Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما أوجه التشابه والاختلاف بين الوثائق السرية المكتشفة لبايدن وترمب؟

عاصفة سياسية تواجه الرئيس الأميركي ستخلف ضغوطاً وتداعيات

سيعمق الكشف عن وثائق بايدن الصداع السياسي الذي يواجه وزير العدل ميريك غارلاند بينما يدرس اتخاذ قرار نهائي في شأن توجيه الاتهام إلى ترمب (أ ف ب)

بمجرد العثور على وثائق سرية في مركز أبحاث تابع لجامعة بنسلفانيا كان الرئيس الأميركي جو بايدن يعمل به عقب انتهاء ولايته كنائب للرئيس باراك أوباما، اندلعت عاصفة سياسية وتساءل الجمهوريون والرئيس السابق دونالد ترمب عما إذا كانت عناصر مكتب التحقيقات الفيدرالي ستهاجم مسكن بايدن والبيت الأبيض للبحث عن مزيد من الوثائق السرية، فما طبيعة الوثائق الجديدة؟ وما التداعيات التي ستخلفها؟ ولماذا انتظر بايدن إلى ما بعد الانتخابات النصفية ليكشف عنها الآن؟ وما أوجه التشابه والاختلاف بينها وبين وثائق ترمب السرية؟

مقارنات متوقعة

على الرغم من تعقيب الرئيس بايدن لأول مرة على اكتشاف وثائق سرية في مركز بنسلفانيا للدبلوماسية والمشاركة العالمية، الذي عمل فيه قبل أن يدخل السباق الانتخابي الرئاسي الأخير، وتأكيده أنه فوجئ بهذه الوثائق التي لم يكن على دراية بها، إلا أن ذلك لن يهدئ على ما يبدو من العاصفة السياسية التي اشتعلت في واشنطن بعقد مقارنات مع الوثائق السرية التي حصل عليها مكتب التحقيقات الفيدرالي عندما اقتحم منزل ترمب، في وقت تسارع فيه الأغلبية الجديدة الجمهورية في مجلس النواب لتقويض تحقيقات المدعي الخاص ضد ترمب، وإطلاق موجة من التحقيقات المضادة ضد الرئيس بايدن. كما تساءل ترمب على موقعه "تروث سوشال"، "متى سيقوم مكتب التحقيقات الفيدرالي بمداهمة عديد من منازل جو بايدن وربما حتى البيت الأبيض"، مشيراً إلى أن "هذه الوثائق لم ترفع السرية عنها بالتأكيد".
ومنذ كشفت شبكة "سي بي أس" التلفزيونية الأميركية عن الوثائق السرية في مكتب بايدن السابق، تصاعدت انتقادات الجمهوريين ضد الرئيس الذي يطلب منه ونائبه بموجب قانون السجلات الرئاسية تسليم الوثائق إلى الأرشيف الوطني لتخزينها بشكل آمن، وهو ما لم يفعله بايدن، بل على العكس، حين اكتشفت السلطات الفيدرالية في أغسطس (آب) الماضي وثائق سرية في مقر إقامة ترمب في مارالاغو، أبدى بايدن في برنامج "60 دقيقة" التلفزيوني الشهير اندهاشه، وقال إنه لا يستطيع أن يفهم كيف يمكن لأي شخص أن يكون غير مسؤول إلى هذا الحد، مشيراً إلى أن المعلومات الموجودة في وثائق ترمب تعرض المصادر وأساليب الاستخبارات للخطر.
لكن اتضح أن "بايدن كان يصف نفسه بهذه التصريحات"، حسبما يشير موقع "واشنطن فري بيكون" المحافظ، الذي نقل عن موقع "سي أن أن" قوله إن المعلومات الواردة في وثائق بايدن، تتضمن ملفات سرية للغاية ومعلومات حساسة مجزأة أكثر خطورة تعرف باسم "أس سي آي"، وفي ضوء ذلك، يطالب الجمهوريون الآن أن يتلقى بايدن الفحص القانوني نفسه الذي يخضع له ترمب، حسبما يشير النائب الجمهوري جيمس كومر رئيس لجنة الرقابة بمجلس النواب، على اعتبار أن بايدن احتفظ بشكل غير لائق بوثائق سرية في بيئة غير آمنة لسنوات عدة، ولا ينبغي أن يكون هناك مستويان للعدالة في الولايات المتحدة.

أسئلة لبايدن

ومن المتوقع أن ترتفع نبرة انتقاد بايدن مع نشر مزيد من المعلومات عن الوثائق المكتشفة التي تقول "سي أن أن" إنها لا تزيد على عشر وثائق، حيث يملي العدل واحترام القانون أن يجيب بايدن عن الأسئلة نفسها التي يواجهها ترمب، حول ما إذا كان يحق له الحصول على السجلات، ولماذا لم يسلمها سابقاً، وكيف انتهى بها الأمر في مكتبه حيث لم يعرف ما إذا كانت محفوظة في مكان آمن أم لا.
وسيتساءل النقاد أيضاً لماذا لم يعلن بايدن على الفور عن اكتشاف الوثائق في الخريف الماضي للجمهور، نظراً إلى الحساسية الكبيرة للتحقيق الذي تجريه وزارة العدل في شأن ترمب الذي يواجه سؤالاً مماثلاً، في وقت يتأجج فيه الجدل حول تسييس الوكالات الحكومية مع بدء الحزب الجمهوري في مجلس النواب العمل من أجل إنشاء لجنة فرعية مختارة حول استخدام الحكومة الفيدرالية كسلاح ضد الخصوم السياسيين.

