Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"تجارة الفكة" الحل السحري لشجار المواصلات في الخرطوم

مهنة لا تعرف الخسارة واقتصاديون: تخفض قيمة العملة وتزيد التضخم وتهدد الأمن القومي

تسعيرة الأجرة تتطلب وجود فئات صغيرة من العملة لا تتوافر للراكب أو صاحب المركبة (اندبندنت عربية – حسن حامد)

من يطأ بقدميه مواقف المواصلات في العاصمة السودانية الخرطوم التي تنقل الركاب إلى ضواحيها المختلفة سيلاحظ انتشار عملات نقدية متراصة على طاولات وأخرى مفروشة على قطع قماش قديم، إلى جانب أصوات تنادي المارة، تحديداً سائقي المركبات العامة لمبادلة العملات الورقية ذات الفئات الكبيرة بعملات أقل.

هذا المشهد ظل مسيطراً منذ أعوام على مواقف المواصلات في العاصمة بعد أن تفاقمت أزمة "الفكة" بين أصحاب المركبات والركاب، بخاصة أن تسعيرة قيمة الأجرة تتطلب وجود فئات صغيرة من العملة لا تتوافر للراكب أو صاحب المركبة، مما قاد بعض الناس إلى امتهان هذه المهنة مقابل مبلغ زهيد.

فض الاشتباكات

تعد تجارة الفكة إحدى المهن القديمة التي لا تزال حاضرة على رغم تغيير العملات وارتفاع الفئات النقدية بما أثر في هذا النوع من التجارة بشكل مباشر، لكن من فوائد توفير "الفكة" لركاب المركبات أنها تسهم في تجنب الخلافات وفض الاشتباكات بين الركاب والسائقين، إضافة إلى تسيير عمل المطاعم والمقاهي، حيث يقوم تاجر الفكة باستبدال العملات ذات الفئات الكبيرة بفئات صغيرة مقابل عمولة قدرها خمسة في المئة.

 

وعلى رغم خطورة هذه المهنة وتعرض أصحابها للسرقة من قبل المحتالين وكثرة النقود المزورة فإنها مهنة لا تعترف بالخسارة، فضلاً عن عدم وجود أخطار على رأس المال مثلما يحدث في المهن الأخرى.

تراجع الإقبال

بحسب مبارك إدريس أحد تجار عملات "الفكة" الذي يعمل في موقف "جاكسون" الشهير بالخرطوم، فإن مهنة مبادلة النقود تعمل على التوفيق بين الركاب وأصحاب المركبات العامة عبر توفير الفئات النقدية الصغيرة غير الموجودة لدى "الكماسرة" الذين يحصلون الأجرة داخل المركبة مقابل هامش بسيط من الربح بحسب المبلغ الذي يتم تبديله، لكن في الآونة الأخيرة تراجعت هذه المهنة كثيراً بعد أن أصبحت قيمة أجرة المواصلات لا تعتمد على الفئات الصغيرة، بالتالي بات الإقبال ضعيفاً على سوق الفكة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشار إدريس إلى أنه يحصل على الفئات الصغيرة للعملات من البنوك، إلى جانب التعامل مع أصحاب المهن الهامشية الذين يملكون كميات مقدرة من الفئات الصغيرة وغالباً ما يلجأون إلى تبديلها بالفئات الكبيرة، لكنه نوه إلى أن هناك عدداً من المشكلات التي تواجه هذه التجارة منها كثرة العملات المزورة، إلى جانب خطورة التعامل مع أوراق النقد القديم بسبب انتقال العدوى عبر تداولها.

تجنب الخلافات

يرى صديق سليمان وهو سائق لإحدى المركبات أن هذه المهنة أسهمت في تسهيل التعامل بين "الكماسرة" والركاب، بخاصة شريحة الطلاب الذين كانوا مصدر الخلافات داخل المركبات بسبب عدم وجود "فكة"، لافتاً إلى أنه "في كثير من الأحيان عندما تنعدم الفكة لدى الكمساري نطلب منه التخلي عن قيمة التذكرة للراكب تحاشياً للخلافات، لكن بعد ممارسة هؤلاء التجار لهذه المهنة بتوفير العملات ذات الفئات الصغيرة في المواقف انتهت مشكلات كثيرة كانت تشكل هاجساً يؤرق الكمساري ويشعل الخلافات بينه والركاب".

ظاهرة دخيلة

من جانبه استبعد المحلل الاقتصادي محمد الناير تعامل بنك السودان المركزي مع هذه الشريحة من تجار الفكة، إذ ليس من الممكن أن يوزع البنك تلك العملات على أشخاص بغرض ممارسة مثل هذه المهنة الدخيلة على المجتمع السوداني باعتبارها عملاً غير رسمي.

 

وأضاف أن "بنك السودان مهمته توفير جميع العملات المختلفة للعملاء من دون وسيط وبعيداً من الطرق والوسائل العشوائية"، منوهاً إلى أنه يجب على أصحاب المركبات الحصول على حاجتهم من فئات العملات المختلفة مباشرة من البنوك، وهي مسألة سهلة وفي متناول اليد حتى لا يساء استغلالهم من قبل هؤلاء الأشخاص.

تقويض النظام

يشير الخبير القانوني حسن الزين شوقي إلى أن تجارة العملة بأية وسيلة تهدد الأمن القومي والاقتصادي، بالتالي لا بد من معاقبة كل من يتاجر فيها بعقوبة تصل إلى السجن، وتندرج هذه العقوبة تحت القانون الجنائي في المادة 50 الخاصة بتقويض النظام الدستوري للدولة، إذ يؤدي هذا العمل إلى ارتفاع التضخم، مما يقود إلى انهيار النظام الاقتصادي القائم في البلاد.

ويتابع شوقي "لا تجوز التجارة في العملة تحت أي مبرر لأن هذا الأمر ينقص من القيمة الفعلية لها، لذلك من المفترض أن تلاحق نيابات الجهاز المصرفي ووزارة العدل والجهات المتخصصة الأشخاص الذين يمارسون هذه المهنة وتوقيع أقصى العقوبات عليهم".

تجارة الفكة ظلت محرمة من الناحية الدينية باعتبارها تجارة عملة بعملة، وبحسب الأمين العام لهيئة علماء السودان الأسبق إبراهيم الكاروري، فإن تحويل العملة إلى تجارة أو مهنة هو من التعاملات الربوية المحرمة شرعاً ويدخل في باب بيع النقد بالنقد الذي نهى عنه الدين، كما أنها كممارسة وتجارة تمحق المال وتنزع البركة عنه.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات