Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قوانين مكافحة الإضراب الجديدة لن تنتهي على خير بالنسبة إلى ريشي سوناك

تحويل الممرضين المضربين إلى شهداء هو استراتيجية رهيبة

القوانين الجديدة التي تقيد الحق في الإضراب ستثبت أيضاً أنها غير عملية (أ ف ب عبر غيتي)

تخيلوا المشهد: إنه مارس (آذار)، وتنتشر على كل مواقع الإنترنت والقنوات التلفزيونية والهواتف الذكية والصحف ومنصات التواصل الاجتماعي صور بعض ممرضي الرعاية الطارئة وهم يقفون خارج أقسام الطوارئ في مستشفيات كانوا يعملون فيها، بينما المرضى في الداخل على مسافة قريبة جداً منهم بأمس الحاجة إلى مهاراتهم. يقف إلى جانب الممرضين أطباء تلقوا تهديداً بالطرد من الهيئة الصحية التي يعملون لديها لأنهم رفضوا القبول بالعمل وفقاً لـ"تدابير الحد الأدنى من الخدمة" التي فرضتها الحكومة حديثاً. إنهم شهداء. وأبطال قوميون. كذلك هم قادة كلية التمريض الملكية والجمعية الطبية البريطانية اللتين تواجه منظماتهما الإفلاس بسبب الغرامات الجزائية المفروضة عليها جراء عدم تعاونها في كسر الإضراب الذي فرضته بنفسها. إضافة إلى ذلك، طرد العاملون في الرعاية من وظائفهم.

يحظى الأطباء والممرضون بتعاطف شعبي كبير. وتتدفق الأموال لدعمهم خلال حملة مطالبتهم بإعادة تعيينهم، بدرجة سخية جداً. رفعت العرائض ونظمت المسيرات والتظاهرات ويشهد البرلمان حالاً من الهيجان. [وزير الصحة] ستيف باركلي متوارٍ عن الأنظار. أما المحافظون، فيواجهون انطلاق الانتخابات المحلية فيما سكك الحديد والمستشفيات وغيرها من الخدمات العامة لا تزال بحالة من الفوضى، والنقابات العمالية الحرة أفلستها عمداً حكومة انتقامية يمنعها عنادها أو كسلها أو انعدام كفاءتها البالغ من التفاوض لحل إضراب.   

في ظل هذا السيناريو المعقول جداً، خمنوا كيف ستكون عليه حال التصويت للمحافظين في 3 مايو (أيار)؟ يصور هذا المشهد حماقة الاعتماد الشديد على القانون في حل المشكلات السياسية والاقتصادية. ويقول الوزراء إن الدول الأوروبية الأخرى لديها قوانين مشابهة، لكنها تسجل إجمالاً في الوقت نفسه تدخلاً أكبر للنقابات العمالية في قطاع الأعمال والحكومة وهذا النوع من الاتفاقات سيكون قد تم التفاوض عليه وليس فرضه قسراً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في زمن يسود فيه التضخم والنقص الحاد في اليد العاملة، لا سيما داخل هيئة الخدمات الصحية الوطنية، من الحمق محاولة الإبقاء على انخفاض الأجور ورفض التفاوض. على المدى البعيد، قوانين العرض والطلب أقوى من أي قانون يمكن أن تقره ويستمنستر [الحكومة البريطانية]. ولن يتراجع تضخم الأجور سوى من خلال حال من الركود الشديد وعدد كبير من العاطلين من العمل المستميتين للعثور على وظيفة (ولو أن وزارة المالية وبنك إنجلترا المركزي يخططان لهذا الوضع حالياً). وإلى أن يحل ذلك الوقت، سوف يستمر الموظفون بمغادرة هيئة الخدمات الصحية الوطنية بحثاً عن عمل بأجر أفضل في مكان آخر. لا يمكن تجنيد الممرضين قسرياً. 

