Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"في مديح الفشل"... ما تمنحنا إياه الخسارة من فتوحات

الاعتراف بأننا منذورون للفشل يفضي بنا إلى أن نعيش الحياة بمزيد من البهجة أياً كان المصير الذي ينتظرنا

يدعونا مايكل روث إلى أن "ننظر في الفشل بجدية" ويحذرنا من "عبادة النجاح"  (أ ف ب)

لا بد من أنكم على دراية بنسخة أو أخرى من حكاية توماس إديسون مخترع المصباح الكهربائي، وكيف أنه أجرى ألف محاولة فاشلة قبل أن يتوصل إلى الطريقة الناجحة فاكتمل اختراعه. الواقعة، الحقيقية أو المختلقة، هي أن صحافياً سأل المخترع "كيف كان إحساسك وقد فشلت ألف مرة؟" فأجابه إديسون قائلاً "إنني لم أفشل ألف مرة، ولكن المصباح الكهربائي اختراع يلزمه ألف خطوة". والدرس المستفاد هو، علينا أن نثابر ولا نسمح للفشل أن يقنطنا ويدفعنا إلى التقاعس، بل إن علينا أن... ويمكنكم أن تكملوا أنتم من محفوظاتكم من كتاب القراءة في المرحلة الابتدائية، أو من أي من كتب التنمية الذاتية التي تخلط الدين بعلم النفس بالنوادر من سير الإعلام بأي شيء من شأنه أن يقول في النهاية إن كل شيء سهل وقريب للغاية، فهو في متناول اليد، لولا أن اليد قصيرة بسبب الكسل أو التشتت أو أي شيء من هذا القبيل وأن في داخل الإنسان قوى إعجازية كامنة أو مكبوتة... إلى آخر ذلك مما يخدر القارئ ويغيبه في أحلام اليقظة ويبقي عينيه على الجزرة المعلقة أمامه.

ولولا أنني أعرف كوستيكا براداتان أستاذاً للفلسفة ومحرراً في "لوس أنجليس رفيو أوف بوكس" المرموقة لعروض الكتب الفلسفية والدينية، ولولا أنني اطلعت على كتاب رصين له هو "الموت من أجل الأفكار"، لسهل أن أنخدع بعنوان كتابه الجديد وأتصوره أحد تلك الكتب المنومة الكثيرة كثرة إحباطات الناس وأحلامهم المجهضة.

عنوان كتاب كوستيكا براداتان الجديد هو "في مديح الفشل: أربعة دروس في التواضع" وصدر أخيراً في أكثر قليلاً من 270 صفحة عن مطبعة جامعة "هارفارد". وبراداتان أميركي، روماني المولد، يعمل أستاذاً للإنسانيات في جامعة "تكساس"، وباحثاً وأستاذاً فخرياً للفلسفة بجامعة "كوينزلاند" في أستراليا، فضلاً عن عمله محرراً للفلسفة والدين في "لوس أنجليس رفيو أوف بوكس" وإشرافه على سلسلتي كتب إحداهما هي "سينمائيون فلاسفة" من "بلومزبيري" والثانية هي "بلا حدود" من مطبعة جامعة "كولومبيا".

وجوه الخطايا المضيئة

في مستهل مقالة له نشرت في مجلة "آيون"، يكتب كوستيكا براداتان أن "الفشل أشبه ما يكون بالخطيئة الأصلية في الرواية الإنجيلية بمعنى أن لكل منا نصيباً منه. بغض النظر عن الطبقة أو الطائفة أو العرق أو الجندر، كلنا نولد لنفشل، نمارس الفشل ما دمنا أحياء وننقله إلى الآخرين. والفشل، شأن الخطيئة، قد يكون باعثاً على الإحساس بالخزي والعار، وقد يكون في الاعتراف به حرج. هل جئت على ذكر ’القبح‘؟ الفشل أيضاً قبيح، قبيح قبح الخطيئة مثلما يقولون. وعلى رغم شيوعه هذا فهو قليل الدراسة، إن لم يكن مهملاً بالمرة. وكأن فكرة النظر إلى الفشل عن كثب تصيبنا بالانزعاج، فلا نريد أن نمسها خشية انتقال العدوى".