إطلاق عنان التحقيقات
ومن الطبيعي أن يطلق الكشف عن وثائق بايدن العنان للأغلبية الجمهورية الجديدة في مجلس النواب، لشن هجوم من التحقيقات الاستقصائية متعددة الجبهات ضد البيت الأبيض، فضلاً عن زيادة الضغط السياسي على التحقيق حول احتفاظ ترمب بوثائق وسجلات سرية، الذي يشرف عليه المدعي الخاص جاك سميث الذي عينه وزير العدل ميريك غارلاند، بخاصة وأن سميث يتعمق الآن في التحقيق مع الدائرة المقربة من الرئيس السابق من خلال استدعاء محاميه السابق رودي جولياني كجزء من تحقيق هيئة محلفين فيدرالية كبرى تبحث في جمع التبرعات لترمب، من بين قضايا أخرى تتعلق بانتخابات عام 2020.

وإضافة إلى اللجنة الفرعية الجديدة المختارة في مجلس النواب التابعة للجنة القضائية، ستساعد وثائق بايدن أيضاً في دفع لجان الحزب الجمهوري الأخرى في المجلس إلى حالة تأهب قصوى، بخاصة وأن كثافة التحقيقات ونطاقها وقوتها، عززتها أخيراً التنازلات التي قدمها كيفن مكارثي عندما رضخ للمتشددين اليمينيين من أجل الفوز بلقب رئيس مجلس النواب الأسبوع الماضي، وهو ما يمثل تحدياً سريع التوسع للبيت الأبيض، الذي أمضى بالفعل أشهراً في التحضير للدفاع ضد التحقيقات المتوقعة.
وعلى سبيل المثال، أرسل النائب مايك تورنر، الذي ينتظر أن يتولى رئاسة لجنة الاستخبارات في المجلس، خطاباً إلى أفريل هاينز مديرة الاستخبارات الوطنية، يطلب فيه مراجعة المعلومات السرية التي اكتشفت في وثائق بايدن إلى جانب تقييم الأضرار، قائلاً إن هذا الاكتشاف للمعلومات السرية من شأنه أن يضع الرئيس بايدن في انتهاك محتمل للقوانين التي تحمي الأمن القومي، بما في ذلك قانون التجسس وقانون السجلات الرئاسية.

معضلة وزير العدل

وعلاوةً على ذلك، سيعمق الكشف عن وثائق بايدن الصداع السياسي الذي يواجه وزير العدل ميريك غارلاند بينما يدرس اتخاذ قرار نهائي في شأن توجيه الاتهام إلى ترمب الذي ينطوي وضعه كرئيس سابق ومرشح نشط للانتخابات الرئاسية في 2024 على تداعيات سياسية ضخمة، حيث يصر غارلاند على أن التحقيقات ستذهب إلى حيث تتطلب الأدلة والقانون بينما يسعى إلى التأكيد على استقلالية وزارة العدل، التي كانت موضع تساؤل دائم عندما كان ترمب رئيساً.
لكن الآن ومع تكشف قضية وثائق بايدن، فإن قرار توجيه اتهام إلى ترمب في شأن قضية الوثائق السرية من دون اتخاذ الإجراء نفسه ضد بايدن من شأنه أن يثير ضجة سياسية من المحافظين الذين من المؤكد أنهم سيتهمون وزارة العدل بازدواجية المعايير، كما حذر فريق ترمب القانوني من أنه في حال توجيه الاتهام إلى الرئيس السابق، فسيطالبون بجميع الاتصالات بين الأرشيف الوطني وفريق بايدن في شأن هذه المسألة.
لكن بصرف النظر عن الجدل السياسي الذي يرافق الكشف عن وثائق بايدن السرية وتداعياتها المحتملة على المناخ السياسي في الولايات المتحدة، تقارن وسائل الإعلام الرئيسة بين قصة الوثائق السرية لكل من بايدن وترمب، على رغم أن كل تفاصيل وثائق بايدن لم تتكشف بعد، فما التفاوتات الرئيسة بين الحالتين؟  

