Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تركيا ترضي بوتين وتزعج ترمب مع بدء تسلمها منظومة الصواريخ الروسية

في تحدٍّ لواشنطن، وصلت أولى الطائرات المحملة بقطع من نظام الدفاع الجوي الروسي إلى تركيا

بدأت تركيا بتسلم منظومة الصواريخ الروسية التي أزعجت المسؤولين الأميركيين. وتوحي هذه الخطوة بأنها انتصار لكلا الطرفين: الرئيس رجب طيب أردوغان والكرملين.

وعرض التلفزيون التركي مشاهد لثلاث طائرات شحن روسية تصل إلى مطار عسكري في العاصمة التركية، أنقرة، وذُكر أنها تحمل أجزاء من منظومة السلاح المضاد للطائرات "أس-400".

وفي هذا السياق أعلنت وزارة الدفاع التركية على تويتر أن "نقل أول مجموعة من منظومات الدفاع الجوية والصاروخية طويلة المدى "أس-400" إلى قاعدة مُرتيد الجوية بدأ يوم 12 يوليو (تموز)". وأكد مسؤولون روس الأنباء عن عمليات التسليم.

وذكرت قنوات محلية أن هذه العملية قد تستغرق خمسة أشهر إلى حين وصول كل القطع. أما صواريخ المنظومة فمن المتوقع أن تصل على حدة بواسطة سفن بحرية.

وكان الشحن المحتمل لمنظومة "أس-400" قد حمل البيت الأبيض على التهديد بعقوبات اقتصادية وإجراءات انتقامية أخرى ضد تركيا، وهي عضو في الناتو، إذ تخرق عملية الشراء هذه العقوبات الاقتصادية التي تفرضها الولايات المتحدة على الصناعة العسكرية الروسية. وتثير حيازة تركيا المنظومة الروسية مخاوف من تقويضها أمن منظمة حلف الأطلسي.

وفي هذا السياق، كتب السيناتور الأميركي كريس فان هولن، في صفحته على موقع تويتر يوم الجمعة الماضي "تركيا اتخذت خياراً سيئاً جداً. هذا ليس تصرف حليف. ما لم يتم عكس المسار، فإن تركيا لن تستطيع تسلم طائرة أف-35، وأي بادرة لنشر منظومة "أس-400" الروسية يجب أن تقابل بعقوبات فورية استناداً إلى القانون الأميركي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

غير أن تسليم منظومة الأسلحة التي طُلب تجهيزها عام 2017، مقابل 2.5 مليار دولار، يمثل انتصاراً استراتيجياً واقتصادياً مهماً لموسكو، وهي تحاول تعزيز صناعتها الحربية وإضعاف حلف الناتو في آن واحد.

وتقرب الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، من أردوغان خلال السنوات الثلاث الأخيرة من غير كلل، مستغلاً مشاعر الإحباط التركية من واشنطن إزاء سياستها في سوريا وعلاقاتها الوطيدة بدول الخليج وساعياً إلى استمالة أنقرة إلى فلك روسيا.

وفي هذا السياق، قال سنان أولغن، المختص في الشؤون التركية، في معهد " كارنيغي للسلم الدولي"، إن "هذه الصيغة لتوطيد علاقة تركيا السياسية بروسيا تأتي في وقت تسير علاقتها مع الولايات المتحدة إلى منحى معاكس".

وكان مسؤولون أميركيون حذروا من فرض عقوبات على تركيا بناء على طلب الكونغرس، وإخراج تركيا من البرنامج الهادف إلى تطوير ونشر مقاتلات أف-35 المتطورة، إذا ما تسلمت قاذفات الصواريخ المتحركة المضادة للطائرات، "أس-400". وترهق الديون الأجنبية اقتصاد تركيا الذي يعاني من مستويات تضخم مالي عالية ومعدلات بطالة مرتفعة.

إلا أن أردوغان قال إن الرئيس الأميركي، دونالد ترمب،ً ليس عازماً على معاقبة تركيا مثل بعض المسؤولين الآخرين في إدارته. وفي هذا الصدد اُقتبِس عن الرئيس التركي ما ردده في أوائل هذا الشهر "ترمب لم يقل سنفرض عقوبات ضدكم خلال حواري الهاتفي معه أو في لقاءاتنا الثنائية إلى اليوم".  

وبموجب هذه الصفقة، فإن تركيا ستتسلم 128 صاروخاً فقط، لكن الولايات المتحدة تقول إنها قلقة من دخول عناصر روسية إلى مؤسسات دفاعية تركية تحت غطاء المساعدة في نصب المنظومة وتدريب العاملين عليها، وهذا ما قد يقوض أمن الناتو. في حين يرى منتقدون آخرون أن شراء هذه المنظومة قد لا يحسن من قدرات تركيا الدفاعية. وقال أولغن "هذا لن يكون ملائماً لتعزيز طموحات تركيا الأمنية... صحيح أن تركيا بحاجة إلى تحسين قدراتها الوطنية لحماية نفسها من تهديد الصواريخ الباليستية. لكن هذه الصفقة ليست الحل المناسب لهذه المسألة. فمنظومة "أس-400" لا يمكن استخدامها لمواجهة ذلك التهديد".

ويمثل تسليم هذا السلاح انتصاراً سياسياً لأردوغان إلى حد ما، فهو لم يتعافَ بَعد من الخسائر التي تعرض حزبه لها في انتخابات البلديات الأخيرة. وفي هذا الصدد قال أيدين سيزر، الدبلوماسي التركي السابق، وكاتب عمود في القناة الإخبارية "ميديا غونلوغو" "خلال الأشهر الأخيرة، أصبحت أس-400 قضية سياسية محلية لأردوغان... إنها رافعة مهمة له تساهم في شد عود حزبه السياسي".

وكان لسان حال الأتراك الشكوى من مراوغة واشنطن. فأنقرة ظلت لسنوات تسعى إلى شراء طائرات مسيَّرة أو منظومات دفاعية صاروخية من الولايات المتحدة، ولم تلق من الأخيرة سوى العرقلة أو عروضاً غير مناسبة.

لذا، فإن كلا المؤيدين والمعارضين لأردوغان يدعمون شراء منظومة دفاعية مصممة لمواجهة القوة العسكرية الغربية وسط تعاظم مشاعر غياب الثقة بالولايات المتحدة ومخاوف من أنها قد تشن هجوماً على تركيا. وأظهر استطلاع للرأي أجري هذا الشهر أن 44 في المئة من الأتراك يدعمون شراء منظومة أس- 400، في حين يعارضها 24 في المئة.

فالأتراك الأكثر تقدماً في السن يتذكرون الحظر الذي فرضته الولايات المتحدة على تصدير الأسلحة إلى بلادهم جزاء مسألة قبرص خلال السبعينيات من القرن الماضي، وربما لا يرى الكثيرون أن واشنطن شريكٌ موثوق به حين شراء الأسلحة. من جانبهم يرى أتراك من أصحاب الميول اليسارية أن شراء منظومة "أس-400" تحدٍّ ضد الإمبريالية الغربية. وقال سيزر معلقاً "هم يظنون أن هذا الإجراء هو بشكل ما إعلان عن الاستقلال وحماية تركيا من قوى العالم مثل الناتو والولايات المتحدة".

وعلى هذا يقر أولغن من "مركز كارنيغي للسلم الدولي" بأن شراء هذا السلاح قدم "دعماً من الطرفين" لأردوغان، لكنه قال إن الكثيرين الذين يؤيدون هذه الصفقة "لا يعون التكاليف المترتبة على حيازة الأسلحة هذه".

 

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من