Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أعمال الشغب ضد لولا في البرازيل ليست بسبب بولسونارو وحده

تابعت مهازل القضاء المحلي إبان توكلي للمرافعة نيابة عن الرئيس البرازيلي أمام لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان طوال ستة أعوام وأعتقد أن تلك المحاكم أججت الكراهية

حراس الأمن يشاهدون عبر زجاج نافذة مكسور أثناء وقوفهم أمام قصر بلانالتو خلال تنصيب سونيا غيايارا وزيرة لشؤون الشعوب الأصلية في برازيليا بتاريخ 11 يناير 2023 (أ ف ب)

مرة جديدة، تكشف البرازيل عن هشاشة نظامها الديمقراطي، بعدما اقتحم آلاف اليمينيين الساخطين برلمان البلاد ومحكمته العليا، واحتلوا هذه المؤسسات لبعض الوقت. لكنهم وصلوا متأخرين، لأنها كانت في عطلة رسمية بعد احتفالات رأس السنة الجديدة وفوز لولا دي سيلفا في الانتخابات، لكن تآمرهم مع بعض السلطات في التخريب واضح. 

ولا يعود سبب الكراهية التي يضمرونها للويس إناسيو لولا دا سيلفا (الذي يشتهر باسم لولا)، وهو بطل سياسي سابق أنقذ 20 مليون مواطن من براثن الفقر، إلى تهجم بولسونارو عليه وعلى نظام الاقتراع في البلاد، وفق ما يعتقده معلقون في الصحافة الأجنبية. إذ تأججت تلك الكراهية خلال بضع سنوات على يد القضاة والصحافيين والمدعين العامين ممن استخدموا مواقعهم من أجل إلصاق تهم الفساد بلولا، وهو بريء منها.

لقد تابعت مهازل القضاء هذه في المحاكم البرازيلية على مدار ستة أعوام حين مثلت لولا في الطلب الذي رفعه أمام لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، المحكمة الوحيدة التي قدمت له فرصة الحصول على جلسة استماع عادلة. مثلته من دون مقابل، ذلك أن مؤسسة لولا التي وكلتني جمدت كل أموالها على يد قاض حاقد. وبعد دراسة متأنية لقضيته، قررت الاستمرار ببساطة لاقتناعي بأنه غير مذنب.  وللمقارنة، كانت المحاكم في بريطانيا لترفض النظر في التهمتين الموجهتين إليه. إذ امتلكت زوجته الراحلة عقداً لشراء شقة وقد عرضت عليها شقة أفضل، لكن لم يقبل أحد بالعرض ولم تنتقل ملكية العقار إلى لولا. ثم وجهت إليه مزاعم بأن عائلته قضت خمسة عطل نهاية الأسبوع، خلال سنوات عدة، في عقار ريفي لأحد مناصريه. لم يقدم أبداً أي إثبات على وجود المنفعة المتبادلة الضرورية لتحقق الفساد. وفي النهاية، وجدت المحكمة العليا بأن القاضي، صاحب الطموحات السياسية الذي ألف المزاعم (وقد كوفئ بتعيينه وزيراً للعدل في حكومة بولسونارو) منحاز كلياً. لكن، لم يحصل ذلك قبل أن يسجن لولا من دون وجه حق، مدة 590 يوماً قضى معظمها في الحبس الانفرادي. 