لو أن الأمر كذلك، أي لو أننا نولد للفشل ونمارسه ما مارسنا الحياة، فهل يمكن أن نستنتج شيئاً عدا أن الحياة نفسها هي الفشل؟ لو صح هذا الاستنتاج ففيم خوفنا من العدوى ونحن مصدر الجرثومة وناقلوها وضحاياها؟ ولو صح أن الحياة هي الفشل وأن البشر مقضي عليهم به، ففيم إذاً كل شيء وأي شيء؟ ولماذا تكترث أنت بقراءة السطور التالية، أو أكترث بكتابتها؟

 

الفشل في نسخة براداتان لا يهدف إلى رمينا في هوة العدمية، لكنه يفضي عنده إلى طريق آخر. ففي مقالة "آيون" يدعوك براداتان إلى أن تتخيل نفسك في طائرة تتوقف محركاتها عن العمل وتعجز عن الاستمرار في التحليق بالطائرة، ثم تحدث معجزة الهبوط الاضطراري وينجو الجميع و"عندئذ قد ندرك، مثلاً كم نكون قريبين في بعض الأحيان من ألا نكون على الإطلاق وندرك أن هناك شيئاً مادياً في أي ’احتكاك بالموت‘، مادياً إلى درجة الفحش تقريباً. فقطعة معطلة في جهاز، قطعة بالية، أو مسمار مفكوك، أو تسريب في أنبوب، أو أي شيء، قد يكون كافياً لأن يجهز علينا، وذلك كل ما يستغرقه الأمر. وهكذا ندرك، حينما نمر بتجربة الفشل، أننا شرعنا في رؤية الشقوق الكامنة في نسيج الوجود وأن اللاشيء يحدق فينا من الجهة الأخرى، لكن حتى حينما يدفعنا الفشل إلى هوامش الوجود فإنه يعطينا فرصة النظر إلى كل شيء، إلى العالم، وإلى أنفسنا، وإلى كل ذي قيمة عندنا، بأعين جديدة. ففشل الأشياء الذي يصحبه قدر معين من الخطر الوجودي يكشف لنا حقيقتنا ويا له من مشهد".

يوشك كوستيكا براداتان إذ يتكلم عن "العين الجديدة" التي يمنحنا الفشل إياها أن يقترب من ملعب التنمية الذاتية، يوشك أن يقترب ممن يقولون إن الضربة التي لا تقتلك تقويك وإن على المرء أن ينهض من سقوطه بخبرة تقيه مزيداً من السقوط، لولا أن الفلسفة تعصمه من ذلك فتمضي به إلى القول إن الفشل يكشف عن حقيقتنا "ويا له من مشهد". فما حقيقتنا؟

"أتفه حجر نلتقطه بأيدينا اعتباطاً من قاع نهر إنما هو أسبق منا وأبقى منا. فالبشر كيانات خاطفة الوجود، فكيف نزعم لأنفسنا مزايا؟ نحن بالدرجة الأساسية كائنات ضعيفة، هشة. ولو أننا أوتينا العقل، خلافاً لبقية الوجود، فهبة العقل نفسها هي التي ينبغي أن تقودنا إلى فهم مدى بساطة مركزنا في الكون".

ليست العدمية إذاً، أو اليأس، ولكن ما يريد براداتان أن يقودنا الفشل إليه هو التواضع.

للفشل أبعاده الصوفية

يكتب رئيس جامعة "ويسليان" مايكل أس روث خلال استعراضه للكتاب في "واشنطن بوست" بتاريخ 28 ديسمبر (كانون الأول) 2022، أن براداتان يمعن النظر في نشأة البشر ومصيرهم، فلا يراهم مثيرين للإعجاب، "فنحن مصممون للفشل، بحسب ما يقول، والموت هو إطار جميع مساعينا لتحقيق ذواتنا"، وفي كتابه الحديث ينظر براداتان "في مفكرين كثيرين وكيف فصلوا أنفسهم عن هاجس النجاح الدنيوي من خلال تأملهم في الفشل والموت". ولا أحسب أن أحداً ينكر أننا نعيش عصراً بات يسيطر فيه على الجميع هاجس النجاح، وباتت للنجاح معايير عالية للغاية ومادية طوال الوقت واستهلاكية بلا رحمة، وبات الجميع إزاء سباق لعين إما مشاركين لاهثين، أو متفرجين في حسرة، فهل يعقل أن هذا الهوس لا يمنع من تأمل الحياة نفسها، أو حتى التمتع بها؟ يقول مايكل روث إن "براداتان يريدنا أن ندرك كيف أن المكابدة من أجل النجاح تحول بيننا وبين النظر في فنائنا، ومن ثم تحول بيننا وبين أن نعيش حياة ذات معنى أكبر".

يتناول براداتان الفشل من خلال النظر في حياة خمسة أعلام، وذلك في تقديرنا خير من أن نقول مفكرين مثلما يقول روث، فالمجموعة التي يتناولها الكتاب تضم سينيكا وغاندي وسيمون فايل وإيميل سيوران ويوكيو ميشيما، وهؤلاء منهم الفلاسفة ومنهم السياسي ومنهم الروائي. ويصعب بالقطع أن يوصف أي من هؤلاء بالفشل، فالفشل الحقيقي كان كفيلاً بأن يدفن أسماءهم مع جثثهم فلا يبقى منهم شيء، لكن الواقع أنهم جميعاً لا يزالون حاضرين ومؤثرين أو قادرين على التأثير في من يسمح لهم بذلك، لكن براداتان في كتابه لا يتناول تجربة أي من هؤلاء لأنه "فاشل"، في الأقل بالمعنى الشائع للكلمة، وإنما لأن فيه جانباً يعينه على دراسة الفشل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يعرج روث في مقالته على تناول الكتاب لتجربة حياة المفكرة الفرنسية سيمون فايل التي "انجذبت إلى المعاناة واجتذبت إليها قراء وجدوا الرضا بطريقة ما في فشلها وعجزها عن العثور على أي شيء من الرضا. كانت فايل تسعى إلى مساعدة أصحاب المحن من دون أن تكون صالحة لذلك، ولأنها كانت تكتب في فترة الاحتلال النازي، كانت محاطة بكثير من المحن. وكان في تماهيها مع المعاناة نبل في نظر كثير من قرائها"، أما براداتان، فيرى ملمحاً صوفياً في ما كان في حياتها من فشل، إذ يقول في ما ينقل عنه روث إنها "كانت ذات بصيرة صوفية تنفذ بها إلى تساقط الأشياء من حولها. كل الأشياء، وطول الوقت. فوضعت فايل فكرة نقض الخلق، أي تخلي المخلوق عن كونه مخلوقاً وانتقاله طوعاً إلى اللامخلوق فيزداد بذلك قرباً من الرب. إن أشياء عالمنا نتاجات للسقوط، وبالتخلي عن العالم المادي ’نرد إلى الرب ما هو ملك له‘".

وعلى رغم غموض هذه الفكرة لكن يبدو أن المقصود منها هو النظر إلى التصوف من زاوية التواضع أمام الإله، فلا يكون الفشل هنا عجزاً عن تحقيق هدف أو مهمة، وإنما هو إدراك المرء كنه نفسه وحدودها، وإيمان منه بأنه أدنى من أن يسعى إلى مكانة، ناهيكم عن احتلالها. وفي حين "يرى براداتان تواضعاً راديكالياً في تنعم فايل بالمعاناة، قد يرى بعضهم غطرسة صوفية في إصرارها على أنها بنفي ذاتها تقترب من الإلهي". ولوجهتي النظر وجاهتها، فالحق أن الصوفية ربما تبدو إنكاراً من المتصوف لأية جدارة، والحق أيضاً أنها ربما تكون ترفعاً عن كل ما يقل عن إله.

لكن هل التصوف بالذات هو الذي يمنح صاحبه هذا القدر من التواضع أو الغطرسة؟ أليس الدين كذلك لأنه يعلم الإنسان التواضع إذ يجعله يرضى بالعبودية، ولأنه يجعل هذه العبودية، وهي أقصى صورة ممكنة للتواضع، مقصورة على معبود واحد فقط دونه كل من عداه، فكأن المتدين بقصره تواضعه على هذا الإله إنما يعلي نفسه على كل من دون الإله، أو يرى نفسه نداً لكل من عدا ربه؟

حال سيوران العجيبة

من الشخصيات التي يتألق براداتان في الكتابة عنها مواطنه الروماني ألفريد إيميل سيوران الذي ربما يكون الملهم الحقيقي لكتاب براداتان.

في الفصل المخصص لسيوران يقول الكاتب إن عدم منهجية سيوران لا تعني افتقار عمله إلى الوحدة، وليس أسلوب الفيلسوف الفريد فقط هو الذي يجمع بين أعماله، ولكن ثمة عدداً من الثيمات المتميزة، من أهمها الفشل. "كان سيوران مهووساً به، فشبح الفشل يسكن أعماله منذ بدايتها. وهو عبر حياته لم يكن قط بعيداً من الفشل، بل لقد درسه من زوايا عدة وفي لحظات شتى، شأن الخبراء، وبحث عنه في أبعد مظانه. وكان سيوران يعتقد بأن الأفراد ليسوا المنذورين وحدهم للفشل، وإنما المجتمعات أيضاً والشعوب والبلاد، والبلاد بخاصة".

يقول براداتان إن "الفشل نافذ في كل شيء، فالأفكار العظيمة ربما يلوثها الفشل وكذلك الكتب والفلاسفة والمؤسسات والأنظمة السياسية. والظرف الإنساني نفسه في ما يرى سيوران محض مشروع فاشل، فهو في كتابه ’مثالب الولادة‘ يقول ’إنني وقد فقدت الرغبة في أن أكون إنساناً، أحلم بقالب آخر للفشل‘".

 

لسيوران في ما يرى براداتان حق أكيد في أن يتكلم عن الفشل لأنه عرفه عن قرب، عرفه في تبنيه مشاريع سياسية كارثية في شبابه اعتذر عنها في شيخوخته وفي عدم تمكنه من البقاء في عمل ومن عيشه الفقر طويلاً. ومثل سيمون فايل يبدو سيوران فاشلاً في كل شيء عدا الكتابة (بخاصة الكتابة عن فشله)، ولكن في وقت عثرت فايل على شيء إلهي من جراء الفشل، رضي سيوران بتعقب الأبعاد الإنسانية في العجز عن القيام بأي شيء صحيح. وكتب يقول إن "شيئاً واحداً فقط هو المهم، أن تتعلم أن تكون الخاسر"، لكن سيوران كما يقدمه الكتاب ليس فاشلاً بالضبط، ولكنه كاتب جعل الفشل فلسفة، أو استخلص منه فلسفة، مثلما استخلص منه تسلية، وحوّل ما يبعثه من تشاؤم إلى كوميديا، وهذا ما يبدي له براداتان إعجاباً كبيراً.

براداتان بصفة عامة مشغول بالموت، بالفناء، وخصص له من قبل كتاباً مستقلاً، ولا يفوته في كتابه الأخير أن يخصص له فصلاً أيضاً، ومن الملائم أن يكون بطل هذا الفصل هو يوكيو ميشيما.