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


ما نوع المستندات؟

وفقاً للبيت الأبيض، عثر محامو بايدن الشخصيون في الثاني من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي على الوثائق داخل خزانة مغلقة بينما كانوا يحزمون الملفات المتبقية في المكتب الذي استخدمه بايدن داخل مركز بنسلفانيا في العاصمة واشنطن، منذ انتهاء ولاية إدارة أوباما في عام 2017 وحتى انطلاق حملته الرئاسية في 2020، لكن الإدارة الأميركية لم تصف عدد الوثائق أو نوعها، وإن كان البيت الأبيض قال إنها قليلة العدد ولم تكن موضوع أي طلب سابق أو تحقيق من قبل الأرشيف الوطني، كما تعاون المحامون الشخصيون للرئيس مع الأرشيف الوطني ووزارة العدل في ضمان حيازة سجلات إدارة أوباما-بايدن بشكل مناسب.
أما وثائق ترمب التي تم الاستحواذ عليها في مقر إقامته في مارالاغو بولاية فلوريدا، فبلغ عددها حوالى 100 سجل سري، قال الرئيس السابق إنه رفع السرية عنها قبل مغادرته البيت الأبيض، لكن المحققين لم يجدوا أي وثائق تؤكد ذلك.
غير أن ما تحتويه الوثائق في الحالتين يبدو غير واضح، وكذلك مستوى التصنيف الحالي، حسبما تقول صحيفة "واشنطن بوست"، على رغم ما نقلته شبكة "سي أن أن" أن "وثائق ترمب تحتوي على وثائق سرية للغاية ووثائق أخرى حساسة".
ووفقاً لأحد مصادر شبكة "سي بي أس نيوز" فإن وثائق بايدن لا تحتوي على أسرار نووية، بخلاف ما ردده الإعلام الأميركي.

من الذي يحقق؟

وصادرت عناصر مكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) وثائق ترمب أثناء تفتيش مارالاغو بحثاً عن أدلة على انتهاكات قانون التجسس أو إعاقة العدالة، وعين المدعي العام ميريك غارلاند مستشاراً خاصاً هو جاك سميث، للتحقيق في وثائق مارالاغو كجزء من تحقيق أوسع يشمل دور ترمب في هجوم الكابيتول في السادس من يناير (كانون الثاني) 2021، لكن وزارة العدل رفضت التعليق على وثائق بايدن بينما يشرف المدعي العام في شيكاغو، جون لاوش جونيور على مراجعة هذه الوثائق، ويعد جون لاوش واحداً من عدد قليل من المدعين العامين الفيدراليين الباقين من إدارة ترمب.
ومع ذلك، دعا تيلور بودويتش، المتحدث السابق باسم ترمب، الذي يشغل الآن منصب الرئيس التنفيذي للجنة العمل السياسي (اجعل أميركا عظيمة مرة أخرى)، إلى تعيين مدع خاص للتحقيق في وثائق ترمب.

ما التباينات بين وثائق بايدن وترمب؟

ويتمثل أهم تناقض بين الحالتين في كيفية إعادة الوثائق إلى الحكومة، حيث قاوم ترمب إعادة 11 ألف وثيقة حكومية إلى الأرشيف الوطني على رغم الطلبات المتكررة من الأرشيف بموجب قانون السجلات الرئاسية، غير أن المحامي الشخصي لترمب وقع بياناً يفيد بإعادة جميع السجلات السرية قبل عملية التفتيش التي قام بها مكتب التحقيقات الفيدرالي في مارالاغو بعد 18 شهراً من مغادرة ترمب منصبه.

في المقابل أعادت إدارة بايدن الوثائق والسجلات طواعية إلى الأرشيف الوطني في اليوم التالي لاكتشافها، وقال رئيس التجمع الديمقراطي في مجلس النواب، النائب بيت أغيلار، إن بايدن اتبع الإجراءات الصحيحة لإعادة الوثائق، كما قال السيناتور الديمقراطي ديك دوربين، رئيس اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ، إن إدارة بايدن تصرفت بشكل مناسب بعد اكتشاف الوثائق، مشيراً إلى أن "الرئيس بايدن يسمح لوزارة العدل بالعمل دون تدخل سياسي".

الدوافع السياسية

لا يختلف الأميركيون في أن الرقابة الصارمة تعد أمراً حتمياً كجزء من الواجب الدستوري للكونغرس والمسؤولية المطلوبة لضمان المساءلة حول أموال دافعي الضرائب بما في ذلك العامين الأولين من إدارة بايدن، اللذين برزت فيهما أسئلة متعددة تستحق مزيداً من التحقيق والتي تشمل الإدارة الفوضوية للانسحاب من أفغانستان في عام 2021، والطريقة التي إنفقت بها أموال مكافحة فيروس "كوفيد-19"، أو عدم رغبة إدارة بايدن في التعامل بجدية مع الأعداد المتزايدة من المهاجرين الذين يعبرون الحدود الجنوبية خلال غالبية فترة حكمه.
ولكن كما هي الحال دائماً في الكونغرس، هناك تساؤلات في شأن سرعة تحول الرقابة الحقيقية إلى عمليات مطاردة ذات دوافع سياسية حزبية من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، ما يثير قلق المواطن الأميركي العادي في شأن الاتجاه الذي تسير فيه البلاد في ظل احتقان سياسي متزايد لا نهاية وشيكة له.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير