Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رؤساء حكومة سابقون يعودون من السعودية بدعم سياسي واقتصادي للبنان

الملك سلمان أبدى رغبته بزيارة بيروت التي يعتبرها "المنتدى الأفضل في الوطن العربي"

الملك سلمان بن عبد العزيز مستقبلاً الرؤساء السابقين للحكومة اللبنانية (واس)

في خطوة لافتة في توقيتها ومضامينها وأبعادها وما سترتبه على الساحة الداخلية، زار وفد يضم رؤساء الحكومات اللبنانيين السابقين فؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي وتمام سلام، السعودية حيث استقبلهم الملك سلمان بن عبد العزيز، كما كان لهم لقاء مع وزير الخارجية إبراهيم العساف.

وتحدث رؤساء الحكومة السابقين الثلاثة عن حصيلة الزيارة في بيان شكروا فيه الملك سلمان على استقباله إياهم والاستماع إليهم في ظل ما يهم لبنان وعلاقاته الأخوية مع السعودية، و"هو أكد أهمية تعزيز العلاقات الأخوية التاريخية التي تجمع بين المملكة ولبنان، وعلى الجهود الخيّرة التي يبذلها أصحاب الدولة، رؤساء الحكومة السابقين إلى جانب رئيس الحكومة سعد الحريري الذي تكن له المملكة المحبة والتقدير، من تعزيز العلاقات الأخوية الوثيقة بين البلدين".

وأكد الملك سلمان "حرص المملكة القوي والثابت على لبنان واستقلاله وسيادته وعلى الحفاظ عليه، وصيانة اتفاق الطائف كونه الاتفاق الذي أنهى الحرب الداخلية في لبنان، وشدد على أهمية صيغة العيش المشترك بين جميع اللبنانيين بشتى طوائفهم وانتماءاتهم، كل ذلك تحت سقف الدستور واحترام القوانين واحترام الشرعية العربية والدولية"، كاشفاً أن "المملكة لن تدخر جهداً من أجل حماية وحدة لبنان وسيادته واستقلاله".

كما شدد على أهمية إعادة الاعتبار والاحترام للدولة اللبنانية وتمكينها من بسط سلطتها الكاملة وبقواها الشرعية على كل مرافقها وأراضيها، وقدرتها على استعادة هيبتها بما يعزز وحدة اللبنانيين. كما أكد "رغبته الصادقة بزيارة لبنان الذي يعتبره المنتدى الأفضل في الوطن العربي ويكنّ له كل المحبة والتقدير وله فيه ذكريات طيبة".

 

حيثيات الزيارة

لكن ما لم يقله البيان الرسمي للرؤساء السابقين، قالته الزيارة بحد ذاتها والمواقف التي نُقلت عن الملك سلمان. فالزيارة تأتي في إطار التحرك الذي يقوم به رؤساء الحكومات السابقين، والذي تجلى عند أول محطة تعرض فيها رئيس الحكومة سعد الحريري إلى الاستهداف. وكرّت سبحة تحركات رؤساء الحكومة السابقين حتى شكلوا وإن في شكل غير رسمي، تجمّعاً هدفه الأساسي تأمين قاعدة صلبة لرئاسة الحكومة ولاتفاق الطائف الذي يشكل دستور لبنان.

ومع ارتفاع حدة الاستهداف الذي يتعرض له الحريري من خلال التعرض لصلاحيات رئاسة الحكومة، فضلاً عن استهداف السعودية في لبنان من خلال الحملات التي يشنها "حزب الله" على دول الخليج عموماً والرياض بشكل خاص، وتحت وطأة شعور يسود القاعدة السنية في لبنان بغياب الاهتمام السعودي بالبلاد، جاءت الزيارة لترد على مجموعة الهواجس تلك، كما تقول مصادر سياسية سنية لـ"اندبندت عربية"، وذلك من خلال التأكيد على النقاط التالية:

إن عدم إدراج لبنان في سلم أولويات السعودية لا يعني غيابها أو تغييبها عن دورها الداعم من خلال موقعها كراعٍ إقليمي لشريحة كبيرة من اللبنانيين لا تقتصر فقط على القاعدة السنية. وهذا ما حرصت الزيارة على تبديده، بعدما تردد في بيروت عن طابع سني تتسم به الزيارة فور الإعلان عنها.

عدم القبول باستمرار المس بصلاحيات رئاسة الحكومة، من خلال دفع رئيس الحكومة إلى تقديم تنازلات على قاعدة حماية البلاد وتحصين السلم الأهلي.

عدم القبول باستهداف وثيقة "اتفاق الطائف" التي صدرت من السعودية عقب توافق اللبنانيين عليها في مدينة الطائف عام 1989، وهي الوثيقة التي وضعت حداً للحرب في لبنان.

الحرص على حفظ التوازنات السياسية القائمة في البلاد من خلال التنوع الطائفي الذي يحكم تركيبة الحكم فيه. وهو ما عبر عنه الملك سلمان بوضوح أمام الوفد. ويعني الحفاظ على تلك التوازنات عملياً رفض الاستفراد بأي فريق، لا سيما فريق "تيار المستقبل" الذي يتزعمه الحريري.

تأكيد ضرورة أن تستعيد الرياض حضورها ودورها في لبنان، بعدما أدى تراجع هذا الدور إلى استفراد "حزب الله" والمحور الإيراني- السوري الذي يمثله، بالساحة المحلية، ما أدى إلى تغيّر في ميزان القوى لمصلحة هذا المحور، عبّرت عنه صناديق الاقتراع في الانتخابات النيابية التي أجريت في ربيع عام 2018.

وعليه، لا تستبعد المصادر عينها أن يشهد لبنان عودة الحرارة إلى العلاقات اللبنانية - السعودية، بما يعيد الرياض إلى الاضطلاع بدورها الداعم والراعي بعد تراجع، ما من شأنه أن يعيد التوازن إلى المعادلة الداخلية ويعزز الحضور السعودي على الساحة اللبنانية سياسياً واقتصادياً وسياحياً.

ميقاتي: لا كلام خاص بالسنة

وكان ميقاتي نقل عن الملك سلمان قوله إن "لبنان هو المنتدى العربي الفاعل والحاضر في كل مكان، ويجب على اللبنانيين الحفاظ عليه، كما المطلوب من الدول العربية مساندته". وكشف أنه جرى خلال اللقاء حديث مطوّل و"أعطى الملك توجيهاته إلى وزير الخارجية والوفد السعودي المشارك لمتابعة الأمور كلها. وبالفعل عقدنا اجتماعاً مطولاً استُكملت مناقشاته على مأدبة غداء، وقريباً ستكون هناك خطوات سعودية نحو الدولة اللبنانية والحكومة اللبنانية تنسجم مع ما يتمناه كل لبناني مخلص".

ونفى ميقاتي ما رشح عن الملك سلمان قوله إن "ما يمس اللبنانيين يمسنا في المملكة وما يمس السنّة في لبنان يمسنا في المملكة". وأضاف "لم أسمع من خادم الحرمين الشريفين كلاماً خاص بالسنة إلا عندما قال إنه في لبنان، رئيس الجمهورية ماروني ورئيس مجلس النواب شيعي ورئيس مجلس الوزراء سني، وعلينا الحفاظ على التوازنات لكي نحافظ على لبنان. لم يتوجه بكلام خاص عن السنة بل تحدث عن كل المكونات اللبنانية وتحدث عن كل التاريخ الذي يعرفه جيداً وعن اهتمامه بكل الفئات اللبنانية من دون تمييز. ونحن لم نتطرق إلى موضوع السنة بحد ذاته بل نتحدث عن حماية الوطن ككل، وهذا هو الأهم لدينا".

كما نفى أن تكون الزيارة تناولت موضوع صلاحيات رئيس الحكومة، بل تأكيد على دعم الموقع ولرئيس الحكومة سعد الحريري بالذات، "لأن الأهم في الوقت الحاضر أن نعمل على إنقاذ وطننا. نشدد على ضرورة صمود البلد وتقويته، وهذا الأمر لا يحصل بالمهاترات والشرذمة بل بالوحدة".

وكشف ميقاتي عن اجتماع للمجلس الأعلى للتنسيق اللبناني- السعودي، لتوقيع 20 اتفاقية قيد الإعداد حالياً. كما نقل عن السفير اللبناني لدى الرياض أن حوالى 45 ألف سعودي حضروا إلى لبنان منذ رأس السنة وحتى اليوم وأنه يُتوقع قدوم أعداد أكبر خلال الصيف.

السنيورة: لمسافة صحيحة بين الدولة و"حزب الله"
 

بدوره، أعلن السنيورة "أننا نحتاج إلى إيجاد المسافة الصحيحة بين الدولة اللبنانية و"حزب الله"، خصوصاً أن كلام الحزب عن سياسة النأي بالنفس بقي حبراً على ورق"، معرباً عن "ضرورة عودة السعودية إلى دعم لبنان واستقراره، بعدما أصبح لدى البعض جرأة على اتفاق الطائف من أجل محاولة تعديله".

وقال السنيورة إن "لبنان يمرّ بأوقات دقيقة وبسبب التطورات الكبرى، من المهم والضروري العودة إلى المبادئ الأساسية التي تجمع بين اللبنانيين"، لافتاً إلى "أهمية إعادة الاعتبار إلى اتفاق الطائف على قاعدة العيش المشترك بين اللبنانيين وضرورة أن يُصار إلى مزيد من الالتزام بالدستور الذي انبثق منه". وأكد السنيورة أن "الزيارة هدفها أيضاً التأكيد على احترام الشرعية العربية والشرعية الدولية المتمثلة بالقرار 1701 واتفاق الهدنة"، مشدداً على "ضرورة أن يواجه لبنان التحديات بموقف موحد والأهم هو النأي بالنفس قولاً وعملاً".

وعلّق السفير السعودي في لبنان وليد البخاري على الزيارة بالقول إنها "تحمل في طياتها ملامح مستقبل واعد لتعزيز العلاقات بين البلدين".
 

المزيد من العالم العربي