وتشكل مقاومة دا سيلفا قصة ملفتة جداً عن التغلب على الأخطاء القضائية. ومن دواعي السخرية أن المؤسسات الديمقراطية نفسها التي تدافع عنه اليوم أمام الحشد الغوغائي هي التي غذت كراهية الجموع له في الأساس. إذ تحتكر مؤسسة "غلوبو " وسائل الإعلام وتتكلم الآن عن "محاولة انقلاب فاشي"، لكنها شيطنت لولا في الماضي وغالباً ما كانت تصوره مرتدياً ثياب السجن. وفي ما يخص القضاة، وقد تابعتهم، فإنهم أصدروا أحكاماً حورت الوقائع ورفضوا التفاعل مع حجج الطعن. وكذلك استخدمت الشرطة والمدعون العامون أساليب ظالمة للغاية (ودانتهم محكمة الأمم المتحدة بشدة العام الماضي) وصلت إلى حد الاضطهاد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي المقابل، تنهض هذه المؤسسات، كأنها تشعر بالخجل بسبب ما أطلقت له العنان، بمهمة الدفاع المتأخر عن الرجل الذي أهانته سابقاً عبر اعتقاله ظلماً، واعتباره مذنباً قبل محاكمته بكثير، ونشر مقتطفات من محادثاته الهاتفية المسجلة بشكل غير قانوني.   

والآن، بعدما أصبح رئيساً، باتوا يؤيدونه، إذ إنه حصن لمجتمعهم أيضاً. وحاضراً، تبدو رئاسته ثابتة، وتحظى بتأييد الأثرياء ولو على مضض.  

وينسحب هذا الحال على موقعه ومكانته الدولية كذلك. لقد دأب أوباما على ممازحة لولا بالإشارة إلى أن الأخير هو أكثر سياسيي العالم شعبية. وقد سارع بايدن وبلينكن لوضع الولايات المتحدة بكل ثقلها خلفه، وذلك عين ما فعله كذلك ماكرون وغيره من الزعماء الأوروبيين (باستثناء المملكة المتحدة حتى الآن، وبكل غباء، لم يقل جيمس كليفرلي أي شيء دفاعاً عن الديمقراطية، مع أن سوناك أدلى بتصريح بعد الاقتحام الذي نفذه المتظاهرون، واتصل هاتفياً بلولا، بعد 39 يوماً على فوزه بالرئاسة مجدداً).

قبل انتخابات 2022 بقليل، لم يحظ لولا بدعم دولي كبير، حتى من اليسار. إذ أخافتهم كلمة الفساد، وحتى المثقفين الذين تظاهروا بأنهم يحبونه جداً لأنه قدم عوناً إلى الفقراء، ما عادوا يذكرون أعماله أبداً ولم يقدموا له أية مساعدة حتى حينما كان بأمس الحاجة إليها، قبل وخلال فترة سجنه الطويلة.  

جاء الاستثناء من أشخاص قليلين كالأسترالية شاران بورو المشاكسة، الأمينة العامة لـ"الاتحاد الدولي لنقابات العمال"، وجيريمي كوربين [الرئيس السابق لحزب العمال البريطاني].

في سياق مواز، أسدى الحشد الغوغائي الذي هاجم مكاتب الدولة الفارغة في البرازيل، معروفاً إلى الرئيس لولا. إذ أسفر هجوم الغوغاء عن حشد التأييد الدولي لمصلحة حكومة لولا، وتسليط الضوء على مقاومته المذهلة وإخافة الطبقات العليا والمتوسطة في البرازيل بحيث باتت تقبل به، في الوقت الحالي، وللسنوات الأربع المقبلة على الأرجح. 

سيحقق لولا إنجازات شبيهة بالتي حققها في عهده الرئاسي السابق. ويعني ذلك أنه سينقذ الأمازون من قطاع الحراجة ويساعد الفقراء والمرضى ويوفر بعض الحماية الدستورية للشعوب الأصلية.

وكذلك فقد يفعل لولا شيئاً ما حيال نظام البلاد القضائي الذي يعود إلى حقبة محاكم التفتيش الإسبانية، الذي أودعه سجناً خرج منه خلافاً لكل التوقعات كي ينقذ الديمقراطية في البرازيل ويسدد ضربة لمصلحتها في العالم.

 

* جيفري روبرتسون محامي لولا. صدر آخر كتاب له، "لوفير" Lawfare (حرب القانون) هذا الأسبوع عن "دار ويليام كولينز".

© The Independent

المزيد من آراء