على المدى القصير، سوف تثبت قوانين [وزير الدولة للأعمال والطاقة والاستراتيجية الصناعية] غرانت شابس الجديدة التي تقيد الحق بالإضراب أنها غير عملية. لأسباب غنية عن الشرح، لن تكون الهيئات الصحية على استعداد أن تلزم المسعفين والأطباء والممرضين الذين تلقوا تدريباً عالياً ومكثفاً العمل وفق نوبات متعاقبة تحت طائلة الطرد. كما أن كل الإضرابات التي تنفذها الهيئات الصحية خاضعة لقاعدة "الأرواح والأطراف" التي تظل بموجبها خدمات الطوارئ مستمرة حتى لو تطلب ذلك كسر الاعتصام. ومن دواعي السخرية المريرة كذلك أن ما تعتبره الحكومة "الخدمة الدنيا" خلال فترة الإضراب قد يكون فعلياً أفضل من الخدمات المعتادة التي كانت تتوافر قبل بدء الإضراب أساساً. 

ربما ينال عمال السكك الحديد وموظفو قوة مراقبة الحدود أو ​​المسؤولون عن اختبارات قيادة السيارات درجة أقل من التعاطف مع "تضحياتهم" لكنهم يبحثون بالفعل عن سبل للتغلب على القوانين الجديدة. يتحول الموضوع إلى لعبة كر وفر: تقر الحكومة قانوناً جديداً، ثم يجد مايك لينش، أمين عام النقابة الوطنية لعمال السكك الحديدية والنقل البحري والبري "أر أم تي"، طرقاً ذكية للتحايل عليها. لذلك يقر قانون جديد، فتجد النقابة حيلة أخرى. هذا ما حدث بعد رفع الحد الأدنى للأصوات المطلوبة في الاقتراع على الإضراب، وجعل استخدام عمال من وكالات التوظيف لكسر الإضراب قانونياً.

سوف تبدأ هذه الدورة من جديد. لأن أهداف تعطيل الخدمات ومنع العمل لساعات إضافية والإضراب الجزئي والإضراب المحلي ورفض تأدية مهمات إضافية في العمل ستكون فاعلة وقانونية بقدر الإضراب العام. وفي ظل غياب جيش صغير من موظفي السكك الحديد البديلين الذين يمكنهم التدخل في هذا الوضع، سوف تتمكن الإجراءات التي لا ترقى إلى مستوى الإضراب الشامل أن توقف سير القطارات بسرعة. كما أن أي علاقة طيبة وثقة تحتاج كل مؤسسة أن تحافظ عليهما مع موظفيها لكي تقدم خدمة جيدة، ستختفيان. ليس إزعاج لينش فكرة جيدة.

وهكذا ستفشل القوانين الجديدة. إما ستعمل القوانين بالطريقة المقترحة لها، وتحول الممرضين إلى شهداء بعد طردهم، وبهذه الطريقة تقوض سلطة الحكومة، أو لن تنجح، مما سيجعل الوزراء يبدون أبعد من الواقع وأكثر خروجاً عن السيطرة. 

يقدم التاريخ دروساً قوية بالقدر نفسه. حاولت الحكومات المتعاقبة أن تقر تشريعات تحسن العلاقات مع القطاعات الصناعية، وفشلت في ذلك. حتى إن بعضها سجن بضعة مضربين. لا يزال انهيار قانون العلاقات الصناعية Industrial Relations Act لعام 1971 بسبب مقاومة النقابات يمثل عبرة، كما أنه عجل في انهيار حكومة المحافظين آنذاك، برئاسة إدوارد هيث. لقي القانون تجاهلاً معظم فترة إقراره. انتصرت حكومة تاتشر في أواخر ثمانينيات القرن الماضي في معظم معاركها ضد النقابات، لكن ما ساعدها هو ارتفاع البطالة وإضعاف مقاومة العمال، ومقاربة تدريجية متواضعة ودعم شعبي كافٍ لسياسة الحكومة. لا تتوافر أي من هذه الأمور في وضع مقترحات شابس المتسرعة. 

ليست هذه الحكومة متهورة لدرجة الزج بالممرضين في السجون بسبب إضرابهم، لكن طرد العمال المتفانين بسبب تأكيدهم على حقهم الإنساني بالامتناع عن العمل هو بالقدر نفسه من السوء وليس طريقة مناسبة لتسوية إضراب. لن ينتهي الأمر جيداً أبداً بالنسبة إلى حكومة ريشي سوناك. 

© The Independent

المزيد من آراء