جنوب إسبانيا لتدشن حملة شرسة تتضمن اتهامات وتصريحات معادية للمهاجرين المقيمين لديها.

وأسفر الهجوم الذي نفذه قبل أيام مهاجر مغربي غير نظامي يدعى "ياسين ق"، 25 سنة، بواسطة ساطور عن مصرع شماس وإصابة آخرين بجروح، أحدهم كاهن بجروح خطرة قبل أن تلقي الشرطة الإسبانية القبض عليه.

صب الزيت على النار

وحضر المئات جنازة الشماس دييغو فالنسيا داخل كنيسة "نويسترا سينيورا دي لا بالما"، الجمعة 27 يناير (كانون الثاني)، في سياق مشحون جراء التصريحات المعادية للمهاجرين، خصوصاً من طرف أحزاب يمينية إسبانية.

وقال زعيم "الحزب الشعبي"، القوة الرئيسة في المعارضة اليمينية، ألبرتو نونيز فيخو، "مرت قرون منذ أن رأينا كاثوليكياً أو مسيحياً يقتل باسم دينه أو معتقده، بينما لدى شعوب أخرى هناك مواطنون يفعلون ذلك اليوم" قبل أن يسارع "الحزب الاشتراكي" الحاكم في إسبانيا إلى استنكار هذه التصريحات.

 وزيرة التعليم الإسبانية المتحدثة باسم الحزب الاشتراكي بيلار أليغريا ردت على نونيز فيخو بالقول، "هناك أوقات يكون فيها التزام الصمت والتحلي بحس المسؤولية أفضل من التحدث بهذه الطريقة".

من جهته دعا مسؤولون في حزب "فوكس" اليميني المتطرف الحكومة إلى طرد المهاجرين من البلاد والكف عن استقبال عدد جديد منهم باعتبار أن "الوقاية أفضل من التباكي"، كما وصف ما وقع في الكنائس بـ"الهمجية الوافدة."

وشن رئيس الحزب سانتياغو أباسكال هجوماً لاذعاً على المهاجرين وما سماه بـ"الإسلاموية" التي قال "إنه لا يمكن السماح لها بالوجود في إسبانيا"، منتقداً منح الإعانات للمهاجرين غير الشرعيين، في وقت يعاني المواطنون الإسبان تصرفاتهم".

وتفيد المعطيات التي كشفت عنها وسائل إعلام إسبانية بأن "المهاجر المغربي المذكور دخل إلى البلاد بطريقة غير نظامية قبل أعوام وكان ينتظر الترحيل إلى المغرب، غير أنه لم يكن يتوافر على أي سجل إجرامي في إسبانيا، كما أنه لم تكن تظهر عليه علامات التطرف، على رغم إفادة منابر إسبانية بأنه كان يصيح عندما هاجم الكنيسة بعبارة (الله أكبر)".

 

 

خطابات الكراهية

من جانبه يقول الباحث محمد شقير إن فوز حزب "فوكس" كقوة ثالثة في الانتخابات التشريعية الإسبانية الأخيرة بـ 52 مقعداً يرجع في الأساس إلى اعتماده على محاربة الهجرة، بخاصة غير النظامية كمرتكز أساس في برنامجه الانتخابي.

وأوضح لـ"اندبندنت عربية" أن "فوكس اختار بلدة كوفادونغا في شمال إسبانيا لإطلاق أول مهرجان خطابي في حملته الانتخابية، موظفاً بذلك أسطورة الملك دون بيلايو في مقاومة ’الزحف الإسلامي‘ وتدشين حروب الاسترداد الكاثوليكي لاسترجاع أراضي الأندلس".