يبرز هذا القسم من "مديح الفشل" أنه "لا شيء في العالم يقارن بما نمر به ونحن نواجه الفشل المحتوم، أي موتنا". وهذا ما يشهد عليه عدد كبير للغاية من المفكرين، منذ أقدم العصور، لكن براداتان ينتقي الفيلسوف الرواقي الروماني سينيكا والروائي الياباني ميشيما. وعلى رغم آلاف السنين الفارقة بين الاثنين، فإن بينهما مشتركاً يتمثل في الرغبة القوية في ميتة كريمة. يحكي براداتان في كتابه عن كم التعقيدات التي واجهت الاثنين وقدر التخطيط للموت الذي بذله كل منهما، ثم الفشل أخيراً في ذلك وإفساد الانتحار وإخراجه على غير النحو الذي أراداه. ومع ذلك، يحترم براداتان عزيمتيهما وتفكيرهما في شتى تفاصيل ميتتيهما، حتى لو لم يجدهما ذلك نفعاً كبيراً حينما حانت لحظة النهاية.

نقطة الفشل الفريدة

يقول مايكل روث إن براداتان كاتب "رفيق بقارئه، فهو لا يستعرض سعة اطلاعه. وقراءته ممتعة. ودروسه في التواضع تذكرنا بأن السعي إلى النجاح غالباً ما يكون دافعه هو الخوف من الفشل، وأن مساعينا إلى الإبداع غالباً ما تكون مدفوعة بالرغبة في تفادي الفناء. لقد رأى الرواقيون أن الخوف من الموت يبعث على الوهن، لكن براداتان يؤكد أن الخوف من الفشل هو الذي قد يسلبنا معنى الحياة. ويؤكد لنا أن الأمر لا ينبغي أن يكون كذلك. ولعل الاعتراف بأننا منذورون للفشل يفضي بنا إلى أن نعيش الحياة بمزيد من البهجة والمعنى، مهما يكن الأصل الذي جئنا منه والمصير الذي ينتظرنا".

براداتان، كما تكتب جينيفر سزالي خلال استعراضها للكتاب في "نيويورك تايمز" بتاريخ 28 ديسمبر 2022، "فيلسوف يكتب برشاقة وذكاء، وكل فكرة لديه أو جملة تفضي بسلاسة إلى التالية لها. وهذه السهولة الشديدة هي التي تجعل من كتاب "مديح الفشل" رحلة جامحة. فهو ليس "مانيفستو" في الدفاع عن الفشل، إنما هو مبني أساساً على الحكي، إذ يسرد براداتان حيوات شخصيات لم يتعرضوا للفشل فحسب، بل إنهم أرادوه واستدعوه، أو استطاعوا برغمه أن يعيشوا حيوات ذات معنى عميق تاركين أثراً كبيراً".

لقد كتب براداتان في معرض حديثه عن سيوران إن "الفشل فريد، فالناجحون يبدون دائماً متشابهين، أما الفاشلون، فيفشل كل منهم بطريقة مختلفة"، وبعيداً من أن هذه الجملة توشك أن تكون ترجمة مفتتح رواية "آنا كارينينا" لتولستوي أو "استعارة" له، فإنها تنبهنا مثلما تقول جينيفر سزالي إلى أنه عند الموازنة بين النجاح والفشل فإننا نعتبر "الشيء الناجح" من جملة البديهيات، أما الفشل، فهو الذي يلفت انتباهنا ويفيقنا فيخرجنا من حال الرضا عن النفس وينبهنا".

لكن لا يبدو لي أن براداتان مشغول فعلاً بالموازنة بين الفشل والنجاح، أو أنه يقترح علينا أن نختار أحدهما دون الآخر، أو ننحاز إلى الأول على حساب الأخير أو العكس. وهو حينما يدعونا إلى أن "ننظر في الفشل بجدية" ويحذرنا من "عبادة النجاح"، فإن ما يدعونا إليه لو أمعنا النظر في كل من دعوته وتحذيره، ربما يكون أقرب إلى معيار جديد لتقييم أعمالنا، أو حتى حياتنا، معيار يكمن في العمل نفسه، في تمامه، في كماله، في صلاحيته، في جماله. لا في أثره عند الناس، أو طريقة تلقيهم له، وما يصدق على العمل ينبغي أن يكون أصدق على الحياة.

 

عنوان الكتاب: IN PRAISE OF FAILURE: Four Lessons in Humility

تأليف: Costica Bradatan

الناشر: Harvard University Press

المزيد من كتب