وتابع، "استغل هذا الحزب الإسباني تجربة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في مواجهة الهجرة واتخاذ إجراءات لطرد الأفراد في حملته الانتخابية والفوز بالرئاسة في الولايات المتحدة نموذجاً سياسياً للمطالبة بطرد المهاجرين غير النظاميين سواء في سياسته الخارجية من خلال الدعوة إلى بناء سور لتحصين مدينتي سبتة ومليلية لحماية البلاد من تسلل المهاجرين، أو في سياسته الداخلية من خلال تحميل المهاجرين، بخاصة المغاربيين المسلمين تداعيات الأزمة الاقتصادية التي تواجهها الفئات الفقيرة والمهمشة في إسبانيا".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وذهب شقير إلى أن "اليمين المتطرف استغل حادثة هجوم مهاجر مغربي غير نظامي لكنائس في الجزيرة الخضراء من أجل استعداء المهاجرين وتحريض الفئات المناصرة لهذا الحزب من مهمشين وفقراء والطبقات المحافظة من قرويين والتيارات المتشددة في الكنيسة الكاثوليكية."

وأردف أن "هذا الحزب استغل الحادثة لكي يظهر صدقية خطابه الشعبوي وتجسيد خطاب الكراهية الذي يستهدف المهاجرين، بخاصة غير النظاميين، بحيث يحاول من خلالها تعزيز شعبيته داخل المجتمع الإسباني الذي عرف بتسامحه مع المهاجرين بمختلف أنواعهم، نظراً إلى أن إسبانيا ظلت لعقود طويلة دولة عانت ديكتاتورية فرانكو ونظامه العسكري".

ظروف صعبة وتصفية حسابات

من جهته يرى الباحث في الاتصال والحوار الثقافي المحجوب بنسعيد أن "لا يمكن فصل هذا التصرف العنيف عن السياق العام لمشكلة الهجرة والظروف الصعبة والتحديات المختلفة والمعقدة التي يواجهها المهاجرون غير الشرعيين من العرب والأفارقة في دول الاتحاد الأوروبي، حيث استفحلت ظاهرة العنصرية ضدهم في كثير من هذه الدول على المستوى السياسي الرسمي أو على مستوى مؤسسات المجتمع المدني".

 

 

وأفاد في تصريحات خاصة بأنه "وفق معلومات الإعلام الإسباني، المهاجم هو مهاجر غير نظامي، وربما كان رد فعله متهوراً، تعبيراً عن غضب عارم وإحباط نفسي شديد من قرار معاكس لأحلام كثيرة كانت وراء هجرته إلى إسبانيا بطريقة غير قانونية".

وشدد بنسعيد على أن "ليس هناك خلاف حول أن الهجوم المرتكب يعتبر اعتداء إجرامياً على أشخاص أبرياء ومؤسسة دينية لا علاقة لهم بقرار ترحيل الشاب، لكن السلطات الإسبانية ارتكبت خطأ في كيفية التعامل مع منفذ الهجوم وعدم مراعاة حقه في العمل والعيش الكريم وفق مبادئ حقوق الإنسان وحقوق المهاجرين، تحديداً المتعارف عليها دولياً".

واسترسل، "دأبت أحزاب اليمين المتطرف في أوروبا ومنها حزب فوكس الإسباني على الاستغلال الشعبوي لمثل هذه الحادثة بغية تحقيق مآرب انتخابية لكسب أصوات المقترعين وتصفية حسابات سياسية مع الأحزاب الحاكمة، كما أنها تعمد إلى ترويج مغالطات من قبيل أن السبب الأول لمشكلات البطالة والجريمة والعنف في بلدان أوروبا هم المهاجرون الأجانب، على رغم أن معظمهم مواطنون يدفعون الضرائب ويشاركون في الانتخابات ويسهمون في التنمية الاقتصادية والاجتماعية لبلدان الاستقبال".

وخلص بنسعيد إلى أن "أحزاب اليمين المتطرف في غالبية الدول الأوروبية تتجاهل أن الدعوة إلى العنصرية والتحريض ضد المهاجرين سلوكات ممنوعة  ترفضها مختلف الوثائق القانونية الدولية الملزمة منها وغير الملزمة، الإقليمية منها والدولية، ومن أهمها العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والاتفاق الدولي ضد جميع أنواع التمييز العنصري 1965 (المادة الرابعة) والاتفاق الأوروبي لحقوق الإنسان وغيرها من الإعلانات والاتفاقات والقرارات الدولية